نقول للإعلام الرسمي، ومن يقف وراءه ممولاً إياه مالياً وفكرياً: كفى هرطقة وعويلاً طيلة ثلاثين سنة. كلما سمعتم منادياً للتغيير سارعتم ملوحين ومهددين إن الفوضى والضياع والاحتراب الداخلي هي بديل للنظام القائم، الذي أنتم بلا فخر أقلامه وسدنته، ومن تزينون له أخطاءه، ومن تحرقون له البخور على الدوام، بلا كلل أو ملل. نحن بدورنا نقول لكم إن الضياع والفوضى هي البقاء تحت حكمكم، ولا نظن أن البديل مهما كان سيئاً، سوف يكون أسوأ منكم. ثم من قال إن اليمن سوف تدخل في نفق مظلم وفوضى إذا رحلتم أنتم ونظامكم غير مأسوف عليكم؟ ألستم أنتم من قال ونظّر لذلك؟ ومن أين لكم تلك النظرة الثاقبة والاطلاع على الغيب، وما سيحدث مستقبلاً، وقد عهدناكم مجرد مسؤولين متنصلين من المسؤولية، وإن اعترفتم بالمسؤولية فلمجرد تحقيق رغباتكم ورغبات أبنائكم؟ متى عهدناكم تخافون على مستقبل المواطن، وقد عهدناكم تسحقونه بأقدامكم ليل نهار؟ ومتى عهدناكم وطنيين تخافون على مستقبل الوطن، وقد وجدنا أنكم أول من تنهشون هذا الوطن وتنهالون عليه بمعاولكم الهدامة ليل نهار؟ لا تقولوا لنا إن ضميركم قد صحا فجأة، فهذه كذبة مكشوفة لن تنطلي على أبسط مواطن، ونقول لكم العبوا غيرها. لكن قبل أن تهوّلوا وتولولوا من المصير الذي ينتظر المواطن والوطن في حال رحيلكم. ألم تسألوا أنفسكم ماذا لدى المواطن كي يخسره؟ هل لديه وظيفة مرموقة تدر عليه راتباً ضخماً إلى جانب المكافآت والحوافز وبدلات السفر ورحلات العلاج؟ هل لدى المواطن قصر ضخم يحاط بالحرس تقدر قيمة أثاثه بملايين الدولارات، ناهيك عن قيمة المبنى والسور؟ هل لدى المواطن سيارة آخر موديل تغير كل سنة؟ هل يملك أراض وعقارات بسط عليها بسلطة الدولة، أو حصل عليها كهبة من النظام نظير إخلاصه في إهلاك البلد وتكبيدها الخسائر؟ هل لدى المواطن اعتماد شهري من المشتقات النفطية له ولأولاده، أم هل لديه دعم تمويني يصله شهرياً إلى باب بيته دون عناء بواسطة سيارة نقل تتبع المؤسسة الاقتصادية ؟ هل لدى المواطن رصيد بالدولار تكتظ به البنوك المحلية والأجنبية؟ هل تعوّد على أكل ما لذ وطاب من المأكولات ؟ ماذا لدى المواطن من كل ما ذكر آنفاً؟ الإجابة: لا شيء. إذاً فلماذا يخاف إذا حدثت الفوضى والضياع والاحتراب؟ المواطن خسران، بل إنه في حالة الفوضى قد يعوض ما فاته أثناء حكمكم، فلعل من يتولى بعدكم سيكون أفضل منكم لأن أسوء منكم محال أن يأتي من بعدكم. ومثل ما قلنا لكم في مستهل كلامنا، إن المواطن أصبح مسحوقاً وليس لديه ما يخسره، لكن لديكم أنتم ما تخسرونه. نحن من يجب أن نخوفكم من المستقبل المجهول، فأنتم من تمتلكون كل شيء رغم أنكم لا تستحقون شيئاً أنتم من سوف تحاسبون وتخضعون للمساءلة القانونية في حال آلت الدولة إلى غيركم. طيلة حياتنا ونحن نقدم تنازلات من أجل البلد، لكن الآن ليس لدينا ما نقدمه، ومصير البلد مرهون بين أيديكم، فاليوم دوركم أتى لتقديم التنازلات، فأثبتوا حسن نيتكم وتنحوا بشرف وتبرءوا من النظام الذي أهلك الحرث والزرع، وإذا كنتم تفكرون أن تستخدمون الجيش لقلب الطاولة فانتم من سيخسر أيضاً لأن زمن التهديد ولى أيام الثمانينات، فالعالم الآن أصبح مفتوحاً وأصبح لويس أوكامبوا يترصد كل كبيرة وصغيرة للجنرالات العرب، فمن منكم لديه الجرأة أن يرتكب مجازر حرب، ويكون أول زبون يمنى تطلبه المحكمة الجنائية الدولية ويمثل أمام لويس أوكامبو كالفار المبلول يرتجف من شدة الخوف! لا تظنوا أننا سنقف معكم ونخفيكم، بل العكس، نحن أول من يسلمكم لأوكامبوا ولو حتى بدون أي مقابل. أعيدوا النظر في حساباتكم واعلموا انه "كما تدين، تدان"، "والجزاء من جنس العمل"، "والأيام دول"، "ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك"، وللعلم.. اليمن بلد مهم للغرب ، لذا لن يقبل الغرب أن ينزلق نحو الفوضى وسيتداركونه وتكونون أنتم الضحية.
حتى وإن انزلق فسينزلق جزء من اليمن فقط، الجزء غير مهم بالنسبة للغرب، وهو الجزء الفقير الذي لا يطل على الممرات البحرية والتي تقطنه القبائل التي تعودت على حياة التقطع والنهب والخطف والفيد في عهد النظام وتحت إشرافه . اليمن ليس الصومال أو أفغانستان كما يتوقع سيادة وزير التخطيط، فاليمن يطل على باب المندب، والكل يعلم ماذا يعنى باب المندب للدول الغربية وللعالم، لذلك نقول لمن يهولون من المستقبل: أنتم الخاسر الوحيد، فاحسبوها صح.