إن الدين الإسلامي يدعو الى ازالة المعوقات التي تعترض الصالح العام الإنساني وذلك بالقضاء على مناشئ البغي والعدوان والفساد في الأرض وسائر المعوقات والعقبات ومقاومتها بأغلى التضحيات الجسام بالأموال والأنفس اقرارا للمثل العليا الخالدة وللحق والعدل والسلم والأمن القائم عليها في العالم اذ ليس بعد العدل الا الظلم وهو عدو الإنسانية الأول، كما ان الرسالة الحضارية الإسلامية معنية في رسالتها العالمية ودعوتها بمحاربة الفساد في الأرض وأعمار الكون ومقاومة الظلم والعدوان وهذا يتطلب جهودا جماعية ضخمة مما يقضي بإقامة تحالفات مع الدول والمنظمات والشعوب المعنية لتحقيق الخير والعدالة للإنسانية وهو ما تهدف له بعض المنظمات الدولية، ولنا من قيمنا الإنسانية من الحرية والعدالة والمساواة وحرية الاختيار وعدم الإكراه وعدم الظلم والتحيز ما يجعل طريق هذه المؤسسات سالكة امامنا، ان احسنا التعامل معها وتوظيفها واغتنامها والتعامل معها، يمكن ان تشكل نقطة انطلاق كبيرة تمكننا من الوصول الى العالم ومخاطبته من على اعلى المنابر وأكثرها فاعلية ويجعلها منبرا عالميا متاحا وفرصة هائلة للدفاع عن الحق، من جانب اخر فإن تحقيق الأمن والسلام للبشرية وتحقيق التعاون والاعتماد المتبادل والعدالة والخير للإنسانية مع محيطة الدولي، والسعي الإسلامي لمحاربة الظلم والعدوان والفساد في الأرض وأعمار الكون يتطلب جهود ضخمة وجماعية تشترك فيها الأمة الإسلامية مع الأمم الأخرى ومع الدول والمنظمات الدولية المعنية بتحقيق الخير، وإقامة الحياة الإنسانية الفاضلة بكل قيمها وفضائلها وعمران الدنيا وإقامة نظامها على الحق والعدل الشامل والصالح الإنساني العام، لذلك فلم يعد هناك اي خيار امام الدول والحكومات والشعوب والأمم في التعامل مع هذه المؤسسات الدولية الذي من أهدافها: (1) تحريم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية (2)حماية حقوق الإنسان الأساسية (3) الحق في تقرير المصير (4) تحريم استخدام القوة والعدوان (5) الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة (6) حماية الشعوب من التعذيب والظلم (7) مكافحة الإرهاب ومحاكمة مرتكبيه. وأصبح لهذه المؤسسات من السلطات التنفيذية ما يجعل سيادتها الأعلى والأكثر تأثيرا من الدول الإقليمية وأصبحت تتجاوز سيادة الدول وتعيد تشكيلها وتتدخل في شئونها وتأذن لنفسها بالتدخل بالقوة وممارسة التغيير باسم الحق الإنساني والحماية الدولية وإيجاد الملا ذات الآمنة للأفراد والجماعات. وهناك للأسف الشديد في بلاد اليمن السعيدة بلد الأيمان والحكمة من يسعى بإصرار عجيب واندفاع مريب الى تكريس عوامل الفوضى وتوطينها في الواقع السياسي والاجتماعي وشرعنه مسلكياتها، لتحل ثقافة الفوضى محل احترام النظام والقانون والدستور، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم خاصة بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني من جميع اطياف العمل السياسي هو: لماذا تسعى هذه القوى السياسية والحزبية الى إغراق اليمن في اتون الفوضى والمشاريع الانقلابية، وهي تعلم انها لن تسفر الاّ عن المزيد من الانفلات والتوتر والقلق والدماء والأشلاء، في حين ان ما يحتاج اليه اليمن هو الاستقرار والأمن والأمان، وعودة الحياة الى طبيعتها الهادئة، والحرص المشترك على مصلحة اليمن، والمشكلة ان من يسيرون في هذا الاتجاه المتعرج والذي يعملون بدأب من اجل توريثه لهذا الوطن، وكلما خرج من نفق دفعوا به الى نفق مظلم اخر، خاصة وأن الاستمرار في هذا المسلك سيكون ثمنه باهظاً عليهم وعلى مجتمعهم وعلى الوطن وسيجرهم قبل غيرهم نحو الهاوية، فالبعض منهم فهم الديمقراطية بأنها مفتاح للفوضى ومسوغ لانتهاك الأنظمة والقوانين وممارسة كل طرف ما يحلو له من تجاوزات، بما في ذلك تفجير انابيب النفط والغاز عدة مرات، وقطع الطرق ومنع وصول قاطرات نقل البترول والديزل والغاز الى العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى، واستمرار قطع الكهرباء وخروج محطة مأرب الغازية عن العمل مما جعل المدن والقرى تعيش في ظلام دامس منذ عشرة اشهر مضت وحتى يومنا هذا وفي احسن الظروف يتم جدوله الكهرباء على الأحياء والمدن اليمنية بواقع اربع ساعات باليوم والليلة، ونتيجة الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي تضرروا الطلاب الذين يذاكرون دروسهم للامتحانات سواء في العام الدراسي2011 او في العام لدراسي الحالي 2012م، وكذالك ما يعانيه قطاع الصحة في المستشفيات والمراكز الصحية وعدم امكانية اجراء العمليات الجراحية لعدم توفير الغازات الطبية والتكييف في غرف العمليات والإفاقة والعناية المركزة او إجراء الفحوصات الطبية. وبسبب انقطاع الكهرباء تفسد المواد الغذائية في الثلاجات ويخسر الناس بشكل يومي سواء على مستوى الأفراد المستهلكين او التجار، وتعطلت الورش الخاصة بأعمال النجارة الخشبية او اعمال الحديد او اعمال قص الأحجار و صناعه البلك وصناعه البلاط والإسمنت وتوقفت محلات الاتصالات وخدمات الإنترنت، وأغلقت العيادات الطبية والمكاتب الهندسية ومكاتب السياحة والتجارة والمقاولات، وكذالك تم توقيف المختبرات الطبية وفسدت الكثير من المحاليل الطبية ومات الكثير من المرضى بالسكري نتيجة عدم توفر ماده الثلج الذي يحفظ الأدوية الخاصة بالسكري، وتوقفت الكثير من المصانع وأغلقت الكثير من الشركات التي كانت تعمل في اليمن، ومنع الناس من الخروج الى المساجد لأداء الصلوات وقراءه القرآن في المساجد وفي المنازل وتوقفت مصالح الناس وتوقف العمال والفنيين وزادت البطالة في طبقه اليمنيين بشكل كبير، وثم اضافت شريحة جديدة من البطالة في صفوف اليمنيين اضافه الى التجار وكذالك تم توقيف المختبرات الطبية وفسدت الكثير من المحاليل الطبية ومات الكثير من المرضى بالسكري نتيجة عدم توفر ماده الثلج الذي يحفظ الأدوية الخاصة بالسكري، ومنع الناس من الخروج الى المساجد لأداء الصلوات وقراءه القرآن في المساجد وفي المنازل، وتحملت الدولة مئات الملايين من الدولارات لشراء مواطير كهربائية صينية صغيره وبيعها للقادرين ومن ثم تحميل التجار والمستشفيات والمنازل اعباء جديدة اضافية تم اضافتها على اسعار موادهم التي يبيعونها للمواطنين وتم اضافه اعباء جديدة على البلد من زيادة استهلاك للبترول والمازوت والد يزل وقطع الغيار والتأثير الكبير على البيئة نتيجة العوادم الخاصة بالموتورات الكهربائية اضافه الى الإزعاج على الساكنين والطلاب والأمراض، و بسبب الانقطاع المفاجئ للتيار او الإعادة بواقع ساعتان في النهار وساعتان في المساء تم اتلاف الكثير من الأجهزة الكهربائية من ثلاجات وسخانات وتلفونات وكمبيوترات وغسالات، وتحمل المواطن اعباء نفسيه وأعباء ماديه، وخرجوا ثلاثة مليون من اصحاب ورش الحديد والخشب والمناشير للأحجار والبلك والبلاط ومن القطاع التجاري والمقاولين والدكاترة والمهندسين والعمال والفنيين الى بطالة مقنعة. مضاف لما سبق الخسائر الناتجة عن التقطع للقاطرات المحملة بالبترول والديزل والغاز او نهبها وكذلك الاعتداءات المستمرة في التفجير لأنابيب النفط وإحراقه والذي ادى الى انعدام المشتقات النفطية ومن ثم تم رفع اسعارها بواقع 300% وأدى ذالك الى ارتفاع كبير في الأسعار في كل المواد وهذه المشاكل حملت المواطن اعباء كبيره لا يستطيع تحمل المزيد من ذالك، وتوقف الكثير من الأعمال في مجال المباني والتجارة والنقل والطرقات والمصانع والمياه وارتفعت اسعار المواد الغذائية والخضروات والفواكه وجميع محتاجات الناس، وبسبب ذالك مات الكثير من الناس ذكور وإناثا وأطفالا نتيجة عدم توفر وسيله المواصلات لإيصالهم الى المستشفيات، وخرج الكثير من السائقين للسيارات والباصات الى طبقه البطالة، وتوقفت الشركات العاملة في اليمن وخسر الناس وظائفهم ومصادر رزقهم وارتفعت الأسعار وأصبح الناس في حاله يرثى لها، وخسرت الدولة المئات من الملايين من الدولارات بسبب توقف انتاج النفط اليمني والذي تم استيراده من الخارج وانعكس ذالك على مستوى المعيشة للشعب، وخسر العمال في المصافي والموانئ والشركات النفطية اعمالهم وتحولوا الى طبقه البطالة الى جانب البطالة في القطاع الزراعي وفي محطات بيع المشتقات النفطية والمصانع والمعامل، وتم خروج اكثر من مليون ونصف من العمال والفنيين الى بطالة دائمة من العمل وقطعت ارزاقهم وقوت اولادهم، وهذا ما ينذر الى عواقب وخيمة ومآسي انسانية على المواطن والدولة اليمنية والدول الإقليميه والخارجية، وبرأي انة في حاله زيادة الأعباء واستمرار المشاكل المذكورة اعلاه سيؤدي الى حرب اهليه وإيجاد منطقه صراع جديدة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب ووجود قراصنة جدد الى جانب الصوماليين والاريتريين وخلق مشاكل للدول الخليجية وتهديد الأمن والسلام العالميين، وهذا يجعل من الأهمية بمكان بضرورة تدخل الأممالمتحدة ومجلس الأمن بالضرب بيد من حديد بالصواريخ وبالطائرات الحربية بطيارين وبدون طيارين على اولئك المخربين وقطاع الطرق ومن يقومون بإشعال النيران في انابيب النفط وقطع الكهرباء، مثلما يتم في عملية ملاحقه الإرهابيين من القاعدة. ومما لاشك فيه ان حقبة العولمة بما توفرت علية من التقنيات المعاصرة التي ازالت الحدود ورفعت السدود وجعلت من العالم مدينة واحدة اتاحت امكانات هائلة وفتحت فضاء واسعا للتفاعل الإنساني والحوار الفكري، بين الشعوب والأمم، وبمطلق المصلحة سواء اكانت هذه المصلحة جلبا لمنفعة ام درءا لمفسدة، وفي ضوء قاعدة جلب المصالح ودرء المفاسد يمكن تحديد المصلحة العامة تجاه المنظمات الدولية، ولا شك ان الإسلام يتوافق بل ويشارك ويدعو الى المسؤولية الدولية في منع الصراعات الإنسانية والحروب والاحتلال والعدوان وحماية مكونات حياة الإنسان والبيئة الطبيعية، ودور هذه المؤسسات الدولية بدأ يتعاظم مع حقبة العولمة ويتقدم نحو معالجة مشكلات الأمم والشعوب والدول بخطى سريعة حتى كاد يتجاوز القوانين والمؤسسات الإقليمية ويتجاوز سيادة الدول بالمفهوم التقليدي، هذه المؤسسات الدولية المعاصرة لم يعد دورها مقتصرا على تداول القضايا الدولية ومناقشاتها والحوار حولها وتحكيمها وتقديم المقترحات والفتاوى القانونية لإشكالاتها، وإنما تجاوزت ذلك اليوم حتى لتكاد تكون تلك المؤسسات أشبه بحكومة العالم التي تمارس سلطات تنفيذية في المجالات المتعددة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية ومكافحة الإرهاب والتحكيم والقانون والصحة والتعليم والغذاء والعدالة الدولية والحقوق وجميع وظائف الدولة، ونحن المواطنين اليمنيين الذين لأحول لهم ولا قوة وليس لهم ناقة ولا جمل فيما يحصل في الوطن اليمني من المشاكل والمعوقات في شتى المجالات، ومن ارهاب عناصر القاعدة في ابين وفي رداع واستيلاء الحوثيين على محافظة صعده والجوف ونصف محافظة حجة وعمران وأعمال التقطع فيما بين القبائل، والعاصمة صنعاء لازالت مشطره شمال وجنوب وتعز كذلك والمعتصمين جالسين في الساحات، وأحزاب المعارضة رجل بالسلطة ورجل بالمعارضة، ويد تهدم على الواقع وكلام يقال في الهواء بغرض التخدير وبيع الكلام (أسمع حنينا ولم ارى طحينا)، وهذا يعتبر مفسده كبرى وظلم فادح على الدولة والشعب، ونحن اليمنيين لانملك الا الدعاء على الذين يقطعون الكهرباء والبترول، اللهم اقطع يد من قطع الكهرباء والبترول وأهلك نسله وحرثه وأقطع رزقه وأجعله عبرة لغيرة، ومع ذلك فأنهم يزدادون عدد وعدة، لذلك نطالب المجتمع الدولي بتطبيق المادة 42 من الفصل السابع من قرارات مجلس الأمن الخاصة بالتدخل العسكري والتي تحمينا من ظلم المفسدين في الأرض ومن الذين يقتلون النفس التي حرم الله قتلها الا بالحق، وممن يقطعون الكهرباء والمشتقات النفطية، لأنه يتناسب مع العقوبات المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. والله من وراء القصد والسبيل.