منير وله من اسمه اكبر النصيب فقد كان منيرا وأنار للكثيرين الطريق الى الله.. منير الثائر الذي خرج ليعلنها في وجه كل ظالم.. منير الذي ما سكت على باطل منير المنبر ومنير الحجة ومنير القلب الودود المحب للناس ولإخوانه، جاء خبر شهادته وبتلك الوحشية والبشاعة كالفاجعة على كل محبيه.. تتدحرج الذكرى بين زوايا العتمة، وخواطر البوح، وتباريح الزمن.
لا الدمع يكفكف آلام الرحيل، ولا الوجع الممتد في أعماق النفس يخفف من لوعة الفقد، ولا التوقف عند محطات الرفاق يجلب شيئا من السلوى. للشهادة جلال أيها الراحلون، ولنا من بعدكم انتظار في لحظات قد تطول وقد تقصر، لكن موعد اللقاء قادم وان ابتعد.
إننا لا نبكيك يا منير لأنك رحلت شهيداً، بل لان الآمنا ودموعنا وقلقنا لأننا لن نراك بعد اليوم في دنيانا، وقد كنت بعض سلوتنا وجزءاً من حياتنا وبقية من رفاقنا... إننا نبكي من أجلنا نحن، لا من أجلهم، لأنهم رحلوا، فلن يشعروا ببكائنا، ولن يستعيدوا شيئا مما مضى، ولن يكون بمقدورهم أن يصنعوا شيئا لأنفسهم أو لنا.
لقد أثارت فاجعة رحيله ومفاجأتها غصة في الحلق، وانحسارا لمدد الرفقة الجميلة، وانطفاء لومضة نبل إنساني. وإذا اجتمع في المرء النبل وحب الخير وكرامة النفس والوقوف عند الحق.. وفي هذا عزاء لنا وأي عزاء.
وأنا اقف أمام فاجعة اغتيال الاستاذ منير حيدر وبهذه الهمجية ادرك بجلاء حجم الخسارة البالغة التي مثلها رحيله حيث كان المثابر الذي يعمل بصمت وتواضع ودون توقف أو ملل، حيث عرفه الناس معلما ومحاضرا ومربيا رجلا ودوداً سمحاً بهياً صاحب قلب محب لا تغادر ملامح محياه البشوش أذهان كل من عرفه أو عاش معه أو حتى قابله على عجل رحمه الله. سائلين الله أن يجعل كل ما قدمه لوطنه في ميزان حسناته وأن يثيبه خير الجزاء وأن يكتبه مع النبيين والصديقّين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.