نحن كيمنيين لا نجيد التعامل مع الاستثنائيات. وغالباً تنجينا من الانزلاق في مستنقعات دامية فقط الاقدار. ربما ترأف بحالنا إذ ليس فينا أحداً إلا يعاني . حتى من يقايضونا على الهواء والحياة بالصمت والانصياع. المشاكل والقضايا الشائكة في حياتنا متراكمة ككومة القش يمكن للرياح ان تحركها كيفما تشاء ويكفي عود ثقاب ليحيلها الى جحيم .
جميعنا يتوسل الى ربه ليقينا من ذلك الجحيم . لكننا أيضا نرمي بأعواد ثقاب مشتعلة في كل مكان . وكلنا ثقة بالأقدار . لن تضل الأقدار إلى جانبنا كثيراً. صحيح أنها لن تملّ لكننا مطالبين بالأخذ بالأسباب .
علينا أن نبلل هذا القش بشيء من التنازلات . والتنازلات ليست ضعفاً البتة هي فقط ما تجود به قرائح الشرفاء حين تثور ضمائرهم فيمنحوا وطنهم ما يستحقه . بمقدورنا الاختلاف والمزايدة على بعض بنفس القدر. كلاً منا يملك مخزونا كافي من الخوف ليسلطه على خصمه. لن نخُلص ولن نرى بلداً حلمنا به.
الأخطاء كثيرة والمشاكل لا تنتهي والتحديات الحقيقية أمامنا تكمن في البحث عن الحلول . حلولاً تخلصنا من المشاكل وليس حلولاً تخلصنا من الخصوم.
علينا أن ندرك أن بوسعنا إخراج بلدنا إلى بر الأمان بتنازلاتنا . بان نتخلص من الانتفاخ الأجوف الذي يسكن ذواتنا . ان نكسر الكبرياء قليلاً فالأكبر منا جميعاً ومن أطماعنا ونزواتنا هو الوطن . الوطن الذي في كل ركن فيه هناك شخص ما يئن. الوطن الذي تعجز عن الحديث عن مشاهد الفقر الذي عايشتها وتعايشها فيه. الوطن الذي تجد نفسك فيه مكتوف اليدين مسلوب الإرادة. أمام من يحتاجك لتقف إلى جانبه أنت ذاتك تحتاج من يسندك حتى لا تهوي.
سنتعصب لرؤانا ونعود متشحي الخيبة والعار حين يتحول البلد الى مستنقع دماء نعوم فيه . او نتنازل ونعود وهاماتنا في السماء فقد أعلينا الوطن عاليا لم ندوسه بأقدامنا . ولم نتاجر به من أجل الوهم.
توافقوا اتفقوا تنازلوا هناك مرضى يحتاجوا الى يد العون وفقراء يحتاجوا للمساعدة وأطفال يحتاجون إلى الأمل وكهول يحتاجون إلى السكينة ووطن يحتاج إلى الأمان .
باسم من يتكففون الناس ليسدوا رمقهم أو ليحصلوا على جرعة دواء أو شربة ماء أو لفافة كساء باسم من يبحث عن حلم لا يتجاوز الحياة والحياة فقط باسم من يحلم بمستقبل لطفله البريء . باسمهم جميعا نناشدكم الله والوطن وضمائركم أن تغلبوا مصلحة الشعب على أيدولوجياتكم ومشاكلكم اللانهائية . دعوهم يعيشوا هم يحلمون بالعيش فقط.