اتصل علينا طارق صالح وحينما وصلنا المستشفى كانت الصدمة.. شقيق العميد يكشف اللحظات الأخيرة لوفاة والده    الارياني: استنساخ مليشيا الحوثي "الصرخة الخمينية" يؤكد تبعيتها الكاملة لإيران    الوكيل مفتاح يتفقد نقطة الفلج ويؤكد أن كل الطرق من جانب مارب مفتوحة    عاجل: انفجارات عنيفة تهز محافظة يمنية وإعلان حوثي بشأنها    تتويج مبابي بجائزته الفردية الأخيرة في فرنسا قبل رحيله عن سان جيرمان (فيديو)    غندوزي يصدم لاتسيو الايطالي    مانشستر يونايتد الإنجليزي يعلن رحيل لاعبه الفرنسي رافاييل فاران    الروح الرياضية تهزم الخلافات: الملاكمة المصرية ندى فهيم تعتذر للسعودية هتان السيف    ارتفاع طفيف لمعدل البطالة في بريطانيا خلال الربع الأول من العام الجاري    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة الشخصية الوطنية والقيادية محسن هائل السلامي    الحوثيون يواصلون لعبتهم الخطيرة وامريكا تحذر    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    المنامة تحتضن قمة عربية    كريستيانو رونالدو يسعى لتمديد عقده مع النصر السعودي    اليابان تطالب بتعزيز الآليات القائمة لمنع عمليات النقل غير المشروع للأسلحة للحوثيين مميز    أمين عام الإصلاح يبحث مع سفير الصين جهود إحلال السلام ودعم الحكومة    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    بريطانيا تؤكد دخول مئات السفن إلى موانئ الحوثيين دون تفتيش أممي خلال الأشهر الماضية مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    نقل منصات إطلاق الصواريخ الحوثية استعدادًا للحرب واندلاع مواجهات شرسة مع الأهالي ومقتل قيادي من القوة الصاروخية    مجازر دموية لا تتوقف وحصيلة شهداء قطاع غزة تتجاوز ال35 ألفا    اليمن تسعى للاكتفاء الذاتي من الألبان    طعن مواطن حتى الموت على أيدي مدمن مخدرات جنوب غربي اليمن.. وأسرة الجاني تتخذ إجراء عاجل بشأنه    الحوثيون يواصلون افتعال أزمة الغاز بمحافظتي إب والضالع تمهيد لرفع الأسعار إلى 9 آلاف ريال    قائد الحراك التهامي السلمي يعقد لقاء مع المعهد الديمقراطي الأمريكي لبحث آفاق السلام    الدولة العميقة ومن يدعمها هدفهم إضعاف الإنتقالي والمكاسب الجنوبية    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    اعضاء مجلس السابع من ابريل لا خوف عليهم ويعيشون في مأمن من تقلبات الدهر    بيان عاجل لإدارة أمن عدن بشأن الاحتجاجات الغاضبة والمدرعات تطارد المحتجين (فيديو)    برشلونة يرقص على أنغام سوسيداد ويستعيد وصافة الليغا!    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    ليفربول يسقط في فخ التعادل امام استون فيلا    استعدادات حوثية للاستيلاء على 4 مليار دولار من ودائع المواطنين في البنوك بصنعاء    "نكل بالحوثيين وادخل الرعب في قلوبهم"..الوية العمالقة تشيد ببطل يمني قتل 20 حوثيا لوحده    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    لاعب منتخب الشباب السابق الدبعي يؤكد تكريم نجوم الرياضة وأجب وأستحقاق وليس هبه !    ما معنى الانفصال:    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    سيف العدالة يرتفع: قصاص القاتل يزلزل حضرموت    البوم    السفيرة الفرنسية: علينا التعامل مع الملف اليمني بتواضع وحذر لأن الوضع معقد للغاية مميز    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع ''صنعاء القديمة''    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    قارورة البيرة اولاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحالف «عمرو مشتاق»
نشر في المصدر يوم 16 - 06 - 2014

قلناها ونكررها للمرة العاشرة أن عبد الفتاح السيسي كان أفضل اختيار متاح لموقع الرئاسة في هذه اللحظة شبه الحربية، وأن مصر بلد كبير وعظيم، وفيها ألف شخص على الأقل يصلحون لمنصب الرئاسة بالمزايا والسجايا الشخصية، وبين هؤلاء الألف أو حتى الألوف، فإن السيسي هو الأقدر والأنسب في هذه اللحظة، وبدون أن يعني ذلك انتصارا نهائيا لقضية الثورة، فلا تزال الثورة اليتيمة في الشارع، ولم تصل إلى السلطة كاملة بعد، ويتوقف مصيرها النهائي على ما يجري في معارك انتخابات البرلمان والمحليات المقبلة.
ولا يصح لأحد أن يخدع نفسه، فجماعات الثورة المضادة تتحرك بقوة، وليست القصة فقط في جماعة الإخوان، وهي جماعة ثورة مضادة بامتياز، وضعفت شعبيتها إلى أدنى حد، وسلوكها الانتحاري يقودها إلى عزلة شعبية خانقة، وتكاد الجماعة مع حلفائها لا تمثل الآن سوى عشرة بالمئة على الأكثر من أصوات الناخبين، وقد لا يشارك الإخوان على الأغلب في انتخابات البرلمان المقبلة، وهو ما يترك المجال واسعا لجماعة الثورة المضادة الأخطر، والمعروفة في الوسط السياسي والإعلامي باسم جماعة الفلول، وهؤلاء ليسوا فلولا بل أصول، ومراكز فساد متحكمة لا تزال في جهاز الدولة، وفي تشكيلات الحكومات المتعاقبة بعد الثورة، حتى في زمن الإخوان، وفي الحكومات التي تلت الموجة الثورية الأعظم في 30 يونيو/حزيران إلى الآن، وفي البيروقراطية المتضخمة المسيطرة على الهيئات والمصالح، وحتى أدنى السلم في المحليات، وفي صلات تواطؤ يومي مع عائلات الريف والمدن الصغرى ذات الصلة المزمنة مع الجهاز الإداري والأمني، وفي نفوذ الحيتان الذين راكموا ثروات تحسب بالتريليونات، ويملكون أغلب القنوات الفضائية والصحف والإذاعات الأكثر انتشارا، وكل هذه الثروات تكونت خارج القانون وضوابطه، وبعلاقات الزواج الحرام بين المال والسلطة والإعلام، وقد سيطر هؤلاء على حكومات وبرلمانات مبارك المزورة، وتواروا قليلا بعد ثورة 25 يناير 2011، أو تخفوا وراء أقنعة الثورة ذاتها، لكنهم عادوا إلى الحضور الكثيف المتبجح بعد موجة 30 يونيو 2013، واعتبروا أن إزاحة الإخوان تفتح لهم طريق العودة، وبانتحال صفة ثورة 30 يونيو، تماما كما انتحلت جماعة الإخوان صفة ثورة 25 يناير، بينما الجماعتان من ذات الأصول الطبقية الناهبة للثروة الوطنية، التي تركت الشعب المصري في غالبه الساحق مسحوقا تحت خطوط الفقر والبطالة والعنوسة والمرض والذل اليوم.
ظل الشعب المصري في غالبه ولا يزال يمارس بطولة البقاء على قيد الحياة، بينما تفرغ هؤلاء لشفط السلطة والثروة، وبانتحال صفات ثورية أحيانا اعتمادا على ضعف ذاكرة الناس، أو بادعاء دور محورى في تدوير عجلة الاستثمار والتنمية، بينما لا توجد لهذه الثروات الفلكية قاعدة اجتماعية منظورة، ولا قواعد إنتاجية مؤثرة، فقد تكونت هذه الثروات الحرام في زمن تجريف القواعد الإنتاجية الكبرى، وفي وقت الخصخصة التي تحولت إلى «مصمصة»، وتكون القطاع «الماص» لا القطاع الخاص، وبدفع مباشر من المعونات الأجنبية وشروطها، خاصة المعونة الأمريكية، وفي تصادم مباشر مع أي مسعى للاستقلال الوطني أو التنمية المنتجة لقيمة مضافة، وفي انفصال معيشي تام عن الكتلة السكنية الغالبة، التي تركت لحياتها المرهقة التعسة في المدن المكتظة، أو في المدن الريفية التي انهارت مرافقها، أو في القرى التي تآكلت أراضيها الزراعية، بينما انعزل هؤلاء في معسكرات (كومباوندات) سكنية على أحدث الطرز العالمية، وبحراسات خاصة ومرافق خاصة، وبابتعاد جغرافي مناسب عن صخب وزهق ومعاناة حياة المصريين، وتماما كما كانت عائلة مبارك تختار عزلتها الناجية في منتجع شرم الشيخ، ثم ينزلون إلى الناس في مواسم الحصاد الانتخابي، ويأخذون الأصوات خداعا أو غصبا بفوائض الفلوس المسروقة، هكذا تعودت طبقة العشرة بالمئة على سلب التسعين بالمئة أصواتهم، وهم يعاودون تجريب حظوظهم هذه المرة، وبجرأة منقطعة النظير منذ ثورة 25 يناير 2011 .
وكما تريد جماعات الفلول سرقة أصوات الناس، فإنها أيضا تريد سرقة صوت السيسي بالذات، تريد ركوب موجة السيسي، والاستفادة التجارية من المزاج العام المؤيد له والآمل فيه خيرا، فلا تريد جماعات الفلول أن تتقدم للناس ببطاقاتها القديمة منتهية الصلاحية، فهي تعرف أن مبارك وسيرته أكثر ما يصدم الناس، ثم ان الفلول لا تهتم بمبارك في ذاته، ولا يعنيها أن يمضي بقية عمره في السجن أو في المستشفى، فالأهم عند الفلول الحفاظ على مصالحهم، وحماية امتيازاتهم المسروقة، وامتداد النفوذ في الحكومة والبرلمان، ولا بأس عندهم من خلع رداء الحزب الوطني المنحل بحكم قضائي، وقد أسسوا بعده أحزابا بأسماء لطيفة، من نوع «الحرية» و»الاتحاد» و»المؤتمر» و»مصر بلدي» و»الحركة الوطنية» وغيرها، وتداخلوا باقتران المصالح مع بعض أحزاب جبهة الانقاذ غير المأسوف على شبابها، ومع حركات شبابية تتناسل أسماؤها كل يوم، وتنتحل صفات الثورة والشراكة والوطنية والمدنية وهلم جرا، وتنمية ميول انتهازية، وبإغراءات المال والمناصب والظهور الإعلامي، وهو ما يفسر بعض ما يجري الآن على الساحة، وفي كومباوندات التجمع الخامس، أو في فنادق السبعة نجوم، فقد فقدت جماعة الفلول رأسها القديم متمثلا في عائلة مبارك، وفقدت توجيه بطانة مبارك الفاسدة من نوع صفوت الشريف وزكريا عزمي وفتحى سرور، ثم فقدت توجيه جماعة جمال مبارك، التي يرقد رأسها أحمد عز على «برش» السجن، وكان على جماعة الإخوان أن تبحث عن رأس ميداني آخر، وقد وجدت ضالتها لبعض الوقت في رأس احتياطي هو أحمد شفيق، الذي حصل على ما يقارب نصف أصوات جولة الإعادة الرئاسية مع مرسي في 2012، وكان مبارك قد اختار شفيق رئيسا للوزراء في أيامه الأخيرة، وبدا شفيق في حال انتعاش بعد ثورة 30 يونيو، فقد تصور أن الرئاسة قد تأتي إليه طائعة مختارة بعد إزاحة حكم الإخوان، وبدا غضبه طافحا حين استيقن من عزم السيسي ترشيح نفسه للرئاسة، وهاجم السيسي بعنف في مهاتفات جرى تسريبها إلى فضائية عربية أذاعتها، ثم حاول بعدها أن يتراجع بإعلان تأييده للسيسي، وبعد أن تحول السيسي إلى ظاهرة شعبية كاسحة، وحصل في انتخابات الرئاسة الأخيرة على ما يقارب أصوات شفيق ومرسي مجتمعة، وهو ما فاقم من عزلة شفيق في منفاه الاختياري المريح، فلم يعد تدفق الملايين والمليارات كافيا لاصطناع وزن شعبي له، ولا حتى للتذكير باسمه، وبدا الرجل كجملة اعتراضية زالت ضروراتها، فقد شطبوا اسمه، وتأجلت عودته إلى إشعار قد لا يجيء، وإلى حد يبدو معه اختيار شفيق للمنفى أرحم من العودة لسجن محتمل، وهو ما يضعف جماعة المنتفعين بمنفى شفيق في مصر، خاصة بعد إشارة الرئيس السيسي في خطابه الأول المطول إلى رفضه الحازم لأي سلطة موازية، كانت الإشارة مما تحتمل وجوها متعددة، وإن بدت في واحد من وجوهها تحذيرا وضربة قاضية لطموح جماعة شفيق بالذات، فصراعات جماعات الفلول على أشدها، وكلها تدعي وصلا بالرئيس السيسي أو بمكتبه، وتنتحل صفة «الظهير السياسي» للرئيس، مع أن السيسي قالها بوضوح قاطع، وفي مرات كثيرة، انه لا يريد ظهيرا سياسيا، وأنه لن ينشئ حزبا، ولن ينضم إلى حزب، وقد بارت تجارة «الظهير السياسي» في حملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتبخرت كل الادعاءات في أيام التصويت، بل ظهر تواطؤ الفلول ضد السيسي، وبان عجزهم وقلة حيلتهم في اختبارات تكسير عظام و«دبح قطط»، وجاءت النتائج بتفويض شعبي تلقائي للسيسي، وبدون أدوار ملموسة لوسطاء علا ضجيجهم، وهو ما يجعل السيسي كشخص طرفا أقوى بامتياز في المعادلة المصرية الراهنة، وبعد انكشاف حقيقة حملات دعم ترشح السيسي، التي انفضح عجزها، تحاول جماعات الفلول إعادة الكرة من جديد، وبتشكيل جديد يستثني جماعة شفيق التي قد تصير موضوعا لانتقام، يتقدم فيه عمرو موسى كقيادة مناسبة لفلول الوقت، ووسط «بروباغندا» مفتعلة عن دور موسى في لجنة صياغة الدستور، مع أن عمرو موسى كان عضوا بارزا في لجنة دستور الإخوان، ولم ينسحب منها إلا بعد خراب مالطة، وكان يستنكر دعوات خلع محمد مرسي بانتخابات رئاسية مبكرة، وكان قبل الثورة كما هو معروف من أبرز رجال نظام مبارك، كان وزيرا لخارجية مبارك لمدة عشر سنوات، وأمينا للجامعة العربية لعشر سنوات أخرى، وهو الذي أعطى «الناتو»غطا ء عربيا لتدمير ليبيا بما يهدد مصر الآن، ثم قفز إلى المركب الجديد بعد 30يونيو، باحثا كعادته عن دور ومنصب جديد، وبدون طموح ترشيح نفسه للرئاسة، فقد كان يدرك أن فرصته معدومة، وقد حل خامسا في انتخابات رئاسة 2012.
ومن هنا فضل تقمص دور المستشار الناصح للسيسي، وعلى أمل أن يكون رئيسا للبرلمان في سنه التي تقارب الثمانين، واستفاد موسى من غضب محسوس يعزل أحمد شفيق، وحاول استيعاب «فلول ميري» من عسكريين وجنرالات شرطة سابقين، ويحاول صناعة «تورتة حكم» جديدة على مقاسه، تكون له فيها رئاسة البرلمان، ويترك رئاسة الحكومة لجنرال طيب لا صلة له بالسياسة، وبدعوى إقامة تحالف يكون ظهيرا للسيسي، تحالف تتصدره وجوه من (الفلول الميري) و(الفلول الملكي)، تحالف من المشتاقين بقيادة «عمرو مشتاق»، وهو الرجل الذي أدمن حرفة البحث عن مناصب فشل فيها بامتياز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.