«كاك بنك» يسلم ثانوية لطفي جعفر أمان مواد مكتبية ومعدات طاقة شمسية    بطعنات قاتلة.. شاب ينهي حياة زوجته الحامل بعد فترة وجيزة من الزواج.. جريمة مروعة تهز اليمن    ملاحظات أولية على ما نشرته جماعة الحوثي بشأن ما أسمته (خلية التجسس) (1)    بالفيديو.. رئيس ''روتانا'' يفاجئ الفنان محمد عبده عقب عودته من رحلته العلاجية .. وهذا ما فعلته ''آمال ماهر'' مع فنان العرب    صواريخ حزب الله الجديدة تهدد تفوق الطيران الحربي الصهيوني    موراتا يطلب الانتقال إلى الدوري السعودي    مفاجأة رونالدو.. السعودية تتجاوز الفخ الصيني    الإطاحة ب''نصاب'' جنوبي اليمن وعد مريضًا بالفشل الكلوي بالتبرع بإحدى كليتيه وأخذ منه نحو مليوني ريال    مساء اليوم.. المنتخب الوطني الأول يواجه النيبال في تصفيات آسيا وكأس العالم    رئيس مجلس القيادة يعود الى العاصمة المؤقتة عدن    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    بعد تأجيله يوم أمس.. الإعلان عن موعد فتح طريق ''الحوبان جولة القصر الكمب مدينة تعز''    حسام حسن: البعض يخشى نجاح منتخب مصر.. والتحكيم ظلمنا    انهيار جنوني .. محلات الصرافة تعلن السعر الجديد للريال اليمني مقابل العملات الأجنبية صباح اليوم    بعد إعلانها ضبط شبكة تجسس.. رئيسة منظمة حقوقية في صنعاء تتنبأ بنهاية المليشيات الحوثية    عن جيراننا الذين سبقوا كوريا الشمالية!!    أطراف الصراع في اليمن وحرب المصالح    هل فقدت مليشيا الحوثي بصيرتها؟!    ماهي إنجازات الانتقالي؟    عبدالعزيز بن سعود يقف على جاهزية قوات أمن الحج "صور"    حكم التضحية بالأضحية عن الميت وفق التشريع الإسلامي    دفعة رابعة من القادة تجتاز برنامجا تأهيليا بالقوات الجنوبية    الحوثيون يوقفون عشرات الأطباء والعاملين الصحيين في صنعاء تمهيدًا لفصلهم من وظائفهم    إتلاف كميات هائلة من الأدوية الممنوعة والمهربة في محافظة المهرة    رومانو: تشيزني على ابواب الدوري السعودي    تشيلسي مهتم بضم الفاريز    ساني متحمس لبدء يورو 2024    إعلان مفاجئ من بنك الكريمي بعد قرار البنك المركزي بعدن وقف التعامل معه!!    الحكومة تندد باستمرار التدمير الحوثي الممنهج للقطاع الصحي    "صنعاء على صفيح ساخن.. الرعب يسيطر على المليشيا الحوثية و حملة اعتقالات واسعة"    مجلس الأمن يتبنى مشروع قرار يدعم مقترح بايدن لوقف إطلاق النار بغزة    أكبر عملية سطو في تاريخ الأدوية اليمنية: الحوثيون يسيطرون على مصانع حيوية    بوتين يهدد بنقل حرب أوكرانيا إلى البحر الأحمر    غرق وفقدان عشرات المهاجرين الأفارقة قبالة شواطئ شبوة    السلطات السعودية تكشف عن أكبر التحديات التي تواجهها في موسم الحج هذا العام.. وتوجه دعوة مهمة للحجاج    "الأونروا": الدمار الذي شهدته غزة لا يوصف وإعادة الإعمار يحتاج 20 عاما    النفط يرتفع وسط توقعات بزيادة الطلب على الوقود خلال الصيف    آخر ظهور للفنان محمد عبده عقب تلقيه علاج السرطان .. شاهد كيف أصبح؟ (فيديو)    الحوثيون يمنحون مشرفين درجة الماجستير برسالة واحدة مسروقة وتم مناقشتهما(أسماء)    دعوة لمقاطعة مبخوت بن ماضي    العطش وانعدام الماء والكهرباء في عاصمة شبوة يصيب مواطن بجلطة دماغية    فضل الذكر والتكبير في العشر الأوائل من ذي الحجة: دعوة لإحياء سُنة نبوية    مانشستر يونايتد يسعى لتعزيز هجومه بضم المغربي يوسف النصيري    وزارة المالية تعلن إطلاق تعزيزات مرتبات شهر مايو للقطاعين المدني والعسكري والمتقاعدين    ارتفاع في تسعيرة مادة الغاز المنزلي بشكل مفاجئ في عدن    خلال تدشين الخدمة المدنية للمجموعة الثانية من أدلة الخدمات ل 15 وحدة خدمة عامة    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    تدشين مخيم مجاني للعيون بمديرية العدين في إب    افتتاح معمل وطاولة التشريح التعليمية ثلاثية الأبعاد في الجامعة اليمنية    "هوشليه" افتحوا الطرقات!!!    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    عالم آثار مصري شهير يطالب بإغلاق متحف إنجليزي    أحب الأيام الى الله    السيد القائد : النظام السعودي يتاجر بفريضة الحج    النفحات والسنن في يوم عرفة: دلالات وأفضل الأعمال    ما حد يبادل ابنه بجنّي    الحسناء المصرية بشرى تتغزل باليمن و بالشاي العدني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"واتس آب" أصله.. مصري!
نشر في المصدر يوم 26 - 11 - 2015

ليس غريبا أن يتنبأ أو يحلم الأدب الإنساني بظهور مخترعات وتطورات تقنية في المستقبل كما هو مشهور في قصص الخيال العلمي وأفلامه، لكن أن يأتي هذا التنبؤ في إطار قصة ساخرة تنضح ألما من أزمة يعاني منها الإنسان فإن هذا هو الذي يقال عنه "رمية من غير رام"!

خدمة "واتس آب" صارت إحدى أكثر وسائط التواصل الاجتماعي شعبية وانتشارا، وتعد أكثرها إسهاما في توثيق العلاقات الإنسانية وتحقيق التقارب بين البشر على مدار الساعة بتقنيات سهلة ورخيصة.

والمؤكد أن الكاتب المصري الساخر أحمد رجب لم يكن في باله أبدا وهو يسخر من أزمة "التليفونات" الحادة في مصر في السبعينيات أن قصته "آلو يا.. إسبرطة!" كانت تحمل في ثناياها نبوءة أن خدمة الهاتف يمكن أن يأتي يوم وتصير أقرب للشكل الذي تخيله في القصة، مع فوارق ضرورية في الشكل والمضمون، فلم يكن أحمد رجب مخترعا ولا عالما يكتب متنبئا بمستقبل الإنجازات العلمية بقدر ما كان مواطنا أضنته أزمة الاتصالات الهاتفية وتدهور مستواها.

الساخر العظيم
وأحمد رجب (1928-2014) هو أحد الساخرين الكبار في الصحافة المصرية، وظل طوال خمسين عاما يكتب ساخرا بكل أشكال الأدب والفنون الصحفية من ظواهر الخلل والاعوجاج العامة والخاصة في بلده.

فبالإضافة إلى موضوعه الأثير: السخرية من مفارقات الحياة الزوجية والعلاقات بين الأزواج والزوجات، لم يكد ينجو مجال في المجتمع المصري من قلمه الساخر، من فشل الحكومات في تحسين حياة المواطن، ومهازل النواب في المجالس النيابية.. إلى البيروقراطية والروتين والمحسوبية والرشوة في جهاز الحكومة. ومن سينما المقاولات والهيافة والأغاني الهابطة والمطربين الفاشلين إلى طغيان الإعلانات المجنونة، والفنون الغريبة المقلدة لأحدث الصرعات في الغرب التي لا يفهمها أحد. ومن ظواهر النفاق الاجتماعي والتقاليد والعادات السلبية إلى ظواهر مثل التعصب الكروي المجنون، وأزمة الإسكان واستغلال حاجة المواطن المصري لسكن إلى تدهور الخدمات العامة إلى التقعر الأيديولوجي والإعلامي، وتصعيب الامتحانات وتعقيد المناهج.

وقد تحولت عدد من هذه القصص إلى أفلام متميزة مثل "فوزية البرجوازية" و"الوزير جاي" و"المجنون".

والحق أن هذا الكاتب الكبير لم يحظ بما يستحقه من تقدير، ربما بسبب غلبة عمله الصحفي على الجانب الأدبي، وربما لأنه ظهر في بيئة عربية لا تقدير فيها للمبدعين إلا إذا كانوا "لاعبي كرة"، على حد تعبير نجيب محفوظ في رواية "ميرامار".

آلو.. يا إسبرطة!
في كتابه "كلام فارغ"، خصص أحمد رجب حكاية ساخرة من صنف الكوميديا السوداء عن أزمة الهواتف التي ضربت مصر منذ أواخر الستينيات وبلغت ذروتها في السبعينيات، حتى صار إجراء مكالمة تليفونية أشبه بمعجزة فضلا عن امتلاك خط تليفوني جديد.

وشاعت نكت المصريين وسخريتهم من رداءة الخدمة والهاتف الصامت، وتشابك الخطوط، واختلاط المكالمات فيما بينها.. ولم يكن جديرا بتصوير شذوذ مثل تلك الحالة إلا قلم ساخر كقلم أحمد رجب يجسدها في حكاية يبلغ بها منتهى السخرية التي تفجر الضحكات التي هي كالبكاء في الوقت الذي تدين فيه عجز المسؤولين وفشلهم عن حل هذه الأزمة.

وكما صار معروفا في خدمة "واتس آب" التي تتكون فيها مجموعات (غروبات) تضم عددا يقل أو يزيد من الأصدقاء يتواصلون يوميا، ويتحدثون عبر الرسائل والرسائل صوتية والأفلام فيديو والصور فيما بينهم، ويتبادلون التهاني والسؤال عن الأحوال، ويتداولون آخر الأخبار والتقارير والمعلومات وصور الحوادث الطارئة، ويسألون بعضهم بعضا إن احتاجوا معرفة عنوان أو موضوع ما أو حلا لمشكلة يواجهونها.

كما أن هذا هو حال "واتس آب" الآن، فقد تخيل أحمد رجب قبل قرابة أربعين عاما في قصة "آلو يا إسبرطة" شيئا قريبا من هذا، حيث إن هناك مجموعة من الناس صارت -بسبب أزمة الهواتف ورداءة خدمتها- تتواصل عبر الهواتف المفتوحة دائما على بعضها بعضا على مدار الساعة حتى أن الواحد منهم لا يضطر إلى طلب أي رقم، فيكفي فقط أن يرفع السماعة ثم ينادي الشخص أو الجهة التي يريدها ليجد نفسه متصلا مع البلد كلها!

أطلق أحمد رجب على هذه المجموعة اسم "نادي تليفونس للتودد الإنساني"، وجعل لها مديرا ونائبا، وقسمها إلى أسر متخصصة فأسرة متخصصة بالمشاكل الاجتماعية، وأسرة خاصة بالشباب، وأسرة الساخطين، ولكل واحدة منها اجتماع أسبوعي خاص، فضلا عن التواصل العام المفتوح على مدار الساعة يناقشون فيه المشاكل الخاصة بكل أسرة على الهواء مباشرة، واصطنع رجب للمجموعة العامة شعارا وتحية رسمية تقول:

"نحن أهل الود يا خير أنيس.. أهلا وسهلا في ناديك تليفونس"

في خدمة الشعب
انحلت إذًا أزمة التليفونات وتعطيل مصالح الناس بفكرة "نادي تليفونس للتودد الإنساني"، ولم تعد هناك ضرورة للاتصال بأحد أو إدارة الأرقام، بل وصل الحال إلى عدم الحاجة إلى رفع سماعة التليفون، فكل شيء مفتوح والاتصالات سهلة وميسرة وما على المواطن المصري إلا أن يرفع السماعة أو صوته وبدون الحاجة ليقول "آلو" ينادي على من يريد الاتصال به "يا دكتور شفيق - يا عم أحمد الكبابجي - يا معلم بسة - يا إسعاف - يا شرطة النجدة.. إلخ الاحتياجات الإنسانية التي يمكن أن تخطر على البال.. ".

وحتى مقتضيات اللباقة الاجتماعية تجري في النادي مثل تبادل التهاني أو قراءة الفاتحة على من يموت!

ونتيجة أجواء التودد الإنساني هذه، فإن المتصل -أي متصل- يجد الجميع يتعاطفون معه عند كل مشكلة تحل به، ويتعاونون معه -مثلا- في إتمام مكالمته في النداء على الشخص أو الجهة المطلوبة إذا تأخر الرد.

وإذا حدث أن الطرف الآخر لا يرد أبدا، يتطوع أحد أعضاء المجموعة للذهاب للجهة إن كانت قريبة من سكنه ويبلغها الرسالة خدمة لوجه الله.

وكما يحدث في مجموعات "واتس آب" في الوقت الراهن عندما يناقش الأعضاء قضايا السياسة والفكر، كانت مجموعات التودد الإنساني في نادي تليفونس تناقش قضايا مثل الفرق بين الأجيال القديمة والجديدة، ومشكلة تزايد النسل والانفجار السكاني وأفضل الحلول لها!

ومع أن مناقشة هذه القضايا لم تؤد إلى حلول، إلا أن الفكرة وجدت من يجسدها في حياة الناس باسم "واتس آب".

*عن "الجزيرة نت".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.