أضاف اختطاف مراسل الجزيرة حمدي البكاري ومرافقيه في اليمن فصلا جديد من فصول المأساة التي تطارد الصحفيين في هذا البلد الذي تمر فيه حرية الصحافة بأسوأ حالتها منذ تفتيت السلطة على يد مليشيا الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في سبتمبر/أيلول 2014. وجاء اختفاء فريق الجزيرة في ظروف غامضة الاثنين الماضي ضمن سلسلة انتهاكات غير مسبوقة بحق الصحفيين، حيث لا يزال أكثر من 13 صحفيا يقبعون في سجون الحوثيين وتنظيم القاعدة، فضلا عن آخرين قضوا في عمليات اغتيال بعد استخدامهمدروعا بشرية في معسكرات من قبل الحوثيين. وتشير تقارير صادرة عن نقابة الصحفيين اليمنيين ومنظمات محلية ودولية عدة إلى أن الفترة التي سيطر فيها الحوثيون على السلطة، منذ اجتياحهم العاصمة اليمنيةصنعاء وحتى الآن، شهدت أكثر الانتهاكات المرصودة ضد الصحفيين والمؤسسات الصحفية.
وأدت تلك الانتهاكات إلى توقف نشاط عدد من المؤسسات الصحفية، في حين اضطر المئات من الصحفيين والكتاب للفرار من سطوة الحوثيين إلى أماكن أكثر أمنا خارج العاصمة صنعاء أو خارج اليمن برمتها، لتأمين حياتهم وحياة أسرهم.
انتهاكات مختلفة من جهته، أشار سكرتير لجنة الحريات بنقابة الصحفيين أشرف الريفي إلى أن تقرير النقابة لنصف العام السابق رصد ما نسبته 80% من إجمالي الانتهاكات ضد الصحفيين التي قامت بها جماعة الحوثي، بينما توزعت بقية الانتهاكات بين جهات مجهولة وتنظيم القاعدة وجهات حكومية".
وقال في حديث للجزيرة نت إن المخاطر التي تهدد العمل الصحفي في اليمن أصبحت كثيرة، وإن الصحفيين يعملون في بيئة غير آمنة تسيطر عليها المليشيات والأطراف المسلحة، حتى صار الصحفي في نظر هؤلاء مجرد عميل أو مخبر لطرف ما من الصراع، مما يهدد حياته بالخطر.
وأضاف أن "النقابة صارت الصوت الوحيد الذي يواجه هذا الاستهداف الممنهج للحريات، ونفذت العديد من الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات الرافضة لهذه الحالة، كما تعمل مع اتحاد الصحفيين العرب لرفض هذه الانتهاكات، وسبق أن وجهة الاتحاد الدولي للصحفيين رسائل للأمم المتحدة وزعيم الحوثيين والمشاركين في جنيف2 للمطالبة بحماية الصحفيين اليمنيين.
تحريض وقمع بدوره، يرى المنسق القانوني لمنظمة الكرامة لحقوق الإنسان -ومقرها جنيف بسويسرا- الصحفي محمد الأحمدي أن هناك صحفيين أيضا قضوا في غارات للتحالف العربي، "لكن الانتهاكات الواسعة ضد الصحفيين اليمنيين تمارسها سلطات الأمر الواقع في اليمن، من خلال القمع الممنهج ضد الحريات الصحفية في البلد".
وقال في حديث للجزيرة نت إن تلك السلطات تتحمل بدرجة أساسية الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون، ليس فقط لأنها سلطات أمر واقع، ولكن لأنها مارست عمليات التحريض والقمع ضد الصحفيين منذ لحظة الانقلاب على الحكومة المعترف بشرعيتها، بل عرفت من قبل بسلوكها العدواني تجاه الصحفيين عموما.
وأضاف "نحن في منظمة الكرامة راسلنا المؤسسات الخاصة في الأممالمتحدة بشأن حالات القمع التي توصلنا إليها، وسنستمر في تقديم هذه الشكاوى من أجل حث الأممالمتحدة على الضغط باتجاه احترام حقوق الإنسان في اليمن، وفي مقدمتها حماية الصحفيين شهود الحقيقة".