المقاومة الوطنية التابعة لطارق صالح تصدر بيان هام    صيد حوثي ثمين في محافظة جنوبية يقع بيد قوات درع الوطن    ليس حوثي!.. خطر كبير يقترب من مارب ويستعد للانقضاض على منابع النفط والغاز ومحلل يقرع جرس الإنذار    عملية نوعية لقوات الانتقالي تحبط تهريب معدات عسكرية لمليشيا الحوثي في لحج    العودة المحتملة للحرب: الحوثيون يلوحون بإنهاء الهدنة في اليمن    نائب مقرب من المليشيا: سياسة اعتقالات الحوثي تعجل بالانفجار الكبير    التلال يضيف لقب دوري عدن إلى خزائنه بعد انتصار صعب على الشعلة    احتجاز أكثر من 100 مخالف للزي العسكري في عدن ضمن حملة أمنية مكثفة    صحفي يمني مرموق يتعرض لأزمة قلبية طارئة في صنعاء    مليشيا الحوثي تختطف أكثر من 35 شخصاً في إب دعوا للاحتفاء ب26سبتمبر    إصلاح البيضاء يدشن الدوري الرياضي الأول لكرة القدم احتفاءً بذكرى التأسيس    التلال يقلب النتيجة على الشعلة ويتوج بلقب كأس العاصمة عدن بنسختها الثانية    الوية العمالقة تعلق عل ذكرى نكبة 21 سبتمبر وسيطرة الحوثي على صنعاء    طالب عبقري يمني يحرم من المشاركة في أولمبياد عالمي للرياضيات    استشاري إماراتي: مشروب شهير يدمر البنكرياس لدى الأطفال ويسبب لهم الإصابة بالسكري بعد بلوغهم    بالوتيلي يريد العودة للكالتشيو    نيوكاسل يونايتد يحصّن مهاجمه من ليفربول    مدافع يوفنتوس مرشح لخلافة فان دايك في ليفربول    الجنوب لن يدفع ثمن مواءمات الإقليم    أمريكا ترفض إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية    تزامنا مع الذكرى ال34 للتأسيس.. اصلاح سيئون ينظم برنامجا تدريبيا للقيادات الطلابية    بمناسبة ذكرى التأسيس.. إصلاح غيل باوزير يقيم أمسية احتفالية فنية وخطابية    القاهرة.. نقابة الصحفيين اليمنيين تناقش تحريك دعوى قضائية ضد مليشيا الحوثي    متظاهرون في مارب وتعز ينددون باستمرار جرائم الإرهاب الصهيوني بحق سكان قطاع غزة    اديبة يمنية تفوز بجائزة دولية    وفاة الإمام أحمد في تعز ودفنه في صنعاء    اتهام رسمي أمريكي: وسائل التواصل الاجتماعي تتجسس على المستخدمين    موناكو يقلب النتيجة على برشلونة ويتغلب عليه بدوري أبطال أوروبا    شيوع ظاهرة (الفوضى الدينية) من قبل بعض أئمة ومشائخ (الترند)    معارك وقصف مدفعي شمالي محافظة لحج    البنك المركزي اليمني بعدن يجمد أصول خمس شركات صرافة غير مرخصة    فرحة الزفاف تنقلب إلى مأساة في الحديدة    الهجري: مأرب وقبائلها أفشلت المشروع الكهنوتي وأعادت الاعتبار للجمهورية    في مشهد صادم: شاب من تعز ينهي حياته والسبب ما زال لغزاً!    بداية جديدة: الكهرباء تستعيد هيبتها وتعيد النظام إلى الشبكة في لحج    الانترنت الفضائي يدخل ضمن ادوات الحرب الاقتصادية في اليمن    جيشها قتل 653 ألف ثائر مسلم: سلفية الهند تحرّم الخروج على وليّة الأمر ملكة بريطانيا    حرب التجويع.. مؤامرات الأعداء تتعرض لها المحافظات الجنوبية    منظمة الصحة العالمي تكرم الوكيل الدكتور الشبحي    الصين: ندعم بحزم قضية الشعب الفلسطيني العادلة لاستعادة حقوقه المشروعة    النفط يرتفع في التعاملات المبكرة بعد خفض أسعار الفائدة    بعد توقفها لسنوات.. مطار عدن الدولي يستقبل أولى رحلات شركة افريكان أكسبرس    البنك المركزي يجمّد أصول خمس شركات صرافة غير مرخصة    نمبر وان ملك الأزمات... سيدة تقاضي محمد رمضان بعد تعديه على نجلها بالضرب    رئيس كاك بنك يبحث فرص التعاون المشترك مع البنك الزراعي الروسي في بطرسبورغ    خطط لتأهيل عشرات الطرق في عدن بتمويل محلي وخارجي    صنعاء تعاني تصحر ثقافي وفني .. عرض اخر قاعة للعروض الفنية والثقافية للبيع    3 اعمال لو عملتها تساوي «أفضل عبادة لك عند الله».. اغتنمها في الليل    أأضحك عليه أم أبكيه؟!    شجرة العشر: بها سم قاتل وتعالج 50 مرضا ويصنع منها الباروت (صور)    بالصور .. نعجة تضع مولود على هيئة طفل بشري في لحج    سيدي رسول الله محمد .. وُجوبُ تعزيرِه وتوقيرِه وتعظيمِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم    14 قطعة في المباراة.. لماذا يحرص أنشيلوتي على مضغ العلكة؟    مؤسسة ايوب طارش توضح حول ما نشر عن ملكية النشيد الوطني    السلطة عقدة بعض سياسيِ الجنوب.    يسار الاشتراكي وأمن الدولة يمنعون بناء أكثر من 10 أدوار ل"فندق عدن"    في هاي ماركيت بخورمكسر: رأيت 180 نوعاً من البهارات كلها مغلفة بطريقة انيقة.. هل لا زالت؟؟    لم يحفظ أبناء اليمن العهد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب الاقتصادية على اليمنيين
نشر في المصدر يوم 17 - 10 - 2016

منذ بدء الحرب في اليمن، ظل الاقتصاد اليمني بعيداً عن الاستهداف المباشر من أطراف الصراع اليمنية وحلفائهم الإقليميين، ولم يكن خياراً لهذه الأطراف، بقدر حرص المجتمع الدولي تجنيب هذا الاقتصاد مزيداً من الدمار، بعد تضرّره من الحصار الجوي والبري والبحري للتحالف العربي، وضرب المؤسسات الاقتصادية الوطنية، ونهب مليشيات الحوثي، بمعية قوات علي عبدالله صالح، موارد الدولة اليمنية، بما فيها استنزاف خزينة البنك المركزي والاحتياطي النقدي، فالأعباء التي تكبدها اليمنيون طوال الحرب كانت أحد تداعياتها الطبيعية، إلا أن توظيف الاقتصاد سلاحاً في هذه الحرب، بعد أكثر من ثمانية عشر شهراً من الحرب وانسداد الأفق السياسي بين الفرقاء اليمنيين، يؤكد إفلاس هذه الأطراف ولا مسؤوليتها في مفاقمة بؤس اليمنيين.
بإقرار الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء، الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي وصالح، إلى مدينة عدن، تدخل الحرب في اليمن مساراً جديداً، يجري فيه تفعيل السلاح الاقتصادي في هذا الصراع، إلا أنه سلاح ذو حدين، ومن الاستسهال اعتباره مجرد قرار سياسي، يهدف إلى استعادة السلطة الشرعية سيطرتها على البنك المركزي، لرمزيته السياسية والاقتصادية والسيادية، وتسهيله مهام الحكومة، في حال عودتها النهائية إلى مدينة عدن، إضافة إلى إضراره بسلطة الحوثيين وصالح، وسحب الموارد الاقتصادية، بما يترتب عليه من دخولهم في مواجهةٍ مباشرة مع المجتمع، وتدشين "ثورة الجياع"، كما صرّح الرئيس هادي، وقد تنقلب هذه المعادلة على شرعية هادي نفسه، فالمواطن اليمني المطحون الذي يُحارب في مصدر دخله لن يرى في هذه الشرعية سوى الوجه الآخر لمليشيات الحوثي وصالح التي طحنت اليمنيين.

وبالتالي، قد يؤدي هذا إلى تآكل شعبية الشرعية، واستثمار جماعة الحوثي معاناتهم بتحميل الشرعية المسؤولية وحدها؛ كما أن تبعاتٍ قرارٍ كهذا، تتجاوز آثاره السياسية والاقتصادية الأوضاع الآنية، وتتجاوزه إلى مستقبل اليمن ووحدته.
لا يمكن قراءة قرار نقل البنك المركزي إلى عدن بمعزل عن الاتجاهات السياسية الإقليمية المستفيدة منه في حال تطبيقه، فقرارٌ بهذه الخطورة والتحدّيات التي يفرضها على السلطة الشرعية، وعلى مستقبلها، لا يمكن أن يكون قرارها الخاص، وإنما قرار التحالف العربي، وتحديداً السعودية وبضمانات إماراتية، كونها الجهة المستفيدة من تنفيذه؛ فمن الناحية العسكرية، أدركت السعودية فشل المسار العسكري وحده في تغيير موازين القوى على الأرض، لصالح الشرعية اليمنية، ولا بد من توظيف السلاح الاقتصادي ضد مليشيات الحوثي، وتجريدهما من الأموال، وهو ما سيؤدي إلى فشلها في سداد رواتب أفراد الجيش، وحوافز للجان الشعبية في الجبهات، وقد يسهم في إيجاد تمرّد ضدها. وبالتالي، يسهل ضربها.
ومن الناحية الاقتصادية، سيخفف ضخ الأموال إلى البنك المركزي في عدن على السعودية الأعباء المالية المترتبة على

تمويلها المقاومة والجيش الوطني من جهة، وتمويل نفقات الحكومة اليمنية، ومن الناحية السياسية إجبار الحكومة اليمنية إلى العودة إلى عدن، لمزاولة مهامها، إضافة إلى أن ذلك يخدم الإمارات في سعيها إلى تهيئة مدينة عدن لمرحلة ما بعد الحرب.
تتعدّد العقبات التي يمكن أن تواجه السلطة الشرعية في تطبيع الحياة الاقتصادية في المرحلة اللاحقة، فمن الظروف السياسية والأمنية التي تعيشها عدن، والتي قد تشكل خطورةً كبيرةً في نجاح هذه الخطوة، إلى تداخل المشاريع السياسية في عدن، والجنوب عموماً، ما بين الأقلمة والفدرلة ومشاريع الاستقلال، وقد يمهد ذلك في حال فشل الحكومة في تثبيت سلطتها على الأرض، لبعض فصائل الحراك الجنوبي المنادية بالاستقلال، السيطرة على مؤسسات الدولة اليمنية، كما أن تنامي العصبوية ضد الشماليين في عدن يعيق أن يكون هذا الإجراء لخدمة عموم اليمنيين، إلا أن أخطر هذه العقبات هي الإجراءات المضادة التي يمكن أن تتخذها سلطة الأمر الواقع في صنعاء، والتي قد تفاقم الأزمة في اليمن، وتنتج واقعاً سياسياً واقتصادياً جديداً.
وفقاً لدعم المؤسسات الاقتصادية والمالية قرار نقل البنك إلى عدن، أو تجاهلها له، ستتحرّك سلطة الأمر الواقع في صنعاء، إما بالامتثال للمؤسسات المالية الدولية، وهو ما يعني حجب مورد مالي ضخم بالنسبة لها، وستدير سلطتها عبر الاعتماد على الضرائب ومدخولات ميناء الحديدة والمخاء.
وفي حال عدم اتفاق المؤسسات الدولية على خيار النقل، وهو ما سيؤدي إلى إنشاء بنك مركزي موازٍ في عدن، وبالتالي، استنساخ النموذج الليبي في صراع السلطتين على إيرادات النفط، وهذا سيكرّس في حال حدوثه تحقيق انفصال اقتصادي بين شمال اليمن وجنوبه، يوازيه انفصال سياسي على الأرض.
لن يكون قياس الضرر على جماعة الحوثي وصالح من هذا الإجراء بحجم الضرر الذي يترتب على المواطنين، في المناطق التي يسيطران عليها، فعدم استلام رواتب موظفي القطاعات الحكومية والجيش رواتبهم، حتى الآن، سيفاقم من تدهور الأوضاع الإنسانية في تلك المناطق، وارتفاع أسعار المواد الغذائية وندرة وجودها، إضافة إلى أزمة البنوك الصغيرة التي ستجد نفسها مجبرةً على إغلاق مكاتبها في صنعاء، بما يؤدي إلى تعريض مصلحة المواطنين للخطر، أو الخضوع قسراً للإجراءات التي ستتخذها سلطة الانقلاب.
لا شيء سوى السخرية المريرة، يستخدمها اليمنيون في مواجهة واقعٍ ساخر يعيشون فيه، وتجريد أطراف الحرب من القدرة على الإدراك المنطقي والحساسية الإنسانية، بين السخرية من سلطةٍ ما زالت تدير مهامها من فنادق الرياض، وتصدر قراراتٍ من دون دراسة، وبين التندر من دعوة قائد جماعة الحوثي، عبد الملك الحوثي، اليمنيين إلى حملة تبرع للبنك المركزي، انطلقت الهاشتاغات الساخرة من عصابةٍ سرقت أموالهم وخياراتهم في الحياة وأشبعتهم موتاً.
لا يدرك المقامر أخطاءه ولا تبعات أفعاله، وأن الخسارة ستطاوله، مهما ابتسمت المصادفات له.

وفي اليمن، نُكب اليمنيون بالمقامرين، بين سلطةٍ شرعيةٍ قرارها في يد "العاصفة"، وجماعة انقلابيةٍ لم تكتف، حتى الآن، بفظاعات حروبهم على اليمنيين، والإضرار بمصالحهم اليومية، مقامرون من الطرفين يصرّون بلا خجل على إدارة صراعاتهم بنزقٍ مقامرٍ، لا يرى سوى انعكاس وجهه الصفيق في المرآة.


مقال للكاتبة في صحيفة العربي الجديد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.