بعد أن خرجت الأمور عن سيطرة الحوثيين في اليمن وباءت مخططات إيران بالفشل مع عودة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي لممارسة مهامه الرئاسية من عدن والتفاف الشعب اليمني حوله.. أُسقط في يد طهران ليظهر التخبط من جديد، ولا أدل على ذلك من تهديد القائد العام للحرس الثوري الإيراني أول من أمس ب"سيطرة القوة البحرية الإيرانية على الخليج العربي ومضيق هرمز وبحر عمان". ولأن الصراخ على قدر الألم، فقد كانت الضربة التي تلقتها طهران في اليمن موجعة، خاصة بعد زيارة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي للرئيس اليمني في عدن، وتأكيد دول الخليج على شرعية الرئيس والمبادرة الخليجية وإعادة العلاقات الديبلوماسية مع الحكم الشرعي، فجاء صراخ القيادي الإيراني ليبقى موضعه، أما ختمه عبارته بالقول "دون أدنى شك" فما هو إلا تعبئة فراغ لن يقدم أو يؤخر في حقيقة سوء النيات الإيرانية من جهة، وفي أن إيران كلما شعرت بالهزيمة في مكان ما تطلق تصريحات تعزي بها نفسها لعلها تتماسك، غير أن الحسابات في اليمن أصعب من أن يستوعبها العقل التوسعي الإيراني. ما يزيد حجم الألم الإيراني هو إشادة مجلس الأمن الدولي في جلسته أول من أمس بعودة الرئيس الشرعي إلى التحرك بحرية، ودعوة "أطراف النزاع في اليمن إلى تسريع المفاوضات من أجل تسوية سياسة"، فالتسوية السياسية لا تناسب طموحات ساسة طهران في اليمن، لأن الغاية هي سيطرة أتباعهم الحوثيين على القرارات كلها، وليس مشاركتهم الآخرين في اتخاذها، ولذلك فإن مطالبة المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن للميليشيات الحوثية ب"إطلاق رئيس الحكومة والوزراء، الذين لا يزالون معتقلين، من دون شروط".. تؤكد أن المجتمع الدولي متمسك بدوره بالشرعية التي لا تعترف بها إيران بدليل أن قادتها احتفوا بما سموه "الانتصار" عندما احتل الحوثيون صنعاء. على طهران أن تعلم أنه إن كان يربطها بالحوثيين مصالح لتحقيق طموحاتها التوسعية، فإن ما يربط دول مجلس التعاون باليمن كله روابط أقوى من أن تهتز، فالتاريخ والهوية والانتماء والامتداد الجغرافي والعلاقات الرسمية وغير الرسمية.. جميعها عوامل لن تستطيع طهران إلغاءها بأسلحة ميليشياتها الحوثية، وسوف يبقى اليمن عربيا، ويظل جزءا أساسيا من شبه الجزيرة العربية، شاءت إيران أم أبت.