تابع العالم قبل أيام صورا ومشاهد للثقب الأسود كما لم ترى من قبل بسبب اقترابه من مدارنا. ثقب أسود كان اقترابه خطرا علينا وليس حدثا يستحق الاحتفال فمهمة الثقب الأسود التهام كل ما يقارب منه حتى الضوء لا يستطيع النفاذ او الهرب. ولكن المحير في الأمر اهتمام الناس وخصوصا اليمنيين بالثقب الأسود في المجرة وغض الطرف عن ثقوب سوداء كثيرة باتت تعيش بيننا وتلتهم كل ما تريد دون ان يوقفها أحد. ان أردنا إستعراض تلك الثقوب السوداء التي باتت تنغص عيش اليمنيين وتزيد من معاناتهم فلن يسعنا المجال لذكرها ولكن نستعرض بعضها على سبيل الذكر لا الحصر. نبدأ أولا بالثقب الأسود المسيطر على مجال الإغاثة المقدمة لليمنيين فما يقدم من الدول الشقيقة والصديقة يفوق الوصف ولكن ما يصل للمواطن لا يكاد يرى بالعين المجردة. ثقب اسود في المنظمات الداعمة التي تقدم مساعداتها لليمنيين يلتهم تلك المساعدات فلا يكاد يرى منها شيء الا الفتات الذي يصل لعدد قليل من المواطنين. مليارات الدولارات قدمت كمساعدات التهمها الثقب الأسود وترك المواطن الغلبان يواجه مرارة العيش وضنك الحياة في ظل وضع اقتصادي مزر. وما يؤسف حقا ان منظمات دولية باتت شريكة في ذلك الثقب الذي يلتهم ما تبقى من طرق لمساعدة هذا الشعب الغلبان. ثقب أسود آخر لا يقل خطورة عن ثقب الإغاثة ذلك المتواجد في المؤسستين العسكرية والأمنية والذي ينخر أهم كيانات الدولة. ثقب أسود يلتهم عبره قيادات الجيش والأمن مرتبات الجنود حتى باتت تلك القيادات تنافس كبار التجار في امتلاك رؤوس المال. ثقب أسود تختفي فيه مليارات الريالات دون حسيب ولا رقيب وكأننا في بلاد تقودها مافيا دولية تتجار في مرتبات الجنود المساكين. ثقب أسود ثالث يكبر أمامنا بشكل يومي في مجال الصيرفة والعملات يكمن خطره الأكبر في انهيار إقتصاد البلد. عشرات محلات الصرافة تفتح شهريا دون ضوابط او رقابة تقوم بغسيل الأموال ونقلها إلى خارج البلاد في ظل هشاشية الدولة وهامشيتها. خامس تلك الثقوب السوداء تلك التي يتلاعب بها التجار خصوصا في مجال المواد الغذائية فنرى ارتفاع الأسعار يوميا دون اي تفسير او مراعاة للانسانية وحالة البشر المتدهورة اقتصاديا. جشع التجار ثقب أسود يفاقم من معاناة المواطنين فيما تستمر ما تسمى بالدولة في غيابها وكأن الأمر لا يعنيها. كل ما ذكر سابقا لا يعد سوى القليل من الثقوب السوداء التي تلتهم كل شيء في اليمن ولم يتبقى لدى المواطن البسيط إلا تلقي الجرعات دون حراك في ظل وضع اللادولة، فهل يعي حكام البلد حجم الكارثة قبل حلول الطامة الكبرى؟!!.