هذا الغزو لأوكرانيا على العكس من التوقعات ، فهو يعيق تكوين تحالف جديد بعد انهيار المعادلة الدولية . سيوحد اوروبا مجددا ويعزز علاقة القارة بالولايات المتحدة . يمكنكم قراءة الأمر من خلال الموجة الصينية ،الصين تبث رسائل إيجابية ملتزمة وحتى أنها بدأت المشاركة في الحظر ضد روسيا ولو رمزيا من خلال التوقف عن إرسال محركات الطائرات إلى موسكو . يمكنك التمييز بين أدائين ، بوتين حالة امبراطورية فردية ، ولا يتطلب الأمر غير الإمعان في مشهد تلعثم رئيس جهاز استخبارات روسيا أمام بوتين لتلتقط المنهج الذي تدار به روسيا وكيف أن خيار الغزو هو إفصاح عن طموح القيصر وليس عن خيارات الدولة الروسية ، تشعر انه اتخذ القرار وانتهى الأمر ،ولم يكن الغزو محصلة سلسلة اجتماعات ومناقشات وتصويت من اي نوع . الصين بالمقابل امبراطورية صاعدة ، حذرة وتحسب لكل خطوة ، ماكينة هائلة تعمل بانسجام بين مجموعة من التروس ،حتى انك بحضور الصين لا تكاد تلحظ رئيس الصين ، الصين مهمة للغاية وامبراطورية لكنها بدون امبراطور قاطع وشهير ونجم . النجومية للدولة التي وظفت كل الموارد في قصة طموح يبدو ان الكوكب لن يتسع له ، عندما تتمكن من تحويل مليار ونصف من عبئ إلى مورد وأداة انتاج ، أي مساحة لطموحك ؟ حكاية تراجع الدور الأمريكي وصعود الشرق هي حتمية وكانت قد بدأت منذ عقدين تقريبا ، وتراجع أمريكا تحديدا لا يتطلب مواجهة مع حلف شمال الأطلسي لتأكيد الحتمية هذه ، كما ان تكوين تحالف شرقي جديد لا يتطلب غزو بلد مستقل والرهان على كونها معركة المحور الشرقي برمته ، سيدع الشرق والغرب بوتين عالق في وحل أوكرانيا ، مع فارق بسيط هو أن الغرب " اوروبا والولايات المتحدة " سيدعمون الأوكرانيين بكل طريقة لا لينتصروا على الروس ولكن ليبقونهم بلا نصر كامل ولا قدرة على الإنسحاب ، دعم واع ويمتلك الوقت والهدف والموارد ، بينما يقتصر دعم بوتين على تصريحات وتحديات مجنون شرقي فاقد الأهلية تماما فيم التزمت الصين الصمت ومراقبة مآل الأحداث بثقل واستبصار من يستبعد بكل طريقة أن يهدر مجهود سبعين عاما من النمو في مجازفة كهذه . تحتاج الصين شركاء اقتصاديين وتحالفات عاقلة ، ولا تحتاج حربا ، وإن حدث فالصين تكفي الصين ماكينة انتاج هائلة ولا ينقصها السلاح أو المقاتلين . تريد تايوان ، هذا جلي ، لكنها من المتعذر والمستحيل أن تقدم على أي خطوة قد يترتب عليها حظر البضائع الصينية ، يحدث ذلك فقط عندما يستولي على السلطة بوتين صيني جاهز لهدر مجهود قرن .
