صحيح أنه لا بديل للدولة ومؤسساتها، ولا طمأنينة لغير المخوَّلين من جهتها، حتى وإن كانوا على شاكلة بعض الجنود السلبيين الذين نعرفهم، ونتمنى دائما أن يتغيروا ويصبحوا على مستوى المسئولية. ولابد مؤسسات الدولة، لأن أي جماعة مسلحة تبقى في نظر غير الموالين لها «مليشيات» و«عصابات»، وإن سماها أولياؤها «لجانا شعبية» أو «قوات حفظ السلام»، أو «أمنيات» أو حتى «طيور الجنة». ولديهم في ذلك حق، وإلا لذهب كل زعيم بما يرى، ولعلى بعض الناس على بعض، وفسدت الحياة. ومع هذا فإننا لا نؤيد المبالغين في التخوف من الشباب المنتشرين في الشوارع والحارات، وتصويرهم أنهم ما جاؤوا إلا للنَّهب، بل أرى أن وجودهم لا يزال مهماً حتى تعود الجهات الأمنية للقيام بدورها. أما استمرارهم إلى جانب الجهات الأمنية، فهو فساد لهم ومنهم، ولا ينبغي أن يوافق زعمائهم عليه، أو أن تقبل به الدولة. المهم في رأيي أن يكونوا الآن محضر خير، ولا يتدخلوا فيما لا يعنيهم، ولا يضيقوا على الناس، ولا يخيفوا أحداً، ولا يبهرروا في مخالفيهم. سيعلق البعض ويقول: قد فعلوا وفعلوا وفعلوا .. ونحن لا ننكر أو نبرر الأخطاء بل نمقتها ونذمها، وقد أدنا ما عرفنا في وقته، ودعونا زعماء القوم إلى تقويم سلوك أتباعهم، وتصوب مسارهم، والاعتذار والتعويض لمن لحق به الأذى، وإذا كان بينهم مندسون كما يقولون، أو من يسعى منهم لتصفية حساباته باسم الحركة، فلا عذر في إيقافهم وكشفهم، وإلا فإن البالونة إذا زاد نفخها انفجرت في وجه نافخها، ولا لوم عليها. غير أنه لا ينبغي تصديق كثير من الإشاعات، ولا بد أن نتحرى صحة النقل وما يحكى من تفاصيل ما ينشر، حتى نسأل الجهة المتضررة على الأقل، أو ننتظر حتى يصدر عنها بيان، ثم نقف إلى جانب المظلوم ضد الظالم مهما كلف الأمر. ونرجو ألا يدوم هذا الوضع كثيراً.. فلابد للناس من سُلطة دولة مهما كانت.. : فيسبوك