على سبيل التماس الجانب الإيجابي في التطوُّرات الأخيرة التي ألمت ببلادنا، لا ينبغي إغفال أهمية ما يمكن أن يترتَّب على تَهَاوي أوهام خمسة عقود مضَتْ هي عمر اليمن الجمهوري، فانكشاف إلى أيِّ مدى خَلَت العناوين الكبرى (مثل الدولة والجمهورية والجيش..) مِن المعنى الحقيقي والوجود الفعلي يُمْكِن أن يُساهم في التخفُّف مِن النزعة الشعاراتية لدى الفاعلين المسكونين بالهاجس الوطني. مِن الطبيعي التعاطي بحفاوة مع مرحلة تاريخية أو سياق زمني، باعتبارهما محطَّة تخَلُّق العناوين الوطنية الفارِقة كالجمهورية والدولة الحديثة، لكن هذا المسلك الاحتفائي يغدو سياجاً دوغمائياً إذا حال دون إدراك هشاشة الصلة بين تلك العناوين كمعاني مجرَّدة وما جرى في الواقع على أنه هي أو انعكاس لها. على هذا النحو، يُفْتَرَض بانكشاف أوهام اليمن الجمهوري أنْ تدفع نحو توتُّر جدليٍّ واسِعٍ وخلَّاق يُساهم في إرساء دعائم وأسس مرحلة جديدة يُعاد فيها بناء المعنى - معنى الجمهورية والدولة والوحدة والجيش الوطني.. - بالطريقة التي تضْمَن وجود صلة حقيقية بين هذه الأسماء ومسمياتها. إنها مهمة شاقَّة وعسيرة بالقياس إلى حالة الإرباك المسيطر على الشعور الجَمْعي في المشهد الراهن، لكنها مُمْكِنة بالقدر ذاته. الأمر أشْبَه بالصَّدمة في أعقاب الوقوف وجهاً لوجه أمام حقيقة مرَّة كنا نداري انكشافها، وعلينا أنْ نأخذ في الاعتبار أنّ صدمةً مِن نوعٍ ما قد تفتح مساراً جديداً للحياة..