تحمل الرجل النحيف خوسيه بيكرمان مدرب كولومبيا سنوات صعبة في بداية مشواره اوصلته في النهاية الى حياة مكرسة لكرة القدم. وعندما انتهت مسيرته كلاعب بسبب اصابة في الركبة اواخر السبعينات سعى بيكرمان لإعالة نفسه بالعمل في مهن غريبة على مجاله منها قيادة سيارة أجرة. لكن بيكرمان يتولى الآن مهمة انتشال الكرة الكولومبية من فترة تراجع طويلة في مشاركات كأس العالم بعد نجاحه في التأهل لأول نهائيات منذ فرنسا 1998 وضمانه بلوغ دور الستة عشر بفوزين في المجموعة الثالثة. وحتى في أوقات النجاح يتحدث الرجل عن ألم البلاد خلال فترة الجفاف الطويلة عن المشاركة في كأس العالم. وقال بيكرمان عقب الفوز امس الخميس على ساحل العاج 2-1 "بعد سنوات عدة من الإحباط نجحنا في طمأنة الجماهير المغرمة بكرة القدم. الابتعاد عن هذا الحدث كان مؤلما." ومعتمدة على واحدة من اكبر القواعد الجماهيرية في البطولة دشنت كولومبيا حملتها في نهائيات البرازيل بفوز كبير 3-صفر على اليونان في أكبر انتصار لها بكل مشاركاتها بكأس العالم وواحد من ابرز العروض المقنعة للفريق. وتمثل البداية الواعدة في البرازيل خلاصا من نوع خاص للمدرب البالغ من العمر 64 عاما الذي ينحدر من اصول يهودية اوكرانية. ونشأ بيكرمان في ظروف متواضعة بشمال شرق الارجنتين حيث طور مهاراته كلاعب وسط في ارجنتينوس جونيورز النادي الواقع في العاصمة بوينس ايرس والذي اكتشف من بعده مواهب الاسطورة دييجو مارادونا. ورغم حصوله على حظه من النجاح الا ان مسيرته شابتها الكثير من الاوقات الباعثة على الاحباط ومنها تجربة تدريب المنتخب الارجنتيني التي استمرت عامين وقاده خلالها في نهائيات 2006 بالمانيا ليخرج امام اصحاب الارض في دور الثمانية. وصنع بيكرمان شهرته في عالم التدريب حين قاد منتخبات الارجنتين تحت 20 عاما للفوز بالقاب العالم أعوام 1995 و1997 و2001. وبفضل ميله لتنشئة اللاعبين الصغار لعب بيكرمان دورا حيويا في ضمان ارتداء اللاعب الشاب ليونيل ميسي لقميص المنتخب الارجنتيني وليس الاسباني ومنحه اول مشاركة دولية عام 2006. وكان قراره عدم الدفع بالبديل ليونيل ميسي في مباراة دور الثمانية بنهائيات 2006 نقطة سوداء في سجله الناصع البياض. واستقال الرجل فور خروج الارجنتين من البطولة. وبعد فترة هدوء نسبي في تدريب اندية بالدوري المكسيكي قبل بيكرمان في 2012 عرضا لتدريب المنتخب الاول في كولومبيا البلد التي يعرفها جيدا حيث لعب طوال نصف مسيرته في خط وسط فريق اندبندينتي ميدلين. واحدث بيكرمان التحول بسرعة بعدما نجح في بث الثقة في لاعبيه الموهبين ومن اهمهم المهاجم فالكاو هداف التصفيات الغائب عن البطولة بسبب الاصابة. وكان التأهل باحتلال المركز الثاني خلف الارجنتين كافيا لقيام رئيس البلاد خوان مانويل دوس سانتوس بعرض الجنسية عليه وقتما شاء. ورغم ان بيكرمان لم يستطع اخفاء سعادته العارمة بحصوله على ست نقاط عقب مباراة الخميس الا انه تحدث بنبرته المتميزة الهادئة عن أهمية المباراة المقبلة. وتقابل كولومبيا المنتخب الياباني المتعثر يوم الثلاثاء المقبل. وقال بيكرمان "في كأس العالم كل مباراة بمثابة معركة. نتمنى ان نحافظ على التقدم. نملك العديد من اللاعبين الشبان وسيكون هذا مفيدا لهم في اكتساب الخبرات."