كانت تقف حائرة تنظر الى البضائع، تقلبها لتقرا أسعارها الخيالية، ثم تضعها لتبحث عن اخرى "دون فائدة.. فالأسعار ازدادت ارتفاعا قبيل الشهر الفضيل وأقل وصف يقال عنها "جحيم". تفاقم الوضع في السنوات الثلاث الأخيرة وازداد الوضع بسبب الانقلاب، واصبحت الحياة أشبه بالموت البطيء، وزادها صعوبة قطع رواتب الموظفين من قبل مليشيا الخراب الذي يعتبر بالنسبة للكثير شريان الحياة، واختفت معها تدريجيا البهجة باستقبال رمضان، لتكون المعاناة هي الصورة الأكثر تجليا لكثير من الاسر اليمنية التي يعيش 90%منها تحت خط الفقر.
سألت "الصحوة نت " المرأة الحائرة التي كانت في سوبر ماركت الجندول لتسألها كيف تستقبل رمضان هي وعائلتها رمضان. تقول "ام بتول" موظفة قطاع خاص: "انا أعمل وراتبي ضعيف ولا يغطي كل الاحتياجات والمستلزمات الضرورية لأسرتي، وهذا يعود إلى الارتفاع الكبير والحاصل في المواد الغذائية في الأيام العادية فما بالك في هذه الأيام قرب قدوم الشهر الكريم والتي يزداد فيها جشع التجار استغلالا للناس وظروفهم الصعبة".
وناشدت التجار بتخفيض الأسعار رحمة بالناس. وأضافت: "منذ ساعة وانا أحاول اختار بعض السلع الضرورية التي تناسب ما معي من المبلغ لكن لا فائدة".
وتساءلت: ألم يكفهم ما تفعله الحرب والمليشيات التي قطعت ارزاق الناس ليقتلوا ما تبقى من فرحة باستقبال الشهر الفضيل.
من جانبها عبرت أم وليد "ربة بيت" عن رأيها بالقول: هذا الوضع هو أردأ وضع نعيشه في اليمن، في ظل الحرب ونهب الحوثيين لرواتب الناس ومقدرات البلاد، وتابعت: "وبدلا من فرحتنا بقدوم رمضان خنقونا بارتفاع الأسعار، واختلاق الازمات في الغاز واستمرار قطع الرواتب والحرب، فكيف نستقبل رمضان وكل هذه المعاناة حولنا".
فرحة "تموت" واستغلال يتسع تقول ام محسن "ربة بيت" شهر رمضان له حسابات خاصة داخل كل أسرة، وكذا له ميزانية خاصة يجب أن يتم العمل عليها والتحضير لها قبل أن يأتي الشهر، ولكن كل شيء يرتفع سعره من «السكر والحليب والعتر والشوربة ... إلخ» باختصار كل ما ترغب في استعماله في هذا الشهر الكريم يرتفع سعره، "والكل يتنافس في كيفية استغلال وسرقة المواطن في زمن المليشيات.
وتواصل حديثها: لهذا نقول للتجار ارحموا المواطن البسيط في هذا الشهر الفضيل كي يبارك الله لكم في رزقكم. ونقول للمليشيات " الله لأسامحكم" وأسال الله ان يكون رمضان هذا نهايتكم.
أم محمد "عاملة" تقول "للصحوة نت": نستقبل رمضان منذ اشعال الحوثيين للحرب بالبلاد بحزن والم، لم تعد تلك البهجة موجودة، كل همنا اصبح محصورا كيف نوفر ابسط المواد الأساسية لتمضية الشهر الكريم.
وتستهجن قائلة "هذا الارتفاع غير معقول، حيث أصبحت أسعار المواد الغذائية في ارتفاع متصاعد يومياً، والتجار يقومون باستغلال الوضع الراهن أكثر، ويضطر المواطن إلى أن يخضع لشراء هذه السلع غصباً عنه، ونحن كي نعيش نضطر إلى الشراء بأي سعر يضعونه أمامنا، لأنه لا يوجد خيار آخر.
وتتابع "حتى العبادات في رمضان "والتراويح" والأجواء الرمضانية مهددة بالفناء نهائيا بسبب مليشيا الحوثي ونخاف ان يصبح رمضان فرحة تموت".
على أبواب التسول شفيقة أحد النازحات اللائي يعيشن على التسول، تعمل وأسرتها على ما يحصلون عليه من الغذاء الباقي في القمامة منذ نزوحهم من ديارهم التي دمرها الحوثيين بتعز . تقول للصحوة نت: "نحن لا نملك شيئا، لا أموال ولا عمل، تعودنا منذ نزوحنا من بيوتنا على العمل في جمع النفايات وما جمعناه أكلناه، ومع تدهور الوضع الاقتصادي والغلاء واغلاق المنظمات الخيرية والحرب نستمر في طرق الأبواب للتسول". وتتابع: "رمضان فرصة بالنسبة للفقراء والمعدمين امثالنا للبحث عن اهل الخير وما تبقى من جمعيات او جهات للخير، ثم تبتسم بحزن: هكذا نستقبل رمضان، نجري هنا وهناك لنسجل اسماءنا في كل باب ممكن نحصل منه على لقمة، ولا نعرف هذا العام كيف سيمر مع هذا الغلاء الجنوني واستمرار الكوارث التي تسرق منا فرحة استقبالنا للشهر الكريم.