يستقبل الطفل "حذيفة" عيد الأضحى ، كسائر أطفال اليمن الذين شردتهم الحرب، وأجبرتهم ظروفها على النزوح، هربًا من جحيمها.. إلا أنه يبدو من أكثر الأطفال بؤسًا في هذه البلاد؛ حيث فقد أكبر إخوانه في أحد الجبال المحيطة بالعاصمة صنعاء، والتي تشهد معارك مستمرة منذ نحو ثلاث سنوات، بينما غادر والده البلاد إجباريًا، عقب خروجه من السجن، حيث كان ذلك شرطًا أساسيًا للخروج.
في أواخر مايو الماضي، أجبر "حذيفة" ومعه أمه وشقيقته التي تصغره بعامين، على مغادرة منزلهم في مدينة الحديدة، غربي اليمن.
مرارة النزوح
تقول "أم حذيفة" للصحوة نت "أنها فرت من مسكنها في مدينة الحديدة، برفقة طفليها، اللذين لم يتجاوز عمر أكبرهما ستة أعوام، حفاظًا على أرواحهم، ليلجوا إلى إحدى مدارس العاصمة صنعاء، والتي تحولت إلى مأوى للنازحين، دون تأهيل أدنى مقومات الحياة فيها.
وتضيف: "كانت وجهتنا صنعاء، كآلاف الأسر التي غادرت الحديدة، هربًا من جحيم الحرب، لكننا لم هربنا من جحيم إلى آخر.. فمرارة النزوح لا تقل بؤسًا من مرارة الحرب".
حذيفة والعيد
جاء العيد هذا العام، يحمل معه مرارة الألم، إلى جانب مرارة النزوح بلا عائل، فبالنسبة لحذيفة وأمه وأخته، لم يعد للعيد طعم لديهم؛ بل كان سببًا من أسباب حزنهم، لأنه جاء في موسم النزوح، في ظل غياب الأب، وفقدان الأخ، وعجز الأم عن توفير أبسط متطلبات العيد.
ينظر حذيفة، إلى أطفال الحي الذي يسكن بجواره، ولا يتذكر كثيرًا أنه عاش المشهد ذاته، ومع أن الوضع لديهم لا يكاد يختلف كثيرًا عن وضعه، إلا أن أولئك الأطفال مازالوا برفقة آبائهم، ويلبسون نوعًا أرقى من الملابس.
ماذا عن بقية أفراد الأسرة؟
أبو حذيفة يعمل مدرسًا في إحدى مدارس مديريات الحديدة، لكنه تعرض للسجن دون تهمة، قبل نحو ثلاث سنوات، كما فقد مرتبه، مثل مئات الآلاف من موظفي القطاع الحكومي في عدد من المحافظاتاليمنية. يعيش الطفل حذيفة وأمه، اليوم، حالة من البؤس، حيث لا مأوى تتوفر فيه أبسط مقومات الحياة، ولا مصدر دخل، ولا كفالات أو إغاثات تساهم في تحسين وضعهم. تحكي أم حذيفة " للصحوة نت "مأساة" العيد التي حلت بهم، في ظل النزوح والتشرد، قائلة: "تحول العيد إلى مأساة، لأننا لم نكن بحال مثل هذا إلى وقت قريب، فمهما بلغت بنا الحاجة إلا أننا كنا في بيوتنا مستوري الحال، وكانت لدينا مزرعة، ومجموعة من الغنم، وكنا نستعين بها على قضاء حوائجنا، لكننا اضطررنا لبيعها مقابل أجرة السيارة التي نقلتنا من الحديدة إلى صنعاء، لنصبح اليوم في وضع لا يطاق".
وتعيش هذه الأسرة، ومعها الكثير ممن نزحوا، وشردوا ظروفاً قاسية، اذ انه لم يلتفت لهم أحد، بينما لا تبدو ملامح العودة قريبة، بالنسبة لهؤلاء، لكنهم رغم ذلك، مازالوا يأملون أن تعود الحياة إلى طبيعتها، ويعودون إلى منازلهم، مهما كانت المعاناة، إلا أنها - بلا شك - ستكون أهون عليهم من مرارة النزوح.