الحوثيون يعتقلون مسؤول سابق ويداهمون منزله بصنعاء    ثلاثية سويسرية تُطيح بالمجر في يورو 2024.    عاجل: الناطق العسكري للحوثيين يعلن غرق سفينة في خليج عدن وأخرى ستغرق خلال الساعات القادمة    الإصلاح يهنئ بذكرى عيد الأضحى ويحث أعضاءه على مواصلة دورهم الوطني    - ناقد يمني ينتقد ما يكتبه اليوتوبي جوحطاب عن اليمن ويسرد العيوب منها الهوس    يورو 2024: إسبانيا تفرض قوتها على كرواتيا    ضربة للانتقالي والحوثيين.. بيان من 40 دولة بشأن اليمن (الأسماء)    بينهم نساء وأطفال.. وفاة وإصابة 13 مسافرا إثر حريق "باص" في سمارة إب    مشهد مهيب لحجاج بيت الله وهم ينفرون إلى مشعر مزدلفة بعد الوقوف على عرفات "فيديو"    كبش العيد والغلاء وجحيم الانقلاب ينغصون حياة اليمنيين في عيد الأضحى    السعودية تعلن نجاح تصعيد عرفات وتجاوز عدد الحجاج أكثر من 1.8 مليونا    انهيار اسعار المواشي وتراجع في الشراء في اليمن عدا مأرب وحضرموت وصعدة وريف صنعاء    - 9مسالخ لذبح الاضاحي خوفا من الغش فلماذا لايجبر الجزارين للذبح فيها بعد 14عاماتوقف    دعوة خامنئي ل''حج البراءة".. قراءة في الدوافع والتوقيت والمآل    السعودية تستضيف ذوي الشهداء والمصابين من القوات المسلحة اليمنية لأداء فريضة الحج    سلطة تعز: طريق عصيفرة-الستين مفتوحة من جانبنا وندعو المليشيا لفتحها    بينها نسخة من القرآن الكريم من عهد عثمان بن عفان كانت في صنعاء.. بيع آثار يمنية في الخارج    ياسين نعمان وحزبه ينظرون للجنوبيين ك "قطيع من الحمير للركوب"    خوفا من تكرار فشل غزة... الحرب على حزب الله.. لماذا على إسرائيل «التفكير مرتين»؟    السعر الجديد للعملات الأجنبية مقابل الريال اليمني بعد الوديعة السعودية للبنك المركزي    اشتباكات مسلحة في شبوة وإصابة مواطنين    مأساة ''أم معتز'' في نقطة الحوبان بتعز    انقطاع الكهرباء عن مخيمات الحجاج اليمنيين في المشاعر المقدسة.. وشكوى عاجلة للديوان الملكي السعودي    مظاهر الكساد تهيمن على أسواق صنعاء    وضع كارثي مع حلول العيد    ألمانيا تُعلن عن نواياها مبكراً بفوز ساحق على اسكتلندا 5-1    لماذا سكتت الشرعية في عدن عن بقاء كل المؤسسات الإيرادية في صنعاء لمصلحة الحوثي    أربعة أسباب رئيسية لإنهيار الريال اليمني    دعاء النبي يوم عرفة..تعرف عليه    حتمية إنهيار أي وحدة لم تقم على العدل عاجلا أم آجلا هارون    قوات العمالقة الجنوبية تعلن صلح قبلي في بيحان شبوة لمدة عامين    شبوة تستقبل شحنة طبية صينية لدعم القطاع الصحي في المحافظة    الحوثي والإخوان.. يد واحدة في صناعة الإرهاب    لاعبو المانيا يحققون ارقاما قياسية جديدة    يورو 2024: المانيا تضرب أسكتلندا بخماسية    هل تُساهم الأمم المتحدة في تقسيم اليمن من خلال موقفها المتخاذل تجاه الحوثيين؟    صورة نادرة: أديب عربي كبير في خنادق اليمن!    المنتخب الوطني للناشئين في مجموعة سهلة بنهائيات كأس آسيا 2025م    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    مستحقات أعضاء لجنة التشاور والمصالحة تصل إلى 200 مليون ريال شهريا    أسرة تتفاجأ بسيول عارمة من شبكة الصرف الصحي تغمر منزلها    وزير الأوقاف يطلع رئاسة الجمهورية على كافة وسائل الرعاية للحجاج اليمنيين    نقابة الصحفيين الجنوبيين تدين إعتقال جريح الحرب المصور الصحفي صالح العبيدي    وزير الصحة يشدد على أهمية تقديم افضل الخدمات الصحية لحجاج بلادنا في المشاعر المقدسة    البعداني: نؤمن بحظودنا في التأهل إلى نهائيات آسيا للشباب    اختطاف إعلامي ومصور صحفي من قبل قوات الانتقالي في عدن بعد ضربه وتكسير كاميرته    منتخب الناشئين في المجموعة التاسعة بجانب فيتنام وقرغيزستان وميانمار    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    هل صيام يوم عرفة فرض؟ ومتى يكون مكروهًا؟    إصلاح صعدة يعزي رئيس تنفيذي الإصلاح بمحافظة عمران بوفاة والده    السمسرة والبيع لكل شيء في اليمن: 6 ألف جواز يمني ضائع؟؟    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موقع الدين في دساتير الدول الليبرالية العلمانية!ناصر يحيى
خواطر حول الإسلام والعلمانية والدولة المدنية: (6)
نشر في الصحوة نت يوم 20 - 05 - 2012


(1)
المجادلات الصاخبة التي رافقت ثورات الربيع العربي حول (الدولة المدنية) والإسلام والعلمانية؛ أظهرت مجموعة من الحقائق عن موقع الدين في دساتير مجموعة مهمة من الدول الليبرالية العلمانية لم تكن في حسبان كثيرين ممن فهموا أن (العلمانية) تعني بالفعل فصلا حاسما بين الدين والدولة، والدين والعمل السياسي، و الدين ومصادر التشريع القانوني فيها. والحق أن كثيرا من هذه المعلومات لم تكن جديدة لكن (المجادلات) سلطت عليها الأضواء بقوة ووضعتها فوق المائدة بعد أن كانت محشورة في بطون الكتب.

(2)
وكما حددنا في حلقة سابقة ما يمكن اعتباره قواسم مشتركة بين الفكرة الإسلامية والليبرالية العلمانية؛ فمن الواجب الآن تحديد المجالات التي يرى العلمانيون بأنها محرمة على الدين في أي نظام ليبرالي علماني. وبدءا نثبت أنه لا يوجد اتفاق حول صوابية هذا التحريم بين العلمانيين لا في الغرب ولا في الشرق.. ولا بين جماعات العلمانيين العرب أنفسهم الذين نقصدهم بالذات بهذه الخواطر؛ باعتبار أنهم والإسلاميون معنيون اليوم بالوصول إلى صيغة سليمة لنظام سياسي تستطيع الأمة أن تواجه به مخلفات مائة عام من الصراع تمهيدا للبدء في بناء مستقبل جديدا آمن للجميع!
يمكن القول إن المجالات المحرمة على (الدين) لدى العلمانيين هي ثلاثة:
النص على دين الدولة في الدستور.
جعل الشريعة الإسلامية مصدرا للتشريع: وحيدا أو رئيسا (بأل التعريف أو بدونها) أو أحد المصادر بجوار مصادر أخرى تشمل حتى الأعراف والتقاليد للقبائل الإفريقية الوثنية أو الديانات الأخرى كالمسيحية أو اليهودية.
السماح بتأسيس أحزاب إسلامية تمارس العمل السياسي بمرجعية إسلامية؛ للوصول سلميا إلى الحكم وتطبيق برامجها الانتخابية التي تهدف إلى أسلمة المجتمع.
كانت إحدى المفاجآت –بالنسبة لنا على الأقل- على هامش المجادلات حول (الدولة المدنية) ليس فقط عدم وجود هذا المصطلح كما أوضحنا في حلقة سابقة؛ ولكن وجود عدد مهم من الدول الليبرالية العلمانية في أوربا وأمريكا اللاتينية وآسيا تنص في دساتيرها على اعتماد (دين) معين، بل للدقة: أحد المذاهب المسيحية بالتحديد.. وفي الحالة الآسيوية كانت هناك أربع دول علمانية تنص في دساتيرها على أن دين الدولة: البوذية ودولة واحدة تنص على أن دينها هو: الهندوسية!
كانت البداية مقالا عن العلاقة بين دين الدولة والديمقراطية في ظل ثورات الربيع العربي للدكتور/ أحمد عيسى في مجلة المجتمع الكويتية -12/3/2011- وفيه أشار إلى دراسة علمية عالمية بعنوان (أي الدول لديها دين دولة؟) أصدرتها جامعة هارفارد الأمريكية عام 2005..
العنوان بالإنجليزية لمن أراد الحصول على نسخة عبر شبكة الإنترنت:
Which countries have state religions?
Robert J. Barro and Rachel M. Mecleary
Harvard University
February 2005
اهتمت الدراسة (الأمريكية) بدراسة علاقة الدين بالدولة في جميع أنحاء العالم خلال الفترة من (1900-1970-2000) وبيان التحولات بين اعتماد دين رسمي للدولة أو إلغائه وأحيانا العودة إليه خلال الفترة المذكورة. وما يهمنا في إطار هذه الخواطر هو أن هذه الدراسة العلمية قد أكدت حقيقة مهمة وهي أن علمانية الدولة وليبراليتها –أو كونها دولة مدنية كما يقال هذه الأيام في الشرق الإسلامي- لا يتعارض ولا يمنع من النص في الدستور على أنها تعتمد (دين رسمي) لها! وفي الدراسة صنفت الدول التي لها (دين رسمي) خلال فترة البحث المذكورة؛ فكان منها (22) دولة إسلامية فقط مقابل قرابة (40) دولة مسيحية (!!) بالمذاهب الثلاثة المشهورة (الكاثوليكية- البروتستانية- الأرثوذكسية).. بالإضافة إلى أربع دول ذات دين رسمي هو البوذية وهي (بوتان- كمبوديا- سيريلانكا- تايلاند)، ودولة واحدة تعتمد الهندوسية دينا رسميا هي: النيبال! وبالطبع هناك دولة يهودية واحدة هي: إسرائيل!
يهمنا في المقام الأول الدول الأوروبية (باعتبارها قدوة العلمانيين العرب) التي تعتمد دينا رسميا لها؛ أو بالأصح مذهبا من المذاهب المسيحية؛ طوال فترة الدراسة، و التي اعتمدت دينا رسميا أو أعادت له منزلته بعد سنوات الدراسة بعد أن كانت قد نبذته لأسباب أيديولوجية؛ وعلى النحو التالي:
دول مسيحية أوروبية كاثوليكية: (إيطاليا- ليشتينيخ - لكسمبورج- مالطا- موناكو- البرتغال- إسبانيا) ثم أضيفت إليها دولة أخرى هي: كرواتيا بعد تفكك يوغسلافيا.

دول مسيحية أوروبية بروتستانية: (الدنمارك- فنلندا- أيسلندا- النرويج- المملكة المتحدة (إنجلترا، أسكوتلندا، إيرلندا).. ثم أضيفت إليها دولة تدعى (vanuatu)

دولة مسيحية أرثوذكسية هي: اليونان.. ثم أضيفت إليها دول أخرى هي: أرمينيا، بيلاروس، جورجيا، مقدونيا، ملدوفيا، أوكرانيا، وبلغاريا.
دول مسيحية أمريكية لاتينية لديها دين رسمي هو الكاثوليكية: (الأرجنتين- بوليفيا- كولمبيا- كوستاريكا- غواتيمالا- بنما- البارغواي- بيرو- فنزويلا- الدومينيكان- أندورا- السلفادور- هايتي- هندوراس).

(3)
ما سلف من معلومات تزيح عقبة كبيرة من أمام الخلاف الإسلامي/العلماني؛ فالنص في الدساتير على أن الإسلام -في الدول ذات الأغلبية المسلمة- دين الدولة لا يتناقض مع الديمقراطية والليبرالية العلمانية أو حتى العلمانية بدون ديمقراطية وليبرالية (كثير من الأنظمة الديكاتورية العلمانية كانت تنص على دين رسمي لها سواء أكانت البلاد مسلمة مثل: تونس بورقيبه وابن علي.. أو الدول اللاتينية المذكورة في مراحل زمنية سابقة.)
وسيقول البعض إن النص على الدين في الدولة الأوربية هو لمجرد (الزينة) أو (البركة).. ومع أن هذا الكلام ينقض أيضا مبدأ: فصل الدين عن الدولة؛ إلا أن هناك معلومات أخرى تؤكد أن الدول الأوربية لا تنص على (دين رسمي) للبركة والزينة أو للحصول على مساعدات الدول البترولية العربية أو المسيحية؛ ويؤكد ذلك ما أورده د. محمد عمارة (في دراسة له نشرت في مجلة (المجتمع) الكويتية -29/1/2011- بعنوان: الاستغلال الأمريكي للأقليات) من انتقادات لتقرير الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية في العالم الذي اعترض على نص الدستور المصري على الهوية الإسلامية للدولة والمجتمع في الوقت الذي لم يعترض التقرير الأمريكي على الدول المسيحية التي تنص في دساتير على المسيحية –بل مذهب مسيحي بعينه- هوية مسيحية للدولة، وأضاف د. عمارة المعلومات التالية:
(ينص دستور الدنمارك في القسم الرابع على أن الكنيسة الإنجليزية اللوثرية هي الكنيسة المعترف بها من قبل دولة الدنمارك وعليه ستتولى الدولة دعمها).
(ينص دستور دولة النرويج في المادة الثانية على: إن الإنجيلية اللوثرية ستظل الدين الرسمي للدولة، ويلتزم السكان المعتنقون لها بتنشئة أولادهم بموجبها).
وفي آيسلندا، تنص المادة 62 من الدستور على: إن الكنيسة الإنجيلية اللوثرية هي كنيسة الدولة، وبموجب هذا ستظل هذه الكنيسة مدعومة ومحمية من قبل الدولة).
(وفي المملكة المتحدة –إنجلترا- أقر البرلمان مختلف النظم الأساسية التي تعد القانون الأعلى والمصدر النهائي للتشريع –أي الدستور القانوني- وجاء فيه حول كنيسة إنجلترا: إن كنيسة إنجلترا هي الكنيسة المعترف بها. وإن العاهل الإنجليزي –بحكم منصبه- هو الحاكم الأعلى لكنيسة إنجلترا، وهو متطلب مقرر في قانون التسوية لعام 1701م بأن ينضم كنسيا لمجتمع كنيسة إنجلترا). ويؤدي العاهل أثناء مراسم التتويج القسم (بالحفاظ على التسوية المبرمة مع كنيسة إنجلترا، وأن يحفظها بدون خروقات كما يحفظ العقيدة والشعائر والنظام الذي يتضمن الحكومة).
وفي اليونان الأرثوذكسية ينص الدستور في المادة الثالثة من القسم الثاني على: إن الديانة السائدة في اليونان هي ديانة كنيسة المسيح الأرثوذكسية الشرقية..)
وفي الأرجنتين الكاثوليكية ينص الدستور –في القسم الثاني- على أن الحكومة الاتحادية تدعم الديانة الروماتية الكاثوليكية.
في السلفادو الكاثوليكية ينص الدستور الصادر سنة 1983، والمعدل سنة 2003 في المادة 26 على: إن الشخصية القضائية/القانونية للكنيسة الكاثوليكية موضع اعتراف، ويجوز للكنائس الأخرى الحصول على اعتراف بشخصيتهم بما يتوافق مع القانون..
وفي كوستاريكا الكاثوليكية تنص المادة 75 من الدستور على: إن الكاثوليكية الرومانية الرسولية دين الدولة، وهي تساهم في الحفاظ على الدولة دون أن يمنع هذا من حرية ممارسة شعائر أي أديان أخرى في الجمهورية طالما أن هذه الديانات لا تتعارض مع الأخلاق المتعارف عليها أو العادات الحميدة.
وفي إسبانيا الكاثوليكية ينص الدستور في المادة (16): إنه على السلطات العامة أن تأخذ في الاعتبار المعتقدات الدينية للمجتمع الإسباني، والحفاظ على علاقات التعاون المناسبة مع الكنيسة الكاثوليكية والطوائف الأخرى.
خلاصة الكلام.. النظام الديمقراطي الليبرالي ؛والعلمانية نفسها؛ لا تستلزم بالضرورة عدم النص على دين الدولة في الدساتير، ولا يعني هذا أن الدولة تفرض اعتناق دينها أو الالتزام بشعائره بالقوة والإجبار على مواطنيها من غير المنتمين إليه من أتباع الديانات الأخرى الذين لهم مطلق الحرية في ممارسة شعائرهم الدينية. تبقى فئة اللا دينيين أي الذين بدون دين أو ملحدون وهؤلاء كغيرهم يخضعون في الأصل لحكم الأغلبية مثل حال المسلمين الذين يعيشون أقلية في دولة مسيحية أو يهودية أو بلا دين ويخضعون للأغلبية.. وفي كل الأحوال فالذين لا يؤمنون بأي دين يفترض ألا يهمهم أن الأغلبية تنص على دينها في الدستور طالما أن القانون لا يلزمهم به إيمانا وتعبدا وشعائر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.