الحاجة الملحة للطعام دفعت بعجوز سبعينية العمر للخروج من بيتها تتهادى على عصا لتنتظم في طابور طويل من النساء وآخر ينتظم فيه رجال وأطفال في انتظار توزيع إفطار الأسر الفقيرة التي يقوم بتوزيعها مركز الهدى الخيري في حارة الوحدة جنوب العاصمة صنعاء. وأنا أنظر إلى هذا المشهد تدافعت داخلي متناقضتان : شعور بالسرور عند رؤية ألق ابتسامة الأطفال وهم يعودون مسرعين إلى منازلهم حاملين أكياس الخبز والطبيخ والأرز ، وشعور آخر بغصة في الحلق أن يصل كثير من أبناء هذا الشعب إلى هذا الحال البائس جراء ارتفاع الأسعار وتفشي البطالة. مدير مركز الهدى الخيري سنان القوسي يؤكد للصحوة ان أكثر من 1400 أسرة - ما يزيد على 8000 نسمة - يستهدفهم مشروع إفطار الصائم الذي يقام كل سنة، وان الأسر المستهدفة هي من يعاني أحد أفرادها من مرض مزمن وأصحاب العاهات والأيتام خاصة من فقدوا الأبوين وفئة العمال والفقراء خاصة المستأجرين، لأن كثيرا من العمال يتعطلون في رمضان وتكون ظروفهم المعيشية صعبة. مئات المراكز في محافظات الجمهورية تعد ملاذا آمنا للفقراء والمحتاجين في شهر رمضان، حيث تطعم الجمعيات والمراكز الخيرية عشرات الآلاف من الأفراد خاصة في ظل وضع معيشي متدنٍ وبطالة تزيد عن 40% وارتفاع كبير في اسعار جميع المواد الغذائية الأساسية يفوق القدرة الشرائية لكثير من أبناء المجتمع، ناهيك عن انزلاق شريحة الطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود إلى شريحة المعوزين، حيث ينفق أكثر من ثلاثة ملايين يمني أكثر من ثلث دخلهم لشراء الخبز. وتساهم مشاريع الإفطار التي تقيمها الجمعيات والمراكز الخيرية في محافظات الجمهورية في تخفيف وطأة شبح الجوع الذي يهدد كثيرا من الأفراد بالأمراض نتيجة سوء التغذية وغياب الرعاية الصحية بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة. وتعد جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية ذات ريادة وسبق في الخيرات في أوساط المجتمع اليمني فهي منذ عشرين عاما تسعى جاهدة لتقديم العون والمساعدة للفقراء والمحتاجين، وتقيم هذا العام 120 مركز إفطار جماعي في مختلف المحافظات تستهدف فيه 24 ألف صائم يوميا. إضافة إلى مشروع إفطار الأسر الفقيرة الذي يستهدف آلاف الأسر الفقيرة في مختلف المحافظات. وتنفذ جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية مشاريع الخير الرمضانية يستفيد منها مئات الآلاف من الأفراد والأسر خلال شهر رمضان المبارك.و هذه المشاريع تهدف إلى تعميق روح التكافل وتعزيز قيم الإنسانية بين أفراد المجتمع، فضلاً عن تقديم الدعم للفقراء والمساكين وإدخال البسمة على شفاههم خلال الشهر الكريم. وتستهدف نحو 120ألف أسرة فقيرة و 800 ألف شخص سيستفيدون من هذه المشاريع في عموم محافظات الجمهورية و هذه المشاريع تتمثل في تقديم مائدة الإفطار المفتوحة في المساجد ، ومشروع توزيع المواد الغذائية و مشروع توزيع التمور ،ومشروع إفطار المسافر و مشروع تفطير الأسر الفقيرة من خلال توزيع الطرود الغذائية و مشروع توزيع اللحوم على الأسر الفقيرة وكذلك مشروع الإعانات النقدية بالإضافة إلى مشروع توزيع كسوة العيد وهدية العيد وغيرها من المشاريع الأخرى. من جهتها جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية بأمانة العاصمة تدشن مشاريعها الرمضانية الخيرية بتكلفة ما يقارب 150مليون ريال. وفرع جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية بمحافظة الحديدة دشنت برنامج مشاريع الخير الرمضانية يستفيد منه 63 ألفاً و 600 فرد و 4 آلاف و 336 أسرة من الفقراء و الأيتام والمحتاجين. كما دشنت جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية فرع وادي حضرموت مشاريع الخير الرمضانية 1431ه بمشروع إفطار الصائم و توزيع المواد الغذائية والتمور وكذا مشروع توزيع اللحوم على الأسر الفقيرة ومشروع توزيع المصحف الشريف على المساجد والأفراد و تقديم وجبات السحور للمرضى في المستشفيات ونزلاء السجون ومشروع الإعانات النقدية . عدد المستفيدين من جملة هذه المشاريع (3.600) أسرة و(12.950) فرداً بتكلفة إجمالية تبلغ (22.725.000) الجمعيات والمراكز الخيرية العاملة في الميدان كثيرة وأثرها ملموس في أوساط المجتمع، وعدم ورود اسم أي من هذه الجمعيات لا يعد انتقاصا من أدائها بقدر ما يهدف الموضوع إلى تسليط الضوء على جانب مشرق تقوم به هذه الجمعيات بمختلف مسمياتها، ليلتفت المقتدرون غير المبادرون إلى دعم هذه الانشطة " لان في كل كبد رطبة أجر" فكيف وهي كبد امروء مسلم صائم. ومن المنظمات التي تسعى إلى إدخال السرور على المعوزين منظمة ( نودز يمن) فهي الأخرى وزعت مئونتها الرمضانية ل2000 أسرة أيتام وفقراء في محافظة تعز. أما جمعية البر الخيرية بتعز فقد استهدفت 5000 أسرة نحو 25000 فرد في مشاريعها الرمضانية. ومؤسسة فجر الأمل الخيرية وزعت تمور ومواد غذائية على 5000 أسرة بتكلفة 30 مليون ريال. وتقدر عدد الأسر المستفيدة في الجمهورية اليمنية من مشروع إفطار الصائم لهذا العام بأكثر من ( 1500 ) أسرة حيث تم إعطاؤها كمية من المواد الغذائية الجافة إضافة إلى المواد الغذائية الأخرى تسد حاجتها طوال شهر رمضان المبارك. رمضان نفحة ربانية، تزود بالطاعات لتقوى الله تعالى، ولمد جسور الترابط في أوساط المجتمع بين الأغنياء والفقراء واستشعار آلام المعوزين والمحتاجين، وما يعطى لهؤلاء المحتاجين هو حق لهم وليس تفضلا أو منة. وما ينبغي الإشارة إليه أن هذه المراكز الخيرية ثمرة من ثمار الخيرين على الجميع التفاعل مع مشاريعها ودعمها لأنها تبلل كثيرا من الأكباد المتقرحة من العطش والبطون الخاوية التي هدت الأبدان من الجوع.