لاشك أن «أدولف هتلر» هو أبرز شخصية ارتبط اسمها بالحرب العالمية الثانية التي قتلت قرابة ستين مليون إنسان ودمرت وأهلكت الحرث والنسل في أروبا وروسيا وشرق آسيا بما لم يعرفه التاريخ الإنساني من قبل. وفي هذه الأيام يحتفل الحلفاء المنتصرون بالذكرى (65) لانتصارهم على هتلر وحلفائه الإيطاليين واليابانيين. وعلى بشاعة الدور الذي قام به هتلر؛ إلا أنه كان يمتلك مواصفات القيادة، ومنها قدرته الرهيبة على الخطابة والتأثير في المستمعين المهووسين به، وفي ما يوصف بأنه أعظم خطاباته الذي ألقاه في البرلمان الألماني «الرايشتاغ» -28/4/1939م- رد هتلر على نداء وجهه الرئيس الأمريكي «روزفلت» إليه طالبه فيه بالتعهد بعدم مهاجمة أو غزو أراضي (31) دولة مستقلة ذكر أسماءها .. فرد عليه هتلر على كل نقطة رداً ساخراً على النحو التالي: - فعندما أعلن روزفلت أن جميع المشاكل الدولية يمكن حلها على مائدة المفاوضات والمشاورات .. رد هتلر قائلاً: بأن أمريكا نفسها رفضت الانضمام إلى عضوية عصبة الأممالمتحدة أعظم مؤتمرات التاريخ، ورغم أنها تجسيد لاقتراح أمريكي في الأصل .. بسبب عدم ثقتها بجدوى المؤتمرات! وغمز هتلر من التاريخ الأمريكي مذكراً بأن حرية أمريكا الشمالية –واستقلالها عن بريطانيا- لم تتحقق على مائدة المفاوضات .. ولم ينجح الشمال في المحافظة على الوحدة وهزيمة الانفصاليين الجنوبيين على المائدة بل في أرض المعارك! مؤكداً أن تاريخ الولاياتالمتحدة يخلو من وجود أي دليل على أن المشاكل تحل بالحوار! ومشيراً إلى أن (ألمانيا) تعرضت على مائدة المفاوضات في (فرساي) في أعقاب هزيمتها في الحرب العالمية الأولى؛ إلى إذلال أكبر مما تعرض له حتى رؤساء قبائل السيوكس من الهنود الحمر!
وعن مطالبة «روزفلت» لألمانيا بالتعهد بعدم مهاجمة ال(31) دولة –من بينها بريطانيا وفرنسا وروسيا وبولندا- رد هتلر ساخراً بأنه تجشم التعب في التأكد بأن الدول المنذكورة لا تحس أنها مهددة أو أنها وكلت روزفلت في الحديث باسمها .. لكنه لم يستطع التحري عن بعض الدول الأخرى وهل هي فعلاً تعاني من التهديد الألماني .. وضرب المثل ب(سوريا) التي كانت تحتلها فرنسا (حليفة أمريكا) وإيرلندا الواقعة تحت الاحتلال البريطاني .. والتي كان رئيس وزرائها يتهم بريطانيا –حليف أمريكا- بأنها تعرض بلاده لعدوان متواصل! .. وغمز روزفلت ساخراً من أن ألمانيا ليست هي التي تحتل فلسطين وإنما تحتلها بريطانيا (حليفة أمريكا) .. وفلسطين تتعرض –حينذاك- إلى عنف وحشي لم يتعاطف ضده المستر روزفلت.
كان الرئيس الأمريكي (روزفلت) يصف هتلر بأنه مسعّر حرب، ومجنون، ومحرّض على الدمار .. ويقود الجنس البشري باستمرار إلى الحرب .. لكن أسوأ وصف كان قول روزفلت لهتلر بأنه (قاطع طريق) .. ومع ذلك فقد رد عليه هتلر ساخراً (لايهمني هذا الوصف لأن أوروبا تفتقر إلى قطاع الطرق!).
في 1/3/1940م؛ زار وكيل وزارة الخارجية الأمريكيةبرلين والتقى الزعماء النازيين وخرج بانطباع سجل ملخصه أنه نزل في مستشفى للمجانين! الثلاثي .. المستبد!
ارتبط اسم هتلر بالديكتاتور الإيطالي (موسوليني)، وكان يراه أستاذاً له لكن الألمان لم يكونوا يثقون في الذين حول موسوليني ولم يكونوا يبلغونه بمواعيد ساعة الصفر إلا في آخر لحظة .. وذكر وزير خارجية موسوليني في كتابه (يوميات شيانو) أن موسوليني كان يشكو إليه غرابة تعامل الألمان معه فقد كانوا يوقظونه من النوم في منتصف الليل لإبلاغ رسائل هتلر: (إنني لا أجرؤ على إزعاج خدمي في منتصف الليل ولكن الألمان يدفعونني إلى القفر من فراشي في أية ساعة من ساعات الليل دون أي اعتبار أو احترام)! جانب درامي آخر من العلاقة بين الرجلين ذكرها شيانو في يومياته (إن هتلر يتكلم ويتكلم ويتكلم .. ويعاني موسوليني من ذلك أشد الآلام فقد تعود على أن يكون هو المتكلم دائماً .. والآن يجد نفسه مضطراً للسكوت والإصغاء)! صبر موسوليني لم يذهب سدى .. فقد وجد ديكتاتوراً آخر يذيق هتلر المرّ والعلقم؛ ففي إحدى رسائله إلى موسوليني علق هتلر على مباحثاته ومساوماته مع الديكتاتور الأسباني (فرانكو) التي استمرت تسع ساعات لإقناعه بدخول الحرب معه (إنني لأوثر أن أقلع ضرساً؛ أو ضرسين أو ثلاثة أو أربعة من أضراسي؛ على أن أمر بهذه المحنة مرة ثانية)!
عوبلي .. هتلر!
مع اشتداد الحرب والهزائم والانكسارات غرق هتلر وقادته في الشعوذة، وصاروا يستشيرون المنجمين وضاربات الودع .. وبلغ التشاؤم بهتلر أن أمر بتغيير اسم إحدى البوارج المسماة ب(أرض ألمانيا) إلى (لوتزاو) خوفاً من أن تغرق بهذا الاسم فتكون شؤماً عليه! (....) بالإشارة يفهم:
(من قارب الكير يحترق .. وإلا امتلأ من غباره)
الجنرال ثلج .. كله منه!
يمتلك الروس قائداً عسكرياً كثيراً ما أنقذ بلادهم من العدو وأوقف تقدمه .. وهو عسكري من طراز غريب لا دخل للروس ولا لقياداتهم فيه .. إنه الجنرال (ثلج) .. الذي أوقف تقدم جيش نابليون وأغرقه .. ثم هو الذي كان له الفضل في إيقاف الهجوم النازي وكبد جيوش هتلر خسائر هائلة بعد أن عجزوا أن ينهوا حربهم قبل حلول الشتاء الروسي العنيف! ومع أن هتلر ينتمي لمنطقة جغرافية مشابهة والثلج هو أحد مكوناتها الطبيعية الجميلة .. إلا أن الديكتاتور النازي صار يكره الصقيع والثلج كراهية فطرية بسبب الدور الذي قام به في انكسار حلمه في احتلال موسكو!
جيش عربي .. في الدانمارك!
كانت الدانمارك إحدى الدول التي احتلتها جيوش هتلر لتكون معبراً لها إلى فرنسا وبريطانيا .. وهي دولة صغيرة لم تكن قادرة على مواجهة جارتها المجنونة .. وعندما بدأ الهجوم الألماني استدعي ملك الدانمارك القائد العام للجيش ليناقشه في استعداداته لمواجهة الغزو .. وسأله عن الجيش الدانماركي وخبرات جنوده واستعدادهم وخبراتهم القتالية .. فرد عليه القائد العام: - جلالة الملك .. إنهم لم يحاربوا قط! فقرر الملك عدم مواجهة هتلر .. وتركوه يحتل البلاد دون قتال ولم يسبب الدانماركيون للألمان أي مشاكل طيلة أربع سنوات، وبادلهم هتلر وداً بود .. فتمتع الدانماركيون بكثير من الحرية في البرلمان والقضاء والصحافة .. حتى اليهود ظلوا يعيشون ردحاً من الزمن بأمان وطمأنينة!
الإمام يحيى يواجه الحرب العالمية!
يروي العزي صالح السنيدار في مذكراته (الطريق إلى الحرية) أنه عندما أعلنت الحرب العالمية الثانية وسمع بذلك الإمام يحيى خرج صارخاً: (ياعمري ياعمري –يقصد رئيس وزرائه القاضي عبدالله العمري- أعلنت الحرب بين النصارى .. والحمد لله البنزين معنا متوفر) ثم كان أول قرار اتخذه هو إغلاق جريدة الإيمان! وفي تلك الأيام؛ جاء مجموعة من يهود اليمن من بلاد النقيب حمود شريان فأنزلهم في بيته، وخصص لهم غرفة أعلى البيت .. فاستنكر بعض أهل الروضة ذلك، وبلغ الإمام الخبر فاستدعاه وقال له (مه يانقيب حمود .. عندك يهود في البيت؟) فرد عليه: (نعم يامولاي .. هم الوفد حقي)! وكان بجوابه هذا يسخر من الإمام الذي استضاف في الفترة نفسها وفداً فرنسياً بحرياً في الروضة! وعلى ذكر جريدة (الإيمان) التي كان يصدرها الإمام؛ روى العلامة (محمد زبارة) أنه لما كان في مصر التقى بالمجاهد الفلسطيني المتعاطف مع الأحرار اليمنيين (محمد علي طاهر) وكان من المتابعين للجريدة فكان كلما التقاه يقول له: إيمانكم ضعيف يازبارة، فلما تولى تحريرها العلامة الشهيد أحمد المطاع قال له: إيمانكم يتحسن يازبارة! ولأن الشيء بالشيء يذكر؛ فيقال إن الإمام يحيى غضب من (عبدالكريم مطهر) المسئول عن جريدة الإيمان بسبب مقال كتبه العلامة أحمد المطاع عن البخل وجمع المال –كان يحيى يضرب به المثل في البخل والشح- فرد (مطهر) غاضباً: (أنا بينحرّرها بلاش .. مالك ذلحين؟) فرد يحيى (كذاب .. أنا ذاك بيندّي لك قبايل) ويقصد أنه يرسل إليه رجال القبايل ممن لهم قضايا ليكتب لهم شكاوى يأخذ منهم أجرة عليها!