الجزء الثالث من المشهد الثاني سيف : (بغيظ مكتوم) أفعل..أفعل..بمن أفعل ؟ المقه : تسألني يا مليكي وملك اليمن !! سيف : (لا يزال..بغيظ مكتوم) فمن أسأل ؟ المقه : تسأل نفسك. سيف : أي نفس، ويزيد ماثل أمام عينها، أي نفس وأبرهة وديمانوس من قبلهما..أبرهة وديمانوس وجهان لصنم واحد. المقه : (مسرورة..أخرجها عن المستقبل) تساوي بين أبرهة الحبشي وديمانوس اليمني..( تمد يدها حتى لامست أصابعها خصلات شعره..تلعب بها ) المقه : تساوي بين الأسود والأبيض. سيف : (منفعلاً حتى أطاح بيدها) أي أسود وأي أبيض، أنا في الصنم كيفما كان وجهه. المقه : أي صنم له وجهان..سمعت عن صنم له وجه واحد تعبده قريش. سيف : (يحدق بالمقه متعجباً)..المقه إلهي وإله البشر..ما كنتِ هكذا قبل زمن أحسبه بعيدا. المقه : (مبتسمة..بدلال) وكان لي ما سمعته منك اليوم أن أسمعه منذ زمن بعيد..(تصمت لحظة أن سمعت نقراً خفيفاً على باب الغرفة..تنظر، وينظر إليه..المفاجأة عقدت لسان سيف، والفرحة حلت عقدة المقه..الحديث عندما يصبح عقدة). المقه : (مسرورة) مرحباً لميس..تفارقينني كل تلك السنين..هيا تقدمي..أريد أن أحضنك فقد اشتقت إليك(تتقدم..في نهاية العقد الثالث..في وجهها، وملبسها أثار السفر..تتعانقان) لميس : (تنظر إلى سيف بعد أن عانقت سيف) أخي، مالي أراك واجماً هكذا..هل هي فرحتك بي، أم ..؟ سيف : (مقاطعاً) بل من فرحتي، أي مفاجأة هذه، كأنك كنت طوال الليلة مسافرة..هيا تعال أحضنك(تفعل ويفعل).. سيف : (محدقاً في وجهها، ويداه على كتفيها)..لم أزرك ..يوم أن تزوجتِ وتركتي صنعاء، كنت مهموماً بالأحباش فلم أزرك، ولم استقر في الملك حتى أزورك، أو أبعث من يأتي بك إلى هنا..أطلب العذر والمغفرة. لميس : العفو يا أخي..حتى أنا وزوجي، أقسمنا أن لا ندخل صنعاء، إلا وهي محررة من الأحباش..كم أنا فخورة بك يا أخي. المقه : هل سمعت يا سيف؟..لميس وأنا..اليمن كلها فخورة بك..هيا ارتدِ ملابس الملك، وأنا من سأضع التاج على رأسك. لميس : بل أنا، هو لك دائماً يا المقه، أما أنا فهي مرة قد لا تتكرر،أريد أن تطوف عليه يدي، وتضعه على رأس أخي ملك اليمن..تذكر يا سيف، العفو أناديك بسيف، كما كنت أناديك..بل تذكر يا مولاي كيف باعد أبرهة بين أبينا وأمنا..تذكر يوم أن وجدت في زواجي الخلاص، كان كافياً أن يقول أنه من قبيلة(كدت)، تذكر يا سيف وأمنا بنت الأسرة العريقة..تذكر يا سيف وهي تزرع في صدورنا الكراهية لأبرهة حتى كانت، وكأنها عقدة جثمت على صدورنا، فكان لي أن أتزوج من أول رجل يقرع بابنا وكان لك أن تخرج من اليمن طلباً للمساعدة على طرد الأحباش..كان هدفنا..حل العقدة. المقه : هكذا يا لميس تنكتين الماضي، ولم تأخذي نَفسَك بعد..دعينا منه، وهيا يا مليكي ترتدي ملابسك، القوم منتظرين . سيف : (متجاهلاً) العقدة تطارني: يزيد، المقه، وأختي التي لم تأخذ نفسها بعد..كأنها لم تأت إلا لتخبرني بما كان وكأنه عقده.. لميس : (مستغربة)تقول قولاً لم أفهمه يا أخي. سيف : وأنت تقولين عن كراهية كانت، وكأنها عقدة..كانت الكراهية، نعم، كيف لا نكره من أحتل أرضنا وأحتل.. لميس : ........... . المقه : ........... . سيف : (يذرع الغرفة، وحوله نفسه) وأحتل أمنا..أغتصب أرضنا، وأغتصب أمي..لن أنسى ومرارة الاغتصاب على عين أمي..لن أنسى ونحن لا حول لنا ولا قوة..لن أنسى وأبرهة يركض على أرضين..أمي اليمن وهي. لميس :........ المقه :........ سيف : ومسروق وأنا..ابن المُغتصبة، وأبن الحرة..اثنان جمعتهما بطن واحده..أي قهر، وأي استبداد، والحرة تصبح مغتصبة، أي قهر وأي استبداد وابن الحرة أخو ابن المغتصبة لميس : ....... المقه : ...... سيف : هكذا كان حالي، وأمي، وبلادي، فكيف لا أثور، وكيفما كان، كان لي أن أحرر بلادي، وأي طريق كان لي أن أسلكه بعد أن وجدتهم أذلة، أذلهم القهر، أذلهم الاستبداد المقه : ....... لميس :........ سيف : (مطرقاً) لكني أخشى أن يصبح الفارسي حبشيا وأنا نائباً مثل يزيد، أو عاملاً مثل النعمان بن المنذر (يطلق تنهيدة عميقة) أو عميلاً كما قال يزيد وديمانوس، أو عقدة تلصق بي عبر التاريخ..أنت يا المقه يا من تستشرفين المستقبل..هل ستكون عقدة سيف بن ذي يزن ؟ المقه : لا أستشرف إلا سيف..الحلم..سيف الحل..سيف الذي سيتغنى به الشعراء، ويكتب عنه الرواة . لميس : غيرنا جرب اغتصاب أرض واحدة، ونحن جربنا..اغتصاب أرضين فكان لك أن تفعل..كان لك أن تحرر . سيف : (متجاهلاً لميس)..الآن تستشرفين المستقبل، أحسبه المستقبل البعيد، مستقبل لن نكون فيه..أريدك أن تستشرفي المستقبل القريب..مستقبل نحن فيه . المقه : أنت الملك، القريب..أما أنا . سيف : أنتِ ماذا ؟ المقه : أنت من ستقول إذا أردت. يتبع