أفضل وقت لنحر الأضحية والضوابط الشرعية في الذبح    إنجلترا تبدأ يورو 2024 بفوز على صربيا بفضل والدنمارك تتعادل مع سلوفينيا    كيف استقبل اليمنيون عيد الاضحى هذا العام..؟    فتح طريق مفرق شرعب ضرورة ملحة    نجل القاضي قطران: مضبوطات والدي لم تسلم بما فيها تلفوناته    تن هاغ يسخر من توخيل    مع اول أيام عيد الأضحى ..السعودية ترسم الابتسامة على وجوه اليمنيين    يورو 2024: بيلينغهام يقود انكلترا لاقتناص الفوز امام صربيا    في يوم عرفة..مسلح حوثي يقتل صهره بمدينة ذمار    "لما تولد تجي"...الحوثيون يحتجزون رجلا بدلا عن زوجته الحامل ويطالبون بسجنها بعد الوضع    هولندا تقلب الطاولة على بولندا وتخطف فوزًا صعبًا في يورو 2024    "إرسال عبدالملك الحوثي إلى المقصلة ومن ثم عقد سلام مع السعودية"..مسؤول حكومي يكشف عن اول قرار سيقوم به حال كان مع الحوثيين    الحوثيون يمنعون توزيع الأضاحي مباشرة على الفقراء والمساكين    حاشد الذي يعيش مثل عامة الشعب    كارثة في إب..شاهد :الحوثيون يحاولون تغيير تكبيرات العيد !    خطباء مصليات العيد في العاصمة عدن يدعون لمساندة حملة التطعيم ضد مرض شلل الأطفال    طارق صالح في الحديدة يتوعد الإمامة ويبشر بدخول صنعاء (فيديو)    كاتب سعودي: تجار أميركا يرفعون أسعار الأضاحي    أعجوبة مذهلة .. مغترب يمني يعود للحياة بعد اعلان وفاته رسميا    حدث ما كان يخشاه عبدالملك الحوثي من فتح طريق الحوبان في تعز.. هل تعيد المليشيات إطباق الحصار؟    الرئيس الزُبيدي يستقبل جموع المهنئين بعيد الأضحى المبارك    طقوس الحج وشعائره عند اليمنيين القدماء (الحلقة الثالثة)    آخر موعد لذبح أضحية العيد وما يجب على المضحي فعله    فرحة العيد مسروقة من الجنوبيين    نازح يمني ومعه امرأتان يسرقون سيارة مواطن.. ودفاع شبوة لهم بالمرصاد    رئيس تنفيذي الإصلاح بالمهرة يدعو للمزيد من التلاحم ومعالجة تردي الخدمات    حجاج بيت الله الحرام يتوجهون إلى منى لرمي الجمرات    كل فكر ديني عندما يتحول إلى (قانون) يفشل    جواس والغناء ...وسقوطهما من "اعراب" التعشيب!    شهداء وجرحى في غزة والاحتلال يتكبد خسارة فادحة برفح ويقتحم ساحات الأقصى    هيئة بحرية: تقارير عن انفجارين قرب سفينة قبالة ميناء المخا    تبدأ من الآن.. سنن عيد الأضحى المبارك كما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم    بعد استهداف سفينتين.. حادث غامض جنوب المخا    "هلت بشائر" صدق الكلمة وروعة اللحن.. معلومة عن الشاعر والمؤدي    يوم عرفة:    سجن واعتقال ومحاكمة الصحفي يعد انتكاسة كبيرة لحرية الصحافة والتعبير    وصلت لأسعار خيالية..ارتفاع غير مسبوق في أسعار الأضاحي يثير قلق المواطنين في تعز    استعدادا لحرب مع تايوان.. الصين تراقب حرب أوكرانيا    يورو2024 : ايطاليا تتخطى البانيا بصعوبة    عزوف كبير عن شراء الأضاحي في صنعاء بسبب الأزمة الاقتصادية    ياسين و الاشتراكي الحبل السري للاحتلال اليمني للجنوب    صحافي يناشد بإطلاق سراح شاب عدني بعد سجن ظالم لتسع سنوات    ثلاثية سويسرية تُطيح بالمجر في يورو 2024.    - ناقد يمني ينتقد ما يكتبه اليوتوبي جوحطاب عن اليمن ويسرد العيوب منها الهوس    بينهم نساء وأطفال.. وفاة وإصابة 13 مسافرا إثر حريق "باص" في سمارة إب    - 9مسالخ لذبح الاضاحي خوفا من الغش فلماذا لايجبر الجزارين للذبح فيها بعد 14عاماتوقف    أربعة أسباب رئيسية لإنهيار الريال اليمني    لماذا سكتت الشرعية في عدن عن بقاء كل المؤسسات الإيرادية في صنعاء لمصلحة الحوثي    صورة نادرة: أديب عربي كبير في خنادق اليمن!    المنتخب الوطني للناشئين في مجموعة سهلة بنهائيات كأس آسيا 2025م    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    نقابة الصحفيين الجنوبيين تدين إعتقال جريح الحرب المصور الصحفي صالح العبيدي    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن ينزلق إلى حرب أهلية
نشر في التغيير يوم 26 - 03 - 2015

غلب على المشهد العام في اليمن خلال الأيام المنصرمة حالة تصعيد متواترة سياسياً وميدانياً، فيما لم تلح أية بادرة من الأطراف المعنية في البلاد للتراجع عن وضع يتجه نحو الأسوأ . ففي مقابل خطاب للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من مدينة عدن دعا فيه الجميع للحوار، صرخ زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي من مدينة صعدة بالدعوة للحرب ورفد معسكرات الجيش بالمقاتلين .
مع استمرار الحشد العسكري والحشد العسكري المضاد على نحو واسع على مناطق الحدود الشطرية السابقة بين الشمال والجنوب، كانت ما تسمى اللجنة الثورية التابعة للحوثيين تعلن التعبئة العامة بتاريخ 21 مارس/ آذار، ليلحقه تصعيد أكبر من زعيم الحوثيين بالإعلان عن الخطوات العملية قبل ساعة الصفر، برفد المعسكرات بالمقاتلين ودعم التعبئة بالمال والقوافل الغذائية في خطابه يوم 22 مارس/ آذار .
المثير للاستغراب أن الرئيس السابق علي صالح حاول الاثنين الماضي، مع تصاعد المواقف المناهضة للحرب على الجنوب بحجة محاربة القاعدة والتكفيريين، أن يظهر بعيداً عن المشهد المتأزم بدعوته الرئيس هادي وعبد الملك الحوثي "لوقف الحشود والصدامات للحفاظ على أمن المواطن والوطن"، بينما كان هو أول من هدد علناً باجتياح الجنوب وطرد هادي أو كما قال: "لن يترك له إلا منفذاً واحداً للهروب من عدن"، فيما تحالفه مع الحوثي لا يخفى على أحد .
في الأثناء بدا المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر كمن لا حول له ولا قوة، بينما يدير مشاورات ومفاوضات أو حواراً مفترضاً في صنعاء، أراده الحوثيون غطاء سياسياً لهم، وفي الآن ذاته، يهيئون انفسهم عسكرياً لمعارك مقبلة، أما الأحزاب التي يتحلق ممثلوها حول طاولة بنعمر فبدت متخبطة وفي حالة عجز شديد، توزع أدوارها في الاقتراب من هادي والتمسك بشرعيته والمشاركة في حوار صنعاء إلى جانب انصار الله (الحوثيين)، في حين يصفونهم بالمنقلبين على الشرعية .
مثلت جريمة تفجير مسجدي بدر والحشحوش في صنعاء يوم الجمعة الماضي ومقتل وجرح المئات وقبلها بيوم جريمة اغتيال القيادي الحوثي البارز عبدالكريم الخيواني تحولاً حاداً في المشهد اليمني لجهة تشدد موقف الحوثيين واتخاذهم ذلك ذريعة لشن الحرب على الجنوب "لمحاربة القاعدة و"الدواعش" التي يتعاون هادي ومليشياته الجنوبية معهم"، حسب زعم الحوثيين، "في حين أنهم يعلمون أن هذه المجاميع الموجودة من القاعدة في الجنوب هي من صنع حلفاء الحوثيين وتتحرك بأمر هؤلاء الحلفاء"، كما أشار القيادي الجنوبي حيدر العطاس، في إشارة إلى صالح . لم يفوت الحوثيون وفريق صالح السياسي والإعلامي استثمار تداعيات معركة مطار عدن وتحرير معسكر قوات الأمن الخاصة فيها، الذي كان رأس حربة لصالح والحوثيين هناك، وكان مؤملاً من قائده المُقال العميد عبدالحافظ السقاف أن يقلب الوضع في عدن لصالح الانقلابيين بعد أن حاولت قواته يوم 19 مارس/ آذار السيطرة على مطار عدن، والاستفادة من واقعة إقدام عناصر القاعدة الاعتداء على المباني الرسمية والعسكرية في مدينة الحوطة بمحافظة لحج، والتي سيطروا عليها لساعات عدة وقتل 19 جندياً بصورة بشعة ونهب أسلحة ثقيلة، قبل أن يفروا أمام تقدم قوات من الجيش واللجان الشعبية وإعادة السيطرة على الحوطة .
لكن مقابل ذلك شكل الانتصار في معركة المطار وإنهاء تمرد العميد السقاف في عدن من قبل قوات الجيش واللجان الشعبية التي قادها وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي، دفعاً قوياً لجبهة الرئيس هادي، حيث كان منطلقاً جديداً ليعزز هادي وقواته جبهة محافظات الجنوب المحاذية لمحافظة تعز والضالع وابين، وهي المنافذ التي يسعى الحوثيون الدخول منها إلى عدن .
هكذا شكل التحول في المشهد العسكري والأمني في عدن فرصة أكبر لالتفاف واسع في الجنوب حول هادي، تعزز كثيراً في الأسبوع الأخير وبات بإمكان القيادات العسكرية هناك تنظيم وتعزيز الدفاع عن الحدود الجنوبية، ولعل هذا التحول استفز صالح والحوثيين الذين أرسلوا طائرات حربية للإغارة على مقر إقامته في قصر المعاشيق في عدن، لكن دون جدوى .
وعليه بدا هادي واثقاً عندما خاطب الحوثيين وصالح بالقول إن العام 2015 ليس هو العام ،1994 فقد تغيرت المعادلة على الأرض وفي القناعات عند الشعب في الجنوب، ولعل هذا ما دلل عليه الحزب الاشتراكي بالقول: "إن شن حرب عدوانية جديدة ضد الجنوب وبيئته السياسية والاجتماعية ستنطوي على عواقب لا يخال الذاهبون إلى الحرب مداها وفداحتها . ولن تشبه عواقب أي حرب سابقة من الحروب التي شنها تحالف الحرب والتقويض في صنعاء" .
الأسوأ في المشهد اليمني أن الاصطفاف السياسي والعسكري والمجتمعي يبدو في الأغلب جهوياً بين الشمال والجنوب، وهو الأمر الذي ستكون له تداعياته لاحقاً، بما يكرس انفصالاً غير معلن حتى الآن، غير أن هذا لا يلغي الاصطفاف الوطني اليمني ضد دعاة الحرب، فمع توجه حشود الحوثيين وقوات صالح إلى الجنوب برز أمامها حائط شعبي سلمي في تعز، التي أُريد لها أن تكون مؤخرة عسكرية ومنطقة حشد وانطلاق نحو عدن، فرفض أبناؤها تواجد الميليشيات المسلحة للحوثيين ورفضوا الحرب على الجنوب . يرفع الحوثيون لافتة الحرب على الإرهاب والقاعدة لاقتحام الجنوب، إلا أن ارتكاب حماقة كهذه ستكلفهم الكثير، بعد الاصطفاف الجنوبي الواسع هناك، وخاصة بعد دعوة فصائل الحراك الجنوبي التي لم تكن إلى وقت قريب تقبل الوقوف إلى جانب هادي إلى التوجه إلى الجبهات الأمامية، التي تُسيج العاصمة الجنوبية عدن .
يرى عسكري متقاعد شارك في حرب تحرير جنوب اليمن من الاستعمار، أن أي محاولة لاقتحام المناطق الجنوبية والدخول إلى عدن عملية غير سهلة ومكلفة جداً، فالحشد الشعبي واسع ومسلح إلى جانب قوات عسكرية نظامية وعسكريين ذوي خبرة ومؤهلين، وما يميز الأمر أن الحشد الشعبي، من أبناء المناطق نفسها، سيدافعون عنها في حرب شوارع أهلية، والحزام الأمني حول عدن محكم .
ورجح أن ما يقوم به الحوثيون هو ممارسة الضغوط من خلال الحشد العسكري والترهيب بالإعلام والدعاية والاغارة بالطيران الحربي على عدن، وإن حدث الهجوم على الجنوب ستحل الفوضى وسيتحول الأمر إلى حرب مفتوحة، وسيواجه الغزو الجديد بمقاومة شعبية شرسة، ستتخذ أكثر من شكل، مذكراً بقول بنعمر أمام مجلس الأمن "إن من الوهم الاعتقاد بإمكانية أن يسيطر الحوثيون على اليمن بأكمله أو أن يستطيع الرئيس عبد ربه منصور هادي حشد ما يكفي من القوات لتحرير البلاد"، و"أن أي جانب يريد دفع البلاد في أي من الاتجاهين سيتسبب في صراع ممتد في سياق سيناريو مجمع للعراق وليبيا وسوريا" .
وأمام تفاصيل الموقف المعقد والخطر تبرز الفرضية المؤكدة في المشهد، وهي أن جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، ماضية في مشروعها، في حين جبهتها العسكرية في محافظة مأرب تواجه مقاومة كبيرة، أوقفت الجماعة عند حدودها، وهجمات موجعة تتعرض لها في البيضاء من قبل مسلحين قبليين مدعومين بعناصر القاعدة .
وفي جبهة الجنوب يبدو هادي مدافعاً عن الشرعية ورافضاً للتمدد الحوثي، وهو الأمر الذي مثل مدخلاً لطلب تقدم به وزير خارجيته لمجلس التعاون الخليجي بمساعدة درع الجزيرة، وتأكيده على رد إيجابي تلقاه .
ويعزز الموقف الخليجي الواعد بتحرك إيجابي وقوي لجهة دعم شرعية هادي، اتفاق مسؤولين خليجيين رفيعي المستوى في الرياض الاحد الماضي على إجراءات لتصعيد الضغوط السياسية والأمنية على الحوثيين في اليمن وحلفائهم من جماعة صالح . بالمقابل جاء موقف مجلس الأمن الأخير مخيباً للآمال، عندما أصدر بياناً رئاسياً غير ملزم، لم يرتق إلى مستوى الحدث، كما كان متوقعاً لدى اليمنيين، غير أن هناك تفسيراً آخر لهذا الموقف مفاده أن المجتمع الدولي، يترك دول الخليج لتتصدى في المقام الأول للأزمة اليمنية .
ورغم كل التوقعات في أسوأ احتمالاتها لنهاية المشهد المتوتر، إلا أنه ليس من المستبعد أن تضطر جماعة الحوثي وعلي صالح الانصياع للإرادة الوطنية والإقليمية والدولية ويوقفون التصعيد، والقبول بالحوار خارج اليمن للتوصل إلى تسوية للأزمة، لأنهم سيدركون أن ليس بالإمكان أن يحققوا نصراً عسكرياً حاسماً في كل اليمن، وتحديداً في الجنوب، الذي بات بيئة رافضة كلياً لصالح والحوثيين، فيما لا يزال تنظيم "القاعدة" هو المستفيد في هذا الوضع المضطرب .
لتعبئة العامة بتاريخ 21 مارس/ آذار، ليلحقه تصعيد أكبر من زعيم الحوثيين بالإعلان عن الخطوات العملية قبل ساعة الصفر، برفد المعسكرات بالمقاتلين ودعم التعبئة بالمال والقوافل الغذائية في خطابه يوم 22 مارس/ آذار .
المثير للاستغراب أن الرئيس السابق علي صالح حاول الاثنين الماضي، مع تصاعد المواقف المناهضة للحرب على الجنوب بحجة محاربة القاعدة والتكفيريين، أن يظهر بعيداً عن المشهد المتأزم بدعوته الرئيس هادي وعبد الملك الحوثي "لوقف الحشود والصدامات للحفاظ على أمن المواطن والوطن"، بينما كان هو أول من هدد علناً باجتياح الجنوب وطرد هادي أو كما قال: "لن يترك له إلا منفذاً واحداً للهروب من عدن"، فيما تحالفه مع الحوثي لا يخفى على أحد .
في الأثناء بدا المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر كمن لا حول له ولا قوة، بينما يدير مشاورات ومفاوضات أو حواراً مفترضاً في صنعاء، أراده الحوثيون غطاء سياسياً لهم، وفي الآن ذاته، يهيئون انفسهم عسكرياً لمعارك مقبلة، أما الأحزاب التي يتحلق ممثلوها حول طاولة بنعمر فبدت متخبطة وفي حالة عجز شديد، توزع أدوارها في الاقتراب من هادي والتمسك بشرعيته والمشاركة في حوار صنعاء إلى جانب انصار الله (الحوثيين)، في حين يصفونهم بالمنقلبين على الشرعية .
مثلت جريمة تفجير مسجدي بدر والحشحوش في صنعاء يوم الجمعة الماضي ومقتل وجرح المئات وقبلها بيوم جريمة اغتيال القيادي الحوثي البارز عبدالكريم الخيواني تحولاً حاداً في المشهد اليمني لجهة تشدد موقف الحوثيين واتخاذهم ذلك ذريعة لشن الحرب على الجنوب "لمحاربة القاعدة و"الدواعش" التي يتعاون هادي ومليشياته الجنوبية معهم"، حسب زعم الحوثيين، "في حين أنهم يعلمون أن هذه المجاميع الموجودة من القاعدة في الجنوب هي من صنع حلفاء الحوثيين وتتحرك بأمر هؤلاء الحلفاء"، كما أشار القيادي الجنوبي حيدر العطاس، في إشارة إلى صالح . لم يفوت الحوثيون وفريق صالح السياسي والإعلامي استثمار تداعيات معركة مطار عدن وتحرير معسكر قوات الأمن الخاصة فيها، الذي كان رأس حربة لصالح والحوثيين هناك، وكان مؤملاً من قائده المُقال العميد عبدالحافظ السقاف أن يقلب الوضع في عدن لصالح الانقلابيين بعد أن حاولت قواته يوم 19 مارس/ آذار السيطرة على مطار عدن، والاستفادة من واقعة إقدام عناصر القاعدة الاعتداء على المباني الرسمية والعسكرية في مدينة الحوطة بمحافظة لحج، والتي سيطروا عليها لساعات عدة وقتل 19 جندياً بصورة بشعة ونهب أسلحة ثقيلة، قبل أن يفروا أمام تقدم قوات من الجيش واللجان الشعبية وإعادة السيطرة على الحوطة .
لكن مقابل ذلك شكل الانتصار في معركة المطار وإنهاء تمرد العميد السقاف في عدن من قبل قوات الجيش واللجان الشعبية التي قادها وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي، دفعاً قوياً لجبهة الرئيس هادي، حيث كان منطلقاً جديداً ليعزز هادي وقواته جبهة محافظات الجنوب المحاذية لمحافظة تعز والضالع وابين، وهي المنافذ التي يسعى الحوثيون الدخول منها إلى عدن .
هكذا شكل التحول في المشهد العسكري والأمني في عدن فرصة أكبر لالتفاف واسع في الجنوب حول هادي، تعزز كثيراً في الأسبوع الأخير وبات بإمكان القيادات العسكرية هناك تنظيم وتعزيز الدفاع عن الحدود الجنوبية، ولعل هذا التحول استفز صالح والحوثيين الذين أرسلوا طائرات حربية للإغارة على مقر إقامته في قصر المعاشيق في عدن، لكن دون جدوى .
وعليه بدا هادي واثقاً عندما خاطب الحوثيين وصالح بالقول إن العام 2015 ليس هو العام ،1994 فقد تغيرت المعادلة على الأرض وفي القناعات عند الشعب في الجنوب، ولعل هذا ما دلل عليه الحزب الاشتراكي بالقول: "إن شن حرب عدوانية جديدة ضد الجنوب وبيئته السياسية والاجتماعية ستنطوي على عواقب لا يخال الذاهبون إلى الحرب مداها وفداحتها . ولن تشبه عواقب أي حرب سابقة من الحروب التي شنها تحالف الحرب والتقويض في صنعاء" .
الأسوأ في المشهد اليمني أن الاصطفاف السياسي والعسكري والمجتمعي يبدو في الأغلب جهوياً بين الشمال والجنوب، وهو الأمر الذي ستكون له تداعياته لاحقاً، بما يكرس انفصالاً غير معلن حتى الآن، غير أن هذا لا يلغي الاصطفاف الوطني اليمني ضد دعاة الحرب، فمع توجه حشود الحوثيين وقوات صالح إلى الجنوب برز أمامها حائط شعبي سلمي في تعز، التي أُريد لها أن تكون مؤخرة عسكرية ومنطقة حشد وانطلاق نحو عدن، فرفض أبناؤها تواجد الميليشيات المسلحة للحوثيين ورفضوا الحرب على الجنوب . يرفع الحوثيون لافتة الحرب على الإرهاب والقاعدة لاقتحام الجنوب، إلا أن ارتكاب حماقة كهذه ستكلفهم الكثير، بعد الاصطفاف الجنوبي الواسع هناك، وخاصة بعد دعوة فصائل الحراك الجنوبي التي لم تكن إلى وقت قريب تقبل الوقوف إلى جانب هادي إلى التوجه إلى الجبهات الأمامية، التي تُسيج العاصمة الجنوبية عدن .
يرى عسكري متقاعد شارك في حرب تحرير جنوب اليمن من الاستعمار، أن أي محاولة لاقتحام المناطق الجنوبية والدخول إلى عدن عملية غير سهلة ومكلفة جداً، فالحشد الشعبي واسع ومسلح إلى جانب قوات عسكرية نظامية وعسكريين ذوي خبرة ومؤهلين، وما يميز الأمر أن الحشد الشعبي، من أبناء المناطق نفسها، سيدافعون عنها في حرب شوارع أهلية، والحزام الأمني حول عدن محكم .
ورجح أن ما يقوم به الحوثيون هو ممارسة الضغوط من خلال الحشد العسكري والترهيب بالإعلام والدعاية والاغارة بالطيران الحربي على عدن، وإن حدث الهجوم على الجنوب ستحل الفوضى وسيتحول الأمر إلى حرب مفتوحة، وسيواجه الغزو الجديد بمقاومة شعبية شرسة، ستتخذ أكثر من شكل، مذكراً بقول بنعمر أمام مجلس الأمن "إن من الوهم الاعتقاد بإمكانية أن يسيطر الحوثيون على اليمن بأكمله أو أن يستطيع الرئيس عبد ربه منصور هادي حشد ما يكفي من القوات لتحرير البلاد"، و"أن أي جانب يريد دفع البلاد في أي من الاتجاهين سيتسبب في صراع ممتد في سياق سيناريو مجمع للعراق وليبيا وسوريا" .
وأمام تفاصيل الموقف المعقد والخطر تبرز الفرضية المؤكدة في المشهد، وهي أن جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، ماضية في مشروعها، في حين جبهتها العسكرية في محافظة مأرب تواجه مقاومة كبيرة، أوقفت الجماعة عند حدودها، وهجمات موجعة تتعرض لها في البيضاء من قبل مسلحين قبليين مدعومين بعناصر القاعدة .
وفي جبهة الجنوب يبدو هادي مدافعاً عن الشرعية ورافضاً للتمدد الحوثي، وهو الأمر الذي مثل مدخلاً لطلب تقدم به وزير خارجيته لمجلس التعاون الخليجي بمساعدة درع الجزيرة، وتأكيده على رد إيجابي تلقاه .
ويعزز الموقف الخليجي الواعد بتحرك إيجابي وقوي لجهة دعم شرعية هادي، اتفاق مسؤولين خليجيين رفيعي المستوى في الرياض الاحد الماضي على إجراءات لتصعيد الضغوط السياسية والأمنية على الحوثيين في اليمن وحلفائهم من جماعة صالح . بالمقابل جاء موقف مجلس الأمن الأخير مخيباً للآمال، عندما أصدر بياناً رئاسياً غير ملزم، لم يرتق إلى مستوى الحدث، كما كان متوقعاً لدى اليمنيين، غير أن هناك تفسيراً آخر لهذا الموقف مفاده أن المجتمع الدولي، يترك دول الخليج لتتصدى في المقام الأول للأزمة اليمنية .
ورغم كل التوقعات في أسوأ احتمالاتها لنهاية المشهد المتوتر، إلا أنه ليس من المستبعد أن تضطر جماعة الحوثي وعلي صالح الانصياع للإرادة الوطنية والإقليمية والدولية ويوقفون التصعيد، والقبول بالحوار خارج اليمن للتوصل إلى تسوية للأزمة، لأنهم سيدركون أن ليس بالإمكان أن يحققوا نصراً عسكرياً حاسماً في كل اليمن، وتحديداً في الجنوب، الذي بات بيئة رافضة كلياً لصالح والحوثيين، فيما لا يزال تنظيم "القاعدة" هو المستفيد في هذا الوضع المضطرب.
الخليج الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.