لم يسبق لي أن التقيت بالأستاذ عرفات مدابش يرحمه الله بشكل مباشر، لكني بطببعة الحال أعرفه كصحفي لامع وكشخصية عامة لها حضورها، وكانت سيرته عطرة كلما وردت في حديث هنا أو هناك مع أحد الزملاء الذين تربطهم علاقة شخصية به. ومع ذلك فقد كان لي ارتباط كبير بالموقع الإخباري التابع له (التغيير نت) سواء من خلال متابعتي لأخبار الوطن من خلاله كمصدر يحظى بثقتي، أو بواسطة المقالات التي ينشرها لي، وهو أكثر موقع تشرفت بنشره لمقالاتي المتواضعة، وكان في كثير من الأحيان ينفرد وحيدا بنشر بعض من تلك المقالات، خصوصا تلك التي تهاجم السلبيات لدى كل الأطراف دون استثناء ودون تحيز، فلا تجد طريقا للنشر إلا في موقع التغيير نت. ففي الوقت الذي كانت تربط فيه معظم الصحف والمواقع المقالات التي تنشرها بالعلاقة الشخصية أو السياسية التي تجمعها بكاتب المقال، أو على الأقل بمضمون المقال المنسجم مع توجه تلك الصحيفة أو ذلك الموقع، فإن موقع التغيير نت كان له رأيا وتوجها آخر يكاد أن ينفرد به. فأنت عندما تفتح صفحة المقالات في الموقع تجدها وقد شملت مقالات لكتاب ينتمون لتيارات مختلفة، وتجد فيه المقال ونقيضه في نفس اللحظة، فقد كانت سياسة الموقع تتمثل بفتح الموقع لمختلف الآراء، بغض النظر توافقت مع سياسة أصحاب الموقع أو اختلفت معها.. لذلك كنت أنا أشبهه بحديقة غناء متنوعة الآزهار والثمار، كل شخص يجد فيها ماتشتهيه نفسه ويمتع ناظريه. وكان الشرط الوحيد الذي يضعه الموقع هو أن يكون المقال مناسبا للنشر بصيغته اللغوية، وأن يرفق كاتب المقال صورته مع مقاله، ربما ليضمن الموقع تجنب المقالات المدسوسة التي يتخفى أصحابها بأسماء مستعارة كما يحدث في كثير من المواقع الأخرى. ربما في فترة الحرب الأخيرة قل ذلك التنوع، لكننا نجد له المبرر، لعلمنا بأن أطراف الحرب قد وضعت وسائل الإعلام العاملة في مناطق سيطرتها ونفوذها تحت خيار (إن لم تكن معي بالمطلق فسأتعامل معك بأنك ضدي) ولا مجال للمنطق والحياد. لذلك فنحن في الوقت الذي نعزي فيه أنفسنا وكذلك أهله ومحبيه وكل الوطن برحيل الأستاذ عرفات إلى عالم الخلود، فإننا نتمنى على من سيتحمل مسؤولية موقع التغيير نت من بعده المحافظة على هذا الموقع النابض بالحياة والتنوع والمصداقية وحب الوطن، وأن لا نسمح للموقع أن يموت بموت صاحبه كما حدث مع العديد من المشاريع الإعلامية الناجحة. ولا يخفي بأن استمرار موقع التغيير نت بنهجه الذي عرفناه منذ تأسيسة معناه بقاء السيرة العطرة لطيب الذكر مؤسسه الأستاذ القدير عرفات مدابش يرحمه الله ويغفر لنا وله. ... لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet