قبل احتفاله بعقد قرانه من ابنة الداعية الإسلامية السعودية البارزة فاطمة نصيف -وهو الزواج الثالث له- جاء نبأ استقالة رئيس تحرير صحيفة "الوطن" السعودية جمال خاشقجي في خبر مقتضب مساء السبت على موقع الصحيفة على الإنترنت. وجاء في الخبر أن خاشقجي "قدم استقالته للتفرغ لأعماله الخاصة"، وأن رئيس مجلس إدارة مؤسسة عسير للصحافة والنشر الأمير بندر بن خالد الفيصل وافق على الاستقالة. وأعرب الأمير بندر -نجل أمير منطقة مكةالمكرمة- عن شكره لخاشقجي على ما قدمه للصحيفة على مدى نحو ثلاث سنوات، مؤكدا أن خاشقجي "سيظل ابنا من أبناء الوطن الأوفياء والذين تركوا بصمات واضحة في مسيرتها المهنية". استقالة أم إقالة؟ وذكرت مصادر إعلامية متعددة أنه تمت إقالة خاشقجي من منصبه على خلفية مقال كتبه الكاتب إبراهيم طالع الألمعي في الوطن الخميس الماضي بعنوان "سلفي في مقام سيدي عبد الرحمن" وصف فيه السلفية بأنها "جرداء مُسطّحة الفكر، لا تملك التوغل في الفكر، ولا اتساع التمذهب". وبحسب المراقبين فإن "إقالة" خاشقجي من رئاسة تحرير الصحيفة ذات التوجه الليبرالي التي يرأس مجلس إدارتها نجل أمير منطقة مكةالمكرمة بندر بن خالد الفيصل لم تكن سوى إقالة متوقعة دفع ثمنها خاشقجي بسبب معاركه الفكرية الطاحنة مع أقطاب التيار السلفي وعلى رأسه المؤسسة الدينية الرسمية ممثلة في هيئة كبار العلماء. اتهامات ويتهم السلفيون خاشقجي بأنه يقف وراء تحريض صناع القرار السياسي على إقالة عضو بارز من أقطاب المؤسسة الدينية وهو الدكتور سعد الشثري على خلفية نقد الأخير للاختلاط بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بعد مقال كتبه جمال وصف فيه الشثري ب"المشوش" لكونه تحدث عن الاختلاط وحرمته. وفي تعليقه للجزيرة نت على الاستقالة اتهم الصحفي بجريدة الوطن حمد العشيوان من وصفهم بالتيار الإسلامي المتشدد أو "صناع الكوابيس" بأنهم خلف إقالة خاشقجي. وقال "يثبت لنا التيار الإسلامي بأنه قوة خارقة لا يمكن الوقوف أمامها مهما كانت التحديات، فهم وقفوا صفا واحدا ضد آراء صحيفة الوطن ورئيس تحريرها خصوصًا بعد حادثه الشيخ سعد الشثري". وشكك العشيوان في استقالة خاشقجي وقال إنها تضع أكثر من علامة استفهام مضيفًا أن خاشقجي كان مجتمعا صباح يوم استقالته مع زملائه في الصحيفة ولم يتحدث بهذا الأمر نهائيًّا، "فكيف لرجل أن يقدم استقالته في يوم زفافه?". وتابع "هذه الخطوة قد تفسر بأنها ضغوطات أجبرت جمال خاشقجي على قبول الاستقالة ومغادرة صحيفته لما يحمله من فكر ينافي العادات والتقاليد السعودية وما تحمله صحيفته القادمة من جنوب السعودية أبها من فكر غربي يراد به هدم الثوابت الإسلامية". مؤكدًا أن "هذا الأمر ينافي الواقع تمامًا فالرجل وصحيفته يسيران على خطى إصلاح العاهل السعودي". باب الشر وامتنع العديد من العلماء السلفيين الذين اتصلت بهم الجزيرة نت عن التعليق على الموضوع إلا أن أحدهم قال في إجابة مقتضبة "الغموض يكتنف ما جرى لخاشقجي، ولا يزال الليبراليون مسيطرين على الوسائل الإعلامية السعودية". لكن بعض المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت، استعملت كلمة إقالة بدلا من استقالة في تعاطيها مع الخبر. وأرجعت الإقالة إلى آراء خاشقجي "التي هاجمت المؤسسة الدينية والعلماء"، وإلى آراء صحيفته "التي فتحت باب الشر" فيما يتعلق بملف المرأة السعودية والمطالبات بإدخال تغييرات يرى المحافظون أنها "تغريبية". تجدر الإشارة إلى أن خاشقجي أقيل من رئاسة تحرير الوطن للمرة الأولى عام 2004 بعد 52 يوما من شغله للمنصب إثر اتهامات للصحيفة باستهداف المؤسسة الدينية، وانتقادها لأحد كبار العلماء، إلا أنه عاد إليها مرة ثانية في أبريل/نيسان عام 2007.