قبل نحو أثنى عشر عاما من الآن تعرفت إلى الراحل , فقيدنا حميد شحرة , ذلك الشاب القادم من اللواء الأخضر , مستلا سيفه , راكبا جواده , ونزل إلى الميدان يكتب اسمه بخطى ثابتة في الوسط الصحفي وبمهاراته وروحه الجميلة وصل إلى قلوب الجميع .. زملاء صحافيين وقراء عشقوا قلمه وكلماته. كانت لنا لقاءات وتشاركنا في رحلات كثيرة , وهناك من هم أمثال حميد لا يمكنك أن تنسى المواقف التي تجمعك بهم , ابتسامة ساحرة أحيانا وأحيانا ساخرة من وضع أو موقف يستحق ذلك , تعليقات ذكية والتقاطات سريعة. مثل فقيدنا الكبير نموذجا رائعا للطموح المتزامن مع العمل , وكأن قدره كان يدفع به سريعا ويساعده على تحقيق أحلامه أو معظمها .. أسس " ا لناس " , الصحيفة , ثم المؤسسة وهما ناجحتان وأدارهما باقتدار رغم صغر سنه .. عندما نتحدث عن حميد شحرة فإننا لا نتذكره .. لأننا لم ننسه .. نتحدث عن الشخص الذي أبى أن يرحل دون أن يترك بصمات واضحة وراءه .. ليس شخصا هامشيا عاش ومات .. لقد فجعنا يا حميد الخصال والأخلاق لرحيلك المبكر عنا , لم انم يا صديقي العزيز ليلة جاء خبر رحيلك , لا نصدق سوى انك بيننا , وأنت كذلك فعلا , فالرجال أمثالك لا يرحلون , ترحل أجسادهم وتظل أرواحهم معنا وفينا .. خبر صاعق يحمل إلينا الحق الذي نكرهه , يصدمنا , نعيش الذهول , لا نكاد نصدق , نبحث عن أي شيء يكذبه , باتصال هاتفي ينفي الخبر أو خبر منشور هنا أو هناك يقول لنا انه بخير وسيتعافى وسينهض مجددا ليواصل المشوار وسيكتب عن ابتسامات أخرى وهموم كثيرة .. لا حيلة بيدنا ولا مفر من قدرنا . صديقي العزيز .. نم قرير العين .. فقد اختارك الله بعد أن أديت مناسك العمرة , وأنت عائد من بيت الله الحرام بقلب مليء بالإيمان والحب , نقي كالطفولة .. هنيئا لك يا حميد هذا الاختيار وثق أننا لن ننساك فأنت مازلت بيننا .. رحمك الله يا حميد شحرة .. القلوب تدمي والعيون تدمع ولا نملك سوى أن نقول : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .. وان نعزي أهله وذويه وزملاءه في " الناس " وأنفسنا ، ونسأل المولى عز وجل أن يلهم الجميع الصبر والسلوان . إنا لله وإنا إليه راجعون.