قد يكون هذا الأمر مثيرا للدهشة والاستغراب, لكنه يختصر ظاهرة لافتة بدأت بإعادة تقديم التراث اليمني بصناعة صينية، وتنوعت وصولا إلى بروز العنصر النسائي الصيني الجاذب للمستهلك اليمني، حيث يعملن كباعة متجولين في بعض أسواق العاصمة صنعاء. وفي هذا السياق يقول الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية يحي النشي: الملاحظ أن اليمن في الآونة الأخيرة، ومن خلال الأسواق الشعبية، بدأت تحتضن عددا من أبناء الصين الشعبية الصديقة التي اجتاز أبناؤها كل الحدود وصولا إلى السوق والشارع اليمني، مشيرا إلى أن الصينيين لم يكتفوا بالإسهام في القضاء على منتجات حرفية تراثية، وصناعات صغيرة تقليدية في اليمن، بل تعدى الأمر ذلك لتصل المنافسة للقمة، أعني عيش المواطن اليمني الذي يعاني من البطالة المرتفعة, ويجد الباعة المتجولون اليمنيون أنفسهم في سباق مع الصينيين. في مجتمع قبلي محافظ لا زال يتلمس طريقه نحو اللحاق بركب المجتمعات المدنية يبدو ظهور نساء صينيات متحررات في الأسواق الشعبية مشهدا مثيرا للانتباه والاهتمام، ويدفع البعض إلى تفضيل الشراء منهن, ويقول الباحث محمد العلوي: هناك العديد من الباعة المتجولين من الجنسية الصينية، وخصوصا العنصر النسائي الجاذب للمستهلك اليمني الذي يرغب بالشراء منهن حتى ولو كان ذلك من باب الفرجة والإقبال على منظر غير مألوف. وأضاف أنه قبل عدة أيام لاحظ ازدحاما للمواطنين وتجمعا كثيفا في أحد الأسواق الشعبية مما دفعه إلى الاقتراب من المكان لمعرفة الشبب، فكان أن اكتشف أن كل هؤلاء المتزاحمون شكلوا دائرة مغلقة حول بائعة صينية تجيد اللغة العربية بلكنة مكسرة ومتقطعة. الحضور الصيني في اليمن كان سيكون طبيعيا لو أنه توقف عند مجرد الصناعات الصينية المعروفة التي تكتظ بها السوق اليمنية مثلما تنتشر في باقي الأسواق العربية والعالمية ..لكنه شكلا حدثا بارزا منذ بضع سنوات عندما حطم الصينيون سور الموروث التاريخي اليمني العظيم و الذي لم يقترب أحد منه من قبل. فالجنبية ( الخنجر ) اليمني ظل جزءا من الموروث واللباس التقليدي اليمني المميز حيث تمتد تاريخيا الى ما قبل الإسلام , وعلى مدى قرون ظل اليمنيون يتفاخرون بهذا اللباس ويتباهون باقتناء الجنابي ذات الأثمان الغالية والتي تنتقل من الآباء إلى الأبناء وعلى مدى أجيال عديدة . ويعود التمسك والاحتفاظ بها الى كونها ترمز إلى المستوى الاجتماعي والقبلي لهذه العائلة أو تلك.ويعتقد البعض أن انتشار الجنابي المصنوعة في الصين منذ اقل من ثلاث سنوات يرجع إلى الظروف الاقتصادية والمعيشية حيث أن الكثيرون فضلوا التنازل عن التباهي بالجنابي الفاخرة والغالية الثمن مقابل عدم التخلي عن هذا اللباس كجزء يميز الشخصية اليمنية. ويقول محمد العزي صاحب محل بيع جنابي في صنعاء القديمة أن هذه التجارة الزائفة بدأت تنتشر منذ نحو عامين حيث يقبل الناس عليها لكونها غير مكلفة مشيرا إلى أنها تبدو لمن لا يعرفها مثل الجنبية الحقيقية . يشار الى أن الجنبية الحقيقية هي عادة ما تكون مصنوعة من عظام زرافة أو بقرة أو وحيد القرن الأسود في حين أن الجنبية الصينية مصنوعة من البلاستيك . وفي حين تتراوح أسعار الجنبية الحقيقية بين 100 دولار و15 ألف دولار , وبعض مشايخ اليمن ومسئوليها الكبار يملكون جنابي تقدر قيمة الواحدة منها بنحو مليون دولار ..فإن أسعار الجنابي الصينية تتراوح بين دولارين و15 دولارا فقط.