تشهد ست مدن يمنية رئيسة تصاعداً مضطرداً لحمى السباق المسلح بين العديد من القوى المناوئة للنظام القائم، لفرض السيطرة والاستحواذ على مناطق نفوذ استراتيجية جديدة خاصة في المدن، حيث تدور مواجهات مسلحة في مناطق متفرقة من مدينة عمران (150 كلم من صنعاء) بين مجاميع قبلية تابعة للشيخ حسين الأحمر، شقيق زعيم قبيلة حاشد، كبرى القبائل اليمنية ووجاهات قبلية أخرى منضوية في إطار ما يسمي اتحاد قبائل حاشد، ومراكز قوى قبلية موالية للنظام من أبرزها الشيخ علي سنان الغولي والشيخ حمود عاطف والشيخ صغير بن عزيز، أحد الوجاهات البارزة في قبيلة بكيل، ثاني كبرى القبائل اليمنية . وأكدت مصادر قبلية مطلعة بعمران ل “الخليج” أن الأسابيع الثلاثة الأخيرة شهدت تصعيداً لافتاً لمظاهر صراع طارئ ومحتدم بين قوى قبلية موالية للنظام الحاكم وأخرى موالية للثورة القائمة يتزعمها الشيخ حسين الأحمر ووجاهات قبلية متحالفة معه في إطار اتحاد قبائل حاشد، مشيرة إلى أن القوى القبلية المناوئة للرئيس صالح ونظامه دشنت محاولات لفرض السيطرة المسلحة على بعض المناطق الحيوية المتاخمة لمركز المحافظة واستمالة مراكز قوى قبلية محايدة وموالية للنظام بهدف إنهاء مظاهر السيطرة النسبية للقوات الحكومية على عمران وإلحاقها بركب المدن التي سقطت فعلياً من حظيرة الدولة وهو لايزال مستعصياً حتى الآن . من جهة أخرى تشهد مدينة الجوف ( 143 كلم من صنعاء) تصاعداً مضطرداً لحمى الصراع الدامي بين جماعة الحوثيين التي يقودها “أبو صالح”، أحد القادة الميدانيين البارزين للجماعة ومجاميع قبلية مسلحة تابعة لحزب التجمع اليمني للإصلاح أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد بقيادة الشيخ الحسن بن علي أبو بكر، بهدف السيطرة على مركز المدينة وبسط النفوذ المسلح على المناطق والمواقع العسكرية التي أخليت من قبل القوات الموالية للنظام القائم . وأكد الشيخ مبخوت ظافر بن ناجي الحزمي، أحد الوجاهات القبلية البارزة بالجوف في تصريح ل “الخليج” أن المواجهات المسلحة العنيفة بين الحوثيين والمجاميع القبلية المسلحة التابعة لحزب الإصلاح تتركز منذ ثلاثة أيام في مناطق محددة، من أبرزها “سدبا” ومديرية “خب الشعف” التى ترتبط بحدود برية مع السعودية وتشترك مع كل من حضرموت وصعدة عبر منطقة “البقع” الحدودية، منوهاً بأن الحوثيين تمكنوا من الاستيلاء على بعض المناطق بسدبا، ويحاولون التقدم باتجاه مناطق أخرى متاخمة تقع تحت سيطرة مجاميع حزب الإصلاح . وكشف مصدر قبلي مطلع بالجوف ل “الخليج” عن حيازة الحوثيين أكثر من سبع دبابات وعدداً من المدافع الثقيلة والأطقم العسكرية عقب استيلائهم في وقت سابق على موقع “الصفراء” العسكري التابع للواء “115”، فيما استولى الإصلاحيون على 25 دبابة والعديد من المعدات والأسلحة العسكرية المتوسطة والثقيلة خلال المواجهات التي خاضوها ضد قوات اللواء 115 وأسفرت عن تخلي أفراد اللواء عن أسلحتهم والتقهقر إلى مناطق خلفية . وفي أبين، شرقي البلاد، أسهم انسحاب مسلحي تنظيم القاعدة من مناطق عديدة في مديرية مودية عقب تصعيد مجاميع قبلية مسلحة للعمليات المسلحة الموجهة ضد عناصر ومناطق تمركز مسلحي القاعدة في تحويل مسرح الصراع المحتدم إلى مديرية “لودر” المتاخمة إثر تقاطر عناصر القاعدة إليها بعد خروجهم القسري من مودية . وأكد سلطان عبده مهيوب، أحد النازحين من منطقة مودية ل “الخليج” أن المجاميع القبلية المسلحة التي بادرت بشكل تطوعي إلى حمل السلاح لطرد مسلحي القاعدة من “مودية” بدأت بفرض نفوذها في معظم أنحاء المديرية والتعاطي معها باعتبارها منطقة خارج سيطرة الدولة والسلطات المحلية بمحافظة أبين . وتشهد محافظة صعدة، التي انحسرت فيها ومنذ وقت مبكر لتصاعد الثورة القائمة في البلاد وبشكل واسع، مظاهر السيطرة الفعلية للسلطات الحكومية ظهوراً متجدداً للنزاعات والصراعات بين القوي القبلية المسيطرة على المناطق والمواقع العسكرية والحكومية التي أخليت من القوات الحكومية والسلطات المحلية، وبين قوى قبلية أخرى تطمح إلى الحصول على مناطق نفوذ مغلقة . وتبدو تعز ولحج إلى الجنوب من صنعاء، محافظات مرشحة للانسلاخ عن سيطرة الدولة المركزية بعد تنامي نفوذ وحضور ما يمكن وصفها بالميلشيات القبلية المسلحة في مواجهة حضور ينحسر يوماً فآخر للقوات الحكومية الموالية للنظام القائم، الأمر الذي قد تبرز معه لاحقاً مظاهر صراع بين هذه القوى وقوى أخرى متوارية عن المشهد الراهن لفرض السيطرة والاستحواذ على مناطق النفوذ الشاغرة .
