ارتفعت الأصوات المطالبة بالتدخل الروسي في اليمن، في صفوف المنتمين لجماعة الحوثي والمؤيدين للرئيس السابق علي عبدلله صالح، لمساعدة مليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، التي أصبحت متهالكة وتعيش حالة يأس كبيرة، في مواجهة قوات المقاومة الشعبية وقوات التحالف العربي، على غرار التدخل العسكري الروسي في سوريا الذي يساعد قوات بشار الأسد على مواجهة قوات المعارضة السورية. تنظيم المؤيدون لجماعة الحوثي وصالح، ما بين حين وآخر، وقفات احتجاجية أمام السفارة الروسية بالعاصمة صنعاء للمطالبة بالتدخل العسكري الروسي في اليمن، وزيارة علي عبدالله صالح للمرة الثانية، خلال شهر واحد، للسفارة الروسية ولقاءه بالدبلوماسيين الروسيين، أثارت الكثير من التساؤلات حول إمكانية التدخل العسكري الروسي في اليمن لمواجهة قوات التحالف، بالتزامن مع تصاعد حدة التوترات مع بعض الدول بسبب الخلافات الكبيرة المتعلقة بالملف السوري. الدور الروسي يفقد بريقه من جهته، رأى المحلل السياسي ورئيس مركز إسناد الحقوقي فيصل المجيدي، في تصريح خاص ل"مندب برس"، أن الأمر ضبابي فيما يتعلق بالدور الروسي في الملف اليمني، وأن هذا الدور بدأ يفقد بريقه بعد التطورات الأخيرة في سوريا، وتحديدا بعد إسقاط تركيا للطائرة الروسية، بالإضافة إلى أن مبررات التدخل الروسي في هذه المرحلة ضعيفة. روسيا لن تخوض المغامرة وأوضح المجيدي أن روسيا لن تخوض مغامرة في اليمن على غرار ما تفعل حالياً في سوريا لعدة أسباب، أبرزها أن التدخل الروسي جاء بمبرر الطلب من رئيس سوريا ولا يمكن ان يوجد هذا الطلب من رئيس اليمن، كما أنه لا توجد قواعد روسية عسكرية في اليمن على غرار ما هو موجود في سوريا وبالتحديد في منطقة اللاذقية، بالإضافة إلى أن المصالح الروسية في اليمن وبالتحديد الاقتصادية قليلة الأهمية بالمقارنة مع ما هو موجود في سوريا خصوصا ما يتحدث به البعض عن رغبة قطر بالاستحواذ على جزء من سوق الغاز في أوروبا المحتكر من روسيا وذلك بمد أنابيب عبر سوريا إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، كما أن روسيا لا يمكن أن تخوض أكثر من حرب في آن واحد خصوصا في ظل الوضع الاقتصادي المتذبذب وعدم استقرار أسعار النفط. وأشار المجيدي، خلال حديثه ل"مندب برس"، إلى أنه وبالرغم من امتناع روسيا عن التصويت للقرار الأممي 2216 المطالب بانسحاب الحوثيين وتسليم السلاح وعودة السلطة الشرعية إلا أن امتناعها يسمى "امتناع إيجابي"، أدى لتمرير القرار الأممي في حين أنها كانت تستخدم حق النقض "الفيتو" لإبطال كل القرارات المتعلقة بسوريا. وأكد على أنه ليس من المنطق أن تخالف روسيا القرار 2216 الذي مرر بموافقتها. وبحسب المجيدي فإن روسيا تعلم حساسية الملف اليمني بالنسبة لدول الخليج وبالتحديد السعودية وهي لا تسعى أن تقطع "شعرة معاوية"، حسب وصفه، مع دولة مؤثرة وحيوية كالسعودية بل بالعكس يمكن أن يكون الملف اليمني كالجزرة لتخفيف الضغط عليها في الملف السوري. دعم معنوي لصالح من جهته استبعد رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث عبدالسلام محمد أن تُقدم روسيا على التدخل عسكرياً وبشكل مباشر في الملف اليمني، وقال: روسيا لا يمكنها التدخل تدخلا عسكريا مباشرا في اليمن فالوضع السياسي والاقتصادي والعسكري لا يتيح لها الدخول في خصومة مع دول الخليج، كما أنها منذ البداية تجنبت الظهور بمظهر غير داعم للشرعية اليمنية والوقوف بوضوح مع القرارات الدولية. وتوقع عبدالسلام، في تصريح خاص ل"مندب برس"، أن تقوم روسيا بإحداث أعمال فوضى تقلق الخليجيين، في حال شعرت بوجود ضغوط عليها في الملف السوري، كتقديم الدعم المعنوي لعلي عبدالله صالح أو التغاضي عن وصول شحنات أسلحة من بعض الشركات الروسية أو بترك الأبواب مفتوحة أمام الميلشيات لإظهار قدرتها على التأثير في الملف اليمني لكسب نقاط في الملف السوري. حرب عالمية جديدة وأكد عبدالسلام على أن أية استجابة للانقلابين في اليمن بالتدخل العسكري المباشر هو مغامرة استنزاف لروسيا أولاً ثم يتيح لخصوم روسيا دعم الحركات المتمردة في روسيا وزيادة ضغوط الحظر الاقتصادي الذي بدأته أوروبا بعد فصل الروس لجزيرة القرم. وتوقع عبدالسلام، خلال حديثه ل"مندب برس"، توسعة الخصومات والعداء لروسيا، في حال تدخلت في الملف اليمني، الأمر الذي قد يمهد لتحالفات دولية ضد الروس وربما تفجير حرب عالمية جديدة. نجد في الأخير، أن حديث جماعة الحوثي ووسائل الإعلام التابعة لصالح عن احتمالية وجود تدخل عسكري روسي قريب في اليمن ليست سوى محاولة لخداع الميليشيات الإنقلابية وفي نفس الوقت خداع وبث القلق والتوجس في نفوس قوات المقاومة الشعبية. الأعداد الكبيرة لعناصر مليشيات الحوثي وصالح التي تُحصد أرواحها يومياً في مختلف جبهات القتال على أيدي منتسبي قوات المقاومة والتحالف العربي، يوضح الحالة المزرية التي وصلت إليها المليشيات والقتال بشكل عشوائي وبدون أي تخطيط، والدعايات التي تروجها وسائل الإعلام الحوثية تأتي في سياق تحفيز مقاتلي الحوثي وإيهامهم بأن الأيام القادمة ستشهد انتصارات كبيرة لصالحهم بالتعاون مع القوات الروسية.