مثلت الأخبار القادمة، صباح أمس الأربعاء، من محافظة أبين الجنوبية حيث سيطرة مليشيات تنظيم الشريعة بجزيرة العرب على أجزاء منهاصدمة قوية في نفس المواطن الذي ما يراوح مكانه إلا ويفاجئ بمقدمات حرب جديدة قبل انتهاء الحرب السابقة. لم يمض على تحرير محافظة أبين الجنوبية من مليشيات جماعة الحوثي وصالح سوى ما يقارب ثلاثة أشهر، لتعود مليشيات تنظيم القاعدة، أمس الأربعاء، للسيطرة على أجزاء منها واتخاذ الأسلوب الحوثي في "تفجير المنازل والمقرات" أسلوبا جديداً لعمليات التنظيم. وقال مواطنون إن عشرات المسلحين من تنظيم أنصار الشريعة التابع لتنظيم القاعدة انتشروا، أمس الأربعاء، في مدينتي جعار وزنجبار بمحافظة أبين، وقاموا بنصب عدد من نقاط التفتيش. وأقدم المسلحون على إعدام القيادي في اللجان الشعبية علي السيد ذبحاً، وتفجير مقر اللجان الشعبية بمدينة زنجبار، في سابقة هي الأولى من نوعها على غرار ما تقوم به مليشيات الحوثي من تفجير للمنازل والمقرات، بالإضافة إلى قيام مسلحي التنظيم بالاستيلاء على سيارة مصفحة للقيادي في المقاومة ورئيس اللجان الشعبية في أبين عبد اللطيف السيد. تنفيذ تنظيم القاعدة لعملياته في محافظة أبين بالتزامن مع قرب انعقاد مشاورات جنيف واستمرار عمليات قوات التحالف العربي والمقاومة الشعبية للسيطرة على محافظة تعز بالإضافة إلى حجم التمويل الكبير المتطلب لتنفيذ هذه العمليات والذي يفتقده التنظيم حالياً، أثارت الكثير من التساؤلات حول علاقة علي عبدالله صالح وجماعة الحوثي بالتنظيم ومحاولة خلط الأوراق وإنقاذ مليشيات الحوثي وصالح. كما أعادت هذه العملية للأذهان سيطرة تنظيم القاعدة في مارس/آذار 2011، إبان الثورة الشبابية، على محافظة أبين بالكامل، واعلانها إمارة إسلامية، بدعم وتمويل من علي عبدالله صالح، كما تحدثت التقارير الأممية، في محاولة منه لتخفيف ضغوط الثورة الشبابية على نظامه وتوظيف فوبيا الإرهاب لصالحه. ضربة مفصلية للشرعية والتحالف من جهته اعتبر استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء الدكتور عبدالباقي شمسان ما حدث في محافظة أبين بالضربة المفصلية للسلطة الشرعية ودول التحالف العربي من حيث الاستمرار في المعارك العسكرية دون الخضوع والانتباه لخطورة توظيف فوبيا الإرهاب في هذا التوقيت المفصلي. وتوقع شمسان، في تصريح خاص ل"مندب برس"، أن تتعرض السلطة الشرعية ودول التحالف، في حال تكررت عمليات تنظيم القاعدة وبنفس الشاكلة، لضغوط دولية للذهاب نحو تسوية سياسية مع ايقاف عمليات الاستعادة للجغرافيا ومؤسسات الدولة. كما أكد على ضرورة أن تقوم السلطة الشرعية حالياً بتنفيذ عدة عمليات وتسويقها لضبط السيطرة وفرض هيمنتها في إطار استعادة الثقة بها محلياً وخارجياً. لعب على فوبيا الغرب وحول تزامن عمليات تنظيم القاعدة مع قرب انطلاق مشاورات "جنيف2" وقبيل استعادة السيطرة على مدينة تعز وتحريرها من مليشيات الحوثي وصالح، أوضح الدكتور شمسان أن حدوث عمليات التنظيم في هذا الوقت ناتج عن قصور في ادارة عمليات الصراع خاصة وأن الحوثيين والمخلوع يلعبون على فوبيا الدول الغربية من الجماعات المتطرفة بهدف تسويق المخلوع كحافظ للتوازن والحوثيين كوكيل محلي لمواجهة ما يسمى ب"الدواعش". إعادة الثقة كما أكد الدكتور شمسان، خلال حديثه ل"مندب برس"، على ضرورة قيام السلطة الشرعية وبشكل عاجل بإيقاف ما أسماه ب"انخفاض منسوب الثقة" الذي تعرضت له وإعادة ضبط مجال اشتغالها مع عدد من العمليات الإعلامية الداخلية والخارجية التي تعمم وجودها وقدرتها على السيطرة وصناعة القرار وتنفيذه. وأشار أستاذ علم الاجتماع، في نهاية حديثه، إلى أن أهم عمليات استعادة الدولة والمؤسسات تتمثل بملء الفراغات الأمنية وإعادة سيادة القانون واحتكار الدولة للعنف الشرعي.