أعلنت دول عربية وإسلامية، في بيان مشترك الثلاثاء، تشكيل تحالف عسكري إسلامي لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة العربية السعودية، على غرار التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن بقيادة المملكة. وبحسب البيان الصادر فقد قررت الدول المشاركة في التحالف، والتي تضم اليمن، تأسيس مركز عمليات مشتركة في مدينة الرياض "عاصمة المملكة العربية السعودية"، وذلك لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود. هذا وقال ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، في أول مؤتمر صحفي يعقده تعليقاً على إنشاء التحالف العسكري الإسلامي، إن هناك العديد من الدول الإسلامية التي تعاني من الإرهاب كإرهاب داعش في سوريا والعراق والإرهاب سيناء والإرهاب في اليمن ومالي ونيجريا وأفغانستان وغيرها من الدول، وهذا يتطلب جهوداً كبيرة لمحاربته وسيتم من خلال التحالف تنسيق جهود محاربة الإرهاب. وأكد الأمير محمد بن سلمان أن هذا التحالف العسكري سيواجه أي منظمة إرهابية أياً كان تصنيفها وسيتم اتخاذ الإجراءات ضدها، نافياً أن تكون عمليات التحالف الإسلامي مقتصره على تنظيم داعش فقط. كما أشار الأمير محمد بن سلمان إلى أن التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب مختلف كلياً عن التحالف العربي القائم في اليمن، حيث أنه لكل تحالف مهمته الخاصة. ومن الجانب اليمني، أكد وزير الداخلية اللواء حسين محمد عرب، في تصريحات لصحيفة سعودية، أن الإرهاب أصبح متمدداً إلى كل الدول ولم يعد يخص دولة بمفردها، مشيراً إلى أن التحالف سيساعد اليمن في مكافحة الإرهاب ودعمه في تثبيت الشرعية بعد الانقلاب الحوثي على السلطة بقوة السلاح وفرض مشروعه الخارجي الإيراني على الشعب اليمني. وأضاف: إمكانيات اليمن الأمنية والعسكرية محدودة جداً نظراً لما تعرضت له من تدمير ونهب من قبل المليشيات والجماعات المسلحة ونتأمل خيراً في هذا التحالف للوقوف إلى جانب الشعب اليمني ونصرته وتخليصه من الكربة التي يعشيها. وقد برزت العديد من التساؤلات للمتابعين اليمنيين حول إمكانية حدوث عمل عسكري قادم للتحالف الإسلامي الجديد لمكافحة التنظيمات الإرهابية التي برزت مؤخراً على الساحة اليمنية. زخم للتحالف في اليمن من جهته اعتبر الباحث والكاتب السياسي ياسين التميمي الإعلان عن تشكيل تحالف إسلامي لمكافحة الإرهاب خطوة قوية وإستراتيجية ومن شانها أن تضع حداً للضغط القائم حول الدور المفترض للدول الإسلامية ومن شأنه أيضاً أن يجهض طموحات بعض القوى الدولية التي تسعى إلى فرض نفوذها في المنطقة من زاوية مكافحة الإرهاب. وأشار التميمي، خلال حديثه ل"مندب برس"، إلى أن هذا التحالف سيفتح المجال أمام الدول الإسلامية لإعادة تعيين الإرهاب، بحيث يأخذ هذا المفهوم دلالاته العادلة بما يسمح بالالتفات إلى المسببات التي تغذي العنف والإرهاب في المنطقة، بما فيها عمليات القتل والتدمير ضد الشعبين السوري والعراقي وبدعم إيراني روسي، والإرهاب الحوثي المدعوم من إيران والذي قوض عملية الانتقال السياسي عبر الانقلاب. وحول احتمالية حدوث تدخل عسكري للتحالف الإسلامي الجديد في اليمن لمكافحة الإرهاب، استبعد ياسين التميمي حدوث هذا الأمر، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن التحالف الإسلامي سيمثل زخما للتحالف العربي الذي يتولى التعامل مع الإرهاب الإيراني وتوابعه في اليمن. عمليات عسكرية ضمن التحالف العربي بدوره اعتبر الصحفي أحمد فوزي خطوة تكوين تحالف إسلامي عسكري لمكافحة الإرهاب بالخطوة التي ستقطع الطريق أمام كل التدخلات الغربية في المنطقة وإلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام. وأكد فوزي، خلال حديثه ل"مندب برس"، أن هذا التحالف يمثل بصمة تاريخية للمملكة العربية السعودية ولكافة الدول الإسلامية المشاركة في التحالف، خاصة في ظل ما تعيشه منطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن أفضل ما سيقدمه التحالف الإسلامي هو تعريف كلمة "الإرهاب" دون إلصاق التهمة بالإسلام. وحول احتمالية تنفيذ التحالف الإسلامي الجديد لعمليات عسكرية في اليمن، أوضح الصحفي أحمد فوزي أن فكرة التحالف الإسلامي جاءت امتداداً للتحالف العربي في اليمن، معتقداً في الوقت ذاته أن أي مشاركة للتحالف الإسلامي في عمليات عسكرية داخل اليمن ستكون ضمن عمليات التحالف العربي. عمليات عسكرية قادمة أما الصحفي صالح الحماطي، رئيس تحرير موقع "يمن24" الإخباري، اعتبر أن التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بقيادة السعودية سيغير كثيراً من وجه المنطقة، والذي كان لإيران الظهور الأبرز فيه خلال السنوات الماضية. وأكد الحماطي أن التحالف الإسلامي الجديد قضى على كل تطلعات ميليشيا الحوثي وصالح في استحضار التدخل الروسي بدعوى محاربة الإرهاب، حيث بات الآن الأمر موكلاً بالكامل للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، متوقعاً في الوقت ذاته أن يستلم التحالف الإسلامي قيادة العمليات في اليمن قريباً من التحالف العربي. كما أشار إلى أنه سيكون للتحالف الجديد دوره القادم في سوريا والذي سيتطور بسرعة ليكون حاسماً في مجرى الأحداث هناك، مضيفاً "سيتم التنسيق مع المعارضة السورية التي اعترفت بها كثير من دول العالم كممثل شرعي للشعب السوري والتي يتوقع أن تطلب تدخل "التحالف الإسلامي لمساعدتها في القضاء على التنظيمات المسلحة التي أنتجها نظام الأسد والنظام الإيراني. وتابع حديثه: بنظرة استراتيجية استطاعت المملكة من خلال خلق هذا التحالف أن تضع إيران في موقف الدفاع فقد أصبحت إيران الآن هي وبعض الدول التي تسير في فلكها خارج تحالف محاربة الإرهاب، أي انها ستكون هي وبشكل أكثر وضوحاً مما سبق الراعي الرسمي للإرهاب في المنطقة بدعمها للعديد من الميليشيات ابتداءً من "داعش" ومروراً بالميليشيات الشيعية المسلحة وانتهاءً بالأنظمة السياسية التي استندت على إيران لضمان بقائها. وختم الصحفي صالح الحماطي حديثه بالتأكيد على أن إيران ستتحول من موقع الفعل إلى رد الفعل وستلتقط دول التحالف الإسلامي زمام المبادرة، حيث يتوقع أن يساهم هذا التحالف الذي سيعمل على مسارات عسكرية وفكرية وسياسية، بحسب ما أعلن عنه ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، في استعادة الشعوب لحقوقها المنهوبة من الجماعات الإرهابية ومن يقف ورائها في المنطقة وكبح جماح التوسع الإيراني الذي كان يستغل حالة التيه التي كانت تمر بها دول المنطقة خلال السنوات الماضية.