تجتمع قيادات المقاومة الشعبية بمختلف تشكيلاتها وقيادات المجلس العسكري، بمحافظة تعز، منذ أسابيع في مدينة عدن ضمن ترتيبات تجريها لتوحيد الجهود العسكرية وإجراء المشاورات اللازمة مع رئيس الجمهورية وقيادة المنطقة العسكرية الرابعة وقيادة قوات التحالف العربي المتواجدة في مدينة عدن للخروج بنتائج إيجابية في سبيل تحرير الحالمة وفك الحصار المفروض عليها من قبل مليشيات الحوثي وصالح. وتحدثت مصادر في المقاومة الشعبية ل"يمن 24" عن تشكيل مجلس موحد لعملية تحرير تعز يضم قيادات المقاومة الشعبية والمجلس العسكري بمدينة تعز، في إطار الجهود لتوحيد الجبهة العسكرية ضد مليشيات الحوثي وصالح، مشيرة إلى أن المجلس الجديد ينتظر الموافقة الرسمية من رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي للإعلان عن تشكيله بشكل رسمي. وأوضحت المصادر أن المجلس الموحد للمقاومة الشعبية والجيش الوطني بمدينة تعز والذي ينتظر موافقة الرئاسة، سيكون برئاسة قائد المقاومة الشيخ حمود المخلافي، بينما سيشغل رئيس المجلس العسكري العميد صادق سرحان منصب نائب رئيس المجلس وقائداً لأركان المجلس، كما سيضم المجلس كلاً من قائد الجبهة الشرقية عادل عبده فارع "أبو العباس" وغيره من القيادات الميدانية والعسكرية. وبين الحين والآخر تتكرر التصريحات الرسمية والميدانية حول قرب معركة تحرير مدينة تعز إلا أن المعركة على الميدان ما زالت تراوح مكانها، وبعد مرور ما يقارب شهرين من الإعلان الرسمي من قبل رئاسة الجمهورية وقيادة المنطقة العسكرية الرابعة عن انطلاق معركة "نصر الحالمة" لتحرير مدينة تعز وفك الحصار عنها، إلا أن الجبهات العسكرية ما زالت مفتوحة وقوات التحالف العربي المسنودة بالمقاومة الشعبية من المحافظات الجنوبية التي وصلت لمنطقة كرش ما زالت في ذات المنطقة تخوض معارك كر وفر بين الحين والآخر، وحصار مليشيات الحوثي وصالح يشتد على مداخل مدينة تعز حيث تمنع دخول المواد الغذائية الأساسية والمواد الطبية الضرورية لإسعاف المصابين والجرحى مما تسبب بحالة إنسانية صعبة تعيشها المدينة. ويورد العديد من المتابعين الكثير من التساؤلات حول ما إذا كانت التصريحات الجديدة وعملية توحيد قيادة المقاومة الشعبية والجيش الوطني ستنضم إلى التصريحات السابقة التي تقدم الإعلانات المتكررة بانطلاق معركة تحرير تعز دون وجود أي نتائج ملموسة على الأرض. إعلان لتضليل المليشيات من جهته أكد الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري بمدينة تعز العقيد منصور الحساني أنه لا يوجد حتى اللحظة أي شيء رسمي بخصوص تشكيل مجلس موحد يضم قيادة المقاومة الشعبية والمجلس العسكري، مشيراً في الوقت ذاته إلى وجود ترتيبات واجتماعات لتشكيل مجلس قيادي موحد وفي حال التوصل إلى اتفاق رسمي سيتم عقد مؤتمر صحفي للإعلان عن جميع النتائج والقرارات المتفق عليها. وحول الجهود المبذولة لفك الحصار عن مدينة تعز، أوضح الحساني، خلال حديثه الخاص ل"يمن 24"، أن مديرية المسراخ تشهد اشتباكات عنيفة بين قوات المقاومة الشعبية ومليشيات الحوثي، مؤكداً على تقدم قوات الجيش الوطني المسنودة بالمقاومة الشعبية وسيطرتها على بعض المواقع الهامة كما سيطرت على الخط الرئيسي الواصل بين "المسراخ – نجد قسيم"، متوقعاً سقوط الخط العام الرابط بين "الضباب – نجد قسيم" بيد قوات الشرعية، خلال الساعات القادمة، والذي قد يخفف الحصار عن مدينة تعز ويفتح أحد المنافذ. وحول إعلان البدء عن تحرير مدينة تعز منذ ما يقارب شهرين بينما قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية لم تراوح مكانها منذ تلك الفترة، أوضح العميد الحساني أن مدينة تعز وضعت كجبهة استنزاف لمليشيات الحوثي وصالح، مؤكداً أن إعلان انطلاق عمليات تحرير تعز جاءت فقط لتضليل وخداع المليشيات ولفت أنظارها نحو مدينة تعز، واستنزاف قواتها على طول الخط الواصل بين العاصمة صنعاء ومدينة تعز وتشتيها في نطاق المساحة الجغرافية الواصلة بين المحافظتين، بينما تقوم قوات الجيش الوطني والمقاومة بالتقدم من محاور ومناطق أخرى. وأشار الحساني، في تصريحه ل"يمن 24"، إلى أن قيادة المجلس العسكري برئاسة العميد صادق سرحان متواجدة حالياً في مدينة عدن، وستعود لمدينة تعز بعد استكمال الترتيبات اللازمة والتنظيم والاتفاق مع قيادة التحالف العربي والجهات الرسمية على نقاط محددة. عمليات عسكرية قادمة من جهته أكد القائد الميداني نبيل الأديمي عن وجود ترتيبات لتشكيل عدد من الألوية العسكرية، وقد شرعت القوات بتشكيل أحد الألوية العسكرية بقاعدة العند الجوية بقيادة المجلس العسكري. وأشار، خلال حديثه مع موقع "يمن 24"، إلى وجود تخطيط وترتيب لعمليات عسكرية قادمة على الأرض. معوقات تؤخر الحسم من وجهة نظر سياسية، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء الدكتور عبدالباقي شمسان إن مدينة تعز تمثل الرقم الصعب في معادلة الصراع العسكري والسياسي والوحدوي الوطني، وهي مفتاح الانتصار على الانقلابين، مشيراً إلى أنه حتى في حالة خنقها والانتصار عليها عسكريا فإنها تحمل ملفات انتهاكات إنسانية حتماً ستقود الانقلابين إلى محكمة الجنايات الدولية وإلى المحاكم الوطنية علاوة على الخسارة الأخلاقية أمام المجتمع والإنسانية جراء تلك الأعمال اللاإنسانية. وأكد الدكتور شمسان، خلال حديثه مع موقع "يمن 24"، أن مدينة تعز حتى اللحظة منتصرة بصمودها الميداني الوطني، حيث تحاصر بثلاثة عشر لواءً عسكرياً ومليشيات مسلحة، وهي تفتقر مكانياً لرجال الجيش والأمن حيث عمد النظام السابق على عدم تجنيد أبنائها في المؤسسات العسكرية والأمنية، مشيراً إلى أنها أصبحت اليوم تمتلك الخبرة الميدانية التدريجية وفي نفس الوقت تقوم ببناء الوحدات العسكرية. وحول أسباب تأخر حسم المعركة في تعز، أشار شمسان إلى إحدى نقاط الضعف في مدينة تعز، والتي ستبرز في حال استعادة المدينة والسيطرة عليها حيث ستكون التكلفة عالية على مستوى البنية التحتية والبشرية، بالإضافة إلى عدم القدرة على السيطرة وتوفير الأمن وعودة الحياة للمواطنين، مضيفاً: هناك تخوفات من إيجاد جماعات مقاومة وطنية لا تخضع للسلطة الشرعية أو جماعات متشددة ستقوم بملء الفراغات وهذه حجة بعض الأطراف، لعدم الإسراع في الحسم، إضافة إلى عدم توحد وجهة نظر دول التحالف من شكل الدولة الفيدرالي. لقاء هادف ووقت مناسب وأوضح الدكتور شمسان أنه في حال تم إعداد وتوحيد المجلس العسكري ورجال المقاومة وضبط القيادة، فإن استعادة الجغرافيا وإعادة الحياة إليها سريعاً أمر ممكن والنجاح فيه محتمل، مضيفاً: وفي حال اتساق المقاومة في المناطق الجنوبية ومدينة تعز فإنها سوف تتسق المقاومة والجيش في سياقها الوطني وبذلك سوف تنتهي اللعبة سريعاً وبشكل دراماتيكي تماماً كما سُلمت صنعاء بالإضافة إلى تحقيق الأمان والاستقرار في تعزوعدن بحيث تصبح كل المنافذ مغلقة. وأشار إلى أن لقاء عدن سيكون هادف من حيث التعرف على كل القوى وتوحيد القيادة، وضبط العمليات الوطنية وحدودها في تعز والمناطق الجنوبية بحيث تقلل الخسائر وتضبط خطوط التدخل. وفي ختام حديثه ل"يمن 24"، أكد الدكتور عبدالباقي شمسان أن الوقت أصبح مناسباً لاستعادة تعز حيث الضغوط الدولية ستخف بفعل الموقف المتعنت والمعرقل للتسوية من قبل الانقلابين، مضيفاً: هذا العنصر يمتص الضغط الأخلاقي والسياسي والانساني للسلطة الشرعية ودوّل التحالف للقيام بعمليات ميدانية نوعية تغير مواقف ومواقع القوى على الأرض بسرعة فائقة سابقة لأي تحول في مواقف الانقلابين، مشيراً إلى أن هذا لا يعني تأييد الحرب ولكن معرفة الانقلابين من خلال المتابعة، حيث أن الذهاب للسلام يمثل لديهم آلية من آليات الصراع لكسب الوقت.