يعلق الشارع اليمني بصيص آماله بشأن الوصول الى تسوية سياسية تنهي فتيل الحرب في البلاد والذي دخلت عامها الثاني دون حسمعسكري او تقدم في مسار المفاوضات السياسية علاوة عن معارك تحت قالب الكر والفر، ومراوغات سياسية على طاولة المفاوضات من شانها تعزز اطالة امد الحرب، حيث يصب الجميع انظاره نحو طاولة المشاورات التي انعقدت أُولى جلساتها الخميس الماضي بين وفد الحكومة الشرعية المتمثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي ووفد الانقلابيين المتمثل بالحوثي وصالح علّها تفضي الى حل سياسي حاسم تفرمل كل الجراحات والعوائق للتوصل الى تسوية تمكن اليمنيين من العودة الى مربع الحوار حول طاولة الحوار الوطني . ضغوطات كبيرة مُرست من قبل الاممالمتحدة والمتجمع الدولي على الاطراف اليمنية للدفع بعجلة المفاوضات والتوصل لتسوية سياسية وفق القرارات الاممية 2216 ،، وخروج اليمن من الوضع الراهن في ظل تفاقم معاناة اليمنيين وكذلك الوضع الانساني اضافة الى القصف والنزوح والتهجير نتيجة الحرب الدائرة في البلاد . ومن جانبها، رحبت دول الخليج والاممالمتحدة وعدة دول اخرى والمتجمع الدولي بتلك الخطوة والتي وصفوها بالفرصة السانحة والايجابية في عقد المباحثات بين جميع الاطراف لانتزاع فتيل العنف والصراع وفرملة عواملها والمضي على خطى القرار الاممي 2216 وتنفيذ بنوده بشكل كامل على خلفية المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار الوطني . ورافقت مفاوضات الكويت تجاذبات بشان عدة قضايا سبقها تأخر وفد الحوثيين وصالح في الوصول الى الكويت ثلاثة ايام عن الموعد المحدد في ظل تريث وانتظار من قبل وفد الحكومة الشرعية، وهو الامر الذي يعطي مؤشر الى الفشل نتيجة مراوغة الانقلابيين وعدم جديتهم في تنفيذ القرار الاممي في ظل اشكالية عن كيفية تنفيذ بنوده . في المقابل، هناك حواجز وعقبات احدثت عائقاً امام اي تقدم في الطاولة نتيجة التفاف الانقلابين على النقاط الخمس من حيث كيفية التنفيذ في ظل ثبات موقف وفد الشرعية على القرار الاممي وتنفيذ النقاط الخمس بالترتيب والتي تقتضي بالانسحاب من المدن وتسليم السلاح للدولة واطلاق سراح المعتقلين والعمل على عودة الحكومة الى صنعاء . ويقول مراقبون ل "التغيير" بأن ذلك مؤشر يثمر سلباً على خط سير المفاوضات في ظل عدم التوصل بعد عدة جلسات الى أي نتيجة ايجابية علاوة عن وقوع املاءات ونقاشات خارج اطار القرارات الاممية وما تم الاتفاق عليه في المشاورات السابقة بمدينة ديل السويسرية . ويضيفوا بان"الحل السياسي لم ينضج بعد، وفرص فشل المفاوضات اكثر من فرص نجاحه التعنت والصلف الذي تمارسه المليشيات في عدم جديتها بالحل السياسي وعدم التزامها بتنفيذ القرارات الاممية وهو ما يعطي نتيجة الى ان مباحثات الكويت مجرد "استراحة محارب" . كما ان ضوخ وفد الشرعية والتنازل عن كيفية البنود واولوياتها والذي تم استبعاد امر كهذا من خلال تسمك الوفد بالنقاط وتنفيذها بشكل اولي وتسلسلي.. رجح مراقبون ان ذلك ان طرح وقبل بالترحيب والذي سيتم لا شك عبر ضغط دولي للحكومة. فإن خطوة كهذه تعني نسف العملية السياسية والشرعية المعترف بها دولياً، وتشرعن بالانقلاب الذي قاده الحوثيين واتباع صالح . وبدوره يقول الكاتب والصحفي خالد الصمدي ل "التغيير" ان هناك " ضغوطات دولية مُرست لأيجاد حل سياسي لما في ذلك المصلحة اليمنية والاقليمية والدولية، ومع ذلك لا زال هناك تهرب من قبل الانقلابيين من تنفيذ القرارات الدولية والتفاف على بنودها وصناعة عقبات واحداث مناورات في ظل استمرارهم بالتصعيد العسكري من حيث القصف والقتل والهجمات في تعز وغيرها وهو مؤشر يدل على عدم جدية المتمردين في نجاح المشاورات" . ويضيف الصمدي الى ان على الشرعية تحمل مسؤوليتها اتجاه الوطن حاضراُ ومستقبلاً وتقف عند موقفها الثابت دون اي تخلخل ، وتعمل من اجل فرملة كل املاءات الانقلابيين، وعدم العودة الى دائرة الصراع مجدداً مهما كانت حجم الضغوطات فلا بديل اخر عن تنفيذ البنود الاساسية للقرار الاممي علاوة عن مواصلة الحوار الوطني وتنفيذ مخرجاته والتي اهمهما مادة الاقاليم على شكل دولة اتحادية . وبحسب مراقبون فإن التوصل الى تسوية غير مقبولة ومهزوزة بسلام دائم فإن ذلك قد يفتح باب الصراع مجدداً، وبشكل اشرس بكونه يفضي الى تقديم استراحة محارب للمتنازعين والعودة الى الحرب متى ما ترتبت اوراق وصفوف الاطراف . ويبدو إن المشهد اصبح واضحاُ اكثر من أي وقت مضى كما يتحدث الناشط والاعلامي ياسين العقلاني، بوصفه ان المليشيات الانقلابية تمارس التعنت والصلف في مشاورات الكويت ولا جدية في الدخول بمشاورات تفضي الى تنفيذ القرار الاممي والبدء بمرحلة سياسية . ويقول ياسين في تعليق له ل "التغيير" الى ان المليشيات تذهب الى المشاورات دون نوايا حسنة فهي تواصل قصف الاحياء السكنية والتصعيد العسكري في اكثر من مدينة ولا تسعى الى حل سياسي، ويشير الى ان ذلك يؤكد عدم جدية المليشيات في التوصل الى تسوية وتحدث عقبات وحواجز من شانها افشال المشاورات . وكما يرى العقلاني فإن القوة العسكرية لا بد منها في مرحلة ووقت كهذا ومع جماعة كالحوثيين واتباع صالح. من جال هزيمتهم عسكرياً واحداث نوع من التوازن والضغط على الارض في الميدان.. الامر الذي سيعمل من شانه على اجبار المتمرين في الشروع بتنفيذ القرارات الدولية دون اي مراوغة او التفاف بكونهم جماعة لا يفقهون الا بلغة السلاح والسلاح فقط . ومن خلال الواقع على الارض فيرى الباحث ثابت الاحمدي في حديث ل"التغيير" الى انه لا احد يستطيع الجزم بان الجماعة الانقلابية ستجنح للسلم يوماً ما ابداً،، بحيث ان الازمة لا تزال في بداية مشوارها . وربط الاحمدي الاحداث في البلاد الى وجود مخطط عام وشامل على مستوى المنطقة ترعاه قوى ودول كبيرة،، بحيث ان المجتمع الدولي داعمون للحوثي وبقوة وهو احد رهاناتهم في المنطقة ولولا الضوء الاخضر منه لما كان قد حدث الانقلاب اصلا على حد قول الاحمدي . ويضيف الاحمدي "على ارض الواقع فإن الحوار او التفاوض مع المليشيا قد فشل حتى اللحظة، كما ان طريقة دول التحالف في عملياتها العسكرية مريبة وغير جادة ويكتنفها الغموض، منوهاً انه اذا استمرت العمليات بهذه الطريقة فمصيرها الفشل. ورجح الى انه من اجل تلافي تلك الامور فإنه يتطلب تغيير في اداء التحالف العسكري او تستسلم للفشل وتواجه نتائج ذلك كما تترك الشعب يواجه مصيره . ويستبعد الكاتب والمحلل السياسي عبدالغني الماوري وغيره الكثيرون ان تسفر المشاورات الى اي تسوية من اي نوع، وذلك من خلال التباعد الكبير في وجهتي نظر الشرعية والانقلاب. وهو ما يصعب التغلب على هذه المعضلة في الوقت الحالي . ويضيف الماوري في رأيه ل "التغيير" الى انه يمكننا القول ان الحل السياسي لم ينضج بعد، وبالتالي فان الحرب سوف تستمر بطريقة اعنف ربما، لكنه دول التحالف تسعى لحل سياسي ضمن القرار الاممي ومرجعية المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار وفي حال تعذر ذلك فإن الحسم العسكري سيكون الخيار الذي تفضله دول التحالف لانهاء التمرد الذي يهدد امن المنطقة .