تتصاعد التحذيرات من تفشي وباء الكوليرا في اليمن وصعوبة السيطرة عليه، مما يزيد من خطورة حصده الكثير من الأرواح، خاصة الأطفال. وأفادت منظمة دولية معنية بالدفاع عن حقوق الطفل في العالم، بأن تفشي هذا المرض في اليمن، بات خارجاً عن السيطرة ويتسبب في إصابة طفل واحد على الأقل في كل دقيقة. وقالت المنظمة البريطانية "أنقذوا الأطفال SAVE THE CHILDREN" (غير حكومية)، في بيان لها الأربعاء، "ارتفعت معدلات الإصابة بالكوليرا ثلاثة أضعاف، خلال الأسبوعين الماضيين، و46 في المائة من الحالات الجديدة المشتبه بإصابتها بالكوليرا أو الإسهالات المائية الحادة هم من الأطفال دون سن الخامسة عشرة". وقال غرانت بريتشارد، المدير القُطري للمنظمة في اليمن، إن "المرض والجوع والحرب تسببت في عاصفة كاملة من الكوارث على الشعب اليمني؛ حيث يقف اليمن - أفقر بلدان المنطقة - على شفا الانهيار الكامل، ويموت الأطفال بسبب عدم تلقيهم الرعاية الصحية الأساسية". وأضاف: "القيود غير المقبولة على إدخال المساعدات والإمدادات الطبية، تزيد من صعوبة معركة كبح هذا الوباء المميت، بما في ذلك التأخير الطويل في الوصول إلى ميناء الحديدة الرئيسي وإغلاق مطار صنعاء". وبحسب المنظمة، فإن "أكثر من 30 شخصا يموتون كل يوم جراء المرض بينهم أطفال، وأنه من المتوقع أن يموت آلاف آخرون، وقد يصل عدد الحالات المصابة إلى 300 ألف شخص في الأشهر المقبلة". ودعت إلى زيادة كبيرة في تمويل الطوارئ، مشيرة إلى أن الوقت حان لاتخاذ إجراءات قبل أن يموت الآلاف من الفتيان والفتيات اليمنيين من مرض يمكن الوقاية منه تماما. ويعاني أكثر من مليوني طفل يمني من سوء التغذية الحاد، وهم معرّضون بشكل خاص للمرض، نظرا لأن أجهزتهم المناعية الضعيفة غير قادرة على مقاومة المرض. وأكدت المنظمة أن البنية التحتية اليمنية المتضررة وانعدام الأمن الغذائي وفشل الاقتصاد والحرب المستمرة جعلت الكثيرين عاجزين عن طلب المساعدة في الوقت المناسب، حيث تعاني المستشفيات من نقص في الإمدادات. ويزداد الوضع سوءا في المناطق النائية من البلد الذي لا تتوفر فيه سوى إمكانية ضئيلة أو معدومة للحصول على الخدمات الصحية. فالحرب وظروف شبه المجاعة والانهيار التام في الخدمات الاجتماعية الأساسية، بما في ذلك النقل الميسر والحصول على المياه النظيفة، تزيد من انتشار المرض. وصرح صالح، البالغ من العمر 53 عاما، للمنظمة بصعوبة أخذ أطفاله المرضى إلى المستشفى. وقال "في البداية أخذت أطفالي إلى مستشفى في عبس، حيث أعطيت لهم بعض الحبوب والسوائل، لكن لم يسمح لهم بالبقاء هناك، لأن المستشفى كان مليئا بالمرضى. لذلك، أخذنا سيارة أجرة إلى مستشفى في صنعاء، يبعد أكثر من 200 كلم، اضطررت إلى دفع نحو 58 دولارا للوصول من قريتي إلى عبس، ثم 78 دولارا فقط للوصول إلى صنعاء". ولا تستطيع الخدمات الصحية في اليمن التعامل مع الأعداد الهائلة من المرضى الذين تظهر عليهم أعراض المرض، بما في ذلك الإسهال والقيء والجفاف. والكوليرا معدية، وهي تنتشر بسرعة، لأن المستشفيات لا تعمل بكامل طاقتها. وقد استهدفت أطراف النزاع بعضها. وحصدت الكوليرا في اليمن 974 حالة وفاة، وسجلت أكثر من 135 ألف حالة اشتباه، حسب آخر أرقام منظمة الصحة العالمية. و"الكوليرا" مرض يسبب إسهالاً حادًا يمكن أن يودي بحياة المريض خلال ساعات، إذا لم يخضع للعلاج. ويتعرّض الأطفال، الذين يعانون سوء التغذية، وتقل أعمارهم عن 5 سنوات بشكل خاص لخطر الإصابة بالمرض. وبدأ تفشي المرض في اليمن في أكتوبر/تشرين الأول 2016 وتزايد حتى ديسمبر/كانون الأول من نفس العام، ثم تراجع، لكن من دون السيطرة الكاملة عليه. وعادت حالات الإصابة للظهور مجدداً بشكل واضح في إبريل/نيسان الماضي.