استطلاع/ رشيد الحداد كومة مخاوف حملها حجاج اليمن لموسم الحج الحالي رغم محاولات وزارة الأوقاف تبديدها وكومة معاناة حملها من فاتهم قطار الحج لهذا العام بسبب ارتفاع عدد حجاج اليمن إلى 23 ألفاً و950 حاجاً وحاجة، إلا أن فريقاً ثالثاً نوى الحج منذ عدة أشهر إلى مكةالمكرمة فوقع في شراك النصب والاحتيال ليجد أعضاء الفريق أنفسهم بين خيارين كلاهما مر، وهما إما التواري عن الأنظار أو العودة إلى المنزل والتزام الصمت، أو الحج إلى البحث الجنائي كون جوازات سفرهم لم تحمل تأشيرة خروج لأداء فريضة الحج بل تم إلقاء القبض عليها في حالة تلبس قانوني فكان مصيرها البحث الجنائي.. أكثر من مفارقة تدل على أثر التلاعب والتجاهل وتحويل حق المواطن المسلم في يمن الإيمان إلى تجارة رابحة من جانب ونزع ذلك الحق العظيم من أصحابه ومنحه لآخرين في سياق المجاملات بأقل الأسعار وأيسر الطرق وبصورة تجسد الطبقية في التعامل والعنصرية المريبة.. إلى التالي: لم تعد الطريق إلى مكةالمكرمة أكثر صعوبة مما كانت عليه قبل مئات السنين والتي كان الحاج اليمني يقطع مسافة تزيد عن شهر ونصف حتى يصل المشاعر المقدسة لأداء فريضة الحج ولكن عادت المدرهة إلى باحة كل منزل أعد صاحبه العدة ابتداء بجواز سفر ومرورا بالتسجيل في إحدى وكالات السفر وخدمات الحج والعمرة وانتهاء بالحصول على تأشيرة سفر لأداء فريضة الحج في الموسم الحالي 1431ه وبعودة المدرهة عادت مخاوف أسر وأهالي الحجاج الذين يتدرهون في المدرهة ابتداء من خروج الحاج من المنزل حتى عودته. عودة المدرهة ارتبطت بأحداث مأساوية أودت بحياة عشرات الحجاج نتيجة الازدحام والتدافع الشديدين أو حال الرجم وأحداث أخرى كالخوف من الأوبئة، كوباء انفلونزا الخنازير العام الماضي، وعلى الرغم من ندرة تلك الأحداث إلا أن عوامل أخرى تتعلق بمدى المعاناة التي تتسبب بها وكالات خدمات السفر في مكةالمكرمة والمدينة المنورة أو حال التنقل بين المشاعر المقدسة التي أضحت قلقا مشتركاً بين الحاج وأسرته نتيجة تكرار معاناة الحجاج القادمين من اليمن خلال مواسم الحج الماضية، وعلى الرغم من الضمانات التي قدمتها وكالات الحج المعتمدة من قبل السفارة السعودية ووزارة الأوقاف في اليمن والإجراءات التنظيمية التي اتخذتها وزارة الأوقاف لتفادي أخطاء الأعوام الماضية، منها تجميع حجاج اليمن إلى 5 مواقع بدلا عن 100 موقع وإلزام الوكالات المعتمدة بإرسال طبيب وصحي إلى جانب البعثات المرافقة، يضاف إلى عقد دورات توعوية وإرشادية للحجاج اليمنيين لهذا العام من قبل وزارة الأوقاف بالتعاون مع وكالات السفر وتوزيع الأدلة والمنشورات التوعوية، وفيما الزمت وزارة الصحة اليمنية بإيعاز سعودي حجاج العام الماضي بأخذ لقاح انفلونزا الخنازير ألزمت حجاج الموسم الحالي بأخذ لقاح الحمى الشوكية لجميع الحجاج قبل الذهاب لأداء فريضة الحج بعشرة أيام وارتداء أقنعة واقية من الفيروسات المعدية، كل تلك الإجراءات لم تعزز ثقة الحاج اليمني بخدمات وكالات الحج والسفر المعتمدة حسب تأكيد بعض الحجاج الذين التقيناهم والذين عبروا عن كومة من المخاوف لا تنتهي بتدني الخدمات الإيوائية والحالة الفنية لوسائل النقل المختلفة. الحج والوحدة الوطنية دشنت وزارة الأوقاف بداية الأسبوع الماضي أول فوج من أفواج الحجاج اليمنيين للموسم الحالي ب200 حاج وحاجة انطلقوا من العاصمة صنعاء أعقب ذلك الفوج عشرات الأفواج التي اتجهت صوب المشاعر المقدسة، منها 70% برا و30% جوا نظرا لارتفاع تذاكر الطيران ذهابا وإيابا إلى 950 ريالاً سعودياً، بينما لا تتجاوز تكاليف السفر برا 400 ريال سعودي، وخلال نزولنا الميداني إلى ما يقارب عشر وكالات معتمدة في تفويج الحجاج لموسم 1431ه علمنا أن نسبة 60% من حجاج العام الحالي قد تم تفويجهم خلال الأسبوعين الماضيين، وما علمناه أن أفواج الحجيج لهذا العام حملت عدة عبارات وطنية.. فوكالات (العز-لبيك- الرسالة- الزيارة- حريضة- القدس- دار التوحيد- العيسائي- الملك) قامت بتجميع الحجاج المسجلين لديها لهذا العام بالتعاون مع وزارة الأوقاف وأطلقت على الفوج (فوج وحدتي عزتي) من أجل تعزيز الوحدة الوطنية بين الحجاج وهناك عدة أفواج حملت مسميات وطنية تجسد الوحدة الوطنية، وتبلغ عدد الوكالات المعتمدة في تفويج الحجاج للعام الحالي 69 وكالة بعد أن تجاوزت 150 وكالة خلال الأعوام الماضية والتي تم شطب 81 وكالة منها نتيجة تردي خدماتها والتسبب بمعاناة آلاف المواطنين في المواسم الماضية، مما حدا بوزارة الأوقاف إلى وقف خدماتها واعتمادها لتفويج الحجاج. الحج النظامي.. تكاليف فادحة إذا كان حجاج اليمن قبل مئات السنين يستعدون لأداء فريضة الحج في رمضان وشوال فإن حجاج اليوم يستعدون لأداء فريضة الحج قبل خمسة أشهر من غرة ذي الحجة، فالتسجيل يفتح في شعبان حتى يتم استيفاء العدد المسموح به لأداء فريضة الحج والبالغ 23 ألف حاج منهم 18 ألف حاج يتم تسجيلهم عبر الوكالات بطرق نظامية والبقية بطرق أخرى، والملفت أن تكاليف خدمات الحج لهذا العام أخذت عدة مستويات، ابتداء بمستوى تكاليف حجاج الجو وحجاج البر والمستويات على أساس العمر، مستوى سكن الكبار ومستوى سكن الصغار انتهاء بمستويات بعد أو قرب السكن عن الحرم المكي، فتكاليف حجاج الجو كما أقرها قطاع الحج والعمرة بوزارة الأوقاف والإرشاد بلغ ثلاث مستويات المستوى الأول يتعلق ببعد السكن عن الحرم بمقدار 600 متر وإجمالي التكلفة بلغت 554 ألفاً و895 ريالاً يمنياً يضاف إليها قيمة تذاكر الطيران ليبلغ 601 ألف و895 ريالاً والمستوى الثاني والذي يبعد عن الحرم بمقدار 1200 متر وبلغ إجمالي التكلفة 497 ألفاً و894 ريالاً يمنياً بالإضافة إلى تذاكر الطيران ليبلغ 552 ألفاً و895 ريالاً يمنياً والمستوى الثالث والذي يبعد عن الحرم مقدار 1700 متر وبلغ إجمالي التكلفة 429 ألفاً و495 ريالاً يمنياً ليبلغ مع تذاكر الطيران 484 ألفاً و495 ريالاً يمنياً، فيما بلغ إجمالي تكلفة الحج في المستوى الأول برا 561 ألف و165 ريالاً والمستوى الثاني بلغت إجمالي التكلفة 504آلاف و165 ريالاً وإجمالي تكلفة الحج للمستوى الثالث 435 ألفاً و765 ريالاً يمنياً، وعلى الرغم من ارتفاع تكاليف الحج الذي ظل لمن استطاع إليه سبيلا بسبب تفشي الفقر والبطالة في المجتمع المدني، إلا أن هناك آلاف الحجاج لا يدفعون 50% مما يدفع الحجاج النظاميون. حجاج المجاملات.. والتمييز الطبقي في الوقت الذي يتمنى مئات الآلاف من الفقراء والمعدمين أداء فريضة الحج فيتوفاهم الله مع تمنياتهم يذهب المترفون والمقربون والمستطيعون على أداء فريضة الحج على نفقتهم الخاصة تحت شماعة حجاج المجاملات وهم من المستويات الأولى والثانية والثالثة من القيادات المدنية والعسكرية في الدولة والذين تسببوا على مدى السنوات الماضية بإرباك شديد لبعثات الحج اليمنية واستحوذوا على حقوق الحجاج النظاميين في السكن والاهتمام وكذلك النقل في مكةالمكرمة والمدينة المنورة ومنى، ويبلغ عدد حجاج المجاملات سنويا 5 آلاف حاج ويتجاوزون ذلك الرقم وكل الإجراءات المطلوبة منهم ورقة من السفارة وتأشيرة الجواز والذهاب لأداء فريضة الحج، خلال تواجدنا في وزارة الأوقاف والإرشاد السبت الماضي وجدنا عدة مواطنين حاملين جوازات سفر أملهم الوحيد قبول طلبهم باتخاذ الإجراءات الرسمية والذهاب لأداء فريضة الحج، ولكن لا جواب إلا إذا كان لديك معروف هنا أو هناك من المقربين أو من المشائخ الذين يحظون برضا وامتيازات المملكة فإنك ستلحق ركب الحجاج لهذا العام، كون التسجيل قد مر عليه خمسة أشهر ولا مجال للتسجيل الآن باستثناء حجاج المجاملات، وفي الوزارة سألنا عددا من المختصين عن شرعية حجاج المجاملات فكان الرد أكثر غموضا "مجاملات" ليس عليهم أجور خدمات والبالغة 2000 ريال سعودي ولا فارق أجور النقل بين المشاعر والبالغة 326 ريالاً سعودياً وكل الرسوم المفروضة عليهم لا تتجاوز 2950 ريالاً سعودياً للبر، و3450 ريالاً سعودياً لحجاج الجو وتشمل تلك الرسوم سكن مكةالمكرمة البالغ تكاليفه على الحجاج النظاميين 6000 ريال لحجاج المستوى الأول برا وجوا والمستوى الثاني 5000 ريال سعودي والمستوى الثالث 3800 ريال سعودي، وأجور وخدمات مكتب الوكلاء الموحد جوا 1029 ريالاً سعودياً و594 ريالاً سعودياً برا بفارق 6285 ريالاً سعودياً عن تكاليف الحجاج النظاميين جوا و6535 ريالاً سعودياً برا، وبعد انتقالنا إلى عدد من المكاتب لمعرفة إن كان هناك تسجيل لحجاج المجاملات، فوجدنا عدة مكاتب تقوم بتسجيل المجاملات تحت مسمى برنامج الحجاج الفرادى والمطلوب من حجاج المجاملة رسوم سكن مكة فقط وتوريد قيمة شيك مكتب الوكلاء الموحد برا لغرض تسهيل إجراءات الدخول إلى الأراضي المقدسة الذي يطلب من الحاج في المنافذ البرية أو الجوية من قبل السلطات السعودية. قرار مجور.. وحج البعثات بناء على عرض مقدم من وزير الأوقاف والإرشاد القاضي حمود الهتار اتخذ مجلس الوزراء عقب إجازة عيد الفطر الماضي قرارا بمنع بعثات الحج المرافقة من أداء فريضة الحج ابتداء من الموسم الحالي، وهو ما أثار استياء أصحاب الوكالات المعتمدة حيث أكد بعضهم أن القرار سيقود عشرات الوكالات إلى الإفلاس وتسريح العمال وظل الشد والجذب بين وزارة الأوقاف والإرشاد والتي اعتبرت القرار في صالح الوكالات ويعزز جودة خدماتها للحجاج. في مقابل ذلك نظم الاتحاد اليمني للسياحة والسفر اعتصاما قبل عدة أسابيع في ساحة الحرية احتجاجا على القرار مطالبين برفع الظلم عنهم وإعادة النظر في القرار الذي سيكبد وكالات السفر والحج والعمرة المعتمدة خسائر فادحة، مبررين ذلك بانتهاء فترة التسجيل للحج للعام 1431ه وكذلك صعوبة استرجاع المبالغ المالية التي تم توريدها إلى متعهدي المساكن والخدمة في المملكة العربية السعودية الأمر الذي سيكبدهم خسائر كبيرة، وعلى الرغم من عدم استقبال وفد الوكالات المفوض لمقابلة رئيس الوزراء حينها، إلا أن رئاسة لوزراء تراجعت عن تنفيذ القرار خلال الأسبوعين الماضيين بعد تدخل شخصيات كبيرة حسب تأكيد عدد من أصحاب الوكالات. أكثر من ألف حاج يحجون إلى البحث الجنائي لم تكن مفارقات التكاليف الباهظة التي حرمت مئات الآلاف الفقراء من أداء فريضة الحج والتكاليف المبسطة التي سهلت طريق الأثرياء والمقتدرين ووفرت عليهم ما يقارب 60% من تكاليف الحج المقررة سوى جزء من كل يدور في إطار التلاعب والتمييز والفساد المالي والإداري الذي لم يستثن حتى حق المواطن اليمني في أداء فريضة الحج في مكةالمكرمة لا في البحث الجنائي، كما حدث مؤخرا لما يزيد عن ألف حاج حصلوا على أرقام طلب من داخل الوزارة وسجلوا عن طريق مكاتب السوق السوداء والتي استلمت على كل جواز سفر 3500 ريال سعودي بالتقاسم مع سماسرة الوزارة وحال تواجدنا في قطاع الحج والعمرة في وزارة الأوقاف لاحظنا عددا من الحجاج الضحايا وهم في حالة هستيرية حين تم إبلاغهم في الوزارة أن جوازات سفرهم أحيلت إلى البحث الجنائي لا إلى السفارة أو الوكالات، معظم الضحايا أفادوا بأنهم سجلوا في مكاتب وعندما عادوا إليها قالت لهم إن القرار ليس بيدها بل بيد الوزير الذي أوقف تلك الجوازات ولكنهم أكدوا أن هناك المئات تمت معاملتهم بسلام وسافروا لأداء الحج، متهمين بعض المسئولين في الوزارة ببيع أرقام الطلب بطرق سرية، وبعد يومين من البحث والتحري عن صحة المعلومة كشف مصدر مؤكد أن الوزارة حجزت بعض الجوازات وأخرى لم يتم حجزها، وأشار المصدر إلى أن عدد الضحايا 1300 حاج وحاجة أوقفت الوزارة جوازات سفرهم لأنهم وقعوا ضحايا سماسرة الوكالات والوزارة، وأفاد بأن المعلومات تقول إن تلك الجوازات دخلت عن طريق اللجان التابعة للوزارة، وعلمت الصحيفة أن الوزارة أحالت ثلاثة من صغار الموظفين إلى البحث الجنائي وجرى التحقيق معهم. الصحيفة طرحت القضية على فضيلة الشيخ حسن الشيخ وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد لشئون الحج والعمرة فاعتبر القضية أمنية بين الوزير والجهات الأمنية فقط، كما رفض مدير عام الحج والعمرة بالوزارة الإدلاء بأي تصريح رسمي حول حق 1300 مواطن في الحج للموسم الحالي وحقوقهم المالية التي بلغت 4 ملايين و55 ألف ريال سعودي، وكل المعلومات التي حصلنا عليها أثناء طرح القضية على المسئولين في الوزارة أكدت جميعها وقوع المواطنين في شراك السمسرة وضياع حقوقهم، أحد المسئولين سألنا عن أسباب إحالة صغار الموظفين للبحث الجنائي دون إحالة الحيتان الكبار فقال -من موقع الدفاع- لا يوجد مسئولون كبار في القضية وعدد الجوازات التي أحيلت للبحث الجنائي هي 288 جواز سفر. وخلال نزولنا إلى إحدى الوكالات التي تسببت في معاناة الحجاج وإحالة جوازاتهم إلى البحث الجنائي -والتي نتحفظ عن ذكر اسمها- تظاهر المسئولون فيها بعدم علمهم وكل ما أشاروا إليه أن الوزير أوقف جوازات الحجاج لعدم وجود سندات رسوم السكن في حين اكتفى أحد المسئولين في وكالة أخرى بالإشارة إلى أن القضية غير عادية وأنه ليس مخولاً بالكشف عن تفاصيلها.