كشف المسح الوطني الأول للفساد في اليمن عن (8709) قضية فساد خلال ثلاثة أعوام منها (3932) للعام 2007م تصدرت فيها وزارات التربية والتعليم والصحة والأشغال العامة ومحافظات إب وعدن والمهرة والمحويت . وأوضح المسح الأساس لحوادث الفساد في اليمن الذي استعرضته ندوة الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد الاحد بصنعاء - بحضور قيادات الهيئة والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ونيابة الأموال العامة ووزارة الداخلية وأكاديميين ومهتمين - أن قضايا الفساد وفقاً للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة للعام 2007م بلغت (102) قضية فساد مكتشفة ، تم إحالة (11) قضية منها و(6) قضايا تم فيها الإدانة. وتوضح الاحصائيات ارتفاع عدد حالات الفساد المكتشفة عن العام السابق 2006م حيث بلغت القضايا (75) قضية تم إحالة (6) قضايا منها وتم الإدانة في قضية واحدة، وتساوت قضايا الفساد المكتشفة للعامين 2005م – 2007م ب(102)قضية تم إحالة قضيتين خلال العام قبل الماضي إلى المحكمة ولم يتم أي إدانة خلال العام ذاته. كما كشف المسح - الذي أعده الدكتور عبد الكريم السياني عن الهيئة الوطنية والدكتور "ارون " عن البنك الدولي - عن تصدر وزارة التربية والتعليم قائمة الفساد بنسبة (10) تليها الأشغال العامة بدرجة (9) وبعدها تأتي وزارة الصحة العامة بدرجة (8) و المالية (6) و الثقافة (4) و(3) الشئون الاجتماعية وبقية الوزارات ما بين (1-2) . وبينت الاحصائيات بالنسبة للمحافظات بناء على تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أن محافظة إب تصدرت القائمة بدرجة (10)، تليها محافظة عدن بدرجة(9)، ثم المحويت (8)، ثم المهرة (6)، وكذلك العاصمة صنعاء، فيما جاءت أبين بدرجة (4) وتساوت تعز وحضرموت وذمار ومحافظة صنعاء بدرجة (3)، تليها عمران ومأرب والحديدة والجوف (2)، فيما جاءت بنسبة (1) الضالع وريمة وشبوة وصعدة، ولم تورد الإحصائيات معلومات عن البيضاء ولحج وحجة . ورداً عن الانتقادات التي وجهت للجهاز بالرقابة اللاحقة أكد حسين بركات مدير عام الشئون القانونية أن الجهاز يعطي الجهة التي يتم رصد فساد فيها (30) يوماً بإحالتها إلى النيابة العامة وإذا تقاعست يقوم الجهاز بهذا الدور مؤكداً أن التأخير ينجم عن عدد الأطراف المتصلة بالقضية الواحدة سواء الأشخاص والأدلة ومتابعة الجهات وإعداد تقارير مؤكدة . موضحاً أن القانون جعل رقابة الجهاز لاحقة ولا يمكن القفز على القانون ، كما انه جعل قضايا الفساد لا تسقط بالتقادم ، داعياً إلى تعاون كافة الجهات المختصة لمحاربة الفساد . إلا أن عضو الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد أحمد قرحش أكد ضعف تعاون الجهاز المركزي مع الهيئة حيث لم تتلق الهيئة رداً على (162) قضية مشيراً إلى أن جهات تتعمد إخفاء بعض المعلومات والتقارير وقال قرحش ": كنا نطمح بتعاون كبير مع الجهاز المركزي ". وأشاد قرحش بدور الصحافة اليمنية في مساعدة الهيئة بكشف قضايا الفساد وحققت الهيئة النجاح في قضايا كشفتها الصحافة ، مشدداً على تفعيل اللجنة التي شكلت لتحديد خطة عمل واضحة بين الهيئة والجهاز المركزي للرقابة . وذكر المسح الذي أعدته الهيئة العليا لمكافحة الفساد بالتعاون مع البنك الدولي أن حوادث الفساد بحسب تقارير وزارة الداخلية بلغت للعام 2007م (1931) قضية فساد، منها (77) جرائم ماسة بالاقتصاد القومي. و(1542) ماسة بالوظيفة العامة و(56) مخلة بسير العدالة و(256) جرائم تزوير، وذلك بزيادة طفيفة عن العام الماضي 2006م حيث بلغت قضايا الفساد التي تلقتها أقسام الشرطة (1905) منها (97) جرائم ماسة بالاقتصاد القومي, و(1499) جرائم ماسة بالوظيفة العامة، و(69) مخلة بسير العادلة، و(240) جرائم تزوير. فيما أكد ممثل وزارة الداخلية أنهم يعدون إحصائيات شهرية ونصف سنوية وسنوية ويتم إرسالها إلى النيابة ومراكز الأبحاث في الجامعات ، مؤكداً أن النيابة لا تفيد بأي معلومات عن مصير هذه القضايا ، معلنا بدء التعاون مع الهيئة الوطنية العليا لمحاربة الفساد وتزويدها بالتقارير . وذكرت الاحصائيات عن الفساد في اليمن بناءً على تقارير مكتب المحامي العام في الجمهورية فقد بلغت قضايا الفساد للعام 2007م (1758) قضية فساد، منها (859) قضايا جسيمة، و(650) قضايا غير جسيمة، و(65) شكاوى ومخالفات، و(69) وارد عام، و(18) حصر تحقيق، و(70) قضايا التحصيل، فيما بلغت عدد القضايا للعام 2006م (1414) قضية فساد و(1281) قضية للعام 2005م . وفي رده على الانتقادات حول تراكم قضايا الفساد نتيجة بطء التحقيق قال الدكتور على الاعوش محامي عام الأموال العامة :" إن ما يميز قضايا الفساد تعدد الأطراف وتشعب الجهات المتصلة بقضية فساد واحدة حيث يصل أحيانا المتهمين بالفساد في قضية واحدة إلى (50) متهم ومن الصعوبة إحضارهم. مضيفاً أن الفاسدين حدثوا أساليبهم وبالتالي يصبح من الصعوبة اكتشافها ، كما أن النيابة تتريث في الحكم نظراً لتأخر الأدلة وإحالة القضية وتصبح رهن التحقيق فترة طويلة ، مشيراً إلى أن القضايا التي رصدتها الدراسة وعددها (202) هي القضايا التي تم اكتشافها وإثباتها بالأدلة من بين (500) قضية فساد تلقاها مكتبه للعام 2007م . وتؤكد الاحصائيات الصادرة عن هيئة مكافحة الفساد أن عدد الحالات التي تم إبلاغ الهيئة عنها بلغت (141) قضية فساد تم اتخاذ الإجراءات حيال (19) قضية. فيما أكدت الدكتورة بلقيس أبو أصبع – نائب رئيس الهيئة – أن هذه الإحصائية دون الثلاثة الأشهر الماضية مؤكدة أن هناك قضايا تزيد عن هذه الاحصائيات بكثير تلقتها الهيئة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. وأطرت الدراسة جرائم الفساد في (11) مرتبة أولها الجرائم الماسة بالاقتصاد الوطني ، تليها الجرائم الماسة بالوظيفة العامة، تليها المخلة بسير العدالة، وفي المرتبة الرابعة تأتي اختلاس الممتلكات في القطاع الخاص، و رشوة الموظفين الأجانب، وموظفي المؤسسات الدولية العمومية للقيام بعمل أو الامتناع عن عمل إخلال بواجبات وظائفهم بقصد الحصول على منفعة تجارية أو مزية غير مستحق أو الاحتفاظ بها متى تعلقت بتصريف الأعمال التجارية الدولية في المرتبة الخامسة . وفي المرتبة السادسة تأتي الجرائم المتعلقة بالفساد وجرائم التزييف، كما أن أخطر هذه الجرائم جرائم التهريب الجمركي والتهرب الضريبي والتي جاءت في المرتبة السابعة، تليها جرائم الغش والتلاعب في المزايدات والمناقصات والمواصفات وغيرها من العقود الحكومية ، وفي المرتبة التاسعة تأتي جرائم غسل العائدات الناتجة عن جرائم الفساد، تليها استغلال الوظيفة العامة للحصول على منافع خاصة، وفي المرتبة الحادي عشر جرائم الثراء غير المشروع. وأكدت الدراسة أن عدد الجرائم في قانون العقوبات للمراتب الانفة الذكر من (1-6) تبلغ (59) جريمة، وفي المراتب من (7-11) (70) جريمة. ونوهت الدراسة إلى أن تكالب هذه الجرائم دون تعاون بقية الأجهزة المختصة في محاربة الفساد مع الهيئة العليا لمكافحة الفساد قد يؤثر على فعاليتها ، وتدمير صورتها في أعين الجماهير والأمل المعقود عليها . إلا أن الكلمات للهيئة الوطنية لمحاربة الفساد وجهاز الرقابة والمحاسبة ووزارة الداخلية ونيابة الأموال العامة أكدت أنها تعمل بتناسق تام لمحاربة الفساد . حيث قال الدكتور عبدالله السنفي أن مشاركة الجهات الأربع المعنية بتوفير الحماية للمال العام والممتلكات العامة يعكس مدى الترابط ووحدة الهدف المنشود وسعيها الدوؤب لكشف بؤر الفساد وتجفيف منابعه ومحاسبة ومساءلة المتورطين في تلك الأفعال التي تلحق الضرر بالمال العام . موضحاً أن الجهاز يسهم بدور استشاري في تأسيس المنظومة التشريعية لمكافحة الفساد وتطوير التشريعات المالية والمحاسبية والإدارية (اتفاقية مكافحة الفساد وقانون مكافحة الفساد والإقرار بالذمة المالية والمناقصات والمزايدات ومكافحة غسل الأموال ). فيما اعتبر وكيل وزارة الداخلية أن القيادة السياسية بزعامة الرئيس على عبد الله صالح رئيس الجمهورية تعول كثيراً على هيئة مكافحة الفساد وتولي هذا التوجه اهتماماً كبيراً من اجل اجتثاث الفساد ومكافحته ومحاسبة المفسدين والمتسببين فيه مدللاً على ذلك بإحالة ملفات بعض المسئولين الحكوميين إلى الهيئة حيث تهدف هذه الخطوة إلى تفعيل الهيئة التي تمثل ضمير الشعب وطريقه نحو بناء حياة صحيحة قائمة على النزاهة والشفافية ". وفي مجال الدعم الفني للهيئة الوطنية العليا شددت الدراسة على أهمية المراجعة التشخيصية للإطار القانوني للضوابط والترتيبات المؤسسية لمكافحة الفساد، وتطوير الإستراتيجية الوطنية وخطة العمل التنفيذية للمكافحة، وتطوير آلية التحقيق بالهيئة وقبل ذلك بناء القدرات. وأكدت أن هناك حاجة ملحة لإطار عمل مفاهيمي يعمل على إعداد مقاييس أكثر دقة لحوادث الفساد الذي تم تعريفه بالقانون اليمني رقم (29) لسنة 2006م المادة (1) على نحو متسق مع تعريف الأمم المتحدة وهو: ( استغلال الوظيفة العامة للحصول على مصالح خاصة سواءً كان ذلك بمخالفة القانون أو استغلاله أو باستغلال الصلاحيات الممنوحة). وأشادت الدراسة بالإجراءات الحكومية الجادة لمحاربة الفساد والمتمثلة بالقوانين الصادرة في مجال الفساد والهيئة العليا ولجنة المناقصات والذمة المالية وتفعيل أداء نيابات ومحاكم الأموال العامة بالإضافة إلى ربط الهيئة بالجهاز الرقابة والمحاسبة والمجتمع المدني والصحافة . ومن جانبه أكد الدكتور محمود الارياني عضة اللجنة العليا للمناقصات والمزايدات ان القانون الجديد للجنة المناقصات تلافى القصور في القانون السابق وسهل للجنة اكتشاف مكامن الخلل في المناقصات ، مؤكداً أن الفساد يبدأ في المراحل الأولى للمشروع محل المناقصة الواردة من الجهات الحكومية . وطالب الارياني بالرقابة المرحلية لجهاز الرقابة للحد من قضايا الفساد وليس رقابة لاحقة ، معتبراً أن تصَدر الوزارات المذكورة ومحافظات إب وعدن والمهرة والمحويت قائمة الأكثر فساداً ناتج عن فاعلية مكاتب الرقابة فيها فهناك وزارات ومحافظات أكثر فساداً واقل رصداً لمؤشرات الفساد فيها . واعتبرت الدكتورة بلقيس ابو إصبع نائب رئيس الهيئة الوطنية العليا لمحاربة الفساد أن المسح الوطني الميداني الأول للفساد في اليمن وكذلك ورشة النقاش تهدف إلى إعداد إستراتيجية وطنية تستفيد منها الهيئة لمحاربة الفساد أضف إلى ذلك إعداد نظام قاعدة بيانات آلي يساعد في قرارات وآليات للمكافحة وإيجاد شراكة مع الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب والصحافة وكذلك الجهات غير الرسمية لخلق شراكة بين الجهاز المركزي للرقابة والهيئة ولجنة المناقصات والقضاء والداخلية ونيابات ومحاكم الأموال العامة وكافة الجهات لاجتثاث الفساد في البلاد .