خاص - نشطت الدبلوماسية اليمنية وقطاع السياحة في محاولة تهدف إزالة تشوهات أنتجها الإرهاب على صعيد سمعة اليمن واقتصاده لاسيما بعد الهجوم الإرهابي الذي كان يستهدف السفارة الامريكية ووقع خارجها بعد تصدي بطولي لحرس الامن اليمني واسفر عن مقتل 12 من الجنود والمواطنين بالاضافة الى (6) اخرين هم منفذي الهجوم . ويحاول اليمن في نشاطة الدبلوماسي الاخير والذي بدأه وزير الخارجية الدكتور ابو بكر القربي من خلال ترئسه وفد اليمن فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك شرح أوضاع وظروف اليمن في مواجهتها للإرهاب والسعي لتوفير المزيد من الدعم من الدول الصديقة والمنظمات المانحة وبما يمكننا من مواجهة الإرهاب والتطرف بقدرات مناسبة وفاعلية كبيرة . ويتأكيدات وزير الخارجية فإن اليمن تجد التعاون والمساندة من الأسرة الدولية في مواجهة الإرهاب غير أن ذلك الدعم لا يرتقي لمستوى التحديات التي نواجهها ولا يتناسب مع التطور النوعي الذي شهدته العمليات الإرهابية والتخريبية خلال السنوات القليلة الماضية. ورغم محدودية إماكانياته يجاهد اليمن فى محاربة الإرهاب منذ انخراط تحالف دولى تقوده الولايات المتحدة فى الحرب على تنظيم القاعدة الذى نفذ هجمات 11 سبتمبر 2001 بنيويورك وواشنطن. وقبل تلك الهجمات كان اليمن، أول من لفت الأنظار إلى خطر "الأعمال الإرهابية" حيث شهد النصف الأول من عقد التسعينات سلسلة من الاعتداءات الصغيرة التي نفذتها جماعات متطرفة استهدفت أضرحة وبيوت أعراس وسفارات غربية وفنادق ومنشآت سياحية ، كما شهدت السنوات منذ النصف الثاني من ذلك العقد نشاطاً واسعاً للقوى الإرهابية في اليمن، كان من ضمنه تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية وأبرزها نسف انتحاريون بزوارق مطاطية البارجة الأمريكية يو آس آس كول فى 12 أكتوبر- تشرين أول 2000 بميناء عدن ما أدى إلى مصرع 17 بحارا أمريكيا. وعقب هجمات سبتمبر لبى اليمن النفير الأمريكى للحرب على الإرهاب ودخل فى التحالف الدولى الذى تقوده واشنطن، إلا أن تورط القوات الأمريكية فى مأزق الحرب فى افغانستان وتاليا العراق، إضافة إلى توالى الانتقادات الدولية لأسلوب إدارة الحرب، قلل من حجم الدعم الذى تقدمه الدول الكبرى إلى الدول الفقيرة ومنها اليمن. وعرضت العمليات الإرهابية المتلاحقة اليمن لحملة تشويه غير مسبوقة على مستوى العالم، حيث أظهرت اليمن وكأنها بيئة خصبة لإنبات الإرهاب والإرهابيين، ووكراً وملاذاً أمناً لهم. وقد أدى ذلك بعدد من الدول الأوروبية إلى إصدار تحذيرات لرعاياها من السفر إلى اليمن، بل وقيام بعض الحكومات الغربية بإغلاق سفارتها في صنعاء أكثر من مرة. وعلى الصعيد ذاته فقد أدت تلك العمليات الإرهابية إلى تشويه سمعة المواطن اليمني وتشديد الإجراءات على المسافرين اليمنيين في معظم مطارات العالم، ومضايقة المهاجرين وأعضاء الجاليات اليمنية في الخارج. ورغم مراوحة العلاقات اليمنية الأمريكية خلال السنوات الاخيرة الماضية بين المد والجذر(من تأزم وانفراج) على خلفية رفض صنعاء مطالبة لتسليمها عددا من المواطنيين اليمنيين المنتميين لتنظيم "القاعدة والغاء الجانب الامريكي للمنحة التي كان يفترض ان تدعم بها اليمن ضمن صندوق الألفية ، غير ان الادارة الامريكية اكدت فى الذكرى السابعة لهجمات 11 سبتمبر أن صفحة من التعاون بدأت بين صنعاء وواشنطن تجاه مكافحة الارهاب ، مشيرة الى إن واشنطن اقتنعت أخيرا بوجهة نظر صنعاء بأن عملية تسليم كلا من جمال البدوى وجابر البنا المطلوبين للإدارة الأميركية بتهم الارهاب أمر يتعارض من القانون والدستور اليمني وأكد وزير خارجية اليمن القربى في تصريحات صحفية قبيل مغادرته الى واشنطن على رأس وفد رسمي لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك "عدم وجود أى تأثير للحادث الإرهابى الذى استهدف سفارة واشنطن بصنعاء على العلاقات اليمنية الأمريكية"، على حد تعبيره. وقال " على العكس من ذلك فقد وجدنا تفهماً أمريكياً كاملاً لملابسات ذلك الحادث وإشادة وتقدير كبيرين بجهود اليمن فى مكافحة الإرهاب وكذا يقظة الأجهزة الأمنية فى تصديها للأعمال الإرهابية وآخرها ما تعرضت له سفارتهم هنا بصنعاء ". وقال القربى إن مباحثات يمنية أمريكية تجرى بخصوص إنشاء مركز فى صنعاء بتعاون البلدين يقوم بعملية إعادة تأهيل معتقلى اليمن فى سجن جوانتاناموا من أجل إدماجهم فى المجتمع كمواطنين صالحين بعيداً عن أفكار التطرف وثقافة العنف . وابدت أوساط أمريكية في البيت الأبيض والبنتاجون في تصريحات مؤخرا ارتياح وتقدير إزاء جهود اليمن في مكافحة الارهاب ‘خاصة بعد النجاحات التي حققتها أجهزة الأمن اليمنية في ملاحقة عناصر تنظيم القاعدة‘ ومنها عملية تريم التي تم من خلالها تفكيك العديد من الخلايا المرتبطة بالتنظيم في محافظتي حضرموت وأبين‘وبعد النجاح في القضاء على القيادي في التنظيم حمزة القعيطي الذي تنسب اليه الكثير من الأعمال الإرهابية التي جرت مؤخراً والتي استهدفت بعض المصالح الامريكية والغربية في اليمن ، بالاضافة الى اكتشاف مخططات ارهابية خطيرة كانت تنوي تلك العناصر الارهابية تنفيذها. و سارعت القيادات الامريكية سواء من خلال الرئيس بوش وزيرة الخارجية كوندليزارايس او من خلال مساعد الرئيس الامريكي لشؤون مكافحة الارهاب والأمن الداخلي السيد كين وانيستن في المكالمة التي تمت مؤخرا مع الرئيس صالح والتصريحات التي أطلقوها ،الى التعبير عن هذا الموقف الأمريكي عقب الحادث مباشرة وخلال الايام القليلة الماضية ،حيث عبروا عن تقديرهم لجهود اليمن المبذولة في مجال مكافحة الارهاب وماقام به الجنود اليمنيون الذين كانوا يتولون حراسة مبنى السفارة الامريكية بصنعاء من دور شجاع في احباط ذلك الهجوم الارهابي الذي استهدف العاملين في السفارة مقدمين في سبيل ذلك تضحيات كبيرة. كما عبروا عن تعاطفهم مع الضحايا اليمنيين الابرياء الذين سقطوا في ذلك الهجوم المشين ، مؤكدين التزام الولايات المتحدة الامريكية القوي بدعم جهود اليمني وتعزيز قدراتها الامنية والعسكرية لمكافحة الارهاب بالاضافة الى الوقوف الى جانب اليمن في المجال التنموي والديمقراطي وفي مقدمتها جهود اعادة الاعمار في صعدة. وبالمقابل أكدت اليمن ومن خلال الرئيس صالح التزامها كشريك فعال للأسرة الدولية في الحرب المفتوحة والمستمرة على الارهاب الذي هو آفة خطيرة وتضر بمصالح الجميع. وبالتزامن مع النشاط الدبلوماسي تتجه اليمن على صعيد ازالة تشوهات الإرهاب التي ضربت الاقتصاد الوطني وألحقت باليمن خسائر اقتصادية كبيرة في مجالات التنمية و السياحة والاستثمار . اذ ألحقت العمليات الإرهابية أكبر الضرر بالاستقرار والسكينة العامة، الأمر الذي انعكس بدوره على سمعة البلاد ومسيرة التنمية فيها. وتكلفت الخزينة العامة أعباء إضافية مضاعفة تمثلت في تكاليف الحملات العسكرية والأمنية لمطاردة مرتكبي الجرائم الإرهابية، وتعزيز الانتشار الأمني في بعض محافظات الجمهورية، وتحريك القوات والمعدات والأسلحة الإضافية إلى المناطق التي تشهد أعمالاً إرهابية واختلالات أمنية. فضلاً عن تحمل الدولة أعباء جديدة تمثلت في تجنيد آلاف الجنود، وتحمل أعباء كبيرة لتطوير قوات خفر السواحل، وإعادة تشكيل قوات حرس الحدود، وشراء آليات جديدة. وزيادة قوات الأمن في الموانئ البرية والبحرية والجوية والعديد من المواقع الأخرى، وتخصيص قوات أمنية لحماية الأفواج السياحية، والطائرات، ومنشآت النفط والشركات العاملة فيها وقاطرات الغاز والبترول وتعويض المتضررين من العمليات الإرهابية. كما تكبدت اليمن خسائر مهولة في قطاعين رئيسيين يعول عليهما اليمن كثير في انعاش الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل للحد من البطالة والتخفيف من الفقر، وهما قطاعي السياحة والاستثمار، حيث ادت تلك العمليات الارهابية الى الغاء حجوزات سياح وافلاس فنادق وتخوف رأس المال المستثمر من اقامة مشاريع في اليمن . ورغم تعزيز التنسيق بين الجهات الأمنية وآلية التعامل مع المواقع والخطوط السياحية ،غير ان قصورا كبير في إبراز الجهود الأمنية الإيجابية الجارية في اليمن ونتائجها الطيبة على صعيد تعزيز الأجواء الآمنة ولاسيما المناطق السياحية وذلك لما من شأنه تقديم اليمن للعالم بصورة مغايره عما هو مرسوم في أذهاب الآخرين. وتسعى اليمن ممثلة بوزارة السياحة بدأ من شهر أكتوبر القادم لتنفيذ حملة جديدة في الدول الأوروبية المصدرة للسياح إلى اليمن لإحتواء الآثار السلبية للحادث الإرهابي الذي استهدف السفارة الأمريكية الأسبوع الماضي . ومن المقرر ان تشمل الحملة الترويجية العديد من الدول الاوروبية ، لبناء السمعة الخارجية الجيدة والتأكيد على الأمن والاستقرار في اليمن وأن الحوادث الإرهابية تحدث في مختلف دول العالم. وبتأكيدات وزير السياحة فان هناك أضراراً لحقت قطاع السياحة جراء عملية السفارة الأمريكية منها إلغاء بعض الحجوزات وتجميد بعض البرامج السياحية ، مشيراً إلى أن الوزارة كانت نفذت حملات دولية ناجحة لزيادة حصة اليمن من السياحة الدولية لكن للأسف جاء هذا الحادث الإرهابي مع قرب بدء الموسم السياحي الجديد. وأعرب وزير السياحة عن ثقته في أن تضبط الأجهزة الأمنية المتورطين في العملية الإرهابية وأن تتضافر كل الجهود لمعالجة آثار الإرهاب على قطاع السياحة الذي يعمل به 50 ألف شخص بشكل مباشر وحوالى 90 ألف شخص بشكل غير مباشر ، مشدداً على أهمية تنامي الوعي الشعبي بأضرار الإرهاب وانعكاسه على الاقتصاد والاستثمار وزيادة حجم البطالة والفقر.