ثابت الأحمدي - كم يدهشك هذا الكاتب الشاب عبد الرحمن الحميدي .. حين يكتب، تكون كثيرا من كتاباته جرس إنذار وفاصلا في الصحافة اليمنية ، تستمر تداعياتها لأسابيع ويخرج مثقلا في خاتمتها بالاتهامات.. مقلٌ هو في الكتابة.. وإن كتب تغدو كتاباته مرجعية ورؤى محفورة في الذاكرة والوجدان الحزبي والمجتمعي. ورغم عمره الشاب فقد اكتسب عمق تجارب وأحداثا تؤطر تحليلاته عمق البنية الفكرية والاجتماعية بأطر فلسفية وتأملية.. وإذا غاب عن القراء يكون بعودته في أقوى حضوره، ولديه ما يقوله بجرأة وفاعلية.. وقد أصر ألا أضع أمام اسمه في ترويسة المقابلة أي صفة.. فإلى الحوار. غاب الكاتب عبد الرحمن الحميدي عن ساحة الأفكار والكتابة وهي ساحته في المقارعة.. لماذا غبت هذا الغياب المميت؟ قد أكون غبت عن النشر في الصحف .. ولكن لم اغب عن النقاشات اليومية والمساهمة في إثراءها بالأفكار.. الغياب المميت هو أن تتلف أفكارك ويموت قلبك وتتحول إلى ركن قصي تندب حظك.. والكتابة لا تقاس بعد المقالات التي نكتبها والكتب التي نصدرها..تقاس بفاعليتها فقط، حتى ولو مقالا واحدا. وفي الفترة التي أسميتها فترة الغياب قضيت معظمها في القراءة والبحث للوصول لرؤية خاصة بي عن المجتمع اليمني.. وفيها قرأت ربما معظم الكتب والكتابات التي تيسرت لي عن اليمن في كل فتراته التاريخية.. خاصة الألف العام التي استلب فيها الأئمة حكم اليمن من أبنائه. وماذا كانت النتيجة؟ من خلال ذلك ربما أكون قد أدركت أزمة الهوية اليمنية، والأسباب الكامنة وراء تشرد اليمنيين وانكساراتهم التاريخية وعدم استقرارهم .. وهذا بلور لي فكرة كتابي،.. "الشخصية اليمنية"..وهو بصدد الإعداد، فضلا عما أستطيع أن أعلن عنه وبكل ثقة نتيجة لبحثي واعتكافي بأن ثورة 48 الدستورية كانت في المجمل العام، انعكاسا لايجابيات العهد العثماني في اليمن وثمرة من ثمرات ذلك العهد ، في تهيئة اليمن كبلد واليمنيين كشعب للتطلع نحو الحياة الكريمة والتغيير، وشكل هذا الحكم المنطلقات والأسس الفكرية للأحرار، ومثل نموذجا جديدا لشكل الدولة ولمؤسساتها في أرض الواقع، مختلفا تماما عن النموذج البدائي المتوارث من عصور الأئمة، والمتراكم على اليمنيين كصورة للدولة.. وكنت قد أشرت لهذا في مقالة نشرتها في 2008 . مقالك الأشهر "الفتن الثمان في جامعة الإيمان" أخذ صدى كبيرا حتى في الأماكن النائية، وتناوله الناس قراءة وتصويرا واندهاشا، وظلت الأحاديث عنه لأسابيع، كان كمن يفجر قنبلة أو كان مزلزلا. وفي تلك الفترة كنت إذا ما حللت مسافرا، وجدت الأحاديث والنقاشات طازجة حوله .. لماذا حرصت على استهداف الشيخ عبد المجيد من خلال استهداف جامعته؟ أنا لم استهدف الشيخ عبد المجيد كشخص؛ لكن ألمه كان بالغا من المقال ولا يزال، وأجد الشكوى حارة واللسعة مستيقظة.. وكأني كتبته اللحظة لا في عام 2004!! ، وصور للناس أن الإصلاح دفعني لذلك، وأن المقال كان ردا مبطنا على إصدار كتاب: "النصيحة ..الأخوان المسلمون في اليمن إلى أين"؟ والذي تضمن معلومات لم يكن يعلمها سوى الزنداني، ويعتقد أيضا بأنها حملة مقصودة ومدفوعة الأجر، حتى كثرت شكواه بما جنته المقالة وغيرها على الجامعة من حصار مالي، حتى إنه قال في إحدى محاضراته أن تاجرا إماراتيا كان يدفع للجامعة أربعين مليون درهم، وبعد حملة المقالات انخفض دعمه إلى مليون.. فضلا عن دعائه الشهير بعد صلاة الفجر على الذين يستهدفون الجامعة! أنا استهدفت الجامعة منهجا وأداء ومشائخا يتلبسون المنهج، وأسلوب تربية وافد وغريب يحاولون فرضه على المجتمع .. وتنبأت بمثل خطورتها على مستقبلنا جميعا، وربما الأيام أيدت وجهة نظري .. وها نحن نسمع أراء لطلاب ومشائخ من أبناء جامعة الإيمان يعتقدون اليوم ما اعتقدته في جامعتهم وأصبحوا يحذرون من خطورتها على العلم والبلد والتنمية وعلى حزب الإصلاح نفسه وبعضهم غادرها! وبعضهم صار له حضور إعلامي مناهضا لها. للشيخ الحق أن يكون له رأي فيما يجري؟ أوافقك هذا الرأي، إلا أن الشيخ الزنداني يريد الخوض في كل شيء، وأن يكون له رأي واجب الأخذ به في كل شي.. ومع هذا يريد أن يبقى ذاته مقدسة.. وإذا تناوله أحد بالكتابة عنه أو عن جامعته يبدأ بالصراخ: بأن هذا استهداف ومؤامرة!! الشيخ الزنداني لايقدر العيش في الظل، تستهويه قيادة الحشود .. وإذا خرج للشمس بمستجداته واختراعاته وآرائه، فسرعان ما تذوب كالإيسكريم!..وإذا قال له أحد: يا شيخ الإيسكريم يذوب. رد الشيخ بهيجان: اتقوا الله.. لحوم العلماء مسمومة. الفتن الثمان في جامعة الإيمان ..هل من فتن جديدة تضاف لسابقاتها؟ كانت الجامعة فيما مضى تصدر فتنها إلى خارجها، وتستهدف بها خصومها في الخارج.. أما ما لاحظته مؤخرا على الفتن الجديدة ، فقد بدأت تلتفت وتعود للداخل مستهدفه : المشائخ، وانقسامات الطلاب، وصراعهم ضد بعضهم ، وصراع إدارة الجامعة مع طلابها وإدارييها، وحتى صراعها مع بعض مشائخها، وتحيز الزنداني لفصيل طلابي أو مشائخي ضد أخر، وكنتاج للجو الديني المتلبد المشحون، والمتناثر المتصارع .. وكل يدعم صراعاته بأدلة القرآن والسنة ويحشد الفتاوى..نتاج لهذا بدأ تيار علماني يتبلور من جامعة الإيمان سواء من الطلاب أو المشائخ الذين تخرجوا منها، أو من الذين ما زالوا يدرسون.. وبعض منا صار يعرف اليوم طلابا ممن تخرج منها برتبه شيخ حافظ للقرآن وللفقه لم يعد لهم علاقة حتى بالشعائر الدينية إطلاقا.. ويحذرون من كل ماله علاقة بالتدين في إدارة الدولة، أوعلى المجتمع.. ويتحللون منه كسلوك شخصي.. ولعلك يا عزيزي قد سمعت أخبار تتحدث عن ترتيبات لتأسيس جمعية علمانية تضم عضويتها العلمانيين من المشائخ والطلاب المتخرجين من جامعة الإيمان أو الذين ما زالوا يدرسون.. وكنتاج لهذا ولغيره من الأسباب تبلور فيها فصيل طلابي انفصالي معروف في الجامعة، ليس انفصاليا بالرؤى والأفكار فقط ، وإنما صاروا على أرض الواقع يتكتلون مع بعضهم على مستواهم اليومي، في الحديث والتعامل والخروج والدخول، ويرفض بعضهم التعامل مع من يسمونهم الشماليين ، ووصل بهم ذلك لفرض خياراتهم على إدارة الجامعة بان يكون لهم مطعمهم المستقل .. فما كان من الشيخ الزنداني إلا الإذعان موافقا على أن يستقلوا بمطعم خاص بهم! علمانية وانفصال..! هذه تصريح مهم بل هو أم الفتن.. إلى ما ترجع هذا؟! وبما تفسره؟ التطرف ينتج تطرفا.. وما أنتجه منهج الجامعة المتشدد أنتج طلابا ومشائخا يسيرون في النقيض، ثائرين على كل ماله حتى علاقة بالتدين ، وكأن الدين هو نتاج محلي للجامعة..وإذا أردت أن تفكك شيا ذا سمات مترابطة ومبهمة ومقدسة .. أخرجه من عزلته وأنشئ له مراكز وجامعات وجمعيات ..وما هي إلا فترة قصيرة من الزمن حتى تبدأ تيارات تتبلور من الجماعة الأم تتصارع وتتفكك؛ بل وتفكك معها الأصل الذي قامت عليه كما هو الحاصل اليوم في جامعة الإيمان..وأستطيع القول أن أعلى مستويات هذا التفكك في الجامعات الدينية هو السير نحو العلمانية .. ليست العلمانية التى تطالب بفصل الدين عن الدولة فقط، وإنما العلمانية التي ترفض الدين كخيار اجتماعي.. ثم يستمرئون الاستمرار في انتهاك مقدسات الدين باعتبارهم يعيشون معها ثارات شخصية.. وهل للانفصاليين في جامعة الإيمان أيضا أدلة شرعية؟ على هذا المستوى الذي صار يمتلك به الطالب الديني الأدوات التي يستطيع بها أن يفكك به شرعا وبأدلة القرآن والسنة الوحدة، ويرى عدم وجوبها.. وهذا ليس كلاما يُفترى، أو سرا من الأسرار.. هناك دراسة خطيرة نشرتها مجلة المنتدى السلفية لأحد مشائخها السلفيين، تدلل أن الوحدة ليست من الدين, وتثبت بالأدلة الشرعية أن التحلل منها جائز، ولا إثم شرعي على الانفصاليين، وقال إذا كانت الوحدة خطا أحمر فإن الانفصال خط أخضر!! أترى أن أسبابا كهذه شاركت في فقدان الشيخ عبد المجيد رمزيته حتى بين طلابه ؟ الاقتراب من أي شيء، يفقده هالته ويسلب كاريزميته ويفكك الأسس التي قامت عليه الهالة والتقديس والكاريزما.. لأنه بات يدرسها ويعيش معها، ويتتبع تفاصيلها اليومية من خلال سوء الإدارة والعبث بالأموال وعدم تقبل النصح والسطوة العائلية للأبناء على الجامعة...وهذا ما حصل مع الشيخ عبد المجيد. اليوم الشيخ عبد المجيد، فقد رمزيته؛ لأنه فقد قضيته الكبرى، وبدا يظهر وكأنه مجرد تابع، ومحفوفا بقضايا الفساد المتهم بها بعض الإداريين.. لو عاد الشيخ الزنداني إلى ماضية وهو شاب بجوار أبي الأحرار محمد محمود الزبيري وتذكر كيف كان يحمل هم الوطن بقضاياه الثورية الكبيرة واليوم وهو في مرحلة الشيخوخة كيف يجد نفسه مستنزفا بالقضايا الهامشية لو عاد مع نفسه إلى ذلك لأدرك الفرق واضحا. الشيخ الزنداني صاحب مشروع تربوي ومصلح اجتماعي كبير، ولا أظن أن القضايا الهامشية سيطرت عليه؟ الانشغال بالقضايا الصغيرة تفرز أولويات مختلفة تصيب بالغبش، لو كان الشيخ منشغلا بالقضايا الكبيرة، هل سيدع لأولاده الادعاء بأنهم علماء ويشاركون بالتوقيع على بيانات ما يسمى علماء اليمن والكل يدرك أنه لا علاقة لأولاده بالعلم الشرعي.. حتى ولو تمادينا وافترضنا أنهم علماء فليس لائقا بالشيخ الظهور بهذا المظهر العائلي، هذا يفقده مصداقيته واحترام الناس للعلم. في أحد بيانات من يسمون أنفسهم العلماء، كان من ضمن الموقعين على البيان ولدان من أولاد الشيخ عبد المجيد ..ولو كانت النساء يوقعن على بيانات العلماء، لوقعتا ابنتا الشيخ : الشيختان عائشة وأسماء.. وهما كشيختين تمارسان دورهما المشيخي دون كلل مع النساء، في جمع التبرعات والدعوة لجامعة الإيمان.. ما تعليقك إذن على خبر نشرته صحيفة الجمهورية يتحدث عن عزم الشيخ عبد المجيد تأسيس حزب إسلامي إخواني؟ لو حصل هذا.. ستكون هذه فورة الفتن وستقضي على الجامعة وسيتوه الإصلاح..وهذا أمر تناولته في مقالتي "الفتن الثمان"و "إلى أين تمضي جامعة الإيمان بالتجمع اليمني للإصلاح.". وقلت أن خطورة هؤلاء على مستقبل الإصلاح، أنهم قد يعلنون بشكل مباغت ومفاجئ تشكلهم كحزب.. وهذا يعني انقسام الإصلاح أو اهتزازه في أحسن الأحوال.. وكان الإصلاح يستبعد أن يحصل مثل هذا . وكانت المحصلة تشرذمنا نحن أبناء الإصلاح من جيل الشباب، الذين قارعنا، فلم يحافظ علينا الحزب ولم يكلف نفسه حتى عناء السؤال عن غيابنا .. وبقوا هم هؤلاء الذين يتآمرون على الإصلاح، أصحاب السطوة والحظوة والخطوة يُفتقد أحدهم إذا غاب، ويدعون له بظهر الغيب إذا مسه مرض. وليس مفاجئا أن يحدث هذا، كانت مؤشرات خطورتهم أكثر جلاء، . كيف استقرأتها؟ من خلال أحاديث الشيخ الزنداني أن الجامعة ملك له، أي حقه، ولا يحق للإصلاح العمل فيها، تبلورت تلك عمليا من التضييق على النشاط التنظيمي الإصلاحي ومطاردته حتى إلى خارج الجامعة.. بل وكانت المؤشرات أكثر جلاء ووضوحا، مع بدء هذا التنظيم يعلن عن نفسه مع الشيخة عائشة الزنداني من خلال أمرين: أولهما تحصينها قطاع الطالبات في الجامعة من أي اختراق من الإصلاح.. وصار هذا القطاع عصيا على الاستقطاب الإصلاحي التنظيمي العمل فيه، ويكاد يكون شبه مغلق (لتنظيم الشيخة)، وإذا اشتمت رائحة الإصلاح من طالبة ما فإن الشيخة عائشة مستعدة لأن تشدها من شعرها، أو تكسر لها رجلها .. كما حصل في قصتها الشهيرة وعنترياتها مع الطالبة نسيبة الشميري. أما ثانيا: التصريح التاريخي للشيخة عائشة ، والذي استهدفت به نشاط الإصلاح قبل أكثر من عام، وقالت بكل ثقة: إن الإصلاح غير قانوني ويحق للدولة سحب قادته إلى المعتقلات.. فكان هذا مؤشرا جليا عن خطوات استقلالية بتنظيمها الخاص! تعززها بسفيرات للخارج تحشد له التبرعات عوضا عن أبيها المحاصر! قلت سابقا أن بيان العلماء الذي صدر بشان زواج الصغيرة بأنه بيان تمرد أشبه بتمرد الحوثي؟ نعم العلماء في بيانهم الأخير ضد زواج الصغيرة أقدموا على خطوة خطيرة، وكان بيانهم إعلانا عن حالة تمرد على مؤسسات الدولة، وذلك أشبه بما يقوم به الحوثيون ! كيف؟ نحن نمتلك مؤسسات دستورية وأهمها مجلس النواب، وهو المجلس الذي أوكل إليه الشعب تحديد مصيره وخياراته وسن التشريعات وعندما نختلف في أمر من الأمور يجب علينا كشعب له مجلس نيابي أن نحتكم إلى مجلس النواب ونرضي بقوانينه، ومن له اعتراض على قوانينه عليه أن يلجا إلى المحكمة الدستورية؛ أما ممارسة الضغط على مجلس النواب بالتهديد بالخروج عليها، لكي ينحرف بتشريعاته إذا لم تسن فوانين حسب رؤيتهم الفقهية و كما يقول بيانهم بالنص" في ظل عدم الاستجابة لمطالب العلماء ستفقد الحكومة شرعيتها وإيجاد مبرر للخروج عليها" أضف إلى هذا الإنذار تهديدهم إذا لم يسن قوانين حسب رغبتهم فسيخرجون بمسيرة مليونية، هذا بيان تمرد وتهديد وانقلاب على مؤسسات الدولة. أسألوا خبراء القانون والسياسية وحتى الجهلة والمجانين ماذا يعني مثل هذا الكلام؟ ولكن شارك في ذلك أعضاء من مجلس النواب؟ الأخطر أن يشارك في صياغة البيان الموجه ضد الشعب اليمني ومؤسساته أعضاء من مجلس النواب. ولا بد من إعادة الاعتبار للشعب وللمؤسسة الدستورية. وكأقل تقدير على مجلس النواب القيام بمساءلة أعضائه المشاركين في البيان، وفي التهديد. إن عواقب مثل هذه الأفعال التي تبدو بطولية للبعض كارثية في المستقبل وتفقد مؤسسات البلد مشروعيتها. قلت يشبهون الحوثي.. من أي ناحية؟ للحوثي أداتان: السلاح والأنصار، ولمن يسمون أنفسهم بالعلماء أيضا أداتان : الفتوى والأنصار . يخرج الحوثيون أسلحتهم من أغمادها ويحشدون أنصارهم . وهكذا يفعل العلماء تخرج الفتاوى من أغمادها ويحشدون الأنصار. أليس التهديد بالخروج على تشريعات الدولة بقوة الأنصار تمردا؟ وإلى جانبه أيضا هناك لجنة الحوار الوطني، أنشأتها أحزاب المشترك؟ أستطيع القول أن لجنة الحوار الوطني غير دستورية وغير قانونية.. لسببين: الأول أن أدبياتها تتضمن شرطا ملكيا، وهو عدم تغيير الأمين العام الشيخ حميد وهذا مخالف للقانون المنظم لعمل الجمعيات والمؤسسات والهيئات، أو حتى قانون الأحزاب. ثانيا دائرة المشائخ وهي دائرة طبقية ضمن هيئات هذا المجلس تتناقض كليه مع أسمى أهداف الثورة ومع الدستور. كيف يمكن التعامل معها؟ يحق لأي يمني أن يقدم شكواه بلجنة الحوار للمحكمة الدستورية للمطالبة بحلها لمخالفتها لأهداف الثورة وللدستور ولإعادتها إنتاج شروط ملكية.هذا عار تاريخي على أحزاب تاريخية ناضلت عقودا لأجل العدالة والديمقراطية، وإزالة الفوارق الاجتماعية والطبقات والشروط الملكية . أليس هذا استهداف للجميع؟! هل السعي إلى تأمين حياتنا ومستقبل أولادنا استهدافا. هذا واجبنا كمواطنين بدلا من أن نحتشد في أطر هذه المؤسسات ينبغي أن نحشد ضدها، وأن نعمل على إيجاد وسائل معارضة آمنة وملتزمة بالدستور والقانون وغير شخصية. منذ أن بدا الشيخ حميد الأحمر يظهر كزعيم شعبي في حملات الانتخابات الرئاسة حتى تسلمه أمانة لجنة الحوار الوطني وأنت تحذر من انعكاسات هذا الظهور على مستقبل الإصلاح والعمل الحزبي حتى اعتبرك زملاؤك مبالغا، وما تردده نتاج مواقف شخصية قد تكون جرت بينكما..لماذا هذا الجنوح؟ لا جنوح ولا جديد سوى ما آلت إليه الأوضاع في الإصلاح لصالح أشخاص ..فأنا استغرب المساحة الممنوحة للشيخ حميد الأحمر، أن يتحرك أفقيا وعموديا داخل الإصلاح، ويتواصل مع معظم فئاته باللقاءات التي يعقدها معها ومع مختلف الفئات الشبابية والمشايخية، والإبداعية والطلابية .. وحين تجد نفسك مدعوا للقاء بحميد الأحمر بصفتك إصلاحيا..فضلا عن لقاءات لإخوانه بفئات نوعية من الإصلاح والحرص على استمرارية اللقاءات بقياداته وقواعده. وما المانع من هذه اللقاءات؟ اسمح لي أولا أواصل.. وربما قد تندهش كاندهاشي ..فبعد وفاة الشيخ عبد الله رحمه الله قرأت مقابلة مختصرة في الصحوة لأحد أبنائه الشباب، ولكي يدلل أنه قيادي كإخوانه الذين يكبرونه، وبأنه يمتلكك مواصفات القيادي.. قال إنه كان يحضر اجتماعات الهيئة العليا للإصلاح مع والده.. لا أدري أية مشروعية حزبية تمنح الولد حق الحضور لأن أباه رئيس الهيئة العليا ..بينما لا تستطيع قيادات مكاتب تنفيذيه حضور اجتماعات الهيئات العليا. .هل مثل هذا التوغل في الإصلاح يتم عشوائيا؟ أليس هذا اختراقا؟ ..الإجابة عن مثل هذا السؤال تحدد بالدقة إلى أين سيؤول مستقبل حزب الإصلاح؟ على أية حال هذه الملاحظات قد تجعل من المراقبين يبدون حذرهم مما أسميته توغلا واختراقا، ويعيدون حساباتهم، وفي المقابل قد يكون لمثل هذا الطرح وجهات نظر متباينة ؟ دعني أّستحضر لحظة فاصلة في مسار الإصلاح والمشترك، كانت منذ أكثر من سبعة أشهر في الانتخابات التكميلية في مقاعد المتوفين.. فبينما كان الإصلاح والمشترك يحشدان إعلامهما لمقاطعة الانتخابات ويصدران البيانات في عدم شرعيتها التزم الجميع بقرار المقاطعة إلا الإصلاح في عمران كانوا يحشدون لانتخاب هاشم بن عبد الله الأحمر!! لماذا لم يقاطعوا؟ هل لأولاد الشيخ عبدالله لائحة خاصة في الإصلاح تحلل لهم ما تحرمه على جميع الإصلاحيين ؟..ولماذا سُمح بتحول الشريط التفاعلي في قناة سهيل إلي دعاية مستمرة، وحين فاز هللت القناة وباركت للجميع فوز صقر حاشد كما أسمته، حتى القيادي الإصلاحي الكبير حميد الأحمر وبكل بساطة ودون تقدير لقرار الإصلاح بالمقاطعة، ولا احترام لمشاعر أعضائه قام بتهنئة أخيه بالفوز بصفحة كاملة في صحيفة الثورة..هذه التصرفات أليست خرقا للقرار الحزبي؟ ألا تعكس أيضا حجم توغلهم واستحواذهم على صناعة القرار الإصلاحي والعبث به؟.. ألم يكن كذلك؟ فلنا أمل في قيادات الإصلاح لتوضيح هذه المبهمات. ولكنه أنجز للإصلاح قناة إعلامية؟ ظهور قناة بهذا الشكل كان مخيبة للمراقبين ولأعضاء الإصلاح والمشترك.. كانوا يمتلكون تصورا مختلفا تماما لقناة ستكون لسان المعارضة.. أنظر إلي بساطة تقنياتها الفنية والى ضآلة موازنتها.. مالكها منتظر من حزب الإصلاح أن يبادر إلى دعمها ماليا؛ بل والأسوأ من ذلك ما تناقلته الأخبار أثناء بثها من الكويت أن من الأسباب التي أدت إلي إغلاق مكتبها هناك .. أن مدير المكتب كان يتلقى راتبه الشهري من جمعية خيرية!! هذا من الناحية الفنية والمالية فكيف تنظر إلى خطابها ؟ قلت سابقا إنه مخيب للآمال..؟ قناة سهيل عززت المخاوف من الإعلام الإسلامي حسب رأي الأخ مجيب الحميدي.. وأثبتت بدائية رؤيته للحياة وللإعلام وللتغيير، وأعادت الخطاب الإعلامي إلى نقطة الصفر والذي قد كان بدأ يضع رجليه في طريق التطوير مع المعاهد العلمية، وأمسى الأبرز في القناة "جنبية" الشيخ، وأن حميد هو المنقذ والمخلص.. هو لم ينجز قناة إعلامية للإصلاح، بل العكس تماما الإصلاح أنجز لحميد قناة إعلامية.. لأن كل ذلك يتم بكوادر الإصلاح ولصالح آل الأحمر. هل لهذا الاستحواذ على الإصلاح علاقة بما حدث من استقالة ثلاثة أعضاء بارزين من ملتقي الحوار الوطني.. وإصدارهم بيانا يتحدث عن شخصنة ملتقي الحوار الوطني من قبل ؟ وأضيف ما قاله الأخ على الجرادي من أنهم في لجنة الحوار الوطني اتصلوا به ليراضوه برئاسة لجنة قيادة الرأي، وهي لجنة سيصممونها لأجل إسكاته.. هنا نستطيع أن نقول أنه من ضرورات هذه المرحلة أن ينشأ تكتل إصلاحي لحماية الإصلاح من هذا الخطر الأسري، لأنه حزبنا قاسمناه لقمة عيشنا وآثرناه بها، عندما كنا طلابا في الثانوية والجامعة.. كنا نؤثر أن نمشي إلى مدارسنا رغم المسافات الطويلة والمرهقة، لكي نوفر أجرة الباص لدفع الاشتراك الشهري.. وكنا نؤثر التنسيب وعقد الحلقات التنظيمية على استذكار دروسنا، بينما أبناء المشائخ الذين يستولون اليوم على الإصلاح كانوا يؤهلون تعليميا في الخارج .. والأهم من ذلك أن الإصلاح صار يوفر لحميد قاعدة تجارية وسوقا جاهزا بحكم شعبية الإصلاح وجماهيريته .. والإصلاح ليس مستفيدا منها شيئا. الإصلاح حزب مؤسسي، وهناك قيادات غير حميد تمسك الزمام؟ يا أخي لو حضرت أحد مؤتمرات الحوار الوطني، لرأيت العجب، وشاهدت استحواذ حميد عليه وفرض إخوانه وأقربائه على لجان الحوار.. استمع لشهادات أعضاء من هذه اللجان سيقولون لك هذا.. واليوم أنظر إلى ما آلت إليه، إضافة للاستقالات، فيمكن أن تصمم لجنة لأي شخص لأجل ترضيته كما حصل مع الأخ على الجرادي رئيس تحرير صحيفة الأهالي. نعم هناك قيادات تمسك بالزمام لكن الذي يحلبها هو واحد، وقبل أيام قال الشيخ حميد: إنه يسعى إلى تولية جنوبي السلطة .. وأي مستمع لهذا الكلام سيسأله لماذا تفرض التهميش والإلغاء على الأستاذ محمد سالم باسندوه؟ أ ين صوته وهو رئيس لجنة الحوار؟ ولماذا بدا يتذمر منك ومن سيطرتك؟ وهو ذلك المناضل الجنوبي الكبير؟ اليوم قيادات عليا في قيادة لجنة الحوار بدأت تشكو من التهميش والإلغاء ومن الانحراف به عن الأهداف أمثال الأستاذ محمد مسعد الرداعي أمين عام الناصري الذي انسحب احتجاجا ثم عاد! وأيضا عبد الباري طاهر وأحمد سيف حاشد وتوكل كرمان، وثلاثتهم من أكبر أحزاب اللقاء المشترك الثلاثة، وأصوات سياسية مرموقة، كل هذه المفاجآت حدثت في لجنة الحوار وهم تحت قيادة حميد لمدة عام .. فكيف لو حكم حميد ثلاثين عاما؟ إلى أي منفى سيلقي بنا؟ ألم يصف الإصلاحيون حميد بأنه ذكي ومدني و..؟ (مقاطعا).. حميد شخصية بسيطة ولكنها مراوغة، سهلة الكشف عن أهدافها، وفي هذا المدى الزمني القصير انكشفت ثقافته القبلية في أول مطب! قبل أشهر تناقلت عنه الأخبار آخر مطباته بأنه مستعد لهدم الوطن ثم هو مستعد أيضا أن يبنيه بماله.. وقبل ذلك يكفي أنه لم يخرج من مطب قوله أن سكان عدن غير قبائل.. ليدخل في مطب جديد مع علي الشاطر مهددا ب"ترصيصه"بعد أن نفى في منشت كبير في الصحوة بأنه لم يقل شيئا؛ إلا أن تسجيل المكالمة أعاده لصوابه، ليطل من على منبر قناة الجزيرة في مطب جديد متفاخرا على الشعب اليمني بأنه من أسرة قيادية، وبأنه من حاشد.. يقول أنهم مصطفين للقيادة! هذا يشبه تماما أولئك القائلين بأن الله اصطفاهم للحكم، وكأن الشعب مجرد تابعين فقط. بالله عليك كيف يريد شخص قيادة البلد نحو التغيير بالدستور والقانون ونحو التحديث ويقول أنا من حاشد وهي ستحميني وشيخي الشيخ صادق .. ما هي صورة الدولة والشعب والقانون في أذهان مثل هؤلاء؟! حميد يطمح لنهضة هذا البلد بالدستور والقانون وبالشريعة، وكثيرا ما يقول هذا ويعلن في سبيل هذه النهضة بحشد استثماراته، مساهما في بنية اقتصادية كبنك سبأ الإسلامي، وشركة سبأفون مثلا؟ المعلوم في أي دولة تمتلك دستورا وقوانين، أنه عند الاختلاف في أي أمر تكون المرجعية العليا هي مرجعية القانون، إلا في بنك سبأ الذي تعتبره بنية اقتصادية ملتزمة بالقانون .. فعند اختلاف العميل مع البنك فإنه لا يستطيع مقاضاة البنك في مؤسسات الدولة، فالمرجعية هي هيئة ممن يختارهم البنك ممن يسميهم بالعلماء المشهود لهم بالورع ليكونوا فيصلا في النزاع، وهذه مدون في شروط العقد. ياعباد الله هل نحن في دولة ؟ إن هذا حكم طالباني. كيف تم إعطاء هذا البنك تصريحا للعمل؟ ومثل هذه الشروط مدونة في وثائقه كشروط للتعامل وفض النزاع، ولك أن تسأل المتعاملين مع البنك عما يفعل بهم؟ ...وسبأفون؟ أسال عنها الاقتصاديين في الإصلاح..اسألهم هل لشركة سبأفون علاقة بالاستثمار الإسلامي أو حتى بالاستثمار الإنساني؟ ستجد الجواب اليقين. ستجد الجواب من هؤلاء المتخصصين بأنها صنف من شركات الابتزاز والربا؟ سيقولون سبأفون تأكل "أموال" الناس بالباطل.. مثال بسيط، وعوائده في اليوم ملايين لصالح الشركة، بأي حق يتم احتساب الدقيقة الأولى بقرابة العشرين ريالا، حتى وإن تكلمت منها ما قيمته ريالين فقط؟ ستقول لي هذه اتفاقية الشركة؟ أقول لك: ألم يقل حميد أنه يلتزم بالشريعة؟ وهنا يمكننا أن نسأل العلماء الذين دوخونا في تحكيم الشريعة في زواج الصغيرة، ونسأل الشيخ عبد المجيد أيضا ومحمد الحزمي وعارف الصبري ما رأي الإسلام فيما يحدث في سبأفون؟ أليس للإسلام هنا رأي في إقامة شرع الله؟ أليس لهذا علاقة بالربا وأكل أموال الناس بالباطل؟ أم سهام العلماء توجهه دائما للضعفاء؟ وتحكيم الشريعة لا يكون إلا في قضايا السبيلين ولا تقوى على الإشارة إلى مثل هذا؟!! ما حشدته الآن يشكل استهدافها كاملا كما قد يرى آخرون؟ من يستهدف من؟ إذا كانت بيت أو أسرة توزعت الأدوار بينهما وصارت تمتلك المال (من أكابر البيوت التجارية اليوم) وتمتلك مؤسسة سماء الإعلامية و قناة سهيل، وتمتلك مطبعة، وتنوى إصدار صحيفة يومية، ومجلس التضامن القبلي، وكل يوم ولها تحالفاتها مع مشائخ القبائل ومع مشائخ الدين التقليديين.. فضلا عن التهديد بالقبيلة ..ألا يحق لنا نصدر علامات استفهام بعدد سكان اليمن ؟!! أهذا الإعداد المالي والإعلامي والقوة القبلية أمر عابر لأسرة ليس لها طموح؟.. أليس من حق الشعب اليمني أن يحمى حاضره ومستقبل أولاده من مثل هذه القوى التي هي في الأساس من أعاقت قيام المشروع الوطني وفصلت الوطن حسب رؤيتها ومقاس مصالحها؟! طرقت نقطة في غاية الأهمية، أشرت إلى توغلات إمامية في قيادة الإصلاح ومفاصله..هذا كلام خطير؟ (يضحك) هل تحتاج إلى دليل؟ لم تعد هذه أسرار.. في نهاية الحرب الأولى أو الثانية عندما اقتحم الجيش بيت حسين الحوثي كان يتحدث هؤلاء المقتحمون عن أرشيفه المسموع والمقروء وعن وثائقه .. من ضمن هذه الوثائق أسماء عناصرهم المزروعة في الأحزاب لاختراقها، ومن ضمنها أسماء الأماميين المزروعين في حزب الإصلاح.. قيادات الإصلاح لا تستطيع نفى ذلك ولا أظنها لم تتلق تنبيهات عن هذا؟ ومع هذا يستطع أي أحد أن يعرف توغل هؤلاء في المفاصل وقيادات التنظيم، وبالمقابل ابحث عن الشباب الإصلاحيين الفاعلين، أين هم؟ لن أتحدث عمن باتوا خارج التنظيم أو جمدوا نشاطهم، ولن أحدثك عن أسماء مبهمة.. قل لي أين موقع الأستاذ سعيد ثابت وعبده سالم ، ربما عمر هذين الرجلين الشامخين يقارب عمر التنظيم؟ وأتساءل أيضا عن نماذج من جيل الشباب قل لي أين محمد الغابري ، رشاد الشرعبي، عبد القوى العزاني ، عبد الملك الهندي ،زايد جابر، نجيب اليافعي ، عادل القدسي ، نبيل البكيري، عبد السلام محمد ،عمر دوكم، مجيب الحميدي ، عبدالله أبو حنيفة ،عبد الهادي ناجي علي، وعبد الملك شمسان والقائمة تطول.. هذه السلسلة الذهبية من الأسماء هم فقط من أبناء جيل واحد وهم محركات الوعي في المجتمع .. يا أخي أن لم يكن لهؤلاء مساحة هل يمكن لغيرهم أن يراهن على الإصلاح؟! بشرت في مقالك إلى إصلاح مسار الإصلاح ب"الإصلاحيين الجدد" ولم نر شيئا من ذلك. أنا لم أبشر بهم كحزب؛ وإنما كتيار لهم رؤيتهم المعرفية، وكتاباتهم التغييرية داخل هذا الحزب وفي خارجه، وهانحن نقرأ اليوم معاركهم على الصحف، وهم يتصارعون مع التيار السلفي داخل الإصلاح المتحالف مع السلفيين خارجه، والأخ محمد اللطيفي أنجز عنهم ملفا في مجلة أبواب . طيب.. هل ترى الإصلاح يستطيع بلوغ أهدافه؟ أجيبك من خلال ثلاثة أحداث قد تبدو عادية وعابرة.. وهما يلخصان باقتدار مشكلته كحزب إسلامي.. حدثان منهما وقعا خلال الأشهر الماضية... الأول: سأل الأخ عبد القوى حسان وهو طالب ماجستير في الحركات الإسلامية.. سأل قياديا إصلاحيا هل يمتلك حزبكم رؤية .. أجابه بكل ثقة: نعم. قال له: أين هي؟ رد عليه القيادي: إنها مخبوءة. الحدث الثاني.. أحد قادة الإصلاح كان مدعوا لحضور مؤتمر الوسطية في إحدى الدول العربية، فلم توافق هذه الدولة على منح هذا القيادي تأشيرة دخول! بالمقابل لو تقدم الحوثي لطلب هذه التأشيرة بلا شك سيكون مرحبا به. إذا كان حزبا لا يستطيع تسفير أحد قادته وفي ظروف عادية.. فما هو مستقبله؟ على الأقل الأولى بهذا الحزب أن يصدر بيان احتجاج أو رسالة عتاب لسفارة أو حكومة الدولة المعنية.. الحدث الثالث.. إذا كان أهم عضوين للإصلاح في مجلس النواب هما علي عشال وعبد الكريم شيبان بأدائهما النيابي وتألقهما لم يفرزهما الحزب بآلياته، ولم يكن يعرف مؤهلاتهما؛ وإنما أقدار الله أفسحت لهما الطريق .. جاء عشال خلفا لابن عمه المثقف عبدالله عشال، وشيبان خلفا للشيخ العلامة محمد أحمد المطهر واللذان غيبهما الموت.. ثم هل تعرف ما السؤال الذي يحيرني كثيرا بشان الإصلاح؟ ما هو؟ ما مدى استفادة حزب مثل الإصلاح من رؤى الأستاذ أحمد القميري كعضو هيئة عليا؟ لماذا تعيش أفكاره التغييرية في بيات شتوي طويل؟ والخلاصة؟ يا أخي ..غائبة هي الروح الدستورية والثقافة القانونية في حياتنا.. وإلا من يفتينا عن مشروعية مجلس التضامن الوطني، وهو مجلس طبقي لفئة المشائخ، ولجنة الحوار الوطني بشروطها الملكية، وبنك سبأ، واتحاد القوى الشعبية ، إجمالا لماذا يغيب الوعي القانوني إلى ها المستوى أم خلف الأكمة ما خلفها؟ حين غاب مشروع الدولة ظهرت المشاريع التجزيئية التي تتولى وظائف الدولة وبطرق غير دستورية ولا قانونية تتشكل خارج الأطر تتناهش الدولة وتتقاسم المجتمع. نحن الآن نعيش أهم الفترات الملائمة للتغيير الاجتماعي وصناعة التحولات المخططة لها برؤى دولة. . وإلا فهي بيئة خصبة للانتكاسات. ألم تكبدك مثل هذه المقالات شيئا رغما قوتها وجرأتها ومساحة الردود التي توالت عليها على الصحف التي نشرتها كأصداء حزبية ومجتمعية؟ لم يتخيل كثير ممن غمروني باتصالاتهم وإيميلاتهم.. أنه أنا الكاتب الحقيقي لمقال "إصلاح مسار الإصلاح" وأن هناك كاتبا آخر محرضا، وجهات أمنية وراء ذلك، ولأنها كانت قريبة عهد باستقالة الأستاذ نصر طه مصطفى من الإصلاح توالت لاتهامات بأن هو من كتبها. وآخرون قالوا هو من دفعني وزودني بمضمونها، وأن هناك مؤامرة من قبل أجهزة الدولة لشق الإصلاح أقود حربتها أنا .. لأنه حسب رأيهم لا يمكن أن أقوم بذلك العمل وحدي، ومثل تلك التحليلات والاتهامات والتكهنات توالى نشرها في صحيفة الوسط التي نشرت فيها مقالي. ومما عزز احتمال أن الأستاذ نصر هو وراءها أنه في تلك الفترة كانت كما قلت قريبة من استقالته من الإصلاح، وأكد لهم ذلك فقرة أخيرة في المقال كانت بعنوان لماذا استقال نصر طه ؟.. فاعتبروا أن هذا أقوى دليل على أن المقال كان بالتنسيق معه، وأني بوابة أفكاره التي لا يستطع البوح بها لتصفيه خصوماته مع الإصلاح؛ ولهذا يعتبرني كثير من الحريصين ضحية للأستاذ نصر طه! أخيرا..لاحظنا ظهور كاتب صحفي في ملحق أفكار يسمى عبد الرحمن غالب الحميدي ..والكثير يظنه أنت؟ الكتابة الصحفية هي ذات، والاسم الصحفي هو جوهر هذا الذات.. ومن يرضى لنفسه أن يطل على القراء باسم سبق وقد صار لصحفي قبله، يكون كمن يلبس ثوب غيره ، لا يجد ذاته ولا يعيش بفرادة وتميز، وإنما يظل يوضح للناس بأنه ليس هو ذاك الصحفي السابق.. وكما هو معلوم في مواثيق الصحافة وأخلاقيات العمل الصحفي ومواثيق شرفها، كيلا يكون هناك التباس، بأن الاسم الصحفي هو ملك من يكتب به ابتداء، وعلى الكاتب التالي إذا تشابه اسمه العائلي مع صحفي قبله، أن يختار لاسمه لقبا لا يتشابه مع الكاتب السابق.. وكما علق أحد النقابين قائلا: إذا كان أحدنا "دكان" فان قانون البلدية لا يسمح بتسمية دكان جديد باسم سابق.. فكيف بصحيفة عريقة مثل صحيفة الجمهورية؟! من يفصل في مثل هذه الالتباسات؟ نادرا ما يحدث مثل هذا، لان الصحف التي تحترم كتابها وقارئها ومبادئ مهنتها لا تسمح بهذا التشويش على القراء.. ومهمة الفصل في مثل هذه الالتباسات كما هو معروف يعود إلى الصحف التي تتبنى النشر والى نقابة الصحفيين والى أخلاقيات العمل الصحفي, وأتمنى من الأستاذ سمير اليوسفي تدارك مثل هذا اللبس الغير مبرر، إن لم يكن تقديرا لي كصحفي ، فأرجو أن يقدرني كزميل شاركت معه وتحملت أعباء الإصدارات من أول يوم صدرت فيه "الجمهورية الثقافية" حتى الثقافية إلى الوسطية. *نُشر هذا الحوار في صحيفة الديار