بدأت وفود حجاج بيت الله الإفاضة من عرفات بعد غروب شمس أمس، متوجهين صوب مزدلفة حيث يبيتون ليلتهم، ثم يلقون جمرة العقبة الكبرى اليوم الثلاثاء . وتعد هذه النفرة من عرفات إلى مزدلفة المرحلة الثالثة من مراحل تنقلات حجاج بيت الله الحرام في المشاعر المقدسة لآداء مناسك حجهم ، حيث شهد هذا العام نقلة نوعية في انتقال حجاج بيت الله الحرام باستخدام قطار المشاعر اضافة الى الطرق الفسيحة التي سلكها الحجاج في طريقهم الى مزدلفة. وامتلأ الطريق من عرفات إلى مزدلفة بحافلات الحجاج، كما امتلأت الطرقات بالحجاج الذين بدأوا السير على أقدامهم بطول الطريق بين عرفات ومزدلفة الذي يمتد نحو 20 كيلومتراً. ووقف أكثر من أربعة ملايين حاج على جبل عرفات لأداء الركن الأعظم للحج في موكب إيماني مهيب يعد أحد أكبر التجمعات البشرية في العالم . وتوجه الحجاج الذين ارتدى الرجال منهم لباس الإحرام الأبيض منذ الصباح الباكر إلى جبل عرفات، وألسنتهم لا تنفك تردد التلبية "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك" . وقطع الحجاج نحو عشرة كيلومترات تفصل منى عن عرفات بالحافلات والسيارات أو مشياً وسط طقس لطيف . وازدحمت حركة المرور عند مشعر عرفات حيث سادت فوضى كبيرة بسبب الاختناقات التي سببتها آلاف الحافلات التي تنقل الحجاج . وأدى الحجاج صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً في مسجد نمرة الذي بني في المكان الذي ألقى فيه النبي محمد صلى الله عليه خطبة الوداع . وامتلأت جنبات المسجد الذي تبلغ مساحته 110 آلاف متر مربع والساحات المحيطة به التي تبلغ مساحتها ثمانية آلاف متر مربع بضيوف الرحمن . وتقدم المصلين الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، فيما أم المصلين المفتي العام للمملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ بعد أن ألقى خطبة عرفة قبل الصلاة التي استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نعم ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر . ودعا آل الشيخ الناس إلى تقوى الله في السر والعلن وتوحيده وإقامة أركانه والتمسك بنهج الله القويم واتباع سنة نبيهم محمد في جميع أعمالهم وأقوالهم . وأعلن المدير العام للدفاع المدني الفريق سعد بن عبد الله التويجري نجاح قوات الدفاع المدني في تنفيذ خطة انتشارها بمشعر عرفات لتأمين سلامة حجاج بيت الله الحرام . وثمن التويجري جهود الحكومة في خدمة حجاج بيت الله الحرام، وتوفير كل ما يلزم من إمكانات مادية وبشرية لتيسير أداء الحجاج مناسكهم في جو من الطمأنينة والأمن، وقال إن الاستعدادات المبكرة لقوات الدفاع المدني أسهمت بفضل الله، في نجاح إدارة هذا العدد الكبير من الحجاج وتأمين سلامتهم أثناء تصعيدهم إلى عرفات وطوال وجودهم به، حيث نفذ رجال الدفاع المدني خطة الانتشار في مشعر عرفات على أكمل وجه، لافتاً إلى أن قوات الدفاع المدني كثفت وحداتها الميدانية في مناطق الازدحام ولاسيما حول مسجد نمرة، وتابعت تنفيذ قرار حظر دخول الغاز المسال وتفقد كل اشتراطات السلامة في المخيمات، مشيراً إلى أنه لم يتم تسجيل وقوع أي حوادث حريق أو ما يعكر صفو الحجاج في يوم الحج الأكبر . وأضاف المدير العام للدفاع المدني أن عدداً من وحدات الدفاع المدني بعرفة رافقت نفرة الحجاج إلى مزدلف، لمنع الازدحام والتكدس، وإسناد قوة مزدلفة . من جانبه ،اكد وزير الصحة السعودي الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة، استقرار الوضع الصحي لحجاج بيت الله الحرام في مشعر عرفات. وقال الربيعة، في تصريح لوكالة الأنباء السعودية "بحمد الله لم يتم اليوم تسجيل أي حالة وبائية أو أمراض محجرية"، مشيرا إلى أن الوزارة جهزت هذا العام 27 مستشفى بسعة سريرية تصل إلى 3700 سرير، منها 371 سريرا خصصت للعناية المركزة يدعمها 137 مركزا صحيا لخدمة الحجاج. وأكد وزير الصحة السعودي جاهزية واستعداد جميع المستشفيات لأي حالة طارئة من خلال الفرق الميدانية المنتشرة في جميع المشاعر المقدسة لمتابعة تصعيد ونفرة الحجاج من عرفة، ونقل أي حالة إلى المستشفيات في المشاعر المقدسة، حيث أمنت الوزارة 170 سيارة إسعاف مجهزة بطواقم طبية مؤهلة ومدربة. ويعود الحجاج مجددًا إلى منى اليوم الثلاثاء حيث يقومون برمي جمرة العقبة الكبرى، ثم يحتفل الحجاج بعيد الأضحى ويؤدون طواف الإفاضة ويسعون بين الصفا والمروة . ثم يتولون في أيام التشريق رمي الجمرات الثلاث الكبرى والوسطى والصغرى للمتعجل في العودة إلى دياره على مدى يومي الأربعاء والخميس، ولغير المتعجل على مدى أيام التشريق الثلاثة حتى الجمعة . (وكالات)