قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، في آخر حواراته مع الإعلامية، لميس الحديدي، "مصر أين؟ ومصر إلى أين؟"، على شاشة "سي بي سي"، إن جماعة الإخوان المسلمين ليسوا قادرين على حكم مصر، وأثبتوا أنهم هواة، ودعا إلى اجتماع يضم القوى المصرية الفاعلة، للبحث عن طريقة، ترتفع بمصر إلى الأعلى. وفيما عبر عن اعتقاده بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، (المجلس العسكري) أخطأ في حبس حسني مبارك، فقد كان يفترض أن يعامل معاملة لائقة به، كرئيس سابق، أبدى استغرابه الشديد من الهجوم على فكرة الاقتراض من قطر، ودعا إلى عدم جعل الناس تدفع ثمن الخلاف مع "الإخوان المسلمين". وقال هيكل، في الحوار، إن "الإخوان المسلمين ليسوا قادرين على حكم مصر، ولدي خيبة أمل فيهم. الجميع كان يتصوّر أن ينجحوا في بعض الأمور، وكنت أتصوّر أنهم سينجحون في الأمن، لكنهم فشلوا، نحن أمام أناس يبدو أنهم هواة، ومن الواضح أنهم أصغر من المهام ومن الدور، أشعر بالقلق، وأتمنى أن ينجحوا، ولكن، لا أتوقع لهم النجاح". وحول سبل الخروج من الأزمة، اقترح هيكل أن يتم "جمع مصر كلها لبحث مشكلاتها، ليس هناك فصيل سياسي قادر، لا إخوان ولا جبهة إنقاذ، قادرة، والدليل أن الشعب عندما استغاث، استغاث بالجيش"، ودعا كل القوى لأن "تتجمع، لكي تستطيع أن تجد طريقة للارتفاع بمصر إلى أعلى". وقال الكاتب الكبير، في تعليقه على ظهور حسني مبارك في المحكمة، قبل أيام، إن "المشهد كان عبثياً، ويُكمل سلسلة من المشاهد العبثية"، معتبراً أن اعتقال مبارك كان "من أخطاء المجلس العسكري"، ورأى أن المجلس العسكري "حينها لم يستطع وصف طريقة التعامل معه، باعتبار أن الثورة كانت ضده، وفي بداية الأمر، تركه في شرم الشيخ يفعل ما يريد، ثم جاء به إلى القاهرة"، مرجحاً أنهم في المجلس "لم يكونوا على علم كيف يجرى التعامل مع رئيس سابق وهو تحت المحاكمة، ونحن أمام رئيس حكم البلاد 30 عاماً، وجرى الاختيار بين تركه يخرج خارج البلاد، أو محاكمته سياسياً، وهذا ما لم يحدث، أو التعامل معه بأعقد الأمور، وهو محاكمته جنائياً، ولكن، أسيء التصرف معه، فحين يُخلع رئيس دولة ما، لا بد أن يُعامل، حتى تثبت إدانته، بطريقة لائقة". واعتبر هيكل أنه كان ينبغي أن "يُترك مبارك في أحد بيوته، أي تُحدد إقامته، وهناك نماذج، الثورة الفرنسية التي قطعت رأس الملك ظل في قصر باريس، ولم يُقبض عليه، إلا عندما حاول الهرب، وظل عامين في القصر، وعندما هرب، أُلقي القبض عليه بجُرم الهروب، ولو كان بقي لم يكن ليُعتقل، والملك فاروق أمر بمغادرة البلاد، وكان في وداعه الجميع". واضاف "الفكرة المسيطرة في ذلك الوقت كانت أنه في زنزانة، لكي يبرد قلب الناس، وهذا في اعتقادي ليس تصرُّفاً سياسياً، فلا يصح أن نضع رئيساً في زنزانة في سجن طرة، هناك أصول للتعامل مع الأمور، ولا أعرف الصفقة التي بمقتضاها قَبِل هذا الوضع". النظرة الجنائية. واعتبر هيكل أن "النظرة الجنائية خاطئة جداً، ولا بد من وضع الأمور في نطاقها السياسي والزمني، وألا يستغل وسيلة في صراع بين الأطراف". وحول الاقتراض من قطر، قال "لا أستطيع معارضة ذلك، نحن في أزمة خانقة، والمصانع معطّلة والطاقة غير موجودة، وعلينا أن تكون لدينا حلول لمدى طويل أو قصير، وأعتقد أنه في القريب، لمواجهة الأزمة، سيكون التداوي على طريقة الإسعاف، والسؤال، هنا، ماذا لو المصانع جميعها توقّفت؟ لا بد من الإسعاف العادي أن يأخذ فرصته لأداء دوره". وعبر هيكل عن استغرابه من اعتراض بعضهم على الاقتراض من قطر، وقال "نحن في حالة الإسعاف نأخذ الدواء من أي جهة، بادروا بمساعدة، أو العمل على تأجيل أزمة، فأنا لا أرى بأساً من هذا، هل من الأفضل أن تنظر إلينا الدول من دون مساعدة، أم أنها تساعد في حل الأزمات". وحذر من الخلط بين محاربة الإخوان المسلمين ومحاربة القروض والمساعدات، وقال "لا ينبغي أن نقاوم الإخوان، وأن نجعل الشعب يدفع الثمن، علينا الفصل بين الإخوان وسلطاتهم، وبين الشعب وضروراته، هناك ضروريات، لا أريد التعسّف مع الأمور، لا بد من تدخّل الإسعاف وبشكل شرعي". تفجيرات بوسطن وفي رده على سؤال حول تفجيرات بوسطن في الولايات المتحدة الأميركية ومقارنتها بتفجيرات 11 سبتمبر، قال هيكل "أظن أن هناك فرقاً في الحالتين، ما جرى في بوسطن لم يثبت حتى الآن من هو المرتكب، ولم يجدوا له علاقة بالقاعدة، وأعتقد أنها لا تقاس ب11 سبتمبر، وفقاً لعنصرين، هما أن الامبراطورية الأميركية بدأت تتراجع من أنها القوة الوحيدة المسيطرة على العالم، وأنها لا تقود العالم وحدها، وكان هناك احتياج إلى تغطية هذا التراجع، من خلال الحرب على الإرهاب، والعنصر الثاني هو حاجة أميركا إلى النزول عسكرياً وبشكل مكثف في المنطقة"، وأضاف "لكن، الآن، مع انفجار المنطقة العربية التي اختلف شكلها بشكل كامل، وأصبحت منطقة مدمّرة، وأصبح الأميركيون موجودين في كل مكان، أظن أن الظرف الدولي مختلف، والظرف الأميركي مختلف، وقد تكون حادثة إرهابية أو هناك خلل، لا أظن أن لها قياساً مع أحداث سبتمبر". وبشأن شائعات استقالة مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية المشترك إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، من مهمته، قال هيكل "إن لم يكن استقال، فإنه في طريقه للاستقالة، ويؤجل إعلان موقفه إلى حين الذهاب إلى مجلس الأمن". وأشار إلى ضرورة طرح السؤال، لماذا فشل كل الوسطاء في القضية السورية؟، معتبراً أن "المهمة مستحيلة هناك لعدة أسباب، هناك سلاح يتدفّق إلى سوريا بلا حدود، وحملة إعلامية على الوضع هناك، وجزء كبير من المشكلة يدار من الخارج، والمسؤولية ليست فقط على الحكومة، بل على المعارضة، كان الرجل متأزماً عندما رأيته، لأنه وجد نفسه في أزمة مستحيلة". ( البيان الاماراتية )