تعرف على أسعار الذهب اليوم الإثنين في صنعاء وعدن    عودة التيار الكهربائي إلى مدينة مأرب بعد انقطاعه لساعات إثر خلل فني    هجوم صاروخي للحوثيين باتجاه "إيلات" وإعلان للجيش الإسرائيلي    مليشيا الحوثي تقتحم مكتب حكومي وتختطف أحد الموظفين    وكالة المسافر للحج والعمرة والسياحة بحضرموت تفوج 141 حاجاً إلى بيت الله    بحوادث متفرقة.. أربعة أشخاص ينهون حياتهم في إب خلال يوم واحد    غارات مكثفة على رفح والقسام تفجّر ألغام في قوة صهيونية والاحتلال يعلن إصابة 46 جنديا    خطوات ثاقبة للمجلس الانتقالي تثير رعب قوى صنعاء الإرهابية    الأمطار تطفئ حرارة الأجواء في عدد من المحافظات خلال الساعات القادمة    محمد البكري و أحمد العيسي وخلال سبع سنوات دمرا حياة شعب الجنوب    محاولة تحطيم سور النسيج الحضرمي.. لن تمر أي مخططات غير مرغوب فيها    الإطاحه بقاتل شقيقه في تعز    خبير آثار: ثور يمني يباع في لندن مطلع الشهر القادم    وفاة ضابط في الجيش الوطني خلال استعداده لأداء صلاة الظهر    محلات الصرافة في صنعاء تفاجئ المواطنين بقرار صادم بشأن الحوالات .. عقب قرارات البنك المركزي في عدن    إعلان قطري عن دعم كبير لليمن    خمسة ابراج لديهم الحظ الاروع خلال الأيام القادمة ماليا واجتماعيا    حلم اللقب يتواصل: أنس جابر تُحجز مكانها في ربع نهائي رولان غاروس    قرارات البنك المركزي لإجبار الحوثي على السماح بتصدير النفط    تعرف على قائمة قادة منتخب المانيا في يورو 2024    7000 ريال فقط مهر العروس في قرية يمنية: خطوة نحو تيسير الزواج أم تحدي للتقاليد؟    فيديو صادم يهز اليمن.. تعذيب 7 شباب يمنيين من قبل الجيش العماني بطريقة وحشية ورميهم في الصحراء    أرواح بريئة تُزهق.. القتلة في قبضة الأمن بشبوة وتعز وعدن    الوضع متوتر وتوقعات بثورة غضب ...مليشيا الحوثي تقتحم قرى في البيضاء وتختطف زعيم قبلي    صحفي يكشف المستور: كيف حول الحوثيون الاقتصاد اليمني إلى لعبة في أيديهم؟    الدبابات الغربية تتحول إلى "دمى حديدية" بحديقة النصر الروسية    حرب وشيكة في الجوف..استنفار قبلي ينذر بانفجار الوضع عسكرياً ضد الحوثيين    هل ينال قاتل الطفلة شمس عقوبته العادلة في عدن؟.. محاكمةٌ تشدّ الأنظار    إنجاز عالمي تاريخي يمني : شاب يفوز ببطولة في السويد    عن ماهي الدولة وإستعادة الدولة الجنوبية    عن الشباب وأهمية النموذج الحسن    بحضور نائب الوزير افتتاح الدورة التدريبية لتدريب المدربين حول المخاطر والمشاركة المجتمعية ومرض الكوليرا    - الصحفي السقلدي يكشف عن قرارات التعيين والغائها لمناصب في عدن حسب المزاج واستغرب ان القرارات تصدر من جهة وتلغى من جهة اخرى    شرح كيف يتم افشال المخطط    "أوبك+" تتفق على تمديد خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و439 منذ 7 أكتوبر    ولي العهد الكويتي الجديد يؤدي اليمين الدستورية    الملايين بالعملة الصعبة دخل القنصليات يلتهمها أحمد بن مبارك لأربع سنوات ماضية    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا    بالصور: اهتمام دبلوماسي بمنتخب السيدات السعودي في إسبانيا    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    مصرف الراجحي يوقف تحويلاته عبر ستة بنوك تجارية يمنية بتوجيهات من البنك المركزي في عدن    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    الوجه الأسود للعولمة    الطوفان يسطر مواقف الشرف    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يتسامح الضحايا ويرفض القتلة
نشر في عمران برس يوم 20 - 03 - 2013

"من لم ينفعه ظنه لم ينفعه عقله ومن لم ينفعه عقله لم تنفعه عيناه" الامام علي بن ابي طالب.
كنت في زيارة لعدن هذا الاسبوع وقد خرجت بتاكيد لانطباع سابق بان هناك عملا منهجيا لما يمكن تسميته بأبينة الجنوب. فالتعيينات للابينيين في كل مفاصل الادارة الحكومية للجنوب، عسكرية ومدنية، تترى بوتائر عالية. وغالب ظني أن "الزمرة" الابينية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي تخطط للهيمنة على الجنوب تمهيدا واستباقا لفصله عن الشمال. ولن تتمكن من تحقيق ذلك الا اذا سمحت او بالاحرى دفعت الى اشعال الحرب في الشمال بين الاصلاح وعلي محسن من جهة وبين جماعة الحوثي التي قد يساندها المخلوع علي صالح بغرض اضعاف الطرفين، بحيث تتمكن الزمرة في ظل لهيب الحرب المستعرة في الشمال من المضي قدما في فصل الجنوب واستعادة الدولة الجنوبية ، ليس للجنوبيين، ولكن للزمرة الابينية التي خسرتها نتيجة لفعلتها الشنيعة في يناير 86.
الزمرة والطغمة كنايتان اطلقتا عقب مجازر 13 يناير 1986 على الخصمين، مجموعة علي ناصر محمد ومجموعة علي سالم البيض على التوالي. كان الجرح والهوة بين الفريقين من الحدة والعمق الى درجة ان علي سالم البيض ومجموعته الحاكمة لم يخطر لها اصلاح ذات البين عشية الحدث الكبير،الوحدة مع الشمال، بل انه قد تواتر القول بان البيض طلب ابعاد علي ناصر محمد عن صنعاء كشرط لاتمام الوحدة.
وقد لعبت الزمرة فيمابعد دورا ضخما في اجتياح الجنوب عام 1994 بقيادة عبدربه منصور هادي الابيني الذي حرض منذ ايام مجلس الامن على تسمية علي سالم البيض الحضرمي كشخصية معرقلة للحوار الوطني اليمني الذي انعقد منذ ثلاثة ايام،. على خلفية تلقيه دعما ماليا من ايرا ن لهذا الغرض، على الرغم من كل اهازيج التسامح والتصالح الجنوبية، وعلى الرغم من معرفتي يقينا بصلة علي ناصر محمد بايران وانه يقبض منها ايضا، ولكن لا يتحدث احد عن ذلك، لانه قائد الزمرة التي ينتمي اليها الرئيس عبدربه منصور هادي.
لقد كتبت منذ شهرين مقالة في نفس الاتجاه بعنوان "خطوات ناجعة لاستعادة دولة الجنوب" قلت فيها:
"اناقش هنا فكرة تسندها اجراءات تتم على الارض قد تشكل في مجملها استراتيجية ذكية وحصيفة من شانها استعادة الدولة للجنوبيين دون خسائر بشرية كبيرة ومعاناة فادحة، فهي ليست مجرد تكهنات واحتمالات، ولكنها يمكن ان تكون غير مقصودة من بشر، وانها كما تقول العرب امر يراد من الله، فهو اذا اراد شيئا هيأ أسبابه، وقد تكون عملا مقصودا يؤدي الى هدف في ذهن فاعليه أي مؤامرة.
هناك الكثير من السخرية التي يوجهها الكتاب والسياسيون الى نظرية المؤامرة والسيناريوهات اللازمة لها، بل ان البعض يرى انها من اعراض جنون العظمة او جنون الاضطهاد (البارانويا). ولعل هناك سببا لذلك لا يأخذه الكثيرون بعين الاعتبار؛ وهو أن العالم مليئ بالفوضى ومعظم ما يجري فيه غير عقلاني ولا يدل على التفكير والتخطيط، بينما المؤامرات على العكس من ذلك.
الكتابة بدورها تتطلب جهدا استثنائيا مثلها مثل الادب والافلام السينمائية لجعل احداث العالم الفوضوية تبدو مقنعة ومرتبة. وما يجب ان يكون مقنعا في هذه المقالة هو اثبات العلاقة بين الرئيس عبدربه منصور هادي وامكانية تحقيق أمل وهدف الجنوبيين في استعادة دولتهم.
المؤامرات كأي نشاط انساني آخر قابلة للنجاح وقابلة للفشل؛ فقد اثمرت مؤامرة محمد علي باشا التي عرفت في كتب التاريخ باسم مذبحة القلعة، التي قضى فيها على قادة المماليك، عقودا من الاستقرار ونهضة كبيرة في مصر، بينما فشلت مؤامرة 13 يناير في الجنوب على الرغم من القتل الذريع، وقادت تداعياتها الجنوب والجنوبيين الى المأساة التي يعانون منها الى اليوم .
(2)
لقد اثمرت الصفات الشخصية للرئيس عبدربه منصور هادي وهي المثابرة والصبر والتحفظ والتواضع وقادته الى منصب رئيس الجمهوورية اليمنية. (انظر سيرته في هامش المقالة).
ويرى البعض ان سيرته تثبت انه ليس الا انتهازيا تحركه المصلحة الذاتية، ولكنها ستكون مفارقة كبيرة ان يتحول ما اعتبروه افضل وسيلة اتبعها لحماية نفسه وتعزيز مكانته الشخصية الى وسيلة عبقرية لتحقيق الخير لابناء الجنوب المضطهدين.
ولا اشك انه كعسكري جنوبي قد تألم كثيرا وهو يشاهد الجيش الجنوبي يتمزق شذر مذر على يد علي عبد الله صالح. (انظر قوام الجيش الجنوبي عشية الوحدة في هامش المقالة). ولابد انه ايضا قد عانى من رؤية مقدرات الجنوب وهي تنهب نهبا ذريعا على يد عصابة علي عبدالله صالح العسكرية والقبلية والدينية طوال فترة حكمه، بينما يذوي الجنوبيون جوعا وقتلا وتشريدا وتهميشا. فلم يشترك في مهرجان النهب الشامل هذا على الرغم من ان منصبه يتيح له المشاركة فيه؛ ومكث هادي طوال فترة نيابته لصالح بعيدا عن كل ما يشوه صورته ويلوث سمعته، فلم يسمع اليمنيون يوما أن أحد المقربين من هادي نهب أرض أحد، أو اعتدى على أحد، بل إن هادي، وحسب قيادي رفيع في المؤتمر الشعبي العام، شكا ذات يوم بعد توقيع المبادرة الخليجية من أنه اشترى قطعة أرض في صنعاء ودفع قيمتها ثلاث مرات؛ حيث كان كل مرة يخرج له مالك جديد ينازعه الملكية بالقوة. وقد حاول البعض الايحاء بان اسمه ورد في قائمة الستة عشر ناهبا كبيرا لاراضي وعقارات الجنوب في تقرير باصرة – هلال السري ولكن الوقائع على الارض تنفي ذلك.
وكان هادي أيضا رفض عام 2006 الترشح لمنصب الرئاسة بديلا لصالح، حين قرر الأخير عدم الترشح، وعاد ليتراجع عن قراره.
وبعد خروج المبادرة الخليجية إلى النور، وضع المجتمع الدولي هادي نصب أعينه، واختاروه خليفة لصالح كونه الوحيد القادر على إدارة المرحلة الحالية لقربه من مراكز صنع القرار ومعرفته بخفايا الأمور.
(3)
في السياسة كما على رقعة الشطرنج تلعب كل خطوة دورا هاما في مصير المباراة. وعلى الرقعة المسماة باليمن تحللت القيادات التي حكمتها طوال السنوات الثلاثين الماضية من القانون، وتجاوزت ابسط معايير الحكمة عندما اقامت نظاما للنهب الشامل لصالح طبقة حاكمة شرهة جشعة فاسدة مكونة من عسكريين وبيروقراطيين وشيوخ بعض القبائل ورجال دين فاسدين.وكنت قد كتبت منذ اربعة اعوام في العام 2009 مقالة بعنوان "افول الجمهورية اليمنية ونهايتها" ، يمكن لمن يرغب الوصول اليها في الانترنت، وهو الافول الذي يمكن ان يتحقق في هذه المرحلة بسهولة نسبية.
المعضلات التي يواجهها تيار استعادة الدولة الجنوبية عديدة وهي:
تورطت قيادة الدولة الجنوبية المنحلة في وحدة اندماجية مع الدولة الشمالية المنحلة وكونا معا كيانا جديدا هو الجمهورية اليمنية. ولا يسمح القانون الدولي بتجاوز هذا الامر الواقع او التراجع عنه الا بتوفر اسباب موجبة؛ كقيام احد الطرفين المتعاقدين بارتكاب جرائم حرب في حق الآخر او التطهير العرقي ضد الطرف الآخر، شريطة موافقة مجلس الامن على الفصل بين الطرفين والغاء الواقع القانوني الرابط بينهما. والحالة الثانية هو قرار الطرفين المتعاقدين بفصم الارتباط بالتراضي من قبلهما معا عقب استفتاء شعبي. وايا يكن الحال فان مجلس الامن ليس بالهيئة النزيهة التي تتعاطف مع القضايا العادلة ولكنه هيئة هم اعضائها الاول مصالح دولهم الخاصة، ولما كانت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تمثل كتلة واحدة فان كسب موافقتهم امر اساسي.
وقد قطع الرئيس عبدربه منصور هادي شوطا كبيرا في هذا الاتجاه بالتزامه القوي الواضح بمكافحة الارهاب، وتحقيقه نجاحا باهرا بتطهيره لمحافظة ابين والجزء الاكبر من محافظة شبوة منهم، مع التزام لا يتزعزع بمواصلة الحرب ضد الارهاب الى النهاية، وهوموقف يناسب بقية اعضاء مجلس الامن من اصحاب حق الاعتراض (الفيتو) واعني بهما الاتحاد الروسي والصين. بينما وضع خصوم الرئيس المفترضون أنفسهم في موضع اصحاب الوجهين فيما يتعلق بمكافحة الارهاب، بل واصبحوا ضالعين فيه باستخدامهم للارهابيين تحت مسميات القاعدة الزائفة او الحقيقية، واستخدامهم لمن انشأوهم باسم انصار الشريعة في ضرب خصومهم السياسيين شمالا وجنوبا وممارسة الاغتيال الجبان ضدهم، وتخريب محافظات باسرها وضرب وحدات القوات المسلحة واجتياح معسكراتها وقتل افرادها واغتيال ضباطها، وهي احداث تعرفها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن معرفة جيدة.
وقد ذهبوا في سعيهم لاغتيال القيادات الجنوبية شوطا بعيدا يعبر عن جسامة ما يتصفون به من خسة ونذاله؛ فطبقا لموقع يمن نيشن في 142012/ 01/ ]"تزامن تعهّد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي باستئصال تنظيم القاعدة من بلاده، مع صدور شهادة مذهلة عن قيادي سابق بالتنظيم تؤكد تورط الرئيس السابق علي عبد الله صالح مع تنظيم القاعدة واستخدامه له في أغراض سياسية، وعقده صفقات معه لتنفيذ مهمات قذرة.
وكشف القيادي السابق في تنظيم "القاعدة" طارق الفضلي أن لجنة حكومية شُكلت عام 2009 مهمتها قتل قيادات "الحراك الجنوبي" بالتعاون مع "المجاهدين العرب"، مقابل الإفراج عن 120 من عناصر "القاعدة" من سجون السلطة.
وقال الفضلي في حديث صحفي إن "اللجنة شكلت برئاسة اللواء على محسن الأحمر قائد المنطقة الشمالية والغربية، ورئيس المخابرات غالب القمش (وكلاهما حليفان لحزب الاصلاح ان لم يكونا عضوين فيه)، ووكيل الأمن القومي أحمد درهم، ونائب رئيس الوزراء رشاد العليمي".
وأضاف أن "اللجنة طلبت من قدماء "المجاهدين العرب" تصفية قيادات الحراك الجنوبي على رأسهم القيادي بالحراك حسن باعوم، وتهدئه نشاط القاعدة في اليمن، مقابل عدد من الشروط التي طرحتها تلك العناصر الجهادية والتي نجحت في الإفراج عن 120 منتسبا للقاعدة كجزء من الاتفاق".
وأشار الفضلي الى أن "الكثير من عناصر المخابرات هم من القاعدة الذين انخرطوا في العمل الأمني عقب عودتهم من الحرب في أفغانستان"، داعيا الى "محاكمة جميع عناصر اللجنة التي كانت مكلفة بقتل كبار قيادات الحراك"[.انتهى.
المعضلة الثانية التي يواجهها الجنوبيون هي أن قيادة الدولة الجنوبية المنحلة تورطت في وحدة اندماجية مع الدولة الشمالية المنحلة في ظل اختلال فادح وكبير في التوازن السكاني بين الدولتين المنحلتين، متجاوزة كل التحليلات الصحيحة عن الطبيعة الاوليغارشية للشريحة الحاكمة في الشمال وافتقارها الى اي من معواصفات ومعايير رجال الدولة وقادة الامم، وانغماسها في عمليات نهب شاملة لمقدرات البلاد. وهي اوليغارشية ظلت تعلق فشلها على ما تسميه الحكم الامامي السلالي،
والحقيقة أن الصراع في اليمن لم يكن في يوم من الأيام صراعا سلاليا أو طائفيا بقدر ما هو صراع سياسي مناطقي يتمظهر طائفيا، وقد كان الرعيل الأول من الثوار الأوائل كالزبيري والنعمان لا يريدون لهذه النغمة أن تبرز، فحولوها من البعد الطائفي إلى البعد السلالي، حولوها إلى قضية سلالية، مع أن معظم قيادة ثورة 26 سبتمبر 62م كانت زيدية بل وهاشمية، كما ان بعضا من اهم قادة ثورة 14 اكتوبر كانوا هاشميين، وقد كان الهاشميون في القوات المسلحة اليمنية يرفضون هذا البعد الطائفي للصراع والقوى الوطنية ترفض هذا البعد، لكن القبائل كانوا يساقون بهذا البعد الطائفي، ولا تزال السلطة اوبعض مكوناتها يستخدم البعد الطائفي عندما يشعر أن سلطته مهددة.. وقد ظهرت هذه النعرة في أحداث أغسطس 69م وكذا حدثت بداية ثورة الشباب، حين بدأ هؤلاء الناس يشهرون أقذر أسلحتهم الطائفية بترديد مصطلحات طائفية كنوع من السلاح في مواجهة الخصم.
النظام السابق/ الحالي اتجه للوهابية لأكثر من سبب، أولا لأن الوهابية ترضي السعودية ، ومن ناحية ثانية أيضا لان الوهابية معادية للزيدية، والهيمنة بالأساس هيمنة مناطقية، تلبس الأوجه الأيديولوجية عندما تكون مناسبة لها وتغير هذه الأقنعة عندما تناسبها. وتفسح نخب المرتفعات الوسطى الشمالية ، مشائخ وعسكريين وبيروقراطيين ورجال دين، المجال أمام بعض الطامحين من أبناء المناطق الزراعية لكي يكونوا رموزا في السلطة، لكنهم يعتبرونهم في حقيقة الأمر خدما، وبمجرد أن يرفع أحدهم رأسه سرعان ما يقمعونه مباشرة، حدث هذا للنعمان، حدث للبيضاني، وحدث لقادة الحزب الاشتراكي، وعندما تقرأ مذكرات يحي مصلح الريمي تجد هذه التصرفات التي حصلت منهم بصورة واضحة، بل وان مايفقأ العين بوضوحه هوغياب قادة حزب الاصلاح المنتمين الى المناطق الزراعية عن المشهد السياسي هذه الايام وهي ايام جني المكاسب والفوز بالمغانم، فهل ترون ياسين عبد العزيز او غالب القرشي اومحمد قحطان واقرانهم؟ وهل تسمعون لهم ركزا؟ فهم يعتبرون أبناء بقية المناطق خدما لهم، وأعتقد أنهم ينظرون للرئيس عبد ربه منصور هادي نفس النظرة، وهم يتعاملون مع الجنوب بأسوأ من الطريقة التي يتعاملون بها مع أبناء المناطق الزراعية في الشمال نفسه!! لان هناك ثروة لا تقارن بها ثروات المناطق الزراعية. صحيح أنهم قد يختلفون فيما بينهم، لكن سرعان ما يتفقون إذا رأوا حركة ما من تعز أو الحديدة ، فهم ينظرون إلى هذه المناطق على أنها هبة من الله لهم وانها مجالهم الحيوي تماما كما كان الحزب الالماني النازي يعتبر اوروبا مجالا حيويا للعرق الجرماني!! فما بالك بالجنوب الذي فيه البترول والغاز والثروات الأخرى الأهم.ولكن هؤلاء المتنفذين المنتمين الى المرتفعات الوسطى الشمالية يواجهون الخطر الحوثي الزيدي الذي يهدد مناطقهم ومصالحهم وهيمنتهم، فاذا انتهى بهم الامر الى الاقتتال فمن الارجح ان يتركهم المجتمع الدولي يموج بعضهم في بعض كقوم ياجوج وماجوج ان تنتهي المسالة بحل ذي القرنين فيقيم المجتمع الدولي بينهم وبين الجنوبيين سدا.
ولذلك فان ما يقوم به الرئيس عبدربه منصور هادي من افساح المجال امام القوات الامريكية لاقامة القواعد في الاراضي الجنوبية (قاعدة العند) وفي الجزر الجنوبية (سقطرى وميون) من شأنه الغاء التفوق السكاني الشمالي بفعل الجبروت العسكري الاميركي اذا قرر الجنوبيون الانفصال في الوقت المناسب ، واذا ما قررت الدول العظمى دعم هذا التوجه بسبب فوضوية وجشع ولاعقلانية النخب الشمالية.
المعضلة الثالثة التي يواجهها الجنوبيون هي قيام النظام المنتصر بعد حرب العام 1994 بتفكيك مؤسسات الجنوب العسكرية والاقتصادية وحتى الخدمية. ولكن قرار الرئيس هادي الاخير بخصوص اعادة المفصولين والمقاعدين الجنوبيين الى وظائفهم من شانه اعادة تاهيل كوادر الدولة الجنوبية المنحلة مدنيين وعسكريين واعادتهم الى الخدمة الفعالة، وهي خطوة في غاية الاهمية على الطريق الى استعادة الدولة الجنوبية من بين انياب الوحوش.
المعضلة الرابعة التي يواجهها الجنوبيون معضلة سياسية ذات طابع تكتيكي تتعلق بافضل السبل للنضال من اجل استعادة الدولة الجنوبية، وتحديدا مسألة المشاركة في الحوار الوطني المزمع.
فمن الناحية الاستراتيجية يمكن للمراقب القول ان الجنوبيين قد حزموا امرهم فيما يتعلق باستعادة الدولة الجنوبية والتخلص مما وصفه اللواء علي محسن الاحمر في احد احاديثه بأنه "استعمار شمالي للجنوب". ومن الناحية التكتيكية ظهر تياران رئيسان في قيادة الحراك الجنوبي : الاول بقيادة الرئيس علي سالم البيض والمناضل حسن باعوم، هذا التيار يدعو الى فك الارتباط الفوري ويهدد أحيانا بالكفاح المسلح لتحقيق غايته، وهو بعد متحالف مع ايران. وهذا التيار، يسبح كما أرى، في بحار عنيفة لن توصله الى اي مكان في المستقبل المنظور، اذ انه بتحالفه مع ايران يستعدي معظم الدول العربية وفي مقدمتها دول الخليج ذات التأثير الكبير في الساحة، اضافة الى الدول الغربية وعلى راسها الولايات المتحدة الاميركية.
وقد تمكن الرئيس عبدربه منصور من تنظيم التيار المنادي بالفيدرالية عبر محافظ ابين الاسبق في عهد الرئيس علي ناصر محمد والذي شغل المنصب حتى يناير 1986 موعد انفجار الاحداث الدموية، قدتم عقد مؤتمر كبير ضم ممثلين للحراك من المحافظات الجنوبية الست.
وكانت الفصائل المنضوية في إطار قوى الحراك الجنوبي قد عبرت عن مواقف متباينة إزاء دعوة الرئيس هادي للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، وهو ما فرض إشكاليات فيما يخص اعتماد التمثيل الجنوبي في المؤتمر، حيث أعلنت معظم القوى المنضوية في إطار قوى الحراك الجنوبي، والتي شاركت في "المؤتمر الوطني لشعب الجنوب" الذي عقد مؤخراً في مدينة عدن برئاسة محافظ أبين السابق، والقيادي في الحراك الجنوبي محمد علي احمد، ومثلت المحافظات الجنوبية الست، موافقتها على المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني شريطة أن تكون هذه المشاركة على أساس مفاوضات بين "دولتين جنوبية وشمالية"، فيما أعلن الفصيل الذي يتزعمه نائب الرئيس السابق علي سالم البيض رفضه المطلق للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني وتمسكه بخيار فك الارتباط بين الشمال والجنوب."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.