تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية صباح اليوم    5 أسباب دفعت الهلال السعودي لتجديد عقد جيسوس    باريس يزعج مبابي بقرار غريب!    الحوثيون يفرضوا ضرائب باهظة على مصانع المياه للحد من منافستها للمصانع التابعة لقياداتها    تعرضت لضربة سابقة.. هجوم ثانٍ على سفينة في البحر الأحمر وتسرب المياه إلى داخلها    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    تهامة: مائة عام من الظلم وحلم الاستقلال المنتظر    شباب الغضب بوادي وصحراء حضرموت يؤيدون مخرجات اجتماع المجلس الانتقالي    سفير مصري: حزب الله يستعد للحرب الشاملة مع إسرائيل هذه الأيام    وهن "المجلس" هو المعضلة    الإخواني أمجد خالد وعصابته.. 7 عمليات إرهابية تقود إلى الإعدام    جماهير الهلال في عيد... فريقها يُحقق إنجازًا تاريخيًا جديدًا!    قوات الأمن تداهم حي الطويلة في عدن وسط إطلاق نار كثيف    نقابة الصحفيين تستنكر الحكم الجائر بحق الصحفي ماهر وأسرته تعتبره حكماً سياسياً    سانشيز افضل مدرب في الليغا موسم 2023-2024    غوندوغان سيتولى شارة قيادة المانيا بلون العلم الوطني    لامين يامال افضل لاعب شاب في الليغا    دموع أم فتاة عدنية تجف بعد عامين: القبض على قاتل ابنتها!    برعاية السلطة المحلية.. ندوة نقاشية في تعز غدًا لمراجعة تاريخ الوحدة اليمنية واستشراف مستقبلها    منتدى حواري في مأرب يناقش غياب دور المرأة في العملية السياسية    "الوجوه تآكلت والأطفال بلا رؤوس": الصحافة الامريكية تسلط الضوء على صرخات رفح المدوية    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    "طوفان زارة"....جماعة إرهابية جديدة تثير الرعب جنوب اليمن و الأجهزة الأمنية تتدخل    انفجار عنيف يهز محافظة تعز والكشف عن سببه    بالإجماع... الموافقة على إقامة دورة الألعاب الأولمبية لفئة الشباب لدول غرب آسيا في العراق    غوتيريش يدين بشدة هجوم إسرائيل على مخيم للنازحين في رفح    ضربة معلم تكسر عظم جماعة الحوثي وتجعلها تصرخ وتستغيث بالسعودية    خبر صادم: خروج ثلاث محطات كهرباء عن الخدمة في العاصمة عدن    استمرار النشاط الإيصالي التكاملي الثاني ونزول فريق إشرافي لأبين لتفقد سير العمل للفرق الميدانية    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    الرئيس الزُبيدي : المجلس الانتقالي لن ينتظر إلى مالانهاية تجاه فشل الحكومة واستمرار تدهور الأوضاع المعيشية    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    العكفة.. زنوج المنزل    استشهاد جندي مصري في الحدود مع غزة والقاهرة تحذر من المساس بأمنها    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    مغادرة أول دفعة من الحجاج جواً عبر مطار عدن الدولي    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصص يشكو منها كل مواطن
اصعب المعاملات في المرافق الحكومية في العالم هي في صنعاء وبقية المحافظات اليمنية
نشر في أوراق برس يوم 29 - 10 - 2021


المعاملات الحكومية روتين يقتل صبر المراجعين
تقرير/ جمال الورد
يحتاج المواطن من حين لآخر الى قلب نابض بجانب قلبه المتعب والى "صبر أيوب" ممزوج بصبره المتهالك والى "مزاج برتقالي" لتفعيل "آثار" مزاجه القديم!
يحتاج المواطن اليمني بالذات الى اجازة طويلة والى مبلغ مالي كبير والى مغامرات ومطاردات ودوران حول الكرة الأرضية وسط زحام الشوارع ومطبات الأرصفة والبحث عن "الفتحة" الضائعة بين الكتل الجمادية المحيطة بالمباني الحكومية.
كل هذا وغيره كثير من أجل معاملة قد لا تستغرق في دول أخرى سوى مراسلة قصيرة عبر "النت" الى الدائرة المعنية وهو جالس في غرفته وبلا "وجع راس".
في البدء
عوائق كثيرة تحول دون إنجاز معاملات أو مراجعات المواطنين للدوائر الحكومية، أولها الروتين الإداري الممل الذي يأخذ من المواطن مهما كان عمره، رجلاً كان أم امرأة وقتاً طويلاً لإتمام أي معاملة, المهم أن يقف المراجع أمام شباك الموظف المسؤول تحت أشعة الشمس الحارقة في موسم الصيف أو في موسم الشتاء البارد من أجل اكمال معاملة تنجز في ساعة لكنها تتحول الى "قصة عنتر" بسبب الروتين الإداري والتشعبات الإدارية والفنية الكثيرة وهي نوع من الفساد الإداري في تمشية معاملة ما, وهذه آفة قاتلة للوقت والجهد والمال رغم قفزات التقدم العلمي والتقني المدهشة في الكثير من دول العالم المتحضر في انجاز المعاملات المختلفة بوجود نظام "الحوكمة الإلكترونية" التي لا تأخذ من المواطن سوى دخوله الى موقع الأنترنت لكل دائرة يرغب في مراجعتها أو الحصول على أي مذكرة رسمية من تلك الدوائر فيأتيه الجواب بعد لحظات وهو في بيته أو في مكتبه.
المواطنون اليمنيون لا يستطيعون أن يتخلوا عن مراجعة دوائر الدولة من أجل الحصول على جميع المعاملات والمتعلقات الرسمية ، كهوية الأحوال المدنية وشهادة الميلاد والتقرير الطبي، والإفادات القانونية و ..الخ ، أو مراجعة بعض الدوائر من اجل البحث عن التعيين في أي دائرة أو الحصول على مذكرة وبطاقة التقاعد أو جواز السفر وغيرها من الأمور الضرورية التي يحتاجها أي مواطن ، وبما أن هذه العملية تحتاج إلى مراجعة مستمرة من أجل الحصول عليها ، فإن المواطن على موعد مع الطوابير الكثيرة التي يجدها أمامه ، بالإضافة إلى ضرورة السفر من صنعاء أو أي محافظة تسيطر عليها حكومة الإنقاذ، إلى تلك الواقعة تحت سيطرة الطرف الآخر من أجل استخراج وثيقة سفر معمول بها ومقبولة، ومع تجرع المتاعب ومكابدة المعاملات والروتين القاتل الذي يهدر الوقت ويؤخر المعاملة ، إن كان في الصيف تحت لهيب حرارة الشمس، أو في الشتاء تحت رحمة موجات البرد القارس.
كما أن هناك ظاهرة المماطلة في إنجاز أي معاملة ومرورها بأكثر من مسؤول وغالباً ما يحدث أن بعض المسؤولين يتمتع بإجازة أو طلب ساعة زمنية ولم يعد لدائرته "وما أكثره"! وبهذا بات على المراجع أن يأتي في يوم آخر أو ينتظر المسؤول المعين عند مباشرته الدوام بالدائرة المعنية.
إن حلبة الروتين في الدوائر الحكومية في اليمن وربما سائر دول العالم الثالث ترهق المراجعين, وتضيع الوقت والجهد والمال, والأدهى من ذلك حين يقول لك الموظف: "تعال غدا أو بعد أسبوع أو بعد شهر" وهكذا، بينما هناك في كل دول العالم المتقدم تكون للمواطن بطاقة موحدة تجمع عدة وثائق ثبوتية تعود له وتغنيه عن تقديم الأوراق والمذكرات والرسائل والوساطات وغيره.
لا مبالاة واضحة
أحد المواطنين يصرخ على الموظف قائلا: منذ الصباح ومع بداية الدوام الرسمي للدائرة والى نهاية الدوام لم تنجز معاملتي وفي كل مرة تقول: تعال غداً.. ألا يستحق هذا صراخي يا ناس؟ بسبب تكاسلهم في إنجاز معاملتي البسيطة خلال يوم واحد, والأدهى من ذلك كل موظف "يرمي" التوقيع على الآخر وعندما يرسلك الموظف الى موظف آخر تجده قد أغلق شباك المراجعين لتناول وجبة الفطور (فالمسكين لم يفطر في منزله وجاء إلى المستشفى أو الدائرة الحكومية هذه او تلك يفطر) - وللأسف يحدث هذا في كثير من المستشفيات الحكومية - والمراجعون "يتحمصون بالشمس"! الروتين هو حقيقة مضيعة للوقت وجهد المراجع أو المراجعة وصرف أموال للنقل وتحضير أوراق وتقارير وفحوصات وغيره من المستلزمات الرسمية واستنساخها.
تؤكد الحقائق الملموسة والواقع المعيش في حياة المواطن اليمني، أنه لولا الروتين لما زاد الفساد الإداري والمالي والرشوة فهناك روتين قاتل يفرض على المواطن أو المراجع دفع الرشوة اضطراراً من أجل الخلاص من الروتين المقنع أو يقوم بالاعتماد على المقربين في الدوائر أو المعارف أو المعقبين أو المحامين لتمشية معاملته , هذا كله بسبب واحد وهو استفحال الشعور باللامبالاة وعدم المسؤولية والانفلات الإداري, ويكاد يكون الفساد الإداري مشكلة من مشاكل الروتين القاتل والتي تواجه اليمن وبعض دول العالم , ولذلك نرى أن الفساد الإداري تفشى بصورة أكبر في أغلب مفاصل الدولة مع الأسف , بل زاد ويجب أن تتخذ السلطة قرارات رادعة بحق المرتشين قطعا لدابر تصرفاتهم هذه، رغم تعلل البعض أن معضلة توقف صرف الرواتب هي السبب الأول والأخير في ما يجري من تنكيل بالمواطن، فالموظف متكئ على ما يتحصله من هذه المعاملات ومن هذا الروتين.
حلول ممكنة
بحسب خبير اقتصادي فإن الحل هو تنفيذ مشروع تسهيل الإجراءات الحكومية، حيث سيتقلص عدد الدوائر في انجاز المعاملات إلى الربع تقريبا، كما سيتم اختصار رواتب الموازنة التشغيلية، وإبعاد المواطن عن الابتزاز والفساد المالي والإداري، فضلاً عن اختصار وقت المواطن بالمراجعات والوقت الضائع الذي يستغرقه، والانتهاء من عملية صحة صدور الوثائق التي تستغرق نحو شهر، ورفع المعاناة عن المواطنين الذين يسكنون المحافظات بالمراجعة لأكثر من مرة، وما يتحملونه من كلف مالية كبيرة ووقت ضائع على هذه المراجعات.
روتين.. روتين لا منتهي
يقول أحد المواطنين عند مراجعة دائرة من الدوائر الحكومية ستعاني الكثير في انجاز العمل المطلوب الذي يدخل ضمن اختصاصها تجاه المواطن، حيث نرى سيلاً من الاجراءات غير المألوفة في العمل الاداري وحلقات متشعبة لا جدوى منها الا التأخير والاضرار بمصالح الناس.
اذ يلاحظ عدد من طلبات وتحويلات وافتعال اشياء ليس لها محل في الوظيفة العامة، انما مجرد اجتهاد وتفسير لمجريات العمل الاداري، تارة تتعلق بضوابط معقدة في بعض الاحيان تخالف مبادئ القانون المختص بذلك من خلال ابتداع ظواهر ووقائع خارج ما هو معهود في تطبيقه، وتارة اخرى تتعلق بمزاج ووضعية الموظف ومدى سعة صدره في انجاز المطلوب منه في اقرب وقت مناسب ومحاسبة المواطن عن ابسط الاشياء لخلق اعذار يستفيد منها في قضاء الوقت خارج نطاق العمل.
وفي بعض الاحيان لا يوجد الموظف المختص او قلة الكادر الوظيفي مقابل زخم المراجعين او زيادة الكادر الوظيفي دون حاجة الدائرة لهذا العدد الاضافي مما يؤدي الى خلق نوع من الترهل الوظيفي، وهذا كله يولد اعتقاداً سيئاً للمواطن تجاه ما يجري في دوائر الدولة ويضعف الثقة بالنهوض بواقع الخدمات التي يفترض بالدولة تقديمها للمواطنين ويقلل فرص المساواة بين الناس، ومسايرة بقية الدول المتقدمة في تسهيل اجراءات المراجعات واختصارها بوسائل الكترونية اقل تعقيداً مما هو متبع كالأرشيف الورقي والمذكرات الرسمية والمخاطبات والبريد باليد وغيرها من الوسائل التي اصبحت بدائية لا تواكب سرعة التطور في مجال الوظيفة والعمل الاداري.
ولو تأملنا قليلاً نجد ان العمل الاداري قائم على اساس التسهيلات اللازمة والخدمة المقدمة بأبسط اشكالها لا بأساليب معقدة تؤدي الى تذمر المواطن او التشبث بالأفكار التقليدية القديمة وبالأنماط الجامدة للإدارة وباللوائح والتعليمات الشكلية.
وهذا ما لاحظناه من خلال مراجعاتنا الميدانية والتجربة المريرة في مراجعة دوائر الدولة، حيث واجهنا الروتين الجاف وغير المعتاد الذي يتم تطبيقه بخصوص تقديم الطلبات وارتباط عمل هذه الدائرة مع دوائر اخرى تتم مفاتحتها بخصوص موافقات امنية وبعضها تأكد من صحة صدور حتى لو تم ابراز مذكرة رسمية او شهادة رسمية صادرة من جهة رسمية معترف بها لكن هذا لا يجدي نفعاً الا بطلب تأكيد صحة صدور وهذا بدوره يتطلب وقتاً خصوصاً ونحن نعلم الاجابة ترد عن طريق البريد الرسمي باليد وليس الالكتروني السريع وذلك لافتقار اغلب دوائرنا وللتواصل من خلال هذه المنظومة الالكترونية.
وغالباً ما ترتبط المؤسسات والدوائر بالفرد وبالإدارة حيث ما يرتبط بالفرد يتمثل بالتنصل من المسؤولية وصعوبة تحملها والتمسك بالإجراءات واللوائح الرسمية العقيمة والنمطية الضالة وبالتالي يصاب الاداء بالجمود وعدم المرونة والمواكبة للأداء الوظيفي الصحيح، كما ان الشخص الروتيني ليس لديه الرغبة في تفويض السلطة ويميل دائماً الى المركزية في اداء الاعمال والواجبات وهو متطرف في مركزية الاداء مما يؤدي الى صعوبة اتخاذ القرار دون الرجوع الى رئيسه المباشر في كل صغيرة وكبيرة نتيجة عدم رغبته في تحمل المسؤولية حيث ان هذا الشخص ليس لديه رغبة في تطوير اسلوب العمل مما يجعله نمطي الاداء يتصف بالتكرار والملل والضجر والبطء في التنفيذ ولا يفكر في الابتكار والابداع والتقيد بأسلوب اداء ثابت.
أما فيما يتعلق بالإدارة حيث يقوم المدير بإصدار قرارات وأوامر وتبليغها للمرؤوسين من خلال قنوات الاتصال الرسمية بعيداً عن الاتصال المباشر ومن ثم انتفاء العناصر المعنوية كبواعث للاجتهاد وتحويل العلاقة بين المؤسسة وموظفيها الى علاقة مادية جامدة غير مرنة وهذا يؤدي الى قتل واقعية التطوير والنهوض في نفوس الافراد في الادارة اضافة الى نطاق السلطة والمسؤولية الرسمية لأي مستوى اداري.
كما ان القوانين واللوائح المتعددة اصبحت لا تنسجم مع اعمال الادارة ولا تساعد في تطوير ادائها نحو الافضل حيث كلما واكبت القوانين التدرج الزمني للعمل الاداري أصبح الامر اكثر يسراً في تنفيذ الاعمال المناطة بالجهات والمؤسسات الرسمية.
مفهوم الوظيفة
للوظيفة دور محدد تسعى إلى تحقيقه ضمن النشاطات المختلفة في كل إدارة وأن الوظيفة إذا ما تم أداؤها على الوجه المطلوب يكون دورها إيجابياً في تحقيق الأهداف والغايات التي تسعى إليها المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لخدمة المجتمع الذي تعيش فيه ولذا، فإن للوظيفة العامة واجبات ومسؤوليات وتشمل تخصصات وأنظمة ولوائح، يجب على الموظف العام القائم عليها أن يستوعبها ويفهمها على أكمل وجه، ويتدرب على أفضل الطرق لتحقيق الغايات والأهداف التي أنشئت الوظيفة من أجلها.
وتتعدد المصطلحات التي تستخدم للتعبير عن الالتزامات، فمنها ما يأخذ شكل الواجبات التي يطلب من الموظف القيام بها على خير وجه، ومنها ما يأخذ شكل المحظورات التي يجب على الموظف الامتناع عن تأديتها تحت طائلة المسؤولية.
غياب الردع القانوني والأخلاقي
نشطاء ومراجعون ومثقفون يؤكدون أن هذا الموضوع مرتبط ارتباطاً وثيقاً بعملية الفساد المالي لان قسماً من الموظفين يستخدم التعامل السيئ ووضع العقبات امام المراجعين من اجل اجبار الناس على دفع (مقابل تخليص وإنجاز المعاملة) فهذا الموضوع يتضمن جانبين هو التعامل اللاأخلاقي والاستغلال، والسبب يكمن في ان هؤلاء الاشخاص لم يفهموا أن وظيفتهم ومكانهم لابد ان يكون شعاره قولاً وعملاً »نحن نعمل من أجل المواطن«.
كما أكدوا ان غياب روادع اخلاقية وقانونية للموظف المسيئ، وكذلك الوضع الصعب الذي يعيشه الموظف خلال فترة العدوان والحصار وانقطاع الرواتب كلها مسببات لما يجري.
ولو بحثنا عن أسباب أخرى لهذه المعاناة لوجدنا انها تكمن في ثقافة الموظف نفسه.. فالموظف لم يوضع بموقعه إلا لخدمة المراجع من المواطنين، يأتي المراجع الى الدائرة المختصة ويقدم اوراقه لإنهاء طلبه فيفاجأ إما بعدم وجود الموظف او انشغاله بعمل آخر ويطول انتظاره او ..... الخ.
أهمية الرقابة الذاتية والرقابة الإدارية
متى ما تعلم الموظف الرقابة الذاتية ونما لديه احساسه بالمسؤولية تجاه وطنه أولاً وتجاه وظيفته ثانياَ ومعرفته التامة بحقوقه وواجباته ستختفي تلك المشاهد المرفوضة من سلوكيات الموظفين، ومتى ما كانت هناك مراقبة إدارية على أداء الموظف ومدى انتاجه وتفاعله مع المراجعين سنرى الصورة التي نطمح اليها في طريقة واسلوب إنهاء معاملاتنا.
ان الدولة القوية هي الدولة القادرة على تقديم خدمة سريعة ومستوفاة للمواطن، وقدرتها على تصحيح الإختلال بصدق لا بعبارات إعلامية واستهدافات حزبية أو فئوية، والقوة الحقيقية هي قوة القانون او بالأحرى القدرة على تطبيقه، حتى لا تستمر الدوائر الحكومية تسير بلا قوانين ولا ضوابط رادعة للموظف المسيئ، فغياب سلطة القانون وتغليب سلطة المصلحة الشخصية لهذه الدائرة او تلك، والانفلات الرقابي لتحديد هذه الاساءات، وعدم تطبيق مواد الدستور التي تحد من هذه التجاوزات، كلها أسباب أدت وستؤدي إلى أكثر مما نعانيه من بدائية التعامل مع المعاملات الرسمية وعدم خضوع الموظفين لدورات تدريبية تعلمهم اساليب التعامل مع المراجعين وأسس السلوك الوظيفي الحضاري.
والحل؟
يرى الكثير من المختصين أن الحل يكمن في اللجوء الى الحكومة الالكترونية، اي تسليم واستلام المعاملات عبر البريد الالكتروني مما يضع حاجزاً بين المراجع والموظف ويقلل من فرص ابتزاز الموظفين للمراجعين ويقلل من التزاحم في تلك الدوائر، واعتماد اسلوب النافذة الواحدة وعدم ترك المراجع على احتكاك مباشر مع العديد من الدوائر والموظفين لإنجاز معاملة واحدة، ووضع الاجراءات الكفيلة بتخفيف الازدحام وتكتل المراجعين من خلال تعدد منافذ المراجعة لان ازدحام المراجعين يعطي الفرصة للموظف لابتزاز المراجعين، بالإضافة إلى وضع اجراءات عقابية رادعة ضد الموظف المسيئ وتفعيل نظام صندوق الشكاوى وإلزام الموظفين بارتداء باجات تحمل اسماءهم لتمكين المراجع من الشكوى عليهم بالاسم، وفتح خط ساخن للاتصال بمسؤولي الدائرة مباشرة من قبل المراجعين.
بالإضافة إلى ضرورة قيام مدير الدائرة الحكومية هذه أو تلك بالتجول ميدانياً في دائرته للاحتكاك بالمراجعين وتشخيص مواطن الخلل، وعمل حملة اعلامية لإدانة السلوكيات غير المنضبطة للموظفين، ورفد الدوائر والمؤسسات الحكومية بالخريجين الجدد وإلغاء نظام التعاقد بعد التقاعد.
والأهم من هذا وذاك أن يتم التعيين من خلال وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وان يكون من ذوي الخبرة ومشهود له بالكفاءة والنزاهة وذا خلق عالٍ ومضى على خدمته مدة لا تقل عن عشر سنوات، بالإضافة إلى تفعيل مبدأ الثواب والعقاب من خلال عقوبات رادعة ضد الموظفين المسيئين، وتطوير نظام اختيار وتعيين وترقية العاملين تضمن المساواة الفعلية، والتشديد على الشفافية والنزاهة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.