قلَّل وزير الخارجية الليبي السابق، مندوب ليبيا لدى الأممالمتحدة السفير عبدالرحمن شلقم، من المكاسب التي حققتها قوات العقيد معمر القذافي على الأرض خلال اليومين الماضيين، معتبراً أنها «رقصة المذبوح». وتوقع أن تنتهي الأزمة «بأسرع مما يتصور كثيرون»، مشيراً إلى نفاد الوقود والمواد الغذائية في الأماكن الخاضعة لسيطرة النظام. وأكد في مقابلة مع «الحياة»، أنه لا يريد لعب دور سياسي بعد إسقاط النظام، مشيراً إلى أنه سيتفرغ «للقراءة والكتابة». وأشار إلى أن المعارضة تحتاج إلى تدريب أكثر من احتياجها إلى السلاح «الذي بقي بعد انضمام الشرق إلى الثورة». واقترح إرسال فرقة كوماندوز عربية «من 500 جندي لإنقاذ مصراتة والزاوية وفكّ الحصار ووقف القتل». وفي ما يأتي نص المقابلة: في لقائك مع الرئيس الأميركي باراك أوباما على هامش افتتاح مقر البعثة الأميركية لدى الأممالمتحدة، هل تطرقتما إلى مسألة تسليح الثوار في ليبيا؟ - لا. إطلاقاً. إذن على ماذا ركزتم في اللقاء؟ - اللقاء كان قصيراً واستمر دقائق لتبادل التحية. الرئيس السابق بيل كلينتون قال لي في بداية الحديث: نحيِّيك على قيادتك وشجاعتك وكلمتك في مجلس الأمن، التي شجعت الرئيس أوباما على أن يتخذ خطوات نحو مساعدة الشعب الليبي. ثم قال لي الرئيس أوباما: أنا أحيِّي الشعب الليبي على شجاعته وعلى إصراره على انتزاع حريته، وسأقف معكم وأدعمكم. كيف؟ هل تعهد دعمكم عملياً أم سياسياً فقط؟
- كما قلت، اللقاء كان للتحية، فقد كان مدعوّاً عدد قليل جداً من السفراء. وأقصد بالتحية أنه صافحني الرئيسان وأنا واقف، وانتهت بهذا الشكل. مجاملة فقط ليس إلا.
ما هو التصور لدورك الشخصي في المستقبل الليبي؟ وهل هناك تصور من وجهة نظرك ووجهة نظر أوباما وكلينتون؟
- يوم أن تتحرر ليبيا لن أتولى أيَّ منصب سياسي. قد أتحدث أو أبادر بمشورة، لكني أريد التفرُّغ للكتابة والقراءة.
إذن ما هو دورك الآن؟
- دوري الآن غير محدود، سياسياً وأمنياً وعسكرياً بلا حدود، وأنا على اتصال يومي بالمجلس الوطني الانتقالي، أقترح عليهم أشياء، وأقوم بهذا الاتصال بحكم منصبي السابق كوزير للخارجية لديه علاقات مع عدد كبير من رؤساء الوفود والوزراء.
إذا لم يتم تسليح المعارضة أو الثوار في ليبيا، هل تخشى انحساراً يؤدي إلى بقاء النظام في السلطة؟
- لا. ما يجري في ليبيا كان ثورة سلمية. بدأ القذافي قتلهم بالطائرات والصواريخ. العالم من خلال قرارَيْ مجلس الأمن الرقم 1970 والرقم 1973، قرَّرَ حمايةَ هؤلاء الناس الذين يطالبون بالحرية، وهم عُزل. قام بعض الشباب بحمل السلاح. ليس هذا مطلبنا، نريد عملاً سلمياً يحقق الحرية بلا قتال.
وصلت الأمور إلى قتال الآن.
- ليس باختيارنا، بخيار معمر القذافي.
هل بإمكان المعارضة أن تسجِّل انتصارات ميدانية طالما أن هناك تردداً في تسليحها؟
- رغم هذه الاندفاعة الأخيرة للقذافي وهجومه على الزنتان في الغرب ومصراتة وزوارة ومدن الشرق، فإنني أرى أن هذه هي الرقصة الأخيرة، رقصة المذبوح. الوقود الآن ينفد من مناطق القذافي. ليست لديه مصافي نفط، واليوم تحدث معي صديقي وزير خارجية مالطة طونيو بورغ، وقال لي إنهم مَنعوا ناقلة نفط تحمل العلم المالطي آتية من اليونان إلى طرابلس.
إذن تعتقدون أنكم ستتمكنون من خنق النظام عبر حظر تصدير النفط؟
- هو لا يملك وقوداً، كما أن المواد الغذائية تنفد من المناطق التي تحت يده. النظام سيصاب بسكتة سياسية وسكتة عسكرية. هو الآن عنده جلطة سياسية. بدأوا ينفضُّون من حوله، وصلت إلى اللحم الحي، وصلت إلى النخاع. موسى كوسة يتركه. كل ما لديه دبابة أو خمس دبابات في مدينة ما، وهو يعتمد على المرتزقة، لكن إلى متى؟
هل تريد القول إن لا حاجة إلى النقاش حول تسليح المعارضة وتسليح الثوار؟
- هذا وارد. لكن ليس الثوار، بل الجيش الليبي في المنطقة الشرقية المحررة، وهو لديه سلاح، لكنه محتاج إلى تدريب أكبر عدد من الشباب المتحمسين الذين لديهم قضية وسيقاتلون أكثر من المرتزقة. وصلوا سرت تقريباً برشاشات بسيطة.
تتحدث عن التدريب، وهناك كلام عن عناصر من الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إي» موجودة في ليبيا الآن. هل هذا صحيح؟
- غير صحيح. قد يكون واحد من «سي آي إي»، وقد تكون شغالة فيليبينية.
إذن من يُدرب؟
- لدينا ضباط ليبيون، لدينا جنرالات انشقوا عن القذافي.
إذن السلاح والتدريب يأتي من الداخل؟
- السلاح موجود. عندما انسحبت قوات القذافي وانضم الجزء الشرقي إلى الثورة، بقي سلاح وبقي ضباط، لكن عدد الجنود غير كاف، هؤلاء الشباب الذين يدافعون غرباً سيكونون مدربين أكثر، وأكثر قدرة على الدفاع، وليس للهجوم.
يبدو أن هناك انحساراً في الإنجازات التي تحققت للمعارضة، فهناك...
- على الأرض، أنا لا أهتم بذلك. هذه المناطق حُسمت فيها الحرب العالمية الثانية، العقيلة والبريقة وراس لانوف، هنا تَقاتَلَ روميل ومونتغمري، وانسحب البعض إلى طبرق، ومنها تقدموا إلى العقيلة. هنا حُسمت الحرب العالمية. هنا حرب الصحراء. هذه أرض منبسطة لا يمكن أن يسيطر عليها أحد، لذلك لا يعنيني مَن أخذ ماذا وأين. القذافي ليس لديه وقود يكفي الناس في المدن التي يهيمن عليها ويستعبدها، وليست لديه مواد غذائية. الناس سيخرجون.
هناك كلام عما يجري وراء الكواليس من محاولات للتوصل إلى تفاهم ما مع القذافي وعائلته على إستراتيجية خروج أو ترحيل. ماذا يحدث؟
- من ناحية وجود شيء مصاغ ومخطط، الأفكار مطروحة والمبادرات كثيرة، ونحن كمجلس وطني وكانتفاضة ليبية، نقول إن أي ورقة ليس عنوانها خروج القذافي وعائلته نجاسةٌ لا نمسها بأيدينا. وعندما يقبل هو هذا الجزء، نستطيع كفعاليات ليبية، مع أصدقاء لنا في الخارج، أن نعالج هذا الموضوع كله كصفقة، شرط أن تكون كما حدث في تونس: الخروج خارج ليبيا.
كيف سيقبل ذلك؟ ومَن هو الوسيط؟ هل هو مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة عبدالإله الخطيب؟
- لم لا؟ أو ليتصلْ هو. هم يعرفون هواتف عدد من السفراء في الخارج ووزراء في الخارج، فليرفعوا الهاتف ويقولوا نحن على استعداد للخروج غداً الساعة الثانية عشرة ظهراً.
وماذا يحدث لقرار مجلس الأمن الذي نص على أن المحكمة الجنائية الدولية هي التي ستتولى أمر القذافي وعائلته والمقربين منه؟
- نظام المحكمة يسمح لمجلس الأمن بتأجيل الملاحقة لمدة سنة. مثلاً، هناك أيضاً محاكم وطنية، بالتعاون مع أقسام قانونية إقليمية، تتولى هذا الأمر. نحن يهمنا الآن خروج القذافي وعائلته من ليبيا فوراً لحقن دم الناس. اليوم في مصراتة، مثلاً، هناك 20 قتيلاً. إذا كان القذافي غادر، سيقف الدم فوراً.
أين يريد هو أن يذهب؟ تشاد؟ لا مانع، النيجر، فنزويلا، نيكاراغوا؟ لا مانع. في ما بعد نصل إلى صيغة، مثل الآن في مصر، (الرئيس السابق حسني) مبارك في شرم الشيخ، وجُمِّدت أمواله، والآن هناك تحقيقات، و(الرئيس التونسي السابق زين العابدين) بن علي موجود في السعودية. أول شيء تجب المغادرة، ثم بعد ذلك تأتي المعالجات، وقبل هذه المغادرة الكارثة مستمرة، والسبب هو وجود معمر. القضية ليست إخراج معمر، المهم هو إيقاف الدم فوراً، ثم بعد ذلك لدينا من القانونيين في ليبيا ومن الأساتذة ما يمكِّننا من مئات الحلول.
هل هناك تفاهمات مع بريطانيا أو فرنسا أو الولاياتالمتحدة أو قطر أو الإمارات على استقبال المنشقّين أو إعطائهم اللجوء السياسي؟
- انشق كثيرون. البعثة هنا كلها، سواء المندوب الذي هو أنا وانتهاء بأصغر موظف، انشقوا وبقوا في أميركا. هناك دول كثيرة تركت موظفي السفارات المنشقين. وهناك إناس خرجوا من ليبيا، بعضهم لديه عمل، بعضهم لديه إمكانات، وبعضهم لا يحتاج إلى اللجوء السياسي.
مثلاً في دولة مثل مصر، أيُّ ليبي يستطيع دخولها من دون تأشيرة. دول المغرب العربي يدخلها الليبيون بلا تأشيرة. في الدول الأربع مثلاً، أيُّ ليبي يستطيع أن يقيم في تونس وأن يعمل فيها، ليست لدينا مشكلة.
ما تأثير انشقاق شخص بوزن موسى كوسة على النظام؟
- كوسة كان يمثل للقذافي عقلاً وفعلاً عضلة ومخزن أسرار. كوسة ظل 16 سنة رئيس جهاز الأمن الخارجي ... كانت عنده تفاصيل قد لا يعلمها حتى القذافي، وعندما كان في الأمن الخارجي كان يتصنت على جميع المسؤولين، من دون استثناء، بمن فيهم أعضاء مجلس قيادة الثورة، وأبناء القذافي وبيته، وبتعليمات من معمر.
كوسة، بالنسبة إلى القذافي، هو النخاع الشوكي الذي يتحكم في العصب. وفي الوقت نفسه هو كان يداً لمعمر، وليس عقلاً فقط. وانشقاقه أسوأ من انشقاق سيف الإسلام القذافي. موسى كان يدين بالولاء المطلق، ويعتمد عليه القذافي في قضية الأمن. يعني إذا قدم كوباً من الماء لمعمر، يشربه بلا تردد.
أنت تعرف معمر القذافي. هل تعتقد بأنه سيقبل بصفقة خروج أم سيفضل الانتحار؟
- أي نظام ديكتاتوري لا بد من أن ينتهي بكارثة على الوطن وعلى الديكتاتور. هذا ما رأيناه في يوغوسلافيا، وقبل ذلك رأيناه في ألمانيا، ثم في العراق، ثم في الصومال، ثم في أي مكان. معمر القذافي لن يخرج إلا بكارثة على ليبيا وكارثة عليه شخصياً، كل هذا متوقع.
كم سيستغرق الأمر؟
- لا أستطيع أن أقرأ كف الوطن ولا كف الغيب، لكن أتوقع أن يكون أقصر مما يتوقع كثيرون. ومثلما قلت، سيصاب النظام بجلطة ثم بسكتة.
هل تخشى أن يكون رهان النظام على أن الوقت في مصلحته، خصوصاً في ظل التردد في تسليح المعارضة والشكوك في استمرار الدعم الغربي لها لفترة طويلة؟
- قد يراهن النظام على ذلك. هل تعتقدين أن 300 طائرة في الجو وهذه الأساطيل ذهبت إلى هناك وستغادر ليبيا بعد أسابيع أو شهور مع بقاء معمر بعباءته وصرخته في طرابلس؟ هل تصدقين ذلك؟ أبداً. وهل يقبل العالم أن يبقى القذافي الذي سيمثل كارثة على الجميع؟
إذا بقي القذافي، سيدمر الليبيين وسينتقم منهم وسيفجر تونس ومصر ويبعث بسيارات مفخخة ومرتزقة إلى تونس، لأنه يراها أنها هي السبب. سينتقم أسوأ انتقام من تونس. سيقوم بكل ما يستطيع.
ماذا عن المسؤولين الذين رجحتَ انشقاقهم ثم عادوا واتخذوا مواقف مع النظام، مثل أبو زيد دوردة؟
- معلوماتي من الإعلام. بعضهم يقول إنه ذهب إلى تونس، ثم خرج علينا من الإذاعة والتلفزيون الليبيين ليعلن ولاءه للقذافي. ليست لدي تفاصيل عما حدث بالضبط، لكنني أعرف أن مسؤولين كثيرين أُخذت منهم جوازات سفرهم، ويقال إن بعضهم في مراكز اعتقال، ومن يضطر القذافي إلى إيفاده إلى الخارج، يضع جزءاً من أفراد أسرته تحت المراقبة، أو شيء من هذا القبيل. لكن لا أعرف التفاصيل، لا أحد من البلد يذكر الحقيقة بصراحة وبشجاعة.
ما هي الخطوات المقبلة في مجلس الأمن؟
- من أي ناحية؟ من الناحية السياسية أو العسكرية؟
من ناحية الاعترافات بالمجلس الانتقالي؟
- بعد مؤتمر لندن الثلثاء الماضي، أصبح هناك فضاء آخر للعمل السياسي في ليبيا. في تصوري أن القرار 1970 والقرار 1973 لم يتناولا معمر القذافي ونظامه بالتحديد، من ناحية بقائه. لكن مؤتمر لندن كان فيه شبه إجماع من مجموعة اتصال تضم أكثر من 30 دولة على ضرورة رحيله. هذه نعتبرها ملحقاً للقرارين من الناحية السياسية أو من الناحية المعنوية.
أعتقد أن الأمور ناضجة الآن للتوجه إلى معمر القذافي بقرار من مجلس الأمن يقول إن استمراره غير مشروع ويدعو إلى الاعتراف بالمجلس الانتقالي. وقد تكون هناك إجراءات مشددة تطاله شخصياً.
لترغيبه بالرحيل أم لإرغامه عليه؟
- لا، الترغيب انتهى. كان سارياً أول أسبوع. هو الآن انتهى. معمر ميت إكلينيكياً.
لكنك تحدثت عن إستراتيجية خروجه...
- ليس من مجلس الأمن. هذا يأتي في ما بعد. الآن، المطلوب هو أن يفكروا في مشكلته.
ما هي آخر الخطوات الدولية نحو الاعتراف بالمجلس الانتقالي؟
- الآن يوجد تخطيط ثوري. الاسبوع المقبل هناك في إيطاليا اجتماع 5 + 5 (المتوسطي) الذي يضم كل دول المغرب العربي ودول جنوب أوروبا، ولم يُدْعَ إليه النظام الليبي، بل المجلس الانتقالي. الجامعة العربية قالت إنه لا يوجد نظام ليبي. على العكس، تحدث الأمين العام للجامعة عمرو موسى عن تعاون واقعي ممكن مع المجلس الانتقالي.
ماذا تريد من العرب الآن؟
- الدول العربية قادرة. مصر وتونس أوضحتا أنهما لا تزالان في مرحلة نقاهة ما بعد الثورة. لكن هناك دولاً عربية قادرة، لو توافرت لنا معالجة عربية أكثر شجاعة، هناك مثلاً القوات العربية التي ذهبت إلى لبنان...
هل تريد قوات عربية؟
- قلت أنا ممكن أن أناقش. نحن نرفض مبدئياً أي قوات أجنبية، وعندما أتحدث عن أجنبي أعني غير العربي. لو أتت غداً مفرزة عربية لتنقذ، لو تحرك 500 جندي عربي يقومون بعمل في مصراتة لفك الحصار والقتل عنها ويغادرون، سأصفق لذلك العربي.
هل سيُطرح ذلك في جامعة الدول العربية أو في مجلس التعاون الخليجي؟
- أنا أطرحه الآن قبل النقاش. مفرزة كوماندوز عربي لإنقاذ مصراتة وبنات الزاوية من الاغتصاب والقتل. كوماندوز ينفِّذ عملية جريئة. لم لا؟
هل هذا ما تبحثه أطراف غربية مع العرب؟
- لا. هذا لم يُبحث. أنا أفكر الآن بصوت عال في سياق الحديث. وأنا قلت على سبيل المثال، لكنّ هذا للأمانة لم يناقَش ولم يُبحث ولم يُطرح ولم أناقش فيه حتى المجلس الوطني. هذا تفكير بصوت عال الآن كي لا يلومنا العرب ويتساءلون لماذا تأتون بالأجانب والصليبيين وهذا الكلام الفاضي.
ما هو دورك حالياً، وما هو شكل ليبيا الذي تريده بعد القذافي؟
- أنا إنسان ليبرالي تنويري. همنا الآن أن نعمل سياسياً وإعلامياً وبشتى الطرق للخروج من هذه الكارثة التي وضعَنا فيها القذافي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من دم الليبيين. يومياً أتصل بالجميع، بالليبيين وبغير الليبيين وبالسفارات وبالدول وبالكل. هذا هدفي. أنا لا أريد أن يسجل لي التاريخ أيَّ شيء، إلا أنني ساهمت في إنقاذ بلدي من هذه الأزمة التي وضعَنا فيها معمر وإنهاء الديكتاتورية ولا أريد أي منصب في المستقبل.
ربما أساهم فقط بالكتابة أو بالرأي، من أجل ليبيا تعددية، فيها تداولٌ للسلطة وسيادة القانون. ليبيا عندها إمكانيات أن تكون دولة نموذجية: 2 مليون كلم تقريباً، ثروات الجبل الأخضر، الجبل الغربي، ثروات فزان من الآثار. نحن بيننا وبين أوروبا ساعة طيران. يعني ليبيا هي أوروبا الجنوبية. عندنا أكثر من 15 ألف ليبي تخرجوا من الولاياتالمتحدة، بخلاف الخريجين من ليبيا أو من مصر. إمكانات بشرية. أرجو أن نخلق نموذجاً لبلد عربي إسلامي معتدل متطور.
ماذا فاجأك أكثر: صلابة الشعب الليبي أم جنون القذافي، وهو صديق لك تعرفه منذ سنوات؟
- عندما أقول صديقي، لا أعتبره صديقاً. ممكن أقول إنه صاحب. معايير الصداقة التي عرفها شنفرا والبحتري والمتنبي غير موجودة. من فاجأني هو الشباب الليبي. كنت أعتقد أن كنزنا هو النفط، الآن أنا مقتنع أن كنزنا هو هذا الشباب الذي يقفز بمسدس أو بحجارة إلى داخل الدبابة ويقتل مَن يطلق النار على الناس. هذا الذي فوجئت به، هذا الشباب. هذا ما منحني الأمل في أن هذا الشباب الناهض المتعلم الشجاع سيبني ليبيا أخرى.
والمفاجأة الأسوأ من عائلة القذافي ممن أتت؟
- لم أكن أتصور أن في داخل سيف الإسلام القذافي كل هذه الدموية وكل هذا الحقد على الليبيين وكل هذا التعالي. هو كان أسوأ إخوته، كان أسوأهم جميعاً، وتفوَّقَ على أبيه في الكراهية وفي الدموية وفي العدوان. وعندما رأيتُه يقف برشاش أوتوماتيكي فوق برج دبابة، شعرتُ أن معمر القذافي خدعنا لمدة 42 سنة وكنا دائماً نعطيه بريق أمل، وكنا سنُخدع بلا حدود في هذا الولد.