القاريء في تاريخ اليمن المعاصر لن يجد ذكرا في أدبيات الحركة الوطنية ،أو التاريخ المعاصر لليمن بما يتعلق باللواء علي محسن ...المرحلة التاريخية التي جاءت بعلي محسن إلى واجهة المشهد هي فترة تولي علي عبد الله صالح للحكم عام 78م ...فحين قام الناصريون بانقلابهم بعد ان تيقنوا أن النظام الحاكم كان مفصلا بطريقة سعودية وبثلاثة رؤوس ،هم عبد الله بن حسن الأحمر كرمز للقبيلة السياسية ،وعلي عبد الله صالح كممثل للقوات المسلحة ،وعلي محسن كممثل للإخوان المسلمين ،وفيه تجتمع صفات المشيخ والعسكري والإخواني!-فالقضاء على حركة الناصريين كان مطلبا للقبيلة السياسية ،وللإقطاع العسكري وللإخوان المسلمين ،وهو قبل ذلك مطلبا اقليميا ودوليا ،لهذا كان القضاء عليهم بواسطة شخصية تجتمع فيها كل خيارات الأطراف الحاكمة والصانعة للأطراف الحاكمة اقليميا ودوليا !فكان أن ترك الشيخ عبد الله بن حسين الحمر وعلي عبد الله صالح مهمة سحق الناصريين ،بل ودفنهم أحياء في معسكر الفرقة _بحسب رواية لعبد الله سلام الحكيمي كتبها قبل سنتين في صحيفة الوسط تقريبا -تركوا هذه المهمة لقاسمهم المشترك علي محسن ...لهذا اتساءل :هل لعلي محسن من تاريخ قبل وصول علي عبد الله صالح للحكم ؟لقد استفادت السعودية من تجربتها مع إبراهيم محمد الحمدي ،حين راهنت عليه هي وقوى المشيخ للقيام بانقلاب أبيض على الرئيس عبد الرحمن الإرياني ،لكنهم تفاجؤا بعد عام أن" بيدقهم "لديه مشروع يخصه ،يتمثل بالتنمية واسترداد السيادة ،وأنه ذهب بعيدا بتحالفه مع الناصريين إلى درجة حضور مؤتمرهم العام الذي عقد في الحديدة كعضو فيه وإن رفض انتخابه ضمن الهيئات القيادية للتنظيم ...عندها بدأت السعودية وقوى المشيخ والإخوان المسلمين يعدون العدة لاسقاط الحمدي ،وكان ذلك عبر عدة خيارات ،كان الأسرع فيها هو اغتياله هو استمالة الغشمي ،وإغرائه بالرئاسة ،وبعد أن تحقق الهدف بتصفية العقبة الكبرى ،كانت تصفية الغشمي هي الأسهل ...ما صنعه الحمدي من خروج على الإرادة السعودية التي جاءت به رئيسا وفقا لتوافق قوى المشيخ وقادة القوات المسلحة ،ولإنها لم تكن مهتمة بتاريخه مع حركة القوميين العرب ،والديمقراطيين الثوريين ...-كل ذلك جعل السعودية -بعد تلك التجربة - تختار رؤساء اليمن على اساس وجود البدائل تحسبا لأيّ عصيان أو خروج عن بيت الطاعة ... حين يقرأ المرء في أدبيات الثورة السبتمرية ،أكانت الأدبيات تاريخ Hوتأريخ ،أم كانت مذكرات ،فإن القارئ لن يجد ذكرا وحضورا لعلي محسن ،على عكس توأمه في الحكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح -وليعذرني القارئ "الثوري "والقارئ الانقلابي لعدم استخدامي مصطلح "الرئيس الخلوع "فحيثيات التسوية الخليجية ،والآلية التنفيذية الأممية ،قادت الأمور باتجاه حل سياسي ،لرئيس سابق ،ورئيس لاحق تم بالتوافق بين فرقاء الحكم !-فعلي عبد الله صالح واخيه محمد عبد الله صالح ينخرطان في صفوف الجمهوريين كجنود ،ويترقيان في الرتب العسكرية ميدانيا ،فعلي عبد الله صالح كان جنديا مرافقا وسائقا لأحد الضباط الأحراربعد الثورة ،وهو مثنى الحضيري ،وهذا الضابط كان قد التحق بحزب البعث العربي الاشتراكي قبل الثورة ،وأدى اليمن التنظيمي الذي ردده بعد عبد العزيز المقالح ،الذي كان هو المسؤل عن خلية حزبية تابعة لحزب البعث ،وكان حسب رواية اللواء محمد عبد الله الارياني قد دعا الارياني لحضور الاجتماع ،وترديد القسم ،الاّ أن تأثير مالك الارياني على محمد عبدالله الارياني ،جعل الارياني يفضل الاستمرار في انتمائه لحركة القوميين العرب ،فحضر الاجتماع لكنه لم يردد القسم حسب روايته في مذكراته التي صدرت عام 2011م-،صحيح أن هناك إشاعة تنسب اغتيال "مثنى الحضيري "لسائقه ومرافقه علي عبد الله صالح ،لكنها تظل غشاعة وتدفعنا للسؤال عن الذين لهم مصلحة ىنذاك في تصفية الضباط الأحرار داخل تناقضات الصف الجمهوري ،من قوى مشيخ من ناحية ،وضباط أحرار من ناحية ثانية ،والقوى الملكية من الناحية الثالثة ! وأن أرجح تصفية مثنى الحضيري ضمن الصراع مع قوى المشيخ !وهو ما لمسنا مواصلة له ،حين تم تصفية من دافعوا عن النظام الجمهوري ،وعن صنعاء في حصار السبعين يوما ،من الحركيين الذين والمشايخ والتجار ،أمّا بنفيهم مثل حسن العمري ،أو تصفيتهم مثل أحمد عبد ربه العواضي ،أو سجنهم ثم نفيهم مثل غبد الغني مطهر !. بعد ذلك أجد اسم علي عبد الله صالح في العديد من المذكرات وهو يحضر اجتماع ضم الضباط الشباب الذين اجتمع بهم حسن العمري القائد العام للقوات المسلحة ،وكان من الحاضرين النقيب عبد الوهاب عبد الرقيب ،والمقدم ابراهيم الحمدي ،والنقيب عبد الرقيب الحربي ،والرقيب حمود ناجي والرقيب علي جبران مثنى ،وفرحان ،والرئد علي عبد الله صالح ،والنقيب محمد عبد الله صالح ،والنقيب عبد الله عبد العالم ،والنقيب جار الله عمر ،والنقيب محمد عبد السلام منصور ...الخ وفي حصار السبعين يوما ابلت هذه الاسماء بلاء معجزا في الدفاع عن صنعاء واستمرار النظام الجمهوري فكانت النتيجة ،أن عاد بعدها كبار الضباط الذين فروا من صنعاء اثناء الحصار ،وبدأت معركتهم من خلال تحالفهم مع قوى المشيخ لتصفية الضباط الشباب والمقاومة الشعبية ...ولقد كان لهذه القوى ما ارادت ،فتم تصفية عبد الرقيب عبد الوهاب وحمود ناجي ،وجبران ،وفرحان ،والوحش ،وعاش عبد الرقيب الحربي حياة نفسية فيها الكثير من الرهاب والتدمير النفسي بسبب ما لاقوه من جزاء سنمار !ومات في قريته –ربمافي التسعينيات –وقد كانت سنون عمره سنوات موت نفسي ! بعد ذلك جاءت المصالحة عام 1970م ضمن مصالحة "تسوية "تقضي باشراك الشامي في المجلس الجمهوري ،واربعة وزراء من الجانب الملكي منهم الضحياني ،والمصري ،واثنين آخرين لا اتذكرهم الآن ،وكذلك عدد من الملكيين تم ضمهم للمجلس الوطني ،وفي الجانب العسكري تم إلحاق الجنود والضباط الذين كانوا مع الجانب الملكي ،ضمن وحدات القوات المسلحة والأمن ،وكان من ضمن العائدين الجند يين علي محسن ،ومحمد اسماعيل الأحمر ! اذا فغياب اسم علي محسن ومحمد اسماعيل الأحمر والعديد من كبار القادة العسكريين الذين صنعتهم جمهورية علي عبد الله صالح وعبد الله بن حسين الأحمر والاخوان المسلمين ،سببه يعود إلى أنهم كانوا جنودا في الضفة الأخرى،اي الضفة الملكية ! ...فإذا أخذنا بإشاعة تروى على لسان بازل الوجيه أمين خزانة الأمير محمد بن الحسين ،فعلي محسن ومحمد اسماعيل الأحمركانا وقتها من ضمن حراسة الأمير المحنك محمد بن الحسين الذي انقلب على البدر وشكل مجلس إمامة ،وقام بالعديد من الهجمات الموجعة وخطط للعديد من الاغتيالات ،منها اغتيال الشاعر محمد محمود الزبيري ،الذي كان يعد لمؤتمر حزب الله ،الذي تحول بعد مقتله إلى مؤتمر خمر في يناير 65م... ،هكذا تتضح صورة الغياب ،وصورة الحضور ،فهم عادوا في عام المصالحة 1970م و انخرطوا في الجيش برتبة صف ضابط ،وقتها اراد ابراهيم الحمدي الاعتماد على قبيلة سنحان لأنها قبيلة خاملة مقارنة ببقية قبائل حاشد ، فعمل على إدخال محمد اسماعيل الأحمر وعلي محسن في منتصف السبعينيات ،إلى الكلية الحربية ،وو قتها عمل علي صالح عباد الخولاني ،وهو كبير المعلميين في الكلية الحربية ،على استقطابهم لتنظيم الإخوان المسلمين...! يبقى أمر يحتاج غلى تأمل ،وهو أن تصفية المدافعين عن صنعاء تمت على يد كبار الضباط الذين فرّوا من أداء واجبهم في الدفاع عن صنعاء اثناء حصار السبعين يوما وهي الأيام التي ثبتت النظام الجمهوري ،ولولا الفاع المستميت والأسطوري الذي انجزه الضباط الشباب لكان لما استطاعت تحالف المشيخ وكبار الضباط والاخوان المسلمين ،ونوعا ما حزب البعث ،من تأسيس مملكتهم الجمهورية !كذلك تصفية حركة 13 يونيو تمت من ذات القوى !