يفضل كثير من الحضارمة تناول الباخمري صباح كل يوم قبيل ذهابهم إلى العمل ، و ( الباخمري ) من الأكلات الشعبية السريعة التي دخلت إلى حضرموت بواسطة المهاجرين الحضارمة في سواحل ( كينياوتنزانيا و أوغندا ) ، حتى أنه أحتفظ باسمه من اللغة السواحلية ( ماخمري ) باستثناء استبدال حرف الميم إلى باء ليكتسب خاصية الباء الحضرمية الشهيرة التي تسبق أسماء العائلات الحضرمية ، وربما لهذا السبب أصبح مألوفا ومحبباً لدى السكان ، والحقيقة أن طعمه المميز وسهولة تحضيره ورخص ثمنه هو الذي أكسبه تلك الشعبية . وعلى الرغم من أن الباخمري بات متوفراً في مختلف أوقات اليوم ، فإن الكثيرون يفضلون تناوله في الصباح الباكر وخاصةً أولئك الذين تبدأ أعمالهم بعيد صلاة الفجر مثل الصيادين وأصحاب المطاعم وحتى بعض الناس العاديون اعتادوا بعد خروجهم من صلاة الفجر أن يعرجوا على بائع ( الباخمري ) لتناول حبات منه قبل الرجوع إلى البيت . مهنة متوارثة يحدثنا عبدالله سعيد التميمي صاحب مقهاية حالياً وطباخ باخمري سابقاً عن عمله في الباخمري بقوله : أعمل في هذه المقهاية من ستينيات القرن الماضي ، من أيام والدي ( الله يرحمه ) الذي كنت أساعده في عمل ( الباخمري ) لأن والدي كان يصلح ( باخمري ) وكنا نجهزه منذ الفجر أما حالياً فأنا أبيع باخمري في مقهايتي ولا أقوم بتحضيره بنفسي بل نشتريه من الآخرين حتى يمشي عمل المقهاية ، لأن ( الباخمري ) مطلوب في الصباح الباكر وكثير من الناس تحب تفتتح يومها بأكل حبات منه مع كوب من شاهي الحليب . ويضيف التميمي : هي أساساً أكلة إفريقية وتحديداً من منطقة سواحل التي تضم ( تنزانيا و كينيا و أوغند ا) التي يتواجد فيها عدد كبير من الحضارم الذين أحضروا معهم أكلة ( المخامري ) الإفريقية والتي أصبحت مع مرور الأيام من الأكلات الشعبية الحضرمية اليومية المفضلة . الباخمري في منطقة الشحر يسمى "ممتازي" وفي منطقة الشرج بجانب بريد حي العمال التقينا بالشاب وليد التميمي الذي أوضح لنا طبيعة عمله في المقهاية : مهنتي الأساسية تجهيز ( الباخمري ) وبيعه في المقهاية حقنا ، وقد تعلمت إعداد ( الباخمري ) عن والدي الذي تعلمها هو أيضاً عن والده ، وهي مهنتي الأساسية التي لا أعرف غيرها ، وأنا أعمل في إعداد ( الباخمري ) منذ عام 1986م تقريباً وذلك عندما كنا ساكنين في مدينة عدن ، وبعد الانتقال إلى مدينة المكلا استمرينا في بيع ( الباخمري ) ، و( الباخمري ) يباع في كل حضرموت الساحل والداخل ومناطق عدة من اليمن ، وفي الشحر يطلق عليه ( ممتازي ) ، وزبائن ( الباخمري ) تقريباً من كل شرائح المجتمع كبارا وصغارا ونساء . المكونات و طريقة التحضير كما التقينا سالم بن عيسى ابو وليد الذي يحكي لنا بالتفصيل عن أكلة الباخمري ، يقول بو ليد اشتغلت بعمل ال( باخمري ) عندما كنت في افريقيا ، أي حوالي في الستينيات وهي تصنع بنفس الطريقة الإفريقية مع اختلاف المكونات . و طريقة التحضير تختلف من شخص إلى آخر كلاً حسب خبرته في العمل هكذا يخبرنا أبو وليد عن مكونات الباخمري ويزيد بقوله أسباب اختلاف طعمه من شخص إلى آخر ترجع إلى المكونات المضافة له فمكوناته الأساسية هي : الدقيق والزيت والبيض والحليب والخميرة والسكر و هناك من يضيف إليه الحبة السوداء و الفانيلا و الكسترد . وطريقة التحضير التي يعمل بها عمنا ( سالم بن عيسى ) لإعداد الباخمري هي كالتالي : نضع كمية من الماء في ( العجانة ) التي تعجن الدقيق اوتوماتيكياً بحسب الكمية المراد تحضيرها ، ثم نضيف المكونات المذكورة سابقاً ، وتخلط مع الماء ثم نضيف السكر إلى أن تصبح المكونات سائلة في العجانة نقوم بإضافة الدقيق ثم الزيت من بحسب الكمية المراد تحضيرها . و عملية إعداد عجينة ال ( الباخمري ) تختلف في الشتاء والصيف ، ففي الصيف نجعل عجينة ( الباخمري ) مشدودة لأنه بعد فترة قصيرة تصبح ( لينة ) مما يسهل علينا تشكيلها . أما في الشتاء فنجعل العجينة لينة ، لأنه بعد فترة قصيرة تصبح مشدودة قليلاً . ثم تأتي عملية ( تقريصه ) أي جعله في كرات صغيرة ( أقراص ) ، كل كرة تكوّن حبة من ( الباخمري ) والتي تباع بعشرة ريالات يمنية . نترك كرات ( الباخمري ) من العاشرة مساءً حتى وقت تحضيره ، أي بعد صلاة الفجرة مباشرةً ونقليه في زيت ساخن . يوميا نأكل الباخمري في الصباح الباكر كما التقينا بعض عشاق أكل ( الباخمري ) في الصباح الباكر منهم علي صالح الحداد الذي أفادنا بقوله أنا نحب أكل ( الباخمري ) يومياً في الصباح الباكر وتحديداً في الساعة السادسة صباحاً أما باقي الأوقات فأنا لا أقربها إطلاقاً ، و ( الباخمري ) هو وجبة البسط الأساسية عندي التي ما ناكل غيرها . والبسط باللهجة العامية المكلاوية يقصد بها ( الفطور ) . الباخمري مشبع بالدهون و مثلما للباخمري محبون فإن له أعداء ايضا ممن يعتقدون أنه وجبة غير صحية و من هولاء محمد مبروك بن سعيد باشراحيل الذي يفضل أكل الكعك على ( الباخمري ) لأنه يعتقد أن الباخمري مشبع بالدهون , أما الكعك فهو أقل دهنا , لذلك فهو يحب تناول الكعك صباحا قبيل ذهابه للعمل . كان الباخمري في الماضي القريب يباع صباحاً فقط وكانت مهمة إعداده تقع على عاتق النساء في البيت ، ثم يقوم الأطفال أو حتى الكبار ببيعه أمام المقاهي في الصباح الباكر ، أما اليوم فأصبح تحضيره يتم من قبل الرجال في المقاهي وعلى ناصيات الشوارع صباحاً ومساءا ، كما أصبح له محلاته الخاصة والمعروفة ، ففي الصباح الباكر يفضل أكله مع الشاهي الحليب ، أما في العصر وبعد المغرب فيفضل أكله مع ( البسباس ) الذي هو مزيج من ( البسباس الأحمر ( الفلفل ) والحومر ( تمر هندي ) و بعض الإضافات الأخرى التي تميز كل صانع باخمري عن الآخر . * عن مجلة ( شعاع الأمل ) العدد 104 – مايو 2010م .