فرحة عارمة تجتاح جميع أفراد ألوية العمالقة    الحوثيون يتلقون صفعة قوية من موني جرام: اعتراف دولي جديد بشرعية عدن!    رسائل الرئيس الزبيدي وقرارات البنك المركزي    أبرز النقاط في المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك المركزي عدن    خبير اقتصادي: ردة فعل مركزي صنعاء تجاه بنوك عدن استعراض زائف    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    مع اقتراب عيد الأضحى..حيوانات مفترسة تهاجم قطيع أغنام في محافظة إب وتفترس العشرات    هل تُسقِط السعودية قرار مركزي عدن أم هي الحرب قادمة؟    "الحوثيون يبيعون صحة الشعب اليمني... من يوقف هذه الجريمة؟!"    "من يملك السويفت كود يملك السيطرة": صحفي يمني يُفسر مفتاح الصراع المالي في اليمن    تحت انظار بن سلمان..الهلال يُتوج بطل كأس خادم الحرمين بعد انتصار دراماتيكي على النصر في ركلات الترجيح!    الهلال بطلا لكأس خادم الحرمين الشريفين    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    تعز تشهد مراسم العزاء للشهيد السناوي وشهادات تروي بطولته ورفاقه    مصادر دولية تفجر مفاجأة مدوية: مقتل عشرات الخبراء الإيرانيين في ضربة مباغتة باليمن    المبادرة الوطنية الفلسطينية ترحب باعتراف سلوفينيا بفلسطين مميز    شاب عشريني يغرق في ساحل الخوخة جنوبي الحديدة    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    عاجل: البنك المركزي الحوثي بصنعاء يعلن حظر التعامل مع هذه البنوك ردا على قرارات مركزي عدن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و284 منذ 7 أكتوبر    الحوثي يتسلح بصواريخ لها اعين تبحث عن هدفها لمسافة 2000 كيلومتر تصل البحر المتوسط    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    لكمات وشجار عنيف داخل طيران اليمنية.. وإنزال عدد من الركاب قبيل انطلاق الرحلة    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    حكم بالحبس على لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    النائب العليمي يؤكد على دعم إجراءات البنك المركزي لمواجهة الصلف الحوثي وإنقاذ الاقتصاد    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الإخوان في اليمن يسابقون جهود السلام لاستكمال تأسيس دُويلتهم في مأرب    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    جماهير اولمبياكوس تشعل الأجواء في أثينا بعد الفوز بلقب دوري المؤتمر    مليشيا الحوثي تنهب منزل مواطن في صعدة وتُطلق النار عشوائيًا    قيادي في تنظيم داعش يبشر بقيام مكون جنوبي جديد ضد المجلس الانتقالي    بسبب قرارات بنك عدن ويضعان السيناريو القادم    تقرير حقوقي يرصد نحو 6500 انتهاك حوثي في محافظة إب خلال العام 2023    لجنة من وزارة الشباب والرياضة تزور نادي الصمود ب "الحبيلين"    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    الامتحانات.. وبوابة العبور    رسميا.. فليك مدربا جديدا لبرشلونة خلفا للمقال تشافي    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    حكاية 3 فتيات يختطفهن الموت من أحضان سد في بني مطر    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    وزارة الأوقاف تدشن النظام الرقمي لبيانات الحجاج (يلملم)    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين ملكين ورئيسين درس في المسئولية
نشر في حشد يوم 03 - 06 - 2013

مما لا شك فيه أن الناس في هذه الدنيا وعلى جميع مستوياتهم ، وصفاتهم مختلفون في بناء أنفسهم وتأسيسها وتربيتها اختلافاً بيِّنًا جليًّا واضحًا، يظهر ذلك في استقبال المِحَن والمِنَح، والإغراء والتحذير، والنعم والنِقَم، والترغيب والترهيب، والفقر والغنى، فمنهم من أقام حياته وما يأتيه منها على أساس اقتناص الفرص ، حراما كان او حلالا لا يهمه من ذلك إلا ما دخل جيبه ، وأضافه إلى متعه وأملاكه ، ومستعد من أجل ذلك أ يركب كل صعب وذلول ، وفي هؤلاء قال الشاعر
يدور مع الزجاجة حيث دارت **ويلبس للسياسة الف لبس
فعند المسلمين يعد منهم **ويأخذ سهمه من كل خمس
وعند الأنجليز يعد منهم **وفي باريس محسوب فرنسي
وعند الملحدين يعد منهم **وعند ماركس يحفظ كل درس
وآخرون أسَّسوا بنيانهم على تقوى من الله ورضوان؛ فلا تضرهم فتنة ولا تُزَعْزعُهم شبهة، ولا تغلبهم شهوة ،صامدون كالطود الشامخ، فهموا الحياة نعمة ونقمة، ومحنة ومنحة، ويسرًا وعسرًا، ثم عملوا موازنة، فوجدوا أن الدهر يومان؛ ذا أمن وذا خطر، والعيش عيشان؛ ذا صفو وذا كدر، فضبطوا نفسه في الحاليْن؛ فلم ييأسوا على ما فات، ولم يفرحوا بما هو آتٍ؛ فلا خُيَلاء عند غنى، ولا حزن عند افتقار، لا يبطرون إن رَئِسوا، ولا يتكدرون إن رُئِسوا، يقلقون من الدنيا، ولا يقلقون على الدنيا أبدًا، يستعجلون الباقية على الفانية؛ نفسوسهم راضية ، وأفئدتهم مطمئنة ، و هذا الصنف من الناس صنف قيِّم كريم المعدن ، لكنه قليل في مجتمعاتنا ، وما ضره أنه قليل وهو عزيز؛ فمثله كالشجرة الطيبة، عميقة الجذور، ثابتة الأصول، مفيدة الفروع، لا تزعزعها الأعاصير، ولا تنال منها العواصف، والسر إنه الإيمان، الذي إذا خالطت بشاشته القلوب ثبت صاحبه، واطمأن وضرب بجذوره فلا تزعزعه المِحَن، ولا تؤثر فيه الفتن؛ بل يُكِنُّ الخير ويجني الفوائد، شجر بثمر، لسانه حاله :
أنا الحسام بريق الشمس في طرفٍ *** مني وشفرة سيف الهند في طرفٍ
فلا أبالي بأشواك ولا مِحَن *** على طريقي ولي عزمي ولي شغفي
ماض فلو كنت وحدي والدُّنَا صرخت *** بي قف لسرت فلم أُبطئ ولم أقفِ
وهاذين الصنفين الاول الذي آثر نفسه ، وعاش بلا مسئولية ، والأخر الذي آثر العيش في ظلال الجماعة وبمسئولية مفعمة بروح الإرادة أستطيع أن أقدمهما للقارئ بسهولة عبر قصتين لملكين الاول عاش لنفسه ، ,وآثر ما حواه لنفسه ، عاش في زمن غابر ملك لمدينة يحكمها ، وكان أهل هذه المدينة يختارون الملك بحيث يحكم فيهم سنة واحدة فقط وبعد ذلك يرسل الملك إلى جزيرة بعيدة حيث يكمل فيها بقية عمره ويختار الناس ملك آخر غيره وهكذا ،
أنهى أحد الملوك فترة الحكم الخاصة به وألبسه الناس الملابس الغالية وأركبوه فيلا كبيراً وأخذوا يطوفون به في أنحاء المدينة قائلين له وداعاً وكانت هذه اللحظة من أصعب لحظات الحزن والألم على الملك وجميع من كان قبله
وضعوه بعد ذلك في السفينة التي قامت بنقله إلى الجزيرة البعيدة حيث يكمل فيها بقية عمره ورجعت السفينة إلى المدينة وفي طريق العودة اكتشفوا إحدى السفن التي غرقت منذ وقت قريب ورأوا شاباً متعلق بقطعة من الخشب عائمة على الماء فأنقذوه وأخذوه إلى بلدتهم وطلبوا منه أن يكون ملكاً عليهم لمدة سنة واحدة لكنه رفض في البداية ثم وافق بعد ذلك
وأخبره الناس على التعليمات التي تسود هذه المدينة وأنه بعد مرور 12 شهراً سوف يحمل إلى تلك الجزيرة التي تركوا فيها ذاك الملك الأخير ، بعد ثلاث أيام من تولي الشاب للعرش في هذه المدينة سأل الوزراء هل يمكن أن يرى هذه الجزيرة حيث أرسل إليها جميع الملوك السابقين ووافق الوزراء وأخذوه إلى الجزيرة ورآها وقد غطت بالغابات الكثيفة وسمع صوت الحيوانات الشريرة وهي تنطلق في أنحاء الجزيرة ، نزل الملك إلى الجزيرة وهناك وجد جثث الملوك السابقين ملقاة على الأرض وفهم الملك القصة بأنه مالبث أن ترك الملوك السابقون في الجزيرة أتت إليه الحيوانات المتوحشة وسارعت بقتلهم والتهامهم عندئذ عاد الملك إلى مدينته وجمع 100 عامل أقوياء وأخذهم إلى الجزيرة وأمرهم بتنظيف الغابة وإزالة جثث الحيوانات والملوك السابقين وإزالة قطع الأشجار الصغيرة وكان يزور الجزيرة مرة في الشهر ليطل على سير العمل وكان العمل يتقدم بخطوات سريعة فبعد مرور شهر واحد أزيلت الحيوانات والعديد من الأشجار الكثيفة وعند مرور الشهر الثاني كانت الجزيرة قد أصبحت نظيفة تماماً. ثم أمر الملك العمال بزرع الحدائق في جميع أنحاء الجزيرة وقام بتربية بعض الحيوانات المفيدة مثل الدجاج والبط والماعز والبقر ... الخ
ومع بداية الشهر الثالث أمر العمال ببناء بيت كبير ومرسى للسفن وبمرور الوقت تحولت الجزيرة إلى مكان جميل وقد كان الملك ذكياً، فكان يلبس الملابس البسيطة وينفق القليل على حياته في المدينة في مقابل أنه كان يكرس أمواله التي وهبت له في إعمار هذه الجزيرة
وبعد مرور 9 أشهر جمع الملك الوزراء قائلاً أنه يعلم أن الذهاب للجزيرة يتم بعد مرور 12 شهر من بداية حكمه. ولكنه يود الذهاب إلى الجزيرة الآن ، ولكن الوزراء رفضوا قائلين حسب التعليمات لابد أن تنتظر 3 شهور أخرى ثم بعد ذلك تذهب للجزيرة مرت الثلاثة شهور واكتملت السنة وجاء دور الملك لينتقل إلى الجزيرة ألبسه الناس الثياب الفاخرة ووضعوه على الفيل الكبير قائلين له وداعاً أيها الملك. ولكن الملك على غير عادة الملوك السابقين كان يضحك ويبتسم وسأله الناس عن ذلك فأجاب بأن الحكماء يقولون: ' عندما تولد طفلاً في هذه الدنيا تبكي بينما جميع من حولك يضحكون فعش في هذه الدنيا واعمل ما تراه حتى يأتيك الموت وعندئذ تضحك بينما جميع من حولك يبكون ، فبينما الملوك السابقين كانوا منشغلين بمتعة أنفسهم أثناء فترة الملك والحكم كنت أنا مشغولاً بالتفكير في المستقبل وخططت لذلك وقمت بإصلاح وتعمير الجزيرة وأصبحت جنة صغيرة يمكن أن أعيش فيها بقية حياتي بسلام
وبقي أن نقول عن هذا الملك قبل ان ننتقل إلى الملك الآخر أن هذا الملك يمكن القول فيه انه يمثل عنوانا لمن سعوا للاستحواذ على ما بين أيديهم دون ان يفكروا بمستقبل من حكموهم المهم أن يؤسسوا لنفسهم ثروة تكفيهم لمئات السنين القادمة لهم ولأبنائهم من بعدهم وشعوبهم لا يهمهم ماذا تأكل
ملك آخر عاش وكان تفكيره على النقيض من فهم الامير الاول عاش بنفس الظروف لكنه كان مثالا المسئولية التي جعلت منه عنوانا للنهضة الحقيقية التي لن تقوم مالم يكن ورائها أناس انتصبوا جنودا لهذه المجتمعات
وملكنا الذي نتحدث عنه تحكي قصته أن مدينة غريبة على وجه الأرض غريبة في قوانينها وفي دستورها ، سكانها يختارون رئيسهم ويعلمونه أنه بعد خمس سنوات سوف يطرد من أسوار المدينة إلى خارج المدينة حيث السباع والوحوش والآفات القاتلة والصحراء القاحلة ..
طرد الرئيس وأرادوا أن يختاروا رئيساً آخر ، القوانين يعرفها الجميع ويعرفون أن كل رئيس سيبقى مدة محددة (5) سنوات ويطرد .
أعلن المسئولون عن اختيار الرئيس الجديد وفُتح باب الترشيح لمن يرغب في الرئاسة ، فلم يتقدم أحد .. لأن الجميع يعلم ما وراء ذلك من نهاية المصير .. وبعد فترة تقدم شاب وقال : أنا أرشح نفسي للرئاسة... قال له المسئولون : هل تعلم قوانين البلد، قال : نعم، تقلد منصب الرئاسة وقامت الاحتفالات ، للرئيس الجديد.. وفي أول يوم من أيام الرئاسة جلس مع نفسه بكل مسئولية يتشاور مع نفسه ل يعيش لنفسه هذه الفترة وليحدث ما يحدث بعد الخمس السنوات ، ام هل يؤسس لنفسه ملكا سيكفيه بعد نفيه من المدينة ، أم يصنع للناس بغمكانيات المملكة وأموالها التي بين يديه ما يمكن أن ينهض بمللكتهم ، ويطور من عيشهم ، ويوسع من آفاق حياتهم ، بمدنه الاصيل رسىت سفينة تفكيره عند شاطيء الوطن ،وبيت النية بأن يقوم بكل وسعه ، وإمكانياته بتعمير المملكة ، ولكن من ناجية الجهة التي لن تخطر ببال على أبناء مملكته وهكذا هم أصحب المسئولية مدهشون لشعوبهم وملهمون لها ، واتفق الرئيس في هذا السياق مع عدد كبير من المزارعين دون أن يعلم أحد، انه إذا حل الظلام ونام الناس فتحوا أسوار البلاد وخرجوا خارج سور المدينة، يشقون الطرق ويسحبون قنوات الماء من داخل المدينة إلى خارجها ويزرعون ما طاب من الثمار والأشجار، والزرع والأزهار .. وذلك حتى انتهت مدة حكمة.. جاءت له اللجنة بعد مرور خمس سنوات، وقالوا له: ستكون آخر أيام حكمك غداً، وسوف تطرد من المدينة .
تبسم الرئيس، وتعجبوا عندما رأوه يضحك ويبتسم ، فلم يبد عليه أي اضطراب وأي خوف وجزع، بل قابل الأمر برحابة صدر وابتسامة عريضة.. تعجبوا لأن ذلك لم يكن يحدث لهم من قبل عندما يبلغون رئيسهم بمغادرة المدينة.. كان يبكي ويضطرب لأنة يعلم انه سيموت.. في اليوم المحدد والساعة المحددة لطرد الرئيس وقف الجيش والناس يرون هذه المناسبة العجيبة، فتحوا أسوار البلد! وإذا بالجنان والأنهار خارج البلد والزرع والشجر قد ملأ الصحراء ، حتى أصبح خارج البلد أجمل من داخلها ، تعجب الجميع ودهش الناس ما الذي حدث ما الذي جرى ..أخبرهم الشاب بما جرى، وانه ما قام بذلك إلا من أجل أبناء هذه المملكته ،ليسعد هو وأبناء مملكته ، فقالوا: ما دمت على هذا القدر من الذكاء والعقل والحكمة فإننا نختارك رئيساً لنا للأبد، فوافق الجميع واتخذوه رئيساً لهم.
وأما هاذين الملكين وقصتهما لا بد لنا من التعريج بالذكر على حال رؤسائنا ، صحيح أن هاتين القصتين من نسج الخيال إلا أنها تحاكي الواقع بل إنهما الواقع بعينه الذي نعيشه ، وأستطيع أقول أنهما الواقع الذي نعيشه بكل تفاصيله، ودقائق أموره .
قصة الملكين فيهما دلالتان واضحتان أحدهما تقول أنه ما من شيء أكثر إشباعاً وروعة في الحياة من تحرير قدراتنا الإيمانية وطاقاتنا الروحية غير المحدودة التي أودعها الله فينا لنعيش حياة هادفة،ظلالها المسئولية ، وشعارها الإرادة ، وسياجها تفجير طاقات الناس
.وبالمقابل ليس هناك أكثر شناعة من أن يعيش الواحد منا فقط لنفسه ورغباته ،
أما اليوم وما أدراكم اليوم فحدث ولا حرج ، فقط زعيم واحد عاش على رأس حكمه "33" سنة و كما تنقل كيثر من الصحف فثروته أكثر من 131 دولار ، بل إنه أكثر الحكام العرب ثراء، وثروته التي تقدر ب "131 " مليار دولار، هي أكثر من ميزانية ليبيا 6 مرات، إنه القذافي الذي كنا نظن أنه يعيش على اللبن والخيمة المتواضعة ليتضح لنا أن الخيمة البسيطة التي كان القذافي يحرص على أن ينصبها في كل مكان كانت تخفي ورائها ثروة ملكها الزعيم السابق لليبيا تصل إلى خمسة وثمانين مليار يورو، جعلت منه أحد كبار أغنياء العالم. جمعها من عائدات النفط واستثمارات عائلية في جميع أنحاء العالم.
بدوي بسيط يستقبل ضيوفه في خيمة، وكأنه يريد أن يري العالم فخره بأصوله. لكن وراء هذه البساطة يملك القذافي ثروة طائلة تصل إلى خمسة وثمانين مليار يورو أمر يجعل منه واحدا من أغنى الشخصيات في العالم.
ثروة جمعها القذافي من عائدات النفط الليبي. كتلك السيارة الكهربائية التي يبلغ ثمنها مائتي ألفِ يورو أو تلك الطائرة الخاصة أو ذلك المنزل من آخر طراز لأحد أبنائه.
استثمارات عائلته في حينه كانت قد طالت شركات مختلفة في جميع أنحاء العالم، الستون،أودي أف، توتال. حتى شركة فيات لصناعة السيارات
ولأنه حكم شعبه بلا أدنى مسئولية فقد كانت طريقة حكم القذافي وخصوصية نظامه جعلت من الصعب التفريق بين ثروته وأموال الدولة. في فرنسا تقدر الأموال الليبية بحوالي الثمانية مليارات يورو. وأحسن مثال عليها متجر كان يؤجره بسبعمائة ألف يورو في الشهر للماركة الفرنسية فناك. عائدات جمدت في الوقت الراهن لتمنح لاحقا للسلطة الجديدة في ليبيا أصبحت دولة ليبيا الجديدة تقرض مصر من ضخامة هذه الاموال .
هذا مثال بسيط يمكن لنا ان نقرنه مع الملك الاول ، أما الملك الثاني فلا يسعني أن اتذكر كشبيه له إلا قصة الرئيس البرازيلي السابق، لولا دا سيلفا، الذي انتهت ولايته قبل أعوام ، فخلال آخر خطاب له كرئيس للبلاد، أجهش لويس أناسيو لولا دا سيلفا، وهو اسمه الكامل، بالبكاء كثيرا، لم يكن سبب أحدها بالتأكيد مغادرته لمنصب الرئاسة.
دا سيلفا الذي يلقب ب "ابن البرازيل" بكى أمام حشد بمسقط رأسه في ولاية بيرنامبوكو التي ولد فيها فقيرا قبل 65 عاما. وذرف هذا الرئيس الفقير الدموع أولا حينما استحضر ذكريات نشأته وهو طفل فقير في إحدى المدن الريفية القريبة من مدينة جارانهونس بشمال البرازيل إلى أن وصل إلى رئاسة ثامن أكبر قوة اقتصادية في العالم.
ثم بكى دا سيلفا ثانية عندما عبر شاعر من سكان المنطقة عن عرفانه بجميل "الرئيس الذي حظي بأكبر قدر من محبة شعبه"، و بكى دا سيلفا حينما استحضر ذكرى فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2002 بعد 3 هزائم متتالية في 1989 و1994 و1998 قائلا: "خسرت لأن جزءا من الفقراء لم يكن لديهم ثقة فيَّ حينذاك".
وعلى أية حال فإن بكاء دا سيلفا ليس جديدا، حيث أنه بكى قبل ذلك خلال مقابلة تلفزيونية عندما تذكر قرضا منحته الحكومة لإحدى شركات إعادة تدوير المخلفات. وهذا الرئيس، الذي بلغت شعبيته 80 %، قام بتسليم قرض ائتماني خلال ولايته الأولى بقيمة 112.1 مليون دولار منحها البنك الوطني للتنمية الاقتصادية لأكبر جمعية تعاونية تضم جامعي القمامة وتدويرها في ساو باولو. وجامعو القمامة هم بالطبع رفاق دا سيلفا السابقين قبل أن يصبح رئيسا للبرازيل.
دا سيلفا الرئيس، أتى من العمل كماسح للأحذية في ضواحي ساوباولو، وكصبي بمحطة بنزين، وخراطا، وميكانيكي سيارات، وبائع خضر. ولولا وهي كلمة برتغالية تعني الكالمار أو سمك الحبار منحدر من أسرة فقيرة، وهو من أبرز الزعماء السياسيين الذين خرجوا من رحم الفقر والتهميش إلى قمة هرم السلطة، فقد وُلد في 27 أكتوبر 1945، بمدينة جارانهونس الفقيرة، حيث عاش الهنود الحمر آلاف السنين، قبل أن يأتي البرتغاليون، ليختلطوا ويتزاوجوا معهم، منتجين ما يسمى ب "الميستيزو" أي "الخليط الأسمر". وكان دا سيلفا الطفل السابع لعائلته المكونة من 8 أطفال تركهم والدهم العنيف لأمهم الأمية، فاضطرت العائلة للسكن في غرفة واحدة خلف ناد ليلي، تنبعث منه الموسيقى الصاخبة وشتائم السكارى، غير أن الأم أريستيديس، التي بكى عليها دا سيلفا حين وفاتها، كانت تتمتع بعزم كبير وأسهمت في تربية وتكوين شخصية دا سيلفا، الذي قال عنها: "لقد علمتني كيف أمشي مرفوع الرأس، وكيف أحترم نفسي حتى يحترمني الآخرون". وقد اضطر دا سيلفا للتوقف عن تحصيله الدراسي في الصف الخامس الابتدائي بسبب المعاناة والفقر. وفي سن ال 19، خسر لولا الأصبع الصغير في يده اليسرى أثناء العمل في مصنع لقطع غيار السيارات، وهو ما دفعه للمشاركة في اتحاد نقابات العمال ليدافع عن حقوقه وحقوق زملائه.
وهذا الرئيس الفقير وغير المتعلم، واليتيم بالمعنى المجازي، استطاع خلال 8 سنوات من الحكم، وضع بصمته على اقتصاد البرازيل التي ستصبح في عام 2016 أي قبل الألعاب الأولمبية التي ستقام فيها ولربما قبل، ذلك خامس اقتصاد في العالم.
نادرا جدا ما يبكي الرؤساء، وقلما يكون بكاؤهم صادقاً كبكاء البرازيلي الفقير دا سيلفا الذي لا يحمل أي شهادة سوى شهادة الوفاء والحب لشعبه، مقرونة بشهادة الإصرار على خدمته ورقيه وتحسين أحواله، وأيضا بشهادة الزهد في السلطة والمنصب، وشهادة حب الرفاق القدامى من الفقراء
واخيرا بكى سيلفا لان مدته الرئاسيه انتهت والشعب لا يريد ان يستقيل ويطالبه بتعديلات ليستمر الا انه رفض ،
ولا أنسى بين هاذين الصنفين صنف ثالث بينهما لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء أضاع دينه ودنياه ، ونكب أمته وذوي قرباه ومن هؤلاء – كما نقل التاريخ لنا - المعتمد بن عباد الذي بنى مملكته لنفسه ، وأقام الحكم فيها على غير المسئولية ، ويكفيك من هذا أن تعرف أن إحدى بناته قامت بعمل عرس لدمية كانت تملكها بآلاف الدنانير لكن عدى عليه الدهر فسلب منه ملكا لم يحافظ عليه وانتهى به الحال في سجن أغماد ، وشوهدت بناته وهن يتكففن الناس في الاسواق ، يغزلن الثياب في مشهد يعيد للأذهان صور العيش الفوضوي والعبثي فكان مصيره ذلك ، وكثير من الناس ممن شغروا مناصب عليا في دولهم يعيشو بذات العقلية الفوضوية والعبثية فمتى تتخلص أمتنا منهم ومن عشوائيتهم وفوضويتهم وعبثيتهم التي نكبت به أمتنا ، وتاخرت بشببها دلنا حتى اصبحنا في ذيول القوافل
إن بين "الصنف الاول " و"الصنف الثاني " و" الصنف الذي بينهما " مسافات من المسئولية وضياعها ، والإرادات وخنوعها ، والتوجه الصادق من عدمه
أختم لأقول كما قال الشاعر
أمتي هل لك بين الأمم *** منبر للسيف أو للقلم
أتلقاك وطرفي مطرق *** خجلاً من أمسك المنصرم
أين دنياك التي أوحت إلى *** وترى كل يتيم النغم ؟
كم تخطيت على أصدائه *** ملعب العز ومغنى الشمم
وتهاديت كأني ساحب *** مئزري فوق جباه الأنجم
أمتي كم غصة دامية *** خنقت نجوى علاك في فمي
ألإسرائيل تعلو راية *** في حمى المهد وظل الحرم ؟
كيف أغضيت على الذل ولم *** ولم تنفضي عنك غبار التهم ؟
أو ما كنت إذا البغي اعتدى *** موجة من لهب أو دم ؟
اسمعي نوح الحزانى واطربي *** وانظري دم اليتامى وابسمي
ودعي القادة في أهوائها *** تتفانى في خسيس المغنم
رب وامعتصماه انطلقت *** ملء أفواه الصبايا اليتّم
لامست أسماعهم لكنها *** لم تلامس نخوة المعتصم
أمتي كم صنم مجدته *** لم يكن يحمل طهر الصنم
لا يلام الذئب في عدوانه *** إن يك الراعي عدو الغنم
فاحبسي الشكوى فلولاك لما *** كان في الحكم عبيد الدرهم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.