لم يشاهد عدد كبير من الناس الموسم الأول من برنامج Ukraineصs Got Talent الذي عرض على شاشات التلفزيون في الربيع الماضي. لكن الأداء الذي نال المرتبة الأولى في المسابقة، وهو عبارة عن رسم حي على الرمل قامت به كسينيا سيمونوفا، قد جذب منذ ذلك الحين أكثر من 7 ملايين مشاهد على موقع YouTube ونال إعجابا واسعا بفضل تصويره الباهر لصراع الاتحاد السوفييتي مع ألمانيا النازية. وسيمونوفا، التي كانت تتلاعب بشكل أنيق بحفن من الرمل فوق علبة منارة، خلقت صورا متغيرة عرضتها على شاشة كبيرة. ومن بينها صورة قرية ريفية تتحول شيئا فشيئا إلى منطقة حرب وصورة امرأة تشيخ وهي تنتظر فيتحول وجهها المثير للشفقة إلى النصب الأوكراني للجندي المجهول. بفضل أداء سيمونوفا، يتزايد عدد المعجبين بفن الرسم الحي على الرمل، المعروف أيضا بالرسم المتحرك الحي على الرمل، الذي بدأ صيته يذيع من المكسيك إلى الصين. فقد قدمت عروض من هذا الفن، الذي هو مزيج من الفن الأدائي والفن المرئي وفن الحكاية، في عرض Cirque du Soleil المشهور وفي مخيمات الشباب المسيحي وفي النوادي الليلية في روسيا وفي حفلات الشركات. وهذه العروض الحية تسحر الجمهور ليس لأن المؤثرات البصرية تلفت الانتباه فحسب بل لأنها تروي أيضا قصة غالبا ما تكون قصة حب أو حرب أو إيمان. فالفنانون، الذين يطلبون عشرات الآلاف من الدولارات لتقديم عرض واحد، يسلسلون الصور التي تؤلف قصتهم تماما كما يسلسلها المخرجون في أفلامهم، بحيث تنساب الصور الواحدة تلو الأخرى انسيابا سلسا. ويأتي وقعها أشبه بوقع الألعاب النارية التي تطلق في الأعياد الوطنية أو بوقع الحفلات الموسيقية التي من شأنها أن تثير مشاعر الجمهور وتذهله. لا يزال فنانو الرسم على الرمل المشهورون قلائل لكن الفنان الأميركي المكسيكي جو كاستيلو، الذي أدى أيضا رسما حيا على الرمل في برنامحAmericas Got Talent ، يتوقع أن يتغير هذا الوضع قريبا. يقول: "إن فن الرسم على الرمل جديد وفريد من نوعه الآن لكن الفنانين كثيرون في العالم، وعندما سيشترون طاولة مُنارة... سينتشر فنانو الرسم على الرمل في شتى أنحاء العالم بغضون بضع سنوات". ظهرت أفلام الرسم المتحرك على الرمل للمرة الأولى في نهاية ستينات القرن الماضي، لكن مخرجة الأفلام والرسوم المتحركة الكندية كارولين ليف، وهي من رواد هذا الفن وأنجزت فيلمها الأول عندما كانت ترتاد جامعة هارفارد، تشك في أن تكون الصيغة الحية من الرسم على الرمل القائمة على مبدأ العرض منبثقة من عملها. تقول: "كنت أعمل دائما وحدي في غرفة مظلمة وأقوم بتعديلات دقيقة جدا. أما الفنانون الحاليون فيبدو أنهم يتجاوبون مع طواعية المادة". ومع أن الرمل مطاوع، فلا يمكن التحكم به بسهولة, فبعدما يصبه الفنان أو يضغطه بين أصابعه أو ينفضه، لا عودة إلى الوراء. لذا على الفنانين أن يتخلوا عن فكرة ابتكار عمل مثالي. تقول الفنانة الإسرائيلية إيلانا ياهاف التي قدمت عرضا في الكرملين رافقتها خلاله أربع فرق موسيقية حية: "على الفنان أن يحرك يديه مع الموسيقى فلا يمكنه أن يتوقف حتى ثانية واحدة". وهكذا، يختلف كل عرض عن الآخر وغالبا ما يخلق حادث ما "أثرا رائعا"، على حد قول الفنان الفرنسي ديفيد ميريام. علاوة على ذلك، يبتكر أهم فناني الرسم الحي على الرمل، مثل كاستيو وياهاف والفنان المجري فيريك كاكو، إعلانات تلفزيونية لزبائن مثل "كويست" و"أنيمل بلانيت" و"مرسيدس بينز". غير أنهم يقولون إن لا شيء يضاهي العمل أمام جمهور حي. فبعد أن قدم كاستيلو عرضا في شهر سبتمبر خلال حفل افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية التي تقع بالقرب من جدة، جاء الناس إليه باكين. وحتى أعضاء لجنة التحكيم التي قيمت عرض سيمونوفا بكوا أيضا. نظرا إلى ردود الفعل القوية هذه، ليس من المفاجئ أن تعمد الشركات والدول أكثر فأكثر إلى دعوة هؤلاء الفنانين للمشاركة في احتفالاتها الضخمة. فكما تقول كارولين ليف التي تأسف لأنها لم تشاهد عرض الرسم الحي على الرمل إلا على موقع YouTube: "إن مشاهدة الفنانين يعملون لأمر ساحر". ومن المرجح أن ترى في المستقبل القريب فنانين يقومون بالرسم الحي على الرمل في كل