ظاهرة عمالة الأطفال ظاهرة اجتاحت المجتمع اليمني منذ حوالي عشر سنوات تقريباً , وأصبح آلاف من الأطفال يجدون أنفسهم بين عشية وضحاها مرغمين بالرحيل نحو اقرب فرزة أما بائعين أو منظفين أو متسولين مالم ينجو من الاغتصاب أو التهريب صوب المجهول أو تتلقفهم القاعدة ليجدون أنفسهم في أتون عمليات التفجير أو يعيشون حياة الخوف في الكهوف والجبال الشاهقة. تحقيق: عارف علي
خلال افتتاحية ورشة العمل الخاصة بالإعلاميين في أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة أكد الأستاذ حسن اللوزي – وزير الإعلام - خطورة الآثار المترتبة على ممارسة العنف ضد الأطفال باعتبارها سلوكيات وأفعالاً تتنافى مع روح الإسلام وعقيدته السوية, مشدداً على أهمية قيام الإعلام بدور أساسي وجوهري في الوصول بالرسالة الإعلامية إلى كل خلية اجتماعية لإظهار المخاطر المترتبة على العنف ضد الطفولة وتعزيز وعي المجتمع بحقوق الأطفال والقيم النبيلة التي تحدد العلاقة السوية بين الأسرة وكافة أفرادها.. داعياً إلى إنزال ميثاق الشرف إلى كل الوسائل الإعلامية للاستفادة من الأهداف والقيم التي يرتكز عليها مع ضرورة تعزيز التعاون مع الشبكات والتي أخذت على عاتقها الدفاع عن قضايا الطفولة وما تتعرض لها من انتهاكات خطيرة تهدد مستقبلها. من جانبها أشارت الدكتورة أمة الرزاق علي حمد – وزيرة الشئون الاجتماعية والعمل - نائب رئيس المجلس الأعلى للأمومة والطفولة إلى الدور الحيوي الذي تلعبه وزارة الإعلام بمختلف مؤسساتها في مساندة الكثير من القضايا الاجتماعية ومنها حماية الطفولة من العنف غير المبرر تجاه هذه الشريحة الاجتماعية التي تمثل المستقبل الطبيعي لأي مجتمع.
اعمارهم اقل من 18 عاماً
كما كشفت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل النقاب عن وجود 57 مهنة محظورة يمارسها الأطفال العاملين في اليمن ممن تقل أعمارهم عن 18 سنة . وأعتبر وكيل الوزارة عبده محمد الحكيمي ان الفقر المسبب الرئيسي الذي يدفع الكثير من الأسر اليمنية للزج بأطفالها للعمل المبكر، مما يؤدي إلى حرمانهم من التعليم فضلا عن عملهم في مهن خطرة على حياتهم . بدوره قال منسق منظمة العمل الدولية في اليمن الدكتور ريدان السقاف : " أن المنظمة بدأت منذ العام 2000م العمل في مجال مكافحة عمل الأطفال في اليمن لمساعدة الأطراف المعنية بتحسين وضع الطفولة".
مهن محظورة
وأشار السقاف إلى أن 52 % من سكان اليمن هم من الأطفال... مشددا في الوقت نفسه على ضرورة إبعاد الأطفال عن الأعمال المحظورة وإلزام أصحاب العمل بتنفيذ اللائحة التي صدرت عن وزارة الشئون الاجتماعية والعمل المحددة لتلك الأعمال, وتشير مديرة وحدة مكافحة عمالة الأطفال الى أن معظم عمالة الأطفال تتجه إلى أعمال شاقة وخطرة أبرزها العمل في الزراعة مع المبيدات، وحسب دراسة ميدانية حديثة فإن أكثر من «83٪» من الأطفال العاملين في مجال الزراعة يتعرضون لكثير من الأمراض الخطرة، إذ تبين أن «45٪» منهم مصابون بالتهابات جلدية و«30٪» باحمرار في العيون وعند الجفون مع التهاب صديدي خفيف، و«20٪» مصابون بأمراض معوية، و «5٪» تنتشر بينهم نوبات الصرع جراء قيامهم برش المبيدات ما يؤثر على أجهزتهم العصبية, وتؤكد الدراسة أن «70٪» من الأطفال العاملين في الزراعة يقومون برش المبيدات ما يعرضهم لمخاطر السموم، فيما «90٪» من الأطفال يتعاطون القات الملوث بالمبيدات. ويمارس أطفال اليمن أعمالا خطرة أخرى منها العمل في مجال الاصطياد السمكي كمرافقين وفي ورش النجارة حيث يتعرضون للمواد المتطايرة المسببة للإدمان، والعمل في اللوكاندات حيث يتعرضون لتحرشات جنسية واغتصابات، والعمل في المطاعم الذي يعرضهم للحريق، والعمل في صناعة الاسمنت والجبس ومناشير الحجارة والألمنيوم والزجاج، وأعمال ورش إصلاح السيارات، ومصانع المشروبات الغازية، وصنع الإسفلت، والعمل في الحمامات العامة. انخفاض الوعي الثقافي وبحسب الدراسة التي أعدتها وحدة مكافحة عمالة الأطفال بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل -- فإن عدد الأطفال العاملين الذين ينتمون إلى الفئة العمرية (6-14 سنة) وصل إلى أكثر من 423 ألف طفل عامل منهم 6.48٪ ذكوراً و 4.51% إناثاً. مشيرة إلى أن أكثر من 6.83% من إجمالي قوة العمل في أوساط الأطفال العاملين وأرجعت الدراسة أسباب ارتفاع عدد الأطفال العاملين في اليمن إلى جملة من العوامل أبرزها العوامل الاقتصادية وتفشي الفقر والبطالة مما يؤدي إلى انخراط هؤلاء الأطفال في سوق العمل لكسب المال وزيادة دخل الأسرة، والعوامل الاجتماعية تتمثل في انخفاض الوعي الثقافي للأسرة وعدم إدراكها الأضرار الناجمة عن عمالة الأطفال جسدياً ونفسيا وعلمياً ، إضافة إلى الأسباب التعليمية وقلة المدارس.
تحرشات جنسية وحول دوافع الأطفال للعمل أظهرت نتائج دراسة ميدانية أجراها اتحاد عمال اليمن ،أن أكثر من 76% من الأطفال العاملين يعملون من أجل تغطية مصروفات الأسرة و8% من أجل تغطية تكاليف الدراسة، وتوزعت النسب الأخرى بين سوء المعاملة والخلافات الأسرية وتحقيق الذات والجهل بأهمية التعليم.وقال برلمان الطفل إن عمالة الأطفال مشكلة تحتاج إلى معالجة عاجلة. وأوصى الأعضاء الحكومة بإصدار قوانين تنص على معاقبة الأسر التي تدفع بأطفالها إلى العمل، وتأسيس مراكز في جميع أنحاء البلاد لإعادة تأهيل الأطفال العاملين، وتحديث كل القوانين الخاصة بعمالة الأطفال. واثبتت الدراسة أن من اكبر المخاطر التي تواجه الأطفال العاملين لا تكمن في طبيعة المهام التي يؤدونها ولكن في البيئة المحيطة بهم حيث انهم مجردون من الحماية الأسرية مما يجعلهم أكثر عرضة للإهمال والتحرشات الجنسية. مهن لا تتناسب معهم
وقالت الدراسة : هؤلاء الأطفال يصبحون معرضين للعديد من أشكال الإيذاء الجسدي بما في ذلك الإيذاء من جانب البالغين أو عصابات أطفال اكبر منهم سنا أو مدمني الكحول والمخدرات الذين يقطنون تلك الشوارع, وأشار تقرير رسمي صدر مؤخرا إلى أن متوسط معدل نمو عمالة الأطفال في اليمن يصل إلى 3 % سنوياً من إجمالي عدد الأطفال العاملين ما دون سن ال 12 عاماً وإن الإناث يمثلن نسبة 51 % من إجمالي الأطفال العاملين المقدر تعدادهم ب 3.2 ملايين طفل وطفلة, و قدرت وزارة الشئون الاجتماعية في إحدى تقاريرها عن الطفولة ، أن 400 ألف طفل يمني يعملون في مهن لا تتناسب مع أعمارهم وأن مليوني طفل لا يدرسون.
عمل الاطفال بقطاعات ريفية وتوضح احصاءات أنّ أكثر من 15 ألف طفل يمني تحت سن الثانية عشر يعانون من ظروفا معيشية صعبة دفعتهم إلى ترك مقاعد الدراسة والتوجه إلى الشوارع بحثا عن لقمة العيش، في أجواء مأساوية قد تودي بحياتهم في بعض الأحيان.وتُشير بعض التقديرات إلى وجود نحو 700 إلى 750 ألف طفل وطفلة يعملون في قطاعات مختلفة ويتمركز عملهم في الريف وبخاصة في الزراعة والصيد، أما في المدن فإنهم يتوزّعون على الورش والمتاجر… والبيع عند إشارات المرور.ووفقاً لمعلومات «إيبك»، يعمل نحو 95 % من الأطفال في الريف والباقون في الحضر،في حين تقدر نسبة الأطفال العاملين والملتحقين بالتعليم، بنحو 39 % منهم 24 % من الإناث.وأكد التقرير الذي أعدته لجنة حقوق الإنسان والحريات والمجتمع المدني بمجلس الشورى إلى أن عمل الأطفال يتركز بصورة مكثفة في المجال الزراعي بنسبة 92 %، فيما يعمل 4.8% في مجال الخدمات و2.5 % منهم يشكلون عمالة غير محترفة.وفيما أوضح التقرير أن بعض الأطفال يعملون لمدة تصل إلى 17 ساعة في اليوم ويتقاضون أجوراً زهيدة. ومع اتساع دائرة الفقر تبدو جهود مكافحة عمالة الأطفال عبثية وغير مجدية، ورغم جهود التوعية المحدودة بخطورة الظاهرة وتوجه حكومي ودولي للحد منها، فإن أعداد الأطفال العاملين في ارتفاع، والظاهرة تتصاعد يوميا، لأسباب عدة، و جهود الحكومة موسمية وغير كافية وتعمل الجهات الحكومية المختصة بعمالة الأطفال بإمكانات بسيطة، فيما تشكو عدم تعاون بقية الجهات وتفهمها لطبيعة عملها، ويبدو ان الوعي المجتمعي بخطورة الظاهرة ينعدم تماما، وتلعب الثقافة التقليدية دوراً مهماً في ذلك.