هكذا يستقبل ابطال القوات المسلحة الجنوبية اعيادهم    يوم عرفة:    ياسين و الاشتراكي الحبل السري للاحتلال اليمني للجنوب    وصلت لأسعار خيالية..ارتفاع غير مسبوق في أسعار الأضاحي يثير قلق المواطنين في تعز    عزوف كبير عن شراء الأضاحي في صنعاء بسبب الأزمة الاقتصادية    استعدادا لحرب مع تايوان.. الصين تراقب حرب أوكرانيا    إسبانيا تُسحق كرواتيا بثلاثية في افتتاح يورو 2024، وإيطاليا تُعاني لتعود بالفوز أمام ألبانيا    يورو2024 : ايطاليا تتخطى البانيا بصعوبة    لامين يامال: جاهز لأي دور يطلبه منّي المدرب    سجن واعتقال ومحاكمة الصحفي يعد انتكاسة كبيرة لحرية الصحافة والتعبير    عاجل: إعلان عسكري أمريكي يكشف تفاصيل جديدة عن السفينة التي احترقت بهجوم حوثي.. ما علاقة فرقاطة إيرانية؟    مدير أمن عدن يُصدر قرارا جديدا    جريمة مروعة تهز صنعاء.. مسلحون حوثيون ينكلون بقيادي بارز منهم ويقتلونه أمام زوجته!    جماعة الحوثي تقدم "عرض" لكل من "روسيا والصين" بعد مزاعم القبض على شبكة تجسس أمريكية    صحافي يناشد بإطلاق سراح شاب عدني بعد سجن ظالم لتسع سنوات    خطيب عرفة الشيخ ماهر المعيقلي يدعو للتضامن مع فلسطين في يوم عرفة    تعز تستعيد شريانها الحيوي: طريق الحوبان بلا زحمة بعد افتتاحه رسمياً بعد إغلاقه لأكثر من عقد!    ثلاثية سويسرية تُطيح بالمجر في يورو 2024.    - ناقد يمني ينتقد ما يكتبه اليوتوبي جوحطاب عن اليمن ويسرد العيوب منها الهوس    الإصلاح يهنئ بذكرى عيد الأضحى ويحث أعضاءه على مواصلة دورهم الوطني    بينهم نساء وأطفال.. وفاة وإصابة 13 مسافرا إثر حريق "باص" في سمارة إب    كبش العيد والغلاء وجحيم الانقلاب ينغصون حياة اليمنيين في عيد الأضحى    - 9مسالخ لذبح الاضاحي خوفا من الغش فلماذا لايجبر الجزارين للذبح فيها بعد 14عاماتوقف    السعودية تستضيف ذوي الشهداء والمصابين من القوات المسلحة اليمنية لأداء فريضة الحج    بينها نسخة من القرآن الكريم من عهد عثمان بن عفان كانت في صنعاء.. بيع آثار يمنية في الخارج    سلطة تعز: طريق عصيفرة-الستين مفتوحة من جانبنا وندعو المليشيا لفتحها    خوفا من تكرار فشل غزة... الحرب على حزب الله.. لماذا على إسرائيل «التفكير مرتين»؟    مأساة ''أم معتز'' في نقطة الحوبان بتعز    انقطاع الكهرباء عن مخيمات الحجاج اليمنيين في المشاعر المقدسة.. وشكوى عاجلة للديوان الملكي السعودي    وضع كارثي مع حلول العيد    أكثر من مليوني حاج على صعيد عرفات لأداء الركن الأعظم    ألمانيا تُعلن عن نواياها مبكراً بفوز ساحق على اسكتلندا 5-1    لماذا سكتت الشرعية في عدن عن بقاء كل المؤسسات الإيرادية في صنعاء لمصلحة الحوثي    أربعة أسباب رئيسية لإنهيار الريال اليمني    دعاء النبي يوم عرفة..تعرف عليه    حتمية إنهيار أي وحدة لم تقم على العدل عاجلا أم آجلا هارون    شبوة تستقبل شحنة طبية صينية لدعم القطاع الصحي في المحافظة    هل تُساهم الأمم المتحدة في تقسيم اليمن من خلال موقفها المتخاذل تجاه الحوثيين؟    يورو 2024: المانيا تضرب أسكتلندا بخماسية    صورة نادرة: أديب عربي كبير في خنادق اليمن!    اتفاق وانجاز تاريخي: الوية العمالقة تصدر قرارا هاما (وثيقة)    المنتخب الوطني للناشئين في مجموعة سهلة بنهائيات كأس آسيا 2025م    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    مستحقات أعضاء لجنة التشاور والمصالحة تصل إلى 200 مليون ريال شهريا    وزير الأوقاف يطلع رئاسة الجمهورية على كافة وسائل الرعاية للحجاج اليمنيين    نقابة الصحفيين الجنوبيين تدين إعتقال جريح الحرب المصور الصحفي صالح العبيدي    اختطاف الاعلامي صالح العبيدي وتعرضه للضرب المبرح بالعاصمة عدن    منتخب الناشئين في المجموعة التاسعة بجانب فيتنام وقرغيزستان وميانمار    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    هل صيام يوم عرفة فرض؟ ومتى يكون مكروهًا؟    إصلاح صعدة يعزي رئيس تنفيذي الإصلاح بمحافظة عمران بوفاة والده    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



'الإرهاب' على طاولة النقاش الجاد ( الحلقة 2 والاخيرة )
نشر في لحج نيوز يوم 03 - 11 - 2010


/كتب: عبدالله الصنعاني - السياسية - -
... الإرهاب ظاهرة تستلزم تضافر جهود كل أبناء الوطن من أجل التصدِّي لعناصرها المتطرفة التي انحرفت عن تعاليم الدِّين الحنيف والإجماع الوطني وظلت تمارس القتل لمجرد القتل وأضرت بمصالح الوطن والأمّة وأساءت إلى صورة الإسلام والمسلمين، وهي مسؤولية الجميع وبصورة مستمرة وبكل الوسائل المُتاحة من الإرشاد والتوجيه والتنوير والإصلاح وصولاً إلى تجفيف منابعهم الفكرية والمالية وتفكيك شبكاتهم الإرهابية ومُلاحقة عناصرهم في كل مناطق تواجدهم باعتبارها مهمّة كل اليمنيين وكل الوطنيين وليس فقط مهمّة رجال الأمن والقوات المسلّحة".
بتلك الكلمات، دعا فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في خطابه الذي وجّهه إلى أبناء الشعب اليمني في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر 2010 الماضي، إلى الاصطفاف الوطني لتجفيف منابع الإرهاب.
وهنا تُثار عدّة تساؤلات: ما هي الاستراتيجية التي يمكن تبنّيها لترجمة التوجيهات ب"اجتثاث منابع الإرهاب" ذلك إلى شيء ملموس؟ من هي الجهة المعنية باجتثاثه؟ وهل الحوار الوسيلة "الأنجع" للقضاء على الإرهاب؟ وهل -بالفعل- البطالة والفقر المسببان الرئيسيان ل"الإرهاب"؟
"السياسية" تناولت في الحلقة الماضية مفهوم الإرهاب، ومن أين تبدأ عملية اجتثاثه.. ودور القبيلة في توفير الحماية للإرهاب، ودور الخطاب الدّيني في صناعة "الحزام الناسف"، والتعليم باعتباره الاستراتيجية الآمنة المجففة لمنابع التطرّف.
في الحلقة الثانية والأخيرة، سنتناول دور الحكومة والمعارضة تجفيف منابع التطرّف، والبُعد النفسي الذي يقف خلف التطرّف، ورؤية "خاصة" لمُعالجة التطرّف وتجفيف الإرهاب.
تقصير حكومي.. ومعارضة بلا وعي
لعلّ البون الشاسع بين أداء الحكومة وأداء المعارضة وربُما معاداة كل طرف للآخر، وحرص البعض في الطرفين على إظهار عيوب الآخر، يخلق "بيئة" مناسبة تستغلها عناصر التطرّف لتصطاد في "الماء العكر".
وفي هذا الصدد، يقول أستاذ أصول الفقه بكلية الشريعة الدكتور المهدي الحرازي إن ثمة تقصيرات حكومية ساعدت في ظهور الإرهاب منها: "غياب المرجعية المنظّمة من الدولة، والمقصود بها أن تكون ثمة مرجعة للتحاكم بين الدولة والشعب في أي موضوع، وتكون هذه المرجعية من العلماء الربانيين الذين يقومون بدورهم الحقيقي وينصحون الحاكم والمحكوم، فضلا عن عدم التعاطي اللائق مع بعض القضايا بسبب ضعف بعض المسؤولين والموظفين، فهم يتعاطون مع كثير من الأمور بشكل سيئ وغير علمي وغير عملي، فيترتب على ذلك وجود مظالم يستغلها هؤلاء الناس في إثارة المجتمع ضد الدولة؛ بأنها دولة فاسدة وظالمة، وبالتالي فإن المسؤولية هنا تقع على كاهل المتولين في الدولة بأن يقوموا بالتعاطي اللائق مع الناس ودفع المظالم عنهم، ولذلك وردت نصيحة على لسان الحُكماء تقول: "ولِّي على الناس من يرزع في قلوبهم حبك تأمن حقدهم".
معارضة بلا وعي
ويردف الدكتور الحرازي قائلا: "من الأسباب التي تؤدي إلى الإرهاب ما تقوم به بعض المعارضة من الإسراف في إظهار معايب الدولة، فهم -وإن كانوا كما يقولون لا يدعون إلى الإرهاب- يقدمون مادة خصبة وثرية للإرهابيين. كما أن كثيرا من المعارضات تغذِّي أفكاراً كالاعتقاد بعمالة الحُكام وخروجهم عن الدين، فتجد من السياسيين من يتكلّم ليكون أول ما يطلقه على الحاكم هو العمالة والخروج عن قوانين الدولة، وغيرها من الأمور الخطيرة. وهو هنا -وإن كان لا يشهر السلاح- يقدم مادة خصبة لأولئك الذين يدعون إلى محاربة الحكام وتكفيرهم، ويكون قد أسهم في ذلك الإرهاب. ساعد في ذلك عدم الوعي بالفكر السياسي الإسلامي، فهؤلاء لم يعرفوا أن ولي الأمر تجب طاعته؛ لأن به تحمى الدّماء والأموال والأعراض، وأنه لا يجوز الخروج عليه ليس لسواد عيونه ولكن حفظا للأمّة وكرامتها وحفظا للحقوق، ولذا أمر الله بطاعة ولي الأمر بعد طاعته وطاعة رسوله، فهم يظنون أن مجرد أي خطأ مبرر على الخروج عليهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن قتالهم، وعن سبهم وشتمهم وأمر بنصيحتهم".
من جهته، يؤكد على هذا الموضوع وزير التربية والتعليم الأسبق عضو مجلس الشورى، الدكتور أحمد الأصبحي، حيث يقول: "المتحاورون والنخب الفكرية والسياسية عليها أن تحسم الأمور عاجلا وعدم التطويل، ويرمي كل بالاتهام على الآخر، وكأن الحوار هو الهدف بينما هو عامل يختزل الزمن لإرساء الأمن والسلام والاستقرار والمحبة وخلق ثقافة الأخوّة، عوضا عن ثقافة الكراهية التي تشكّل أحد الشقوق التي تنفذ منها الأعمال الإرهابية".
من جانبه، يقول الباحث السياسي الدكتور عادل الشجاع: "الأحزاب السياسية بما تعيشه من فراغ سياسي، وبما تدعو إليه من عنف لفظي من خلال الصحافة والندوات والخطابات، ساعدت في الوقت الراهن على وجود فراغ في الإطار السياسي، ممّا ساعد بعض الجماعات أن تنتهج العنف منهجا وسلوكا، وهذه الأحزاب لم تقف إلى جانب الأجهزة الأمنية وإلى جانب السلطة، لكي تحاول على الأقل أن توفّر الحماية الحقيقية من الجماعات الإرهابية أو المتطرفة".
... أهم عامل محرك للإرهاب
يرى الكاتب والباحث عصام القيسي أن عدّة عوامل تصنع الإرهاب وتتفاوت أهميتها، ويرى أن العامل النفسي هو العامل الأهم، وكذلك العامل الثقافي والعامل الفكري كل هذه العوامل خطيرة وتعمل في اتجاه واحد، يقول القيسي: "العامل النفسي أهم العوامل لأن العنف لا ينشأ إلا عندما يكون هناك استعدادات نفسية له، ومن ثم فهم يبحثون عن شرعية أو غطاء له، وكما يقول كارلوس: "إن ثمة استعدادا للإرهاب يوجد لدى عدد من الناس لأسباب في التربية الاجتماعية، هذا الاستعداد يجد ظروفا مواتية فيخرج للعلن".
يتحدث في هذا الصدد أستاذ علم النفس بكلية الآداب بجامعة صنعاء الدكتور صلاح الجماعي فيقول: "من الناحية النفسية، الشخص الذي يقوم بأعمال عدائية أو عنف أو إساءة قد يصل إلى مرحلة الانتحار في مقابل أن يحقق مكاسب، فنجد أنه ينفذها دون إدراك، ومن يقوم بالعمل الإرهابي كثيرا ما يكون لديه مطالب أو يعاني من غبن أو يشعر بظلم أو قد يكون سُلب حقا من حقوق الحياة، فليجأ إلى هذا الأسلوب، وواقع الحال يقول إن غالبية من يمارسون الإرهاب كسلوك وفعل مؤذٍ نجد أنهم من الفئات العُمرية الصغيرة أو المراهقين، فهذه الفئة قابلة للاستغواء والتغرير".
وأكد الدكتور الجماعي أهمية رعاية الشباب وامتصاص البطالة لأن من يعاني من عدم إشباع الحاجة هو لقمة سهلة وسائغة لمن يوجهه نحو الإرهاب، ولذلك على الدولة أن تلبِّي حاجات الناس، وإذا هي قامت بذلك فمن المؤكد أنه لن يكون بين الناس عميل أو خائن، ولن يكون هناك شخص يمكن أن يؤذي الآخرين، وهذه حقيقة فإذا ما أردنا إصلاح مجتمع علينا أولا أن نسلم بالإشباعات والاحتياجات وإعطاء الناس حقهم في الحياة وإيجاد نظام عادل ذي قوانين فعالة".
... رؤى استراتيجية لمعالجة الإرهاب
يُذكر الدكتور المهدي الحرازي عددا من المُعالجات فيقول: "تتطلب المعالجات في البداية معرفة مكامن الخطر فتدفع وتدرأ، ومعرفة مواقع الخلل فتُسد وتعالج، ومعرفة مواطن العلاج فتبذل وتعطى، ولذلك ينبغي إحياء دور العلماء الربانيين، بعد ذلك معرفة الشبهات قبل الكلام والجد في الرد عليها وقوة التأصيل. ويجب أن نركز هنا أيضا على الجانب العقلاني في الخطاب؛ لأن كثيرا من هؤلاء الناس لم يحكموا عقولهم وإنما أطلقوا عواطفهم فوقعوا فيما وقعوا فيه، بعد ذلك يجب التدارس مع الشباب المغرر بهم وتنبيههم إلى خطر الاستخدام لتحقيق غرض في بلد معيّن أو في مكان آخر، وبالتالي لا بُد من تنبيههم إلى خطر الاستخدام لعدم وجود قيادات واضحة أو علماء بارزين أو تأصيل شرعي أصيل؛ لأن الجنة لا تطلب بالقتل والنهب وإخافة الآمنين، ولا تطلب بالأخذ بالعاطفة والأخذ بظاهر آية دون الآيات الأخرى، وما يرافقها من تأصيل شرعي للخطاب القرآني في مجمله ومقصده".
ويؤكد: "نريد من الدولة أن تتنبه للأفكار الواردة إلى اليمن المدعومة بالمال والمحمية بالرجال المليئة بالأخطار والأهوال. فاليمن ينبغي أن يتنبه إلى ما يمكن أن يدخله من أموال لزرع بعض الأفكار، وهذا أمر خطير جدا؛ لأن من دفع ملك، كما ينبغي أن تسعى الدولة إلى إحياء روح مقاصد الشريعة الإسلامية ومعرفة الواقع وكيفية تنزيل".
وأضاف "وبعد المتابعة الدقيقة والحذر الشديد والرصد الأمين وإيصال كل ذلك إلى صاحب القرار يبقى الخيار العسكري هو الخيار المطروح، لكن ينبغي هنا أن تقع الدولة فيما يمكن أن يخالط هؤلاء من الآمنين والمدنيين العزل؛ لأن الدولة تمتلك من الإمكانيات والوسائل ما تستطيع أن تأخذهم دون أن يصاب أحد من المدنيين؛ لأن هؤلاء إذا لم يستجيبوا ولم يتعلموا ولم يعرفوا فقد أعطوا الدولة والشرع حقه في القضاء عليهم".
العلاج الأمني ... رأس الحربة في مكافحة الإرهاب
من جهته، يتحدث الباحث في الشؤون الاستراتيجية محمد سيف حيدر فيقول: "أعتقد بأن من الضرورة بمكان الفصل بين معالجتين: المعالجة الأمنية لظاهرة ك"الإرهاب"، وبين المعالجة التي تتعلق بأدوات ثقافية وتربوية وسياسية، هذه الأدوات تكون من باب حزمة واحدة، وهذا الفصل لا يجب أن يكون فصلا من ناحية المُعالجة ولكن فصل من ناحية التدابير المتخذة في زمن أو في مكان محدد؛ بمعنى أن المُعالجة الأمنية -في تقديري- تظل رأس الحربة في مكافحة الإرهاب في اليمن أو في أي مكان آخر؛ بمعنى استباق العمليات الإرهابية والحد من نشاط الجماعات الراديكالية أو المتطرّفة أو التي تحمل السلاح، وسد الثغرات الموجودة في المنظومة الأمنية بشكل يمنع هذه الجماعات من استغلالها أو الدّخول إليها من أجل أن تحدث خرقا في المنظومة الأمنية أو في السلم الاجتماعي في هذا البلد".
واستدرك حيدر قائلا: "لكن في نفس الوقت يظل للمعالجة التربوية والثقافية أهميتها ودورها الفعّال، وذلك من خلال محاصرة كل أنواع الخطاب التي تدفع وتدعو إلى التطرّف. فأي منبر أو قناة أو فكر أو خطاب يؤدي إلى تأجيج المشاعر الدِّينية بشكل مغلوط أو غير منضبط يجب علينا أن نتعاضد فيه جميعا كدولة ومجتمع ومنظمات مجتمع مدني لدرء مثل هذه المخاطر".
وأضاف: "ويجب ألاّ نغفل عن الحيّز هنا بين العام والخاص؛ لأن كل تداعيات الإرهاب ومخلفاته من ضحايا وأضرار وخسائر مادية واقتصادية حتى معنوية تنعكس على جميع فئات المجتمع بشكل أو بآخر، وهذا ما نلمسه أيضا في النظرة التي ينظرها الآخرون إلى اليمن سواء في دول الجوار ودول الخليج والتي أصبحت تنظر بقلق إلى اليمن، وهذا الأمر له استطلاعات سياسية واقتصادية وغيره، حتى أنه يزعج اليمنيين العاملين في تلك المناطق، ويجعلهم محل شك وربما مراقبين، وهذا يدعونا جميعا إلى الوقوف لتحسين هذه الصورة التي أصبحت سوداوية نوعا ما، فهذه الحزمة مجتمعة هي الحل الطبيعي لمشكلة الإرهاب.
وقال حيدر: "قضية الإرهاب في اليمن في بُعدها الأساسي هي قضية أمنية صرفة، والدليل أن الدولة في وقت ما عندما كافحت الإرهابيين منذ عملية "كول" أو ما قبلها عندما قام جيش عدن - أبين ببعض العمليات، واحتجز بعض السياح، وما تلاها من "كول" و"ليمبرج" ومقتل أبو علي الحارثي، الذي كان أول أمير لتنظيم القاعدة في اليمن، بعدها في تلك الفترة ما بين 1998 - 2003 نستطيع أن نقول إن الجهاز الأمني والمكافحة الأمنية استطاعت أن تجفف منابع الإرهاب بمعناها التنظيمي، وتم تدمير تنظيم القاعدة بشكل شبه تام، فكان سرعة التعامل مع الظاهرة وعدم خلطها بظواهر أخرى مكّن الدولة وأجهزتها الأمنية من تحقيق نجاح ملحوظ في محاربة القاعدة، لكن التغيّر في البيئة الأمنية والمزاج الشعبي والاجتماعي وانسداد أفق الحوار بين القوى السياسية في البلد سهّل الأمر للعائدين إلى صفوف القاعدة، الذين حاولوا إحياء التنظيم من جديد، وبالفعل استطاعوا أن يعيدوا مهمتهم وتنظيمهم، بل واندمجوا مع الهاربين من التنظيم المنهار في السعودية وشكّلوا تنظيما إقليميا، اتخذ لسوء الحظ في بلادنا مرتعا له".
ويضيف: "أعتقد بأن العلاج الأمني يظل العلاج الأكثر أهمية في درء العمل الإرهابي؛ لأن العمل الإرهابي هو عمل عنيف بالدرجة الأولى، وغرضه الإيذاء المباشر، سواء بالمصالح الأجنبية أم بالقوى الأمنية والمؤسسة العسكرية والحكومية، فهذا الأمر يجعل العلاج الأمني علاجا مهما وضروريا في مقدِّمة الحلول، بل ويفرض نفسه على صانع القرار السياسي والأمني، كما يجب على المجتمع أن يتفهم حساسية مثل هذا الأمر".
ويواصل حديثه: "القضايا الأكثر خُطورة التي تواجه البلد هي المتعلقة بالجانب الاقتصادي والسياسي، فعلى الحكومة أن تؤدي واجبها بالشكل الأمثل، وتمتلك شرعية شعبية حقيقة عن طريق إنجازاتها على الأرض، وهذا هو الرهان الأساسي، والذي سيكون رأس حربة أي مشروع في مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه".
وقال: "يجب الاعتراف بأن جزءا من الخطاب الإرهابي الذي تتبناه التنظيمات الإرهابية الراديكالية جزء من خطابه يستقيه من خطاب مجاور له سلطته المالية وله تابعيه وله مؤسساته التي تغذيه بالأفكار، وهنا المشكلة. فيجب تنسيق الجهود ليس الأمنية فحسب، بل وجهود المؤسسات الدِّينية في اليمن والمملكة".
واختتم حيدر حديثه بالتأكيد "أن على النخب السياسية والثقافية والدينية أن تعي أن الوصول إلى العنف في تصفية الخلافات فيما بينها هو أكبر مؤيد للجماعات الإرهابية في عملها، وأن هذا المناخ المعتم والمحتقن هو الذي يخلق مناخا مواتيا لأي جماعة تريد أن تستبد بالأرض والناس والسلطات".
الدولة المدنية .. مطلب كل اليمنيين
في هذا الجانب، يؤكد البروفيسور فؤاد الصلاحي "ضرورة تفكيك البنى التقليدية، حيث يرى أن "القبيلة كثقافة تقليدية تلتقي مع الثقافة التقليدية للخطاب السلفي، وكلاهما يشكلان بيئة حاضنة لأي مجموعة إرهابية".
ويؤكد أن "الواجب تفكيك مثل هذه البنى التقليدية، من خلال إرساء منظومة ثقافة مدنية حديثة متكاملة. فوزارة الثقافة –مثلا- لم نسمع لها دورا ثقافيا تنويريا، كما هو الحال في كل بلدان العالم، تدعم الكتاب الحداثي تدعم المثقفين وتستقطبهم وتدعوهم إلى النقاش والحوار مع المواطنين، تُقيم ندوات في كل المناسبات الدِّينية والوطنية وغير ذلك".
ويضيف: "معارض الكتاب عندنا هي صورة مشوّهة من الخطاب السلفي عبر بيع كُتب هذا الخطاب واستقدامه من دول أصبحت ترفضه، ومن ثم هذا المعرض أصبح لا يحقق أي فائدة للمواطن، فوق هذا كله الخطاب السياسي الرسمي لا يتضمّن الإشارة إلى الدولة المدنية".
ودعا الصلاحي إلى ضرورة تضمين الخطاب الرسمي مفردات الدولة المدنية ولوازمها الدستورية والثقافية الذي سيخلق -حسب قوله- وعيا حداثيا لدى المواطن بهذا المفهوم، مؤكدا أن الدولة المدنية الحل الناجع لأزمات اليمن التي تبعد المواطن عن مشاكله المذهبية والطائفية بإنشاء الدولة المدنية، وترتقي به إلى مصاف الدولة الوطنية، وترتفع بثقافة الناس ووعيهم وثقافتهم، وتتجاوز كل الارتباطات العشائرية والمذهبية وتُؤسس لخلق مواطنة متساوية.
كما أكد أنه في حال استمرار الصراعات السياسية والفقر والبطالة، وغياب الثقافة المدنية، ستستمر مشكلات: الإرهاب، القاعدة، السلفيين ، التكفيريين.
المسجد ... حجر الزاوية
من جهته، أكد الدكتور عادل الشجاع أنه "لن يتم تجفيف منابع الإرهاب إلا إذا أُعيد النظر في الثقافة السائدة، الثقافة السمعية التي يغذيها المسجد بشكل يومي، والتي تحاول أن تقدّم الإسلام على أنه مناقض للحياة الدّنيا؛ حيث يدعو الخطيب إلى الموت وعدم حب الحياة. وعندما يسمع المرء بشكل يومي أن الحياة الدّنيا تافهة وحقيرة فإنها تصبح لدى هذا المتلقي غير ذات جدوى، وبالتالي فإن ثقافة الموت هي الثقافة التي يتلقاها بشكل يومي، هذه الثقافة ليست موجودة في الجامع فقط وإنما موجودة في التلفزيون والصحف والوسط الاجتماعي وموجودة في المنهج المدرسي. وهناك طقوس دينية تمارسها كل القوى الموجودة في الساحة بشكل كاذب وبشكل يكاد يكون فيه نوع من المباهاة، مع العلم أن الممارسات التي تمارسها هذه القوى هي مُمارسات لا دينية".
مشيرا إلى "أن غياب فكرة الدّولة الوطنية جعل الخطاب الديني مقبولا لدى الأطراف المتعصِّبة، وجعله مظلة حماية للقوى الداعية إلى العُنف، فإذا أردنا أن نجفف منابع الإرهاب فعلينا أن نجفف هذه الثقافة التي تجعل فكرة الدِّين مقدسة بعيدا عن أدوات الدين الحقيقة. فنحن بحاجة إلى أن نقف أمام: ما هي الدولة، هل نريدها وطنية لكل المواطنين أم نريدها بدون هوية؟ وبالتالي تأتي الجماعة التي تحب القتل وتكره الحياة، وتستفيد من هذه الرؤية الرخوة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.