تحولت سيطرة الحوثيين على محافظة البيضاء وسط اليمن إلى كابوس مرعب للجماعة، في ظل النزف اليومي الذي تتعرض له فيها ويعد الأكبر على مستوى محافظات البلاد، وفق ما أكدته إحصائيات وتسريبات من مراسلات بين قادة في المليشيا المسلحة. وقد نشرت المقاومة الشعبية في البيضاء تسريبات من رسائل عثر عليها في هاتف المسؤول الأول للتسليح العسكري لجماعة الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في البيضاء نواف أحمد حسين المكنى بأبي أحمد، قبل مقتله في كمين نصبته له المقاومة الشعبية، قال فيها إن جماعته تتعرض لاستنزاف هو الأكبر على المستوى اليمني. كشف خلية وقال الناشط في المقاومة الشعبية في محافظة البيضاء أحمد البرهمي إن المقاومة عثرت أيضا في سيارة القيادي الحوثي على وثائق تحوي أسماء عدد من العملاء الذين يعملون مع الحوثيين ويرصدون تحركات المقاومة من داخل المحافظة. وذكر للجزيرة نت أن الكمين الذي راح ضحيته هذا القيادي مثل ضربة قاصمة للمليشيا، وجاء بعد أسابيع من تعيينه خلفا للمسؤول الأمني الأول للحوثيين "أبو حسين" الرجل الثاني في المحافظة والذي قتل هو الآخر في كمين سابق للمقاومة. ويستميت الحوثيون في الدفاع عن محافظة البيضاء رغم الثمن الباهظ الذي يدفعونه من عناصرهم يوميا نسبة لما تتمتع به من أهمية موقعها الإستراتيجي في وسط البلاد، فضلا عن كونها تطل على أهم المنافذ المؤدية إلى منابع النفط والغاز في الشمال والجنوب، وتحيط بها ثماني محافظات يمنية. أشكال متعددة وقال محافظ محافظة البيضاء قائد المقاومة نايف صالح القيسي -في حديث للجزيرة نت- إن المقاومة خلال ال14 شهرا الماضية منذ بدء المواجهات، كبدت الحوثيين وقوات صالح خسائر فادحة في الأرواح والمعدات العسكرية. وأوضح أن الحرب مع الحوثيين اعتمدت على سياسة النفَس الطويل واتخذت أشكالا متعددة تنوعت ما بين أسلوب الاستدراج والاستنزاف، باستخدام الكمائن والاقتحامات المفاجئة، وكذلك المواجهات المباشرة في أكثر من جبهة، مما أدى إلى ارتفاع عدد القتلى في صفوفهم بشكل كبير. وكشف القيسي عن استعدادات تجري حاليا لتحرير البيضاء بشكل كامل من الحوثيين، من بينها إعداد كتيبة عسكرية من النخبة في قاعدة العند الجوية في محافظة لحج ستنضم قريبا إلى المقاومة الشعبية في المحافظة "لاستكمال تطهيرها من مليشيا الحوثي". وتعليقا على ذلك، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي في محافظة البيضاء عايش أبو صريمة أن الواقع على الأرض يؤكد ما جاء في المحادثة المسربة، و"أن المقاومة تقضي على الحوثيين بصمت يبعث الرعب في أوصالهم". وقال -في حديث للجزيرة نت- إن هناك استنزافا يوميا للحوثيين في القوى البشرية والعتاد في جميع جبهات القتال، الأمر الذي يجعل الحصيلة الشهرية لضحاياهم تتصدر ما سواها في المناطق الأخرى الأكثر سخونة مثل تعز ومأرب وغيرها. وبحسب أبو صريمة، فإن لهذا الاستنزاف دلالة واضحة على صلابة المقاومة في مواجهة ذلك التحدي الضخم، كما يدل على رفض أبناء المحافظة هذا الفكر الدخيل على ثقافتهم الدينية والاجتماعية.