أختطف محمد منير هائل، أطلق محمد منير! إنها لعبة الإخطبوط الذي يخطط لكل هذا الخراب من صنعاء، وطبعاً لديه أذرعه التي تقوم بالتنفيذ في مختلف المحافظات، ومنها تعز. كل هذا طمعا في ما تبقى من مناصب لم يستحوذوا عليها، منها محافظة تعز. مبروك لبيت هائل إطلاق نجلهم، وأخبار تقول إنها لم تدفع أي مال، ولم تخضع لابتزاز الخاطفين. جميل، ولكن ماذا بعد؟ الاختطاف أصبح تجارة مربحة في هذا البلد المختطف، وأظن من يقوم به هم الرؤوس الكبيرة في الدولة، وطبعاً اختطاف، إطلاق، ووزير الداخلية لا يدري بشيء، كما "الوزير الأول باسندوة الذي لا يدري"، الوزير المؤمن لا يهمه كم من الأرواح أزهقت وستزهق، لأنه مشغول بإظهار إيمانه للرب ولأسياده. اختطف محمد منير هائل، وواضح أن الهدف ليس المال كما قيل في بعض وسائل الإعلام، والبعض أصلا كان عبر مليشياته الفيسبوكية يشكك بجريمة الاختطاف، وإنها قصة اخترعها شوقي هائل! هذا الطرح الأحمق أثار شفقتي عليهم، يعتقدون الآخرين مثلهم، يكذبون ويروجون للشائعات، ليصبحوا أبطالا، أو للابتزاز. اختطاف نجل شقيق المحافظ هدفه سياسي؛ إخضاع المحافظ لإرادة الجماعة والشيخ والجنرال، وكأن تعز جزء من ممتلكاتهم، تناسوا أنها مدينة لا تقبل بأمثالهم، ولن تخضع لإرادتهم، يريدونها شبيهة بالمناطق التي يسيطرون عليها، تجهيل وإفقار، ومن ثم استعباد للناس! لا يدركون أنها تعز. لأن خصوم السياسة غير شرفاء، فهم يستخدمون كل أدواتهم وأسلحتهم غير النظيفة، بل أدوات إجرامية للحصول على أهدافهم، منها المحافظة. ولم تكتفِ العصابة بحملاتها الممنهجة ضد المحافظ، وشركات الأسرة، بل امتد الخطر ليمس الأسرة باختطاف نجلهم. بتصرفاتهم هذه وجرائمهم يثبتون أنهم فعلا ليسوا إلا عصابات مافيا، لا رجال دولة وسياسة. بالطبع العصابات لا يهمها ثمن تحقيق أهدافها! الدماء، الدمار، إشاعة الفوضى، ترهيب الناس وإقلاق أمنهم، المهم تحقيق هدفهم! حمدا لله على سلامة محمد منير، ولكن هل ستكون هذه آخر المخاطر التي يواجهها محافظ تعز وأسرته والمدينة! أم عليهم الاستعداد للقادم، وربما أخطر وأسوأ؟ إذن، على المحافظ وأبناء المحافظة الاستعداد لهذا القادم المجهول، اليوم هم أمام تحدٍّ كبير ككل محافظات الجمهورية التي ترفض كائنات ما قبل التاريخ، إما أن ينتصر مشروع الدولة المدنية، دولة النظام والقانون، ويرفض كل هذا القبح الآتي من قوى الظلام، أو ينتصر مشروع إنسان الكهف، إنسان ما قبل التاريخ بهمجيته ووحشيته وتخلفه، ومنها المتدثر برداء المدنية كذباً وخداعا! لا قبيلة ولا مليشيات ولا بلاطجة ولا عصابات لبيت هائل سعيد أنعم، وهذا شرف ومفخرة لهم، لديهم مشاريع بنوها من أموالهم، تشهد على وطنيتهم وأصالتهم وعراقتهم، ولهم حلم كحلم كل أبناء تعز واليمن عامة؛ الدولة المدنية، لذا يشعر أولئك أصحاب المشاريع الخاصة والضيقة، بالغيرة منهم، لا يستطيعون أن يكونوا مثلهم، لذا أرادوا أن تتحول هذه الأسرة إلى أسرة همجية تأخذ حقها بيدها، ومرة أخرى تتصرف الأسرة والمحافظ بحكمة، ومرة أخرى يخيب ظن هؤلاء، ويثبتون أن تعز وبيت هائل لا يؤمن إلا بالمدنية ودولة القانون. يختطفون ثم يتوسطون للإفراج، ونهلل ونفرح لهذا المنجز الذي حققه مشائخ القبائل. يزداد ضعف الدولة (إن وجدت)، وتزداد قوة القبيلة! يعني أننا لا زلنا نحلم بدولة القانون التي يخضع لها الجميع، بمن فيهم مشائخ القبائل الذين أصلاً يعتبرون أنفسهم سلطة وفوق القانون، وكأنهم أرادوا القول لبيت هائل بماذا أفادتكم مدنيتكم ودولة القانون التي تبحثون عنها؟ نحن مشائخ القبائل السلطة والدولة والقانون! هل تتذكرون كيف أن بعض المشائخ حذروا مشائخ آل عواض من تسليم قتلة الشهيدين حسن أمان وخالد الخطيب، حتى لا يصبح تسليم القتلة عرف؟! فكيف نعول على أمثال هؤلاء في بناء دولة ديمقراطية حديثة؟! هؤلاء الذين يرفضون شرع الله وبناء الدولة ضد أي مشروع وطني، ضد دولة القانون، لأنهم يخشون على سلطتهم، فلا نحلم بأن يكون هؤلاء شركاء في بناء الدولة التي نريد. يتأكد لنا يوما بعد آخر أن غالبية المشائخ ليسوا إلا لعنة أبدية أصابت هذا البلد والشعب، ومن سخرية القدر أن يتحدث أمثالهم عن الدولة المدنية. ومثير للاشمئزاز والقرف أن من يتحدث منهم عن الوطنية، ويزايد بها على الآخرين، هو ممن باع الوطن وأمنه واستقراره وكرامة أبنائه لملوك النفط. والغريب أنهم فقدوا حتى الإحساس، لا يشعرون بأن كلمة "شيخ" أصبحت بمثابة شتيمة ومسخرة، يغضب أحدهم إن قلت له "يا شيخ"، لا يشعرون بكراهية واحتقار الناس لتصرفاتهم، ومن يتملقون من حملة المباخر والمضطرين، ليس حباً بهم، بل بأموالهم، إن كانوا يعون ويفهمون، أو إن كان أصلاً أمر احترام الناس لهمم يهمهم. الفقير فقير الأخلاق والقيم، أما فقير المال الذي لم يبع بلده ولم يخنه، لم يركع تحت أقدام حكام آل سعود، فهو أشرف ألف مرة من الراكعين تحت أقدام حكام مملكة الإرهاب، وهذا حال من يقبض الفتات منهم! لهذا يراد لتعز أن يكون لها مشائخ مثل أولئك، يراد لها أن تركع وتتقبيل، وعلى يد بعض من أبنائها الحالمين بالمشيخة، بائعي ضمائرهم وأخلاقهم لسادتهم في صنعاء، عبيد الشيخ والجنرال. يريدون أن يصبحوا شيوخا وسادة على أبناء تعز. ومن أجل تحقيق الحلم المشيخي المتخلف، وإرضاء لأسيادهم في صنعاء، وطمعا في الفتات الذي يحصلون عليه منهم، يعيثون في تعز فساداً وتقتيلاً وتدميراً، وهم كما أسيادهم يعتقدون أنهم مشائخ وسادة، وفي الواقع هم عبيد لجنرالات ومشائخ صنعاء، وأسيادهم أيضا عبيد ومتسولون أمام أبواب حكام النفط، ويقدمون أنفسهم لليمنيين كسادة وقادة، ولسان حالهم جميعا عبيد النفط وعبيد الجنرالات والمشائخ "نعم يا سيد الأذناب إنا خير أذنابك"، رحمة الله تغشى شاعرنا الكبير عبدالله البردوني، وصف بديع للسادة العبيد. لذا لأبناء تعز: كونوا مع مشروع الدولة المدنية، لا تخدعنكم شعارات الجماعة ومشائخها وجنرالاتها. كونوا مع المشروع الوطني والمدني، ولا تتركوا المحافظ يواجه وحوش الجماعة وحده، كونوا معه من أجل أن تعود مدنية وثقافة وتحضر تعز.