صدق من قال ذات يوم إن "العرب جرب" فهذا هو واقع الحال اليوم ونحن نشاهد ما يحدث في قطاع غزة من حصار العرب لإخوتهم الفلسطينيين، فأنا مازلت عند قناعتي أن العرب هم من يحاصرون إخوتهم في غزة وليست اسرائيل، وذلك إرضاء ل "ماما أمريكا" التي لاتزال تحارب العرب ببعضهم البعض.. اليوم وحتى ما قبل تأريخ طويل يمتد إلى أربعينيات القرن الماضي فرّطنا بشيء اسمه فلسطين، وبعنا قضيتها إلى من لا يستحقها في سبيل البقاء على أنظمتنا العفنة وعروشنا الخاوية. وبدلاً من أن نكفّر عن ذنوبنا؛ زدنا عليها الكثير من المواقف المتخاذلة التي جعلت منا أمة ذليلة غير قادرة على الحركة، أمة تجيد الشجب والاستنكار، ولا تجيد أي شيء غيره. لقد كشف الفلسطينيون عوراتنا، أنظمة وشعوباً، وهم بصمودهم الأسطوري اليوم يؤكدون كل يوم أن العرب هم في آخر الصفوف المدافعة عنهم، بل إنهم يزيدون على الاسرائيليين في الإمعان بإذلالهم عن طريق الصفقات السياسية التي يعقدونها مع أعدائهم ضدهم. إن أنظمة عربية، كبيرة منها وصغيرة، تقف مع العدو الأول للعرب المتمثل بأمريكا، وهي بذلك تكون مشاركة بكل ما يحدث اليوم في غزة وفي فلسطين ككل، فالنظام الذي يضغط على حماس وإن اختلفنا معها في بعض سياساتها، هو شريك بلا شك في المخطط الاسرائيلي الأمريكي في القضاء على القضية الفلسطينية ومحوها من الوجود. لم يتعظ العرب من كل ما ارتكبته اسرائيل طوال العقود الماضية، ولم يتعظوا من السياسة والاستراتيجية الأمريكية الواضحة والمعلنة، الهادفة إلى إنهاء القضية الفلسطينية من الوجود بكافة الوسائل والطرق، ولايزالون يعتقدون أن ارتباطهم بالولايات المتحدةالأمريكية هو الضمان الوحيد لبقائهم على الحياة. لقد رأينا كيف كان استقبال العرب للرئيس جورج بوش، الصديق الوفي لاسرائيل، عندما قام بزيارة المنطقة، لقد "ابترع" بوش مع القادة العرب بالسيوف والرقصات؛ فيما كان يعطي الضوء الأخضر لصديقه "أولمرت" بارتكاب مجازر دموية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، الذي أكملت عليه اسرائيل بحصاره اقتصادياً ومنع إمدادات الطاقة الكهربائية عن سكان القطاع، وأغرق القطاع في ظلام دامس لم يسبق أن عاشه أهلنا في هذا القطاع من قبل. كل هذا يحدث والعرب يناشدون "أولمرت" بوقف المجازر.. تصوروا أن رئيس دولة عربية "يناشد" رئيس وزراء دولة الكيان الصهيوني لوقف المجازر التي يرتكبها ضد الفلسطينيين العزل؟!. إنها مجرد مناشدة لا تقدّم ولا تؤخر، ودول أخرى تستنكر وتشجب ما يحدث من حصار ظالم ضد الفلسطينيين، مجرد شجب واستنكار، وكأن الأمر تأدية واجب، ينصرف بعدها كل قائد عربي إلى وضعه السابق، ويتصل بواشنطن معتذراً عن ما بدر منه من تصريحات حتى لا يغضب منه "المعلم جورج"!!. ولهذا فإنه طالما بقينا أسرى للموقف الأمريكي الداعم الأكبر للدولة العبرية، فلن تقوم لنا قائمة. إن تحرير فلسطين لا يمر عبر بوابة واشنطن، بل عبر مقاطعة هذه البوابة، هذه البوابة التي لم تجلب لنا سوى الخراب والدمار والذل والعار. فطالما أبقينا رؤوسنا تحت مقصلة "ماما أمريكا" فإننا سنسقط تباعاً كحبات المسبحة. الجمهورية